بدأت الفتنة في الكوفة (سنة 34هـ/654م)، حيث طالبوا في البداية بتغيير الوالي سعيد بن العاص، ثم لم ينتظروا بل منعوا دخوله الكوفة، واختاروا مكانه أبا موسى الأشعري، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولي أبا موسى فوافق عثمان مجاراة لهم لمنع الفتنة. ‏ومع ذلك خرجت في (سنة 35هـ) ثلاث مجموعات ثائرة [1] من الكوفة والبصرة ومصر (من عرب الفسطاط)، باتجاه المدينة لمجادلة الخليفة ومطالبته بالإصلاح، وإرغامه على التراجع فيما يأخذونه عليه.

وفي المدينة نزلوا في ثلاثة أماكن متفرقة، كان أهمها مكان يقال له «ذو خشب» الذي نزل فيه عرب الفسطاط. وفي البداية اقتصر الأمر على المجادلات السلمية. ورغم كثرة المتمردين [2] وعدم وجود مقاتلة في المدينة، فقد تصدى لهم عدد من الصحابة مثل عَليّ بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة وزيد بن ثابت والزبير بن العوام ومحمد بن سلمة (رضي الله عنهم). ويروى أن عليًّا شرح لهم خطأ تصرفاتهم، كما دافع عثمان عن نفسه دفاعًا مقبولا. وقد استمرت تلك المرحلة لمدة شهر تقريبًا، كان عليٌّ (رضي الله عنه) يسعى فيها بين الخليفة والمتمردين بالصلح، وانتهت بأن وافق عثمان على مطالب الثائرين فقفلوا راجعين إلى أمصارهم.

وكان وفد عرب الفسطاط قد طالب عثمان بعزل والي مصر عبد الله بن أبي السرح ووضع محمد بن أبي بكر مكانه، فوافق الخليفة على ذلك. وفي الطريق إلى مصر لحقهم غلام قيل إنه كان يتراءى لهم ثم يغيب عنهم، فلما أمسكوا به وجدوه يحمل رسالة إلى عبد الله بن أبي السرح وجدوا فيها: «إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاقتلهم، وأبطل كتابهم، وأقر على عملك حتى يأتيك رأيي»[3]. فعاد الوفد إلى المدينة مرة أخرى، ولكن الغريب أن الوفدين الكوفي والبصري قد عادا في الوقت نفسه تقريبًا، وربما أرسل خلفهم عرب الفسطاط من طالبهم بالرجوع. وبعودة المجموعات الثلاث للمدينة تبدأ المرحلة الثانية.


حصار بيت عثمان (رضي الله عنه)

عرضوا الرسالة على عثمان (رضي الله عنه) بحضور عليّ ومحمد بن مسلمة فأنكرها، فشكوا في حامل ختم الخليفة مروان بن الحكم، وطلبوا من عثمان خلع نفسه لضعفه وغفلته وخبث بطانته؛ أي أن مطالبهم زادت حدة. فرفض عثمان ذلك وقال لهم: «لا أنزع قميصًا ألبسنيه الله، ولكني أتوب وأنزع». قالوا: «لو كان هذا أول ذنب تبت منه قبلنا، ولكنا رأيناك تتوب ثم تعود، ولسنا منصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله تعالى، وإن منعك أصحابك وأهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك».

لما تيقنت الوفود الثلاثة من رفض عثمان خلع نفسه ‏أحاطوا ببيته، وضربوا حوله الحصار، ومنعوه من الخروج للصلاة ولكن لم يمنعوا الناس عنه.

فقال: «أما أن أتبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلي من ذلك، وأما قولكم تقاتلون من منعني فإني لا آمر أحدًا بقتالكم، فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل، ولو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجناد فقدموا عليّ أو لحقت ببعض أطرافي»[4].

ولما تيقنت الوفود الثلاثة من رفض عثمان خلع نفسه ‏أحاطوا ببيته، وضربوا حوله الحصار، ومنعوه من الخروج للصلاة ولكن لم يمنعوا الناس عنه. أما المتمردون فازدادوا اتحادًا، وكان يصلي بهم الغافقي بن حرب العكي الذي دان له الكوفيون والبصريون وعرب الفسطاط. وأما أهل المدينة فقد تفرقوا في مزارعهم، ولزموا بيوتهم، ولم يكن يخرج أحد منهم إلا بسيفه ليمتنع به. وقد اعتزل بعض كبار الصحابة الأمر لأنهم رأوا أن عثمان نكث بوعوده، فقبعوا في بيوتهم ولكنهم أرسلوا بعض أبنائهم إلى عثمان لحمايته [5].

وكتب عثمان إلى ولاته يستنجدهم ويأمرهم بالعجلة، وأشار عليه نصحاؤه من بني أمية أن يعدهم ويطاولهم حتى تأتي فرق النجدة، وأن يستخدم علي بن أبي طالب بما له من مكانة، وكما في الكامل لابن الأثير قال له مروان بن الحكم: «أعطهم ما سألوك وطاولهم ما طاولوك، فإنهم قوم بغوا عليك ولا عهد لهم».

واستدعى عثمان عَلِيًّا وطلب منه مجادلة المتمردين وإقناعهم بالكف عنه وأن يشترط لهم ما يرى. فقال له عليّ: «قد كنت أعطيتهم أولاً عهدًا فلم تف به، فلا تعوزني هذه المرة فإني معطيهم عليك الحق». فلما أقسم عثمان بأنه سيفي خرج عَلِيٌّ إليهم، وطلب منهم إمهال الخليفة ثلاثة أيام حتى يحقق مطالبهم التي في المدينة، وأما مطالبهم خارجها فحتى تصل الرسل بها. وبالفعل كف عنه المتمردون ثلاثاً، ولما انتهى الأجل دون إنجاز مطالبهم شددوا الحصار عليه، وكرروا مطالبهم بعزل عماله ورد مظالمهم. فأطل عليهم عثمان وقال: «إن كنت مستعملاً من أردتم وعازلاً من كرهتم فلست في شيء والأمر أمركم». فقالوا: «والله لتفعلن أو لتخلعن أو لتقتلن»[6].

ورغم إخلاص عليّ في النصيحة لعثمان وحثه على الاستجابة وصرف المتمردين إلى أمصارهم، إلا أن بعض بني أمية ممن كانوا يلتفون حول عثمان كانوا يأبون عليه الاستجابة لتلك المطالب. وقد عاتبه عليٌ بن أبي طالب وآذنه بالفراق وقال له: «والله إني لأكثر الناس ذبًا عنك، ولكني كلما جئت بشيء أظنه لك رضا، جاء مروان بأخرى فسمعت قوله وتركت قولي»[7].

والحقيقة فإن الجدالات التي دارت آنذاك، خاصة بين عثمان والمتمردين عليه، تمثل بذرة الخلاف الدائر حتى الآن حول رؤيتين متناقضتين للإسلام!. على سبيل المثال، في «تاريخ الطبري» أن عثمان أطل على محاصريه يومًا

وقال لهم فيما قال: «إنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم، ثم لم يرفعه الله عز وجل عنكم إلى يوم القيامة.. فإنكم إن قتلتموني لم تصلّوا من بعدي جميعًا أبدًا، ولم تقتسموا بعدي فيئًا جميعًا أبدًا، ولن يرفع الله عنكم الاختلاف أبدًا». فقالوا له: «كنت أهلا للولاية ولكن بدلت بعد ذلك وأحدثت ما قد علمت، وأما ما ذكرت مما يصيبنا إن نحن قتلناك من البلاء فانه لا ينبغي ترك إقامة الحق عليك مخافة الفتنة.. وأن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون بغير أمرك فإنما يقاتلون لتمسكك بالإمارة، فلو أنك خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال دونك»[8].

وهنا سكت عثمان ولزم الدار وقرر عدم الدفاع عن نفسه، وطلب ممن لديه في الدار ألا يقاتلوا، وألح عليهم وقال لهم كما في «العقد الفريد»: «أَعْزِمُ عَلَى كُلِّ مَنْ رَأَى أَنَّ لِيَ عَلَيْهِ سَمْعاً وَطَاعَةً إِلا كَفَّ يَدَهُ وَسِلاحَهُ، فَإِنَّ أَفْضَلَكُمْ عَنِّي غَنَاءً مَنْ كَفَّ يَدَهُ وَسِلاحَهُ»[9]. ووعد غلمانه أنه سيعتق من كف يده منهم [10]. فانصرف من كانوا عنده إلا قلة بينهم الحسن بن علي، وعبد الله بن عباس، ومحمد بن طلحة، وعبد الله بن الزبير وأشباه لهم.


مقتل عثمان (رضي الله عنه)

رغم إخلاص عليّ في النصيحة لعثمان وحثه على الاستجابة، إلا أن بعض بني أمية كانوا يأبون عليه الاستجابة لتلك المطالب.

فلما مضت ثماني عشرة ليلة قدم ركبان من الأمصار، فأخبروا المتمردين بخبر من تهيّأ إليهم من جنود الأمصار، وعندها حالوا بين الناس وبين عثمان، ومنعوه كل شيء حتى الماء والطعام. وجاءهم عليٌّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) في الغلس وقال لهم: «إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، فلا تقطعوا عن هذا الرجل الماء ولا المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي!». فقالوا: «لا والله ولا نعمة عين». فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت ورجعت. وجاءت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان (رضي الله عنها) على بغلة لها، فضربوا وجه البغلة وقطعوا حبلها بالسيف، فنفرت الدابة وكادت تسقط عنها، فتلقاها الناس فأخذوها وذهبوا بها إلى بيتها. وبلغ طلحة والزبير ما لقي عليٌّ وأم حبيبة، فلزما بيتيهما. وخرجت عائشة إلى الحج واستتبعت أخاها محمدًا فأبى [11].

في تاريخ الطبري أن المتمردين قالوا: «نعاجله قبل أن تقدم الأمداد». والحقيقة أن تأخر فرق النجدة رغم أن الحصار استمر لمدة أربعين يومًا لأمر غريب.

وفي اليوم الأربعين للحصار علم المتمردون أن الحجاج يريدون قصدهم، وأن فرق النجدة من جنود الأمصار قاربوا المدينة فقالوا: «لا يخرجنا من هذا الأمر الذي وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل، فيشتغل الناس عنا بذلك». وأرادوا اقتحام الباب فمنعهم الحسن بن علي، وابن الزبير، ومحمد بن طلحة، ومروان بن الحكم، ومن معهم.

ومرة أخرى زجر عثمان المدافعين عنه وقال لهم: «أنتم في حل من نصرتي»، فأبوا، فأقسم عليهم ليدخلن الدار، فلما دخلوا أغلق الباب دون المتمردين الذين أضرموا النار في الباب فأحرقوه والسقيفة التي عليه، فثار من في الدار، وكان عثمان يصلي، فلما انتهى قال لهم: «إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد عهد إليّ عهدًا فأنا صابر عليه، ولم يحرقوا الباب إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه، فأحرج على رجل أن يستقتل أو يقاتل». ولبس السراويل للمرة الأولى حتى لا تكشف عورته عندما يقتل، ثم جلس ليقرأ القرآن.

وفي تاريخ الطبري أن المتمردين قالوا: «نعاجله قبل أن تقدم الأمداد»[12]. والحقيقة فإن تأخر فرق النجدة رغم أن الحصار استمر لمدة أربعين يومًا لأمر غريب!، وأنه قد حدث إما لأن ولاة الأمصار، مثلهم مثل كثير من الصحابة، لم يتصوروا إمكانية قتل الخليفة لذا لم يتعجلوا الأمر رغم طلب الخليفة لأنهم توقعوا أن يحل الموضوع سلمًا، وربما أيضًا لأن جيوش الأمصار لم تكن تعتبر نفسها مسؤولة عن حماية الخليفة وأنها فقط جيوش فتوح تخص الأمة وتُعنى بنشر الإسلام فقط.

وهاجم المتمردون الدار من الدور المجاورة، ولم ينتبه المدافعون عن الباب لذلك، ولم يتمكنوا من ردهم، حتى وصلوا إلى حجرة عثمان، فلما وجدوه يقرأ القرآن هابوه، فتقدم منه الغافقي بن حرب العكي وضربه بالسيف، ثم توالى على ضربه أفراد من عرب الفسطاط (كنانة بن بشر التجيبي، وقتيرة السكوني، وسودان بن حمران السكوني)، ومن أهل البصرة (حكيم بن جبلة البصري، وحرقوص بن زهير السعدي)، ومن الكوفيين (الأشتر مالك بن مالك بن الحارث النخعي)، ومن أهل المدينة (محمد بن أبي بكر الصديق، وعمير بن ضابئ البرجمي)[13].

وكان قتله (رضي الله عنه) «يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين بعد العصر وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وكان يومه صائمًا»[14]. وقد قطعت أصابع زوجة عثمان، نائلة بنت الفرافصة، وهي تدافع عنه، كما أصيب الحسن بن علي بسهم وهو يدافع عن الخليفة، وخضب الدم وجهه. ونهب المتمردون ما في البيت حتى أخذوا ما على النساء وتحرشوا بهن، ثم ذهبوا إلى بيت المال ونهبوه أيضًا.

كان قتل عثمان (رضي الله عنه) حدثًا مأساويًا فارقًا في التاريخ الإسلامي كله، حيث كان بمثابة الحدث المؤسس لفتنة أكبر نتج عنها انشقاق أمة الإسلام.

ولما بلغ الخبر عَلِيًّا وطلحة والزبير وسعدًا وبعض كبار الصحابة فزعوا إلى الدار، وعنّف عَلِيّ ولديه لتفريطهما في الدفاع عن عثمان، وقيل إنه لطم الحسن، وضرب الحسين وشتم محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير.

وبقي عثمان ثلاثة أيام لا يدفن. وتوجد حول هذه الجزئية تفاصيل متناقضة، لكن الأكيد أن القتلة رفضوا دفنه ولم يسمحوا بذلك إلا عندما هددتهم أم المؤمنين أم حبيبة (رضي الله عنها)، وهي ابنة عم لعثمان، فنقله بعض أهله ليلاً، في ثيابه ودون أن يغسل، فوق مصراع الباب. ولما سمع بعض الناس بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة يريدون رجمه، ولذا كان من يحملونه خائفين متعجلين لدرجة أن رأس الخليفة كانت تصطدم من شدة الجري بحرف الباب، فاضطر من يحملونه لدخول حديقة قرب البقيع ودفنوه فيها [15]. والأرجح أنه لم يحضر دفنه إلا عدد قليل جدًا يوجد تضارب في ذكرهم، وربما كانوا عليًا وطلحة والزبير والحسن بن علي وزيدًا بن ثابت، وكعبًا بن مالك، وبعض أقارب عثمان، مثل ابنة عثمان الخامسة ومروان بن الحكم.

كان قتل عثمان (رضي الله عنه) حدثًا مأساويًا فارقًا في التاريخ الإسلامي كله، حيث كان بمثابة الحدث المؤسس لفتنة أكبر نتج عنها انشقاق أمة الإسلام تمامًا كما حذر عثمان نفسه. وقد لاحظ هذا ثُمامة بن عدي القرشي (رضي الله عنه)، وكان عاملًا لعثمان على صنعاء، فلما أتاه نبأ قَتْله بكى وقال‏:‏ «الْيَوْمَ انْتُزِعَتْ خِلافَةُ النُّبُوَّةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَارَتْ مُلْكًا وَجَبْرِيَّةً مَنْ أَخَذَ شَيْئًا غَلَبَ عَلَيْهِ»[16].


[1] يبدو من المصادر المتوفرة أن هذه الوفود كانت منظمة وليست عشوائية، فعلى سبيل المثال في كتاب «ولاة مصر» لمحمد بن يوسف الكندي (بيروت 1959) توجد إشارة إلى أن محمد بن حذيفة الذي قام بتثوير عرب الفسطاط هو الذي قرر إرسال جيش ضد عثمان (ص 40)، وانظر أيضًا: هشام جعيط: الفتنة، ص 115.[2] كانوا كما يقول ابن كثير: «قريبًا من ألفي مقاتل من الأبطال، وربما لم يكن في أهل المدينة هذه العدة من المقاتلة لأن الناس كانوا في الثغور والأقاليم في كل جهة» (ابن كثير: البداية والنهاية، 4/217).[3] راجع الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/375.[4] راجع ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 3/60 – 61، الطبري: السابق، 4/376.[5] في «أنساب الأشراف» (5/68 – 71) أن بعض الصحابة كطلحة وأبو هريرة قد أيدوا علناً حصار عثمان، بل وساعدوا المتمردين، وفعل مثلهم كثيرون ممن يسمون صغار الصحابة، ومن بدو المدينة ممن يكرهون عثمان وبني أمية، وقد شارك بعض هؤلاء في الحصار، بل وشجعوا على قتل عثمان (رضي الله عنه).[6] ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 3/62.[7] راجع: ابن الأثير: السابق.[8] الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/395.[9] ابن عبد ربه: العقد الفريد، 2/92.[10] الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/391.[11] راجع: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، 3/63.[12] الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/395. خرج لنجدته – بعد تلكؤ – حشد كبير من أهل البصرة بقيادة مجاشع بن مسعود، وفرقة من مصر بقيادة معاوية بن حديج، كما خرجت فرقة شامية بقيادة حبيب بن مسلمة. وفي «العقد الفريد» عن الشّعبي قال: كتب عثمان إلى مُعاوية: «أن أمدّني». فأمدّه بأربعة آلاف مع يزيد بن أسَد بن كرز البَجَليّ. فتلقاه الناس بقتل عثمان فانصرف، فقال: «لو دخلتُ المدينة وعثمان حيّ ما تركت بها مُختلفا إلا قتلتُه، لأن الخاذل والقاتل سواء» (ابن عبد ربه: «العقد الفريد»، 2/94).[13] ذكر ابن العربي في «العواصم من القواصم» (تحقيق الطالبي، ص291) عداً من قتلة ومصيرهم: (1) الغافقي بن حرب العكي قتل سنة 36هـ/656م، (2) كنانة (2) كنانة بن بشر التجيبي قتل سنة 36هـ/656م، (3) سودان بن حمران قتل يوم الجمل سنة 36هـ/656م، (4) عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، كان مع عليّ في صفين وقتل سنة 38هـ/658م، (5) حبيب بن جبلة البصري العبدي قتل يوم الجمل سنة 36هـ/656م، (6) مالك بن الحارث الأشتر، هلك في طريقه إلى مصر سنة 38هـ/658م، (7) محمد بن أبي بكر الصديق، قتل سنة 38هـ/658م، (8) عبدالرحمن بن عديس البلوي، قتله أعرابي بحمص سنة 36هـ/656م لما علم أنه من قتلة عثمان. وكان الحسن البصري يقول: «ما علمت أحداً أشرِك في دم عثمان ولا أعان عليه إلا قُتل» (ابن شبة: تاريخ المدينة المنورة، 4/1252).[14] الطبري: تاريخ الرسل والملوك، 4/415، والهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، (9/118-119).[15] عندما تولى معاوية اشترى هذه الحديقة وأمر بهدمها وضمها إلى البقيع، وأمر الناس فدفنوا موتاهم حول قبره، فأصبحت مقابر بني أمية واتصلت بالبقيع وصارت منه.[16] ابن عبد ربه: السابق.