بعد حصوله على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة القاهرة، ثم درجة الدكتوراه من معهد ماساتشوستس الأمريكي، انضمّ (ﭽو) –كما يناديه أصدقاؤه- إلى صندوق النقد الدولي كخبير اقتصادي عام 1981؛ للعمل في مراجعة السياسات والتنمية في دول آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، فاكتسب معرفة عميقة بالمشكلات الاقتصادية في بلدان متنوعة، أهّلته عام 1986 للتعيين كمستشار اقتصادي لرئيس الوزراء المصري ومحافظ البنك المركزي؛ ليقوم بدور بارز في إعادة جدولة الديون مع نادي باريس عامي 1987 و1991.

تولى بعدها منصب وزير التعاون الدولي (1993)؛ ثم وزير الشئون الاقتصادية (1996)، ثم وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية (1997)؛ لإتمام اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، واتفاقية التجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة، ثم وزير التجارة الخارجية (2001)؛ لإتمام اتفاقية (الكويز) بين مصر والولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي عام 2004، ثم وزيراً للمالية حتى عام 2011.

أمّا محيي الدين فقد حصل على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة القاهرة، ثم الماجستير من جامعة يورك البريطانية، ثم الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة وارويك البريطانية.

بدأ عضوًا نشطًا في هيئة التدريس بجامعة القاهرة، فعُين مديرًا لوحدة الاقتصاد الكلي وتحليل الديون بوزارة التعاون الدولي (1995)، ثم مستشارًا لوزير الاقتصاد (1996)، ثم كبير مستشاري وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية (1999)، وفي 2004، أصبح أول وزير للاستثمار في مصر، بتكليفات لإصلاح مناخ الاستثمار، وتطوير الخدمات المالية، وإدارة أصول الشركات المملوكة للدولة.

وفي عهده نمت استثمارات القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية المباشرة، فاحتلت مصر المركز الأول لأربع سنوات في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الذي يعده البنك الدولي، وكانت الدولة الإقليمية الأولى للاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا، والثانية بين الدول العربية، وأشهر مركز إقليمي للخدمات المالية وحوكمة الشركات.


ما قبل البداية

عام 2004، واستعدادًا لانتخابات رئاسية وبرلمانية محورية، أطلق الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم حزمة من الخطط «الإصلاحية»، تحت قيادة جمال مبارك، أمين السياسات بالحزب، الذي قاد مجموعة من «الإصلاحيين الشباب»، على رأسهم: أحمد عز ورشيد محمد رشيد ويوسف بطرس غالي ومحمود محيي الدين.

وبدا واضحاً أن هناك توافقاً بين تفكير غالي ومحيي الدين من جهة، وجمال مبارك من جهة أخرى، فيما يتعلق بتنفيذ سياساته الاقتصادية، خاصة في مجال الضرائب الذي تكّفل به غالي، والخصخصة التي تكفل بها محيي الدين.

وعام 2010، قاد غالي «إصلاحًا جديدًا» لنظامي الضمان الاجتماعي والمعاشات،ونشر مقالًا بالواشنطن بوست يستعرض إنجازات حزبه، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بلغ عامه الخامس، والذي أدى إلى توفير ما يقرب من 4 ملايين وظيفة، ونمو اقتصادي بمعدل 7.2% سنويًا، جعل مصر من أفضل 10 دول في تقديم الإصلاحات وفقًا لتقارير البنك الدولي. ثم غازل الإدارة الأمريكية قائلًا:

إن تحويل اقتصاد مصر سيحقق الرخاء والاستقرار في المنطقة، وسيوفر حماية ضد التطرف، وستعمل مصر المتطورة اقتصاديًا والمستقرة سياسيًا على تحسين أمن أمريكا، والمساعدة في إرساء أسس شرق أوسط مزدهر ومستقر.

في العام نفسه، 2010، انضم محيي الدين إلى البنك الدولي كمدير تنفيذي؛ ليشرف على الإدارة الاقتصادية والمالية، والشمول المالي، وتقارير التنمية الصادرة عن البنك، ثم شغل منصب نائب البنك الدولي لمجموعة العشرين.

وذهب البعض إلى أن عمل محيي الدين بالبنك الدولي،وتكريم غالي من قبل صندوق النقد، جاء كمكافأة لهما لتنفيذهما أجندة البنك والصندوق الدوليين في تحويل الاقتصاد من تخطيط مركزي تلعب فيه الدولة الدور الرئيس إلى اقتصاد حر خاضع لاحتكار قلة من رجال الأعمال، والذين ساعدتهم سياسات الوزيرين على احتكار السوق.

وفي 11 فبراير/شباط 2011، قُبيل تنحي مبارك،افتُتحت صالة كبار الشخصيات بمطار القاهرة خصيصًا؛ لاستقبال غالي وزوجته المسافرين إلى لبنان، التي تحمل زوجته جنسيتها، بعد أن اضطرته الثورة إلى الاستقالة في 29 يناير/كانون الثاني 2011 من وزارة المالية، والاستقالة في 4 فبراير/شباط 2011، من رئاسة اللجنة النقدية والمالية الدولية.


اتهامات بالفساد

في صيف ‏2004‏ اسُتدعي «مختار خطاب» وزير قطاع الأعمال وقتها؛ للنقاش أمام اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني برئاسة محيي الدين، وحاول خطاب إقناع اللجنة بإبطاء الخصخصة؛ لأن الظروف الاقتصادية والأزمة المالية لن تحقق المرجو من عمليات البيع، وهنا هبّ محيي الدين قائلًا: الشركات دي لو معايا أنا كنت بعتها في ‏18‏ شهر، وبعد أسبوعين جاء محيي الدين وزيرًا للاستثمار، وأُسندت إليه وزارة قطاع الاعمال بكل شركاتها، وقبل مرور ‏18‏ شهرًا كان قد باع (النيل للكبريت) و(طنطا للكتان) و(مصر الجديدة للإسكان) و(السويس للأسمنت) و(عمر أفندي)، وكانت جميعها لمشترين أجانب.

ما قرأته كان جزءًا من مقال ‏الدكتور إسماعيل إبراهيم، الذي ساق فيه الاتهامات الموجهة ضد محيي الدين، إلى جانب بلاغين قُدّما إلى النائب العام، الأول يتهمه بالإضرار العمدي بالمال العام، وذلك ببيع شركة (عمر أفندي) بأقل من تقدير لجنة التقييم الرسمية، ودون الالتزام‏ باحتفاظ الدولة بالأصول الثابتة من أراضٍ ومحلات لأكبر سلسلة متاجر يمتلكها القطاع العام، والثاني يتهمه بتسهيل الاستيلاء على المال العام، ببيع أرض بميدان التحرير مملوكة للشركة القابضة للسياحة.

هذا إلى جانب بلاغات أخرى بخصوص شركات (النصر للإسكان والتعمير)، و(المنصورة للراتنجات)، و(الأهرام للمشروبات)، و(الإسكندرية للأسمنت)، و(البنك المصري الأمريكي)، و(بنك الإسكندرية). وكلها من ضحايا الخصخصة التي قادها محيي الدين، فضلًا عن قراراته التي أدت إلى تسريح آلاف العمال والموظفين، وبيع شركات قطاع الأعمال في مقابل انتهاء مديونيتها، دون مزايدات، وبتقييم أسعار متدنٍ، وانتهت شركات القطاع العام التي كانت فخر الاقتصاد المصري.

لذا تُعد خصخصة محيي الدين «الفساد الأشد هولًا في تاريخ مصر؛ فقد جرى تخسير بعض الشركات لبيعها، وإيقاف أي تطوير، ووضع قيادات إدارية ضعيفة الكفاءة أو فاسدة، فضلًا عن بيع عدد كبير من الشركات الرابحة في قطاعات الأسمنت والزجاج والكيماويات والتليفون المحمول والفنادق بأسعار تقل عن 10% من سعر الأرض أحيانًا».

أما غالي، ففي يونيو/حزيران 2011،أُدين غيابيًا، وحُكم عليه بالسجن 30 عامًا؛ لاتهامه بالاستيلاء على سيارات لدى مصلحة الجمارك، فيما عُرف بقضية «اللوحات المعدنية»، كما استغل مركز الطباعة بوزارة المالية في دعايته الانتخابية، كما اتُهم بالاستيلاء على أموال المعاشات والتأمينات الاجتماعية؛ لسد العجز في ميزانية الدولة والمضاربة بها في البورصة، و إهدار عملات تاريخية ذهبية بقيمة 4 ملايين جنيه، بعد أن أصدر قرارًا بصهرها وبيعها دون إعادة المبلغ لخزانة الدولة.

ورغم كونهما ضلعيّ فساد رئيسيين فإن محيي الدين لم يُحاكم حتى الآن، وغالي ينعم باللجوء السياسي في لندن، بعد منحه الإقامة الدائمة؛ بدافع أن جميع الأحكام ضده «سياسية».


حرية رغم الاتهام

حظي غالي بحرية تنقل وظهور رغم حكم المحكمة، فقد ظهر مرات عدة في عدد من المؤسسات الأكاديمية البريطانية العريقة، مثل (Chatham House)، وكلية لندن للاقتصاد، وشُوهد عدة مرات يسير بحرية في شوارع لندن، وهو ما جعل الإندبندنت تتعجب بقولها:

كما حظي غالي بدعم إعلامي أمريكي كان من أبرزه ما كتبته Judith Miller، التي وصفته بأحد أفراد النخبة المالية العالمية الذي أصبح مُطاردًا بعد أن تخلى عنه البلد الذي ناضل من أجل تغييره، رغم أنه «تخلى عن وظيفة مربحة في صندوق النقد الدولي لمساعدة اقتصاد بلاده الذي يحتضر، وقاتل هو وفريق من المصلحين الموهوبين، حتى جعل مصر أحد الاقتصادات الأسرع نموًا».

كذلك وصفت جامعة Princeton الأمريكية لقاءه مع طلابها بالحميمية والدفء والصراحة والاتزان والفكاهة «من حكواتي محنك»، على حد وصف الجامعة، التي وصفت الحكم الغيابي عليه بأنه «محاكمة سيئة السمعة في 6 دقائق فقط»، كما أبرزت تصريحه للطلاب قائلًا:

لا تتخذ مناصب عامة في مصر وتتوقع متعة كبيرة، إنه أمر خطير عاطفيًا وجسديًا… وأشعر أنني محظوظ لأنني خرجت على قيد الحياة.

في الوقت نفسه كان محيي الدين يرتقي بصعود مذهل في المناصب الدولية، ففي 2013، أصبح المبعوث الخاص لرئيس البنك الدولي لأجندة التنمية المستدامة. وفي 2014، أصبح أمينًا تنفيذيًا للجنة التنمية لمجلس محافظي البنك. وفي 2016، تولى منصبه الحالي كنائب رئيس أول لجدول أعمال (خطة التنمية المستدامة 2030)، وعلاقات الأمم المتحدة والشراكات؛ ليصبح أول مصري وعربي يتولى هذا المنصب.


التمهيد للعودة

بدأ الأمر في 2016 بما يمكن تسميته «مسك العصا من المنتصف»، فنشرت المواقع الصحفية المصرية تقارير عن مدح غالي ومحيي الدين، وفي الوقت نفسه ذكر مقتضب لمساوئ عصرهما، وتم وصفهما بالعقلية الاقتصادية الذكية.

وبدأت الصحف في نشر حضور غالي لاجتماعات صندوق النقد الدولي، كمساهم في صياغة برامج الإصلاح الاقتصادي لأكبر دولتين أفريقيتين مصدرتين للنفط (نيجيريا وأنجولا)، كذلك نُشرت أنباء بأن الصندوق طرح اسمه للاستفادة من خبراته في معالجة الأزمة الاقتصادية المصرية، كما طُرح اسمه للمشاركة في حل أزمة ديون اليونان، مثلما تمت الاستعانة به في أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008.

وبالتوازي نُشرت أخبار عن محيي الدين، الذي لم يُلطخ سجله بالمحاكمات والقضايا والملاحقات الأمنية؛ فقد رحل قبل الثورة بعام، ومعظم شركات الخصخصة عادت للدولة بأحكام قضائية،باستثناء عدد قليل ينتظر التوصل إلى تسويات مرضية. كما أن البلاغات لم تُثبت تورطه، وهو ما سمح له بالعودة إلى القاهرة في سبتمبر/أيلول 2015، في أول زيارة له منذ غادر البلاد في 2010، وجاء بصفته المدير التنفيذي لمجموعة البنك الدولي، بالتزامن مع عقد وزارة التعاون الدولي سلسلة من المفاوضات مع البنك الدولي؛ للحصول على الدعم الفني والمالي، وسط نفي وجود أي علاقة له بالمفاوضات، إنما هو في إجازة خاصة، وغير مُكلف بمهام للبنك.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016، نُشرت أخبار وتكهنات تدّعي أن محيي الدين هو الأقرب لتولي رئاسة الحكومة حال حدوث تغيير وزاري؛ أو على الأقل تولي منصب نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية.


الظهور العلني

في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وعلى هامش أحد اجتماعات الصندوق،صرّح غالي بأنه مستعد للعودة لمصر بعد تسوية القضايا المتعلقة به.

وفي مارس/آذار 2017 أطلّ غالي من خلال شاشة dmc في أول ظهور إعلامي بعد ثورة يناير، بدافع أنه حوار اقتصادي وليس سياسياً، مع إعلام يُرحب باستضافة الجميع، ويُرحب بكل الآراء. وبدأ في الحديث عن اقتراحاته وتعليقاته، في ظل تأكيده أن لجوء مصر لقرض الصندوق لم يكن هناك مفر منه؛ ومؤكدًا أن قرار التعويم تأخر 3 سنوات.

قوبل هذا اللقاء برفض كبير، حيث اعتبره البعض إعادة إنتاج لسياسات ظالمة وفاشلة، وقد رأى البعض أن اللقاء جاء لإثبات قدراته الاقتصادية،من أجل الاستعانة به مقابل التصالح معه، أو الاستفادة منه كوسيط بين الصندوق ومصر.

بالتوازي كانت تصريحات محيي الدين تواكب إجراءات القروض الدولية لمصر، وترسم الخطوط الرئيسة لخطة الإصلاح الاقتصادي، وتشير بوضوح إلى مموليها وداعميها، وترشد توجهاتها، وكأنه عرّاب اقتصادي. فقد نصح الحكومة بتوجيه بوصلة الاستثمارات نحو الشرق، دون إهمال الغرب؛ لأن هناك مصالح قائمة، ولا يمكن إهدارها، وهو ما قد يُفسر سعي مصر نحو الاستثمارات الخليجية.

وأكد أن زيادة الدخل يجب أن تُقابل بإنتاجية فعلية عن طريق العمل، مع الاهتمام بأمن العامل وتأمينه؛ حتى تنتهي ثقافة العمل بالقطاع العام والحكومي، وهذا من ناحية يناسب فكره كوزير للخصخصة، ومن ناحية أخرى يتشابه كثيرًا مع مطالبات السيسي بعدم الاتّكال على الحكومة، كما تعد «شهادة أمان» التي تصدرها الدولة للتأمين على العمالة تطبيقًا لهذا التوجه.

كذلك أكد أن الوظيفة بمعناها التقليدي كمكان عمل ثابت ومكتب وأجر شهري مضمون بدأت تنحسر، حيث يعمل عدد متزايد من الأفراد مستقلين، ويقوم كل منهم باقتطاع نسبة من أجره للتأمينات، وهو ما يمكن أن نراه مُرشدًا لتصريحات الدولة حول اعتماد الشباب على أنفسهم وقدراتهم في البحث عن فرص عمل، وعدم انتظار وظائف القطاعين العام والخاص، وكذلك تحمّل نفقات العمل والتأمين، بعيدًا عن مطالبة الدولة بذلك.

وفيما يخص منظومة الضرائب، أكد أن الإيراد الضريبي متدنٍ، واقترح تعدد الضرائب، وفي مقدمتها الضريبة العقارية، وهو تصريح تزامن مع تعديلات قانون الضريبة العقارية في مصر.

كما أوضح أن مصر يمكن أن تحقق طفرة عبر استثمارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في ظل انتشار المصريين في كل مراكزها الاستثمارية بمختلف أنحاء العالم باستثناء الهند والصين، وقد يكون ذلك من مبررات جعل المصرية للاتصالات (we) –الخاضعة لسيطرة الدولة– أول مشغل اتصالات متكامل؛ للسيطرة على مثل تلك الاستثمارات.

وفي 2018 أرسلت مصر بعثة لطرق الأبواب إلى واشنطن، التقت محيي الدين الذي سرد على البعثة نصائحه، ومنها تحذيره من الـ(Bitcoin)؛ لأنها تشبه توظيف الأموال، ومن السهل استخدامها في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، في تصريح رافق تجريم وتحريم (Bitcoin) في مصر.

كذلك أوضح أن معدل النمو غير كاف، ويجب أن يصل إلى 7%، وهي نسبة النمو أثناء وجوده في السلطة، وهو ما يتناسب مع تصريحات السيسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بأن «كل اللي بنتمناه إننا نصل للحالة اللي كنا موجودين عليها قبل 2011».

وفي مارس/آذار 2018، دعا لـ تأسيس صندوق استثمار سيادي؛ لإدارة الثروة والأصول المملوكة للدولة؛ لـ تفادي أثر التقلبات في الأسعار، وتوظيف الفائض لصالح الأجيال المقبلة، وهو ما يمكن أن نُعدّه مرشدًا لإنشاء (صندوق مصر) السيادي؛ لإدارة أصول الدولة، في أغسطس/آب 2018.


ما أشبه الليلة بالبارحة

لا أحد يعرف لماذا لا يزال السيد غالي حرًا، على الرغم من أن الإنتربول يطلب توقيفه.

التزامن والتوازي بين التصريحات السابقة وخطط الدولة وإجراءات الإصلاح الاقتصادي يشير إلى مدى التقارب بين «عرّابيّ الاقتصاد» والنظام المصري، وهو ما يمكن أن نلحظه من تصريح غالي بأن ما يحدث الآن يشبه خطته الإصلاحية؛ حيث يرى أن «إصلاحاته كانت تُقابل برفض وغضب، لكنها حققت زيادة كبيرة في معدلات النمو والاستثمار»، وهو الحال نفسه الذي تُقابل به الخطط الاقتصادية الحالية، والتبرير نفسه الذي تسوقه الدولة لتلك الخطط التي يتجلى بوضوح اقتباسها – أفعالًا وأرقامًا- من تصريحات العرّابَين، ومن خطة إصلاح 2004، التي مدحها محيي الدين بمناسبة مرور 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية 2008، بتصريحه بأن:

مصر من الدول القليلة التي قامت بإصلاحات اقتصادية شكّلت حائط صد لتأثيرات الأزمة المالية العالمية.

لذا فالتشابه بين تجربتي الماضي والحاضر، والتوازي بين تصريحات غالي ومحيي الدين وخطوات الحكومة بتطبيق خطط الصندوق والبنك، وتصريحاتهما التي تشعر معها وكأنك تستمع إلى الحكومة؛ كل ذلك يشير إلى أنهما يقودان أو يرشدان الاقتصاد المصري حاليًا، وبديهي أنهما يقولان والحكومة تُردد وتُنفذ لا العكس، ويقودان كواجهتين لمؤسستيهما الدوليتين والدولة تستمع وتُحقق، إذ لا يُعقل أن يكون ذلك التشابه هو مجرد توارد أفكار.