رفعت حركة 6 أبريل منذ نشأتها شعارات تعبر عن رؤيتها كحركة تغيير شبابية مثل «حركة المقاومة المصرية »، «الوطنية فوق السياسة والمبادىء فوق المصالح »، « من حق جيلنا أن يجرب فإما أن ينجح أو يقدم تجربة تستفيد منها الأجيال القادمة »، هذه الشعارات والخلفية التاريخية توضع اليوم على المحك لحركة كان لها دور فاعل في الحراك السياسي قبل وأثناء وبعد ثورة يناير حتى الوصول لنظام يمعن في إغلاق كافة المنافذ خاصة المتعلقة بحرية الرأي حيث يراها تهديدًا مباشرًا للاستقرار والسلم الاجتماعي.

تتعرض الحركة اليوم لخنق حاد يمارسه النظام وتسانده فيه أجهزة الدولة على المعارضين واﻷفكار واﻵراء المختلفة، يؤثر بالتبعية على نشاط وفعالية الحركة، ويشير تقرير منظمة العفو الدولية الراصد لأوضاع عام 2015 إلى محاكمة 3 آلاف مدني أمام محاكم عسكرية بتهمة الإرهاب وممارسة العنف السياسي، كما تتحدث المنظمات الحقوقية عن عشرات الحالات من الاختفاء القسري لعل أشهرهم حالة إسراء الطويل والتي اختفت لمدة 18 يومًا.

لم تتوقف السلطات عن استخدام القوة المفرطة في مواجهة التجمعات السلمية ليستمر قتل المتظاهرين والمتظاهرات، أشهرهم الناشطة شيماء الصباغ و27 مواطنًا في ذكرى الثورة كما توفي حوالي 22 مشجع لنادي الزمالك إثر تدافع بعد إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، كما توسعت الدولة في إغلاق الجمعيات فأغلقت 480 جمعية أهلية بتهمة صِلاتها بجماعة الإخوان المسلمين، كما عانت منظمات حقوق الإنسان من قيود تعسفية وخضعوا للتحقيق وتم منع بعض النشطاء من السفر خارج البلاد.

هذه الهجمة المنظمة من الدولة طالت حركة 6 أبريل، كإحدى أبرز الحركات المعارضة والتي ظلت على موقفها العام برفض المقايضة على الحرية مقابل الأمن فدفعت وغيرها ثمن مواقفهم الرافضة للتيار العام، لكن كيف كان شكل هذه الهجمات ومستوياتها وكيف أثرت على فعالية الحركة وانتشارها؟


الإعلام أولًا: كيف بدأت الدولة هجومها على الحركة؟

يساند الحظ تلك اﻷنظمة المتدثرة تحت أغطية فرض الأمن والاستقرار وقت أن تقدر على إقناع قطاعات شعبية واسعة بضرورة الاجراءات الاستثنائية للحفاظ على الأمن القومي ولا مانع أيضًا من الاستدلال بواقع بعض الدول القريبة للتأكيد على ما سيحل للبلاد والعباد من تصاعد مطالب الحرية والديمقراطية!

فبدأت الحملات الإعلامية تقريبًا منذ شتاء 2013، بالتزامن مع إعلان الحكومة الإخوان جماعة إرهابية كان الإعلامي الشهير عبد الرحيم علي ينشر مكالمات شخصية على برنامجه على الهواء لنشطاء منهم أعضاء في الحركة بغرض وصمهم مجتمعيًا بالخيانة والعمالة.

وفي نفس الوقت الذي كان يتم فيه التشويه لإعلاميين معروفة مواقفهم مسبقًا؛ كان التصعيد لإعلاميين مقربين للسلطة ومالكيها من رجال الأعمال لتستمر الآلة الإعلامية دون توقف عن التشهير والتحريض والاغتيال المعنوي، حتى طالت أنغام التخوين أخيرًا ثورة يناير فتوصف بالمؤامرة.


في السجن مُنسقيّن وعشرات الأعضاء

مع فرض قانون التظاهر قامت الدولة بالقبض على أحمد ماهر ومحمد عادل كأشهر مؤسسي الحركة وتم الحكم عليهم سريعًا في ديسمبر 2013 بالسجن لثلاثة أعوام أضيف لها مؤخرًا 6 أشهر في تهمة التعدي على ضباط أثناء القبض عليهم.

وكانت حصيلة مشاركة الحركة في تظاهرات ذكرى 25 يناير الثالثة عام 2014 اعتقال 23 عضوا من وسط القاهرة قبع أغلبهم قيد الاعتقال لعدة أشهر بعدها، وعقب دعوة الحركة لإضراب في يونيو 2015 تم القبض على 7 من أعضاء الحركة منهم عضو مكتب سياسي اختفوا قسريًا ثم ظهر أغلبهم وعليهم آثار الضرب، وفي سبتمبر وقبل عيد الأضحى بأيام تم القبض على المنسق العام للحركة «عمرو علي» من بيت عائلته في المنوفية ليواجه في النيابة تهمًا بالإرهاب ثم يتم الحكم عليه بثلاث سنوات.

وعندما ذهب بعض أعضاء الحركة لتعزية زميلهم المقتول عقب فض اعتصام رابعة والنهضة تم القبض على 10 منهم بتهمة التجمهر في قضية اشتهرت ب معتقلى العزاء ثم أخلى سبيلهم، وبعد هذا الحادث بسنة كاملة في أكتوبر 2015 حركت النيابة الدعوى بإضافة حيازتهم لأسلحة وقتها ليتم الحكم عليهم بين ليلة وضحاها بالمؤبد فيتم القبض على رامي السيد مسئول العمل الجماهيري بالحركة على إثر هذا الحكم في حين اختفى الباقون.

وقبل الذكرى الخامسة للثورة بعدة أسابيع تم القبض على عدد من النشطاء منهم عضوين بالمكتب السياسي بالحركة محمد نبيل وأيمن عبد المجيد ليقضوا في السجن شهرين بتهمة التظاهر دون تصريح.


الحركة في طريقها من الحظر إلى الكيان الإرهابي

في ربيع 2014 حكمت محكمة الأمور المستعجلة بحظر ووقف أنشطة حركة 6 أبريل بجميع المحافظات، والتحفظ على جميع مقاراتها وأموالها وجاء في حيثيات الحكم إيمان المحكمة بتلقي الحركة لأموال خارجية وسعيهم للفوضى وتهديد الأمن الوطني، هذا بالإضافة لقيام محافظ الجيزة بحل جمعية 6 أبريل التنموية دون الرجوع لوزارة التضامن أو قانون الجمعيات الأهلية والذي يمنع هذا الإجراء.

ومع إصدار قانون الكيانات الإرهابية في فبراير 2015 -والذي يعرِّف الكيان الإرهابي بأنه الساعي لإلحاق الأذى بالأفراد والممتلكات العامة الخاصة- بدأ تحريك دعوى قضائية لاعتبار الحركة كيانًا إرهابيًا. ورغم عدم الحكم النهائي حتى الآن بهذا؛ لكن الاتهامات الموجهة لأعضائها وقيادتها منذ أكثر من عام من النيابة هي ممارسة نشاطات إرهابية وحيازة أسلحة لتؤكد توجه الدولة لتصعيد هجومها وإيصاله لمرحلة اللاعودة مع الحركة.


كيف أثرت هجمة الدولة على نشاط الحركة؟

ميزت الفترة المباشرة بعد اعتلاء نظام 3 يوليو الحكم محاولة الحركة مع بعض النشطاء والقوى الشبابية إحداث حراك متمايز عن تظاهرات الإسلاميين تحت عنوان جبهة طريق الثورة بهدف منع تأسيس نظام استبدادي واختطاف الثورة وتمت الدعوة لعدة تظاهرات مناوئة للحكم العسكري أهمها الدعوة لاحياء ذكرى أحداث محمد محمود الثانية.

وكان عام 2014 عامًا ملتهبًا، حاولت الحركة فيه التصدي لعملية إغلاق المناخ العام من قبل الدولة والمجتمع على السواء، فدعت في بداية العام لرفض التعديل على الدستور، ثم شاركت بقوة في تنظيم تظاهرات ذكرى 25 يناير ليتم القبض على أعضاء عديدين للحركة في هذا اليوم، وفي ذكرى 6 أبريل نظمت الحركة تظاهرة أمام نقابة الصحفيين، كما أعلنت الحركة مقاطعتها للانتخابات الرئاسية، وفي سبتمبر شاركت في الدعوة لمعركة الأمعاء الخاوية للفت الانتباه لأوضاع المعتقلين السياسيين، كما دعت لتظاهرة في ميدان التحرير عقب الإعلان عن براءة الرئيس السابق حسني مبارك تم تفريقها بعدها بساعات.

شعار إضراب 11 يونيو الذي دعت له الحركة

تلا ذلك نشاط الحركة في العام السابق مدللًا على طبيعة المرحلة، فمع تراجع الزخم السياسي وانكشاف حقيقة الوعود الاقتصادية أصبحت القبضة الأمنية أكثر قسوة خوفًا من أي حراك سياسي يتماس مع تلك المطالب المتصاعدة، فأتت ذكرى يوم 6 أبريل لتحاول الحركة عقد مؤتمر صحفي وبعد رفض العديد وتهديد البعض الآخر لم يجدوا غير الصحراء ملاذًا لعقد مؤتمرهم كإشارة لحجم الملاحقة والتهديد والتضييق الذي تواجهه الحركة، ثم كانت الدعوة التي أطلقتها الحركة في يونيو 2015 للإضراب اعتراضًا على السياسات الاقتصادية والتي واجهتها الدولة أمنيا بالقبض على عدد من أعضاء الحركة.

لتصبح معظم نشاطات الحركة منحصرة في دعم قضايا المعتقلين والانكباب على تنظيم الصفوف الداخلية وصياغة سياسات للتعامل مع الأوضاع الجديدة، فخرجت دعوة الاتشاح بالسواد في ذكرى يوم 25 يناير وعدم المشاركة في أي تظاهرات في هذا اليوم.


من المطالبة بتحسين الحياة إلى الدفاع عن الحياة

a2b9d5f892e0db1c7c2f816462e47876

ما بين ضربات أمنية متواصلة ورغبة شعبية في السكون لقطف آثار الاستقرار تبدأ التساؤلات الجدية في الحركة عن جدوى التحركات المعتادة وتزداد الخلافات حول شكل التنظيم والنشاط، كما يلجأ العديد للانخراط في مستقبله الوظيفي كملاذ آمن أخير بعد عودة الأوضاع لنقطة البداية والتمحور في نقطة الدفاع عن الوجود.

فلا يمكن فصل الحركة وتأثيرها عن تحول المزاج المجتمعي ما بين مهاجم ويائس وبين دورها الأخلاقي حول المعتقلين السياسين بما فيهم بعض أعضائها، كما انقسام القوى السياسية بين تورط في الدفاع عن النظام خوفًا من البديل وبين تيارات إسلامية ترى قطاعات عريضة منه أن الحركة وغيرها السبب فيما وصلت له البلاد بدعوتهم لتظاهرات 30 يونيو، ليكون دور النظام هنا مجرد متمم حيث لا يجد صعوبة تذكر في توجيه أو تبرير الضربات المتنوعة للحركة وغيرها.