محتوى مترجم
المصدر
Human Rights Watch
التاريخ
2015/08/05
الكاتب
كينيث روث

تمثل القنابل البرميلية أسلحة ارتجالية. حيث تتكون من براميل نفط، أو حاويات مشابهة لها، مملؤة بمواد متفجرة وشظايا معدنية. يتم إلقاءها دون توجيه من المروحيات المحلقة فوق نطاق مضادات الطائرات مباشرة. عادة ما تضرب الأرض بكمية ضخمة من المتفجرات، وتنتشر الشظايا القاتلة على نطاق واسع. تسحق تلك القنابل مباني وأحياء بالكامل، وتخلف مساحات واسعة من الموت والدمار.

أسقط الجيش السوري قنابل برميلية أزهقت أرواح وصل عددها في بعض الأحيان إلى العشرات في اليوم الواحد، على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدن حلب، وإدلب، ودرعة، والبلدات والمدن الأخرى. سحقت تلك القنابل أسواقًا، ومدارس، ومستشفيات، وعددًا لا يحصى من المنازل.

يقول «أندرو جيه. تابلر» من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: وصف لي السوريون الرعب المطلق عند الانتظار لما يقارب 30 ثانية حتى تسقط القنبلة على الأرض من المروحية المحلقة، مع عدم معرفة النقطة المميتة التي ستصيبها تحديدا إلا في اللحظات الأخيرة!.

منذ بداية الحرب، تبنت حكومة «بشار الأسد» سياسة قاتلة تجاه المواطنين السوريين الذين حدث أنهم يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها تنظيمات المعارضة المسلحة.

يكمن الهدف الواضح وراء ذلك في قتل وإرهاب المدنيين، وتدمير المباني المدنية لإخراج المدنيين من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ولإرسال تحذير من المأساة التي ستصيب أي من تسيطر المعارضة على حيه.

بالتالي فإن «الأسد» يتبني إستراتيجية «الحرب الشاملة»، والتي تمنعها وتجرمها بشكلٍ قاطع اتفاقيات جنيف، وقوانين الحرب.

بعيدًا عن قتل المدنيين، تلعب القنابل البرميلية دورًا كبيرًا في إجلاء السوريين عن بلدهم. يستطيع المدنيون في معظم الحروب توفير قدر من السلامة عبر الانتقال بعيدًا عن خطوط المواجهة.

لكن استخدام «الأسد» العشوائي للقنابل البرميلية في عمق مناطق المعارضة؛ يعني أنه بالنسبة للكثيرين ليس هناك مكان للاختباء. لعبت تلك الحقيقة البشعة دورًا كبيرا في إقناع 4 ملايين نسمة بالهرب خارج البلاد.

إلا أن المجتمع الدولي لم يبذل الكثير من الجهود لوقف «الأسد» عن استهداف المدنيين بتلك القنابل. حيث رفضت الحكومتان المتمتعتان بأكبر احتمالية للتأثير عليه حمله على التوقف، وهما الداعمتان الأساسيتان له، روسيا وإيران.

كما أحجمت الحكومات الغربية عن ممارسة ضغط قوي ومعلن على الحكومتين بسبب الأولويات (أوكرانيا في حالة روسيا، والاتفاق النووي في حالة إيران). يعزز الاتحاد الأوروبي جهوده لمنع طالبي اللجوء السوريين من الوصول إلى القارة بدلًا من معالجة الأسباب الجذرية لحربهم. أعلنت الولايات المتحدة وتركيا مؤخرًا عن خطة لإعلان قطاع بطول 60 ميلًا في شمالي سوريا «منطقة خالية من داعش»، لكن الهدف من ذلك قتال مسلحي داعش، وليس حماية المدنيين!.

في فبراير/ شباط عام 2014، طالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإنهاء «الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، ويشمل ذلك القصف المدفعي والقصف الجوي، كاستخدام القنابل البرميلية»، لكنه لم يفعل الكثير لوقفه.

تقترح حكومات غربية حاليًا قرارًا جديدا لمجلس الأمن ينطوي على مراقبة الأمم المتحدة لاستخدام القنابل البرميلية، ويشير ذلك إلى فرض عقوبات في حال استمرار استخدام القنابل البرميلية، رغم أنه لا يفرضها بالفعل. إن أوقفت روسيا المزيد من قرارات مجلس الأمن، يجب أن تبدأ الدول الغربية تصعيدًا للضغط العام على دمشق لاستخدامها تلك الصورة العشوائية من الحرب، وعلى موسكو وطهران لدعمهما دمشق.

بسبب السكوت الغربي، يعلم القليلون جدًا بشأن المذبحة الاستثنائية التي ينفذها الجيش السوري بقنابله البرميلية. تقتل هجمات غاز الكلور -بقدر ما هي مخيفة- عددًا ضئيلًا بالمقارنة بعدد ضحايا القنابل البرميلية، رغم أنها قد اجتذبت مؤخرًا المزيد من الانتباه من القنابل البرميلية.

يجب أيضًا أن تتابع الدول الغربية جمع الأدلة على جرائم حرب النظام السوري، وإن استمرت روسيا في منع المحكمة الجنائية الدولية من التمتع بالاختصاص لإصدار تهم جرائم حرب، فيجب إيجاد محكمة بديلة.

يكمن أحد أسباب لين تلك التهديدات في الخوف من أن إنهاء هجمات القنابل البرميلية قد يعيق قدرة «الأسد» على التشبث بالسلطة. بالتالي تسهيل سيطرة الدولة الإسلامية، لكن القنابل البرميلية غير دقيقة نهائيًا لدرجة أن الجيش السوري لا يلقيها عادة قرب الخطوط الأمامية، خوفًا من أن تصيب قواته. حيث تعتبر مفيدة بشكل رئيسي في ضرب الأحياء المدنية.

يمثل ذلك أحد الأسباب التي أخبرني عنها سكان المناطق التي تسيطر عليه المعارضة في حلب. فعلى خلاف أي حرب أخرى تقريبًا؛ انتقل بعض المدنيين –بشكلٍ مثير للدهشة– إلى مناطق أقرب من الخطوط الأمامة، مفضلين مواجهة المدفعية والقناصة الذين يمكن توقعهم بدرجة أكبر من الموت العشوائي إثر القنابل البرميلية الهابطة من السماء.

يمكن القول إن الفشل في مواجهة القنابل البرميلية؛ يساعد التنظيمات المتطرفة مثل «جبهة النصرة، والدولة الإسلامية»، التي تجند أعضاء سوريين عبر تقديم أنفسهم كأقوى قوة عسكرية على الأرض لمواجهة فظائع حكومة «الأسد».

تذكر تقارير أن الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» كان محجمًا عن التصرف بحزم شديد في سوريا خوفًا من أن تصبح خاصة به، وكذلك الفوضى الواسعة التي حلت بها. لكن ممارسة المزيد من الضغط على سوريا، وروسيا، وإيران لوقف القنابل البرميلية لن يجعل الولايات المتحدة مسؤولة عن أي شيء سوى عدد أقل من المدنيين القتلى، والجرحى والمهجرين.

يقول البعض إنه، بدلًا من استهداف نظام أسلحة وحشي بشكل خاص، تعتبر أفضل وسيلة لوقف القنابل البرميلية هي تحقيق السلام. ذلك هدف محمود، ولكن القليلون يعتقدون أن الحل المتفاوض عليه بصدد الأزمة السورية قريب بأي شكل. في الوقت الحالي، يتفق جميع السوريين الذين تحدثت معهم تقريبًا على أن وقف القنابل البرميلية الخاصة بـ«الأسد» تمثل على الأرجح المهمة الأكثر إلحاحًا لتخفيف معاناتهم!.