تصدرت صورة اللاعب البرازيلي «دانييل كوريا» لاعب نادي ساو بينتو عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم قبل ثلاثة أسابيع. ربما حلم اللاعب طوال سنوات عمره الأربعة والعشرين أن يتصدر اسمه عناوين الصحف مثله مثل كل لاعبي كرة القدم المشهورين، لكنه لم يدرك أن اسمه سيقترن بحادثة قتل بشعة ونهاية مأساوية يلعب فيها دور الضحية لا النجم.

انتهت حكاية البرازيلي المغمور في جنوب البرازيل، تحديدًا مدينة ساو خوسيه دوس بينيايس، حيث عثر على جثته ملقاة بين عدة شجيرات بعد أن تم قطع رأسه واستئصال أعضائه التناسلية. جريمة قتل تثير الفضول في المقام الأول وهو الأمر الذي بدأت تتضح تفاصيله خلال الثلاثة أسابيع التالية للحادث.

بدأت القصة قبل الحادثة بحوالي عام عندما تم إعارة دانييل من قبل نادي ساو باولو إلى فريق كوريتيبا حيث تعرف على فتاة تبلغ حينئذ 17 عامًا، وفي يوم عيد ميلادها الثامن عشر حدث كل شيء.


«آل بريتيس» واحتفالية انتهت بالدم

بعد أن تمت إعارة كوريا من قبل نادي ساوباولو إلى فريق كوريتيبا في فبراير 2017 ولمدة 10 شهور، أصبح صديقًا للفتاة الصغيرة «ألانا بريتيس» وهي بنت رجل الأعمال «أيدسون بريتيس» وزوجته «كريستينا». لم يكن أحد يعلم إلى أي مدى وصلت تلك العلاقة التي جمعت بين اللاعب والفتاة. ورغم تأكيد الفتاة أنها علاقة أفلاطونية دون أي اتصال جسدي، لكنها علاقة سمحت له بالسفر من ساوبينتو، حيث حطت به رحلته في كرة القدم للعب هناك، إلى مدينة ساو خوسيه دوس بينيايس للاحتفال بعيد ميلاد ألانا.

تمت دعوة 20 شخصًا فقط، من ضمنهم اللاعب الذي قطع رحلة طويلة إلى هناك، من أجل الاحتفال بملهى «كورتيبا» لكنه لم ينته هنا، بل امتد ضجيجه للساعات الأولى من صباح اليوم التالي بمنزل العائلة، ذلك اليوم الذي عُثر فيه على اللاعب مقتولًا بعد أن تم قطع رأسه واستئصال أعضائه التناسلية. هنا ظهر السيد أديسون بمظهر المتفاجئ تمامًا، حيث أقام اتصالًا مع أحد أصدقاء اللاعب واصفًا موته بالمأساة، ومن ثم قام بعرض خدماته مؤكدًا أن كوريا قد غادر المنزل وهو على قيد الحياة.

بدت ابنة رجل الأعمال البرازيلي مصدومة للغاية أيضًا، حيث بعثت برسالة إلى والدة اللاعب، قبل اكتشاف قتله، مؤكدة أنه قال وداعًا ورحل لتوه، داعية إياها أن تتحلى بالإيمان فالأمر سيكون على ما يرام، لكن عند رد والدة دانييل بتأكيد خبر الوفاة ردت أنها لا تصدق: «ليقل أحدهم أن الأمر كله كذبة».

إلى هنا، بدا الأمر غامضًا إلى حدٍ بعيد، إلا أن بعض الرسائل التي وجدت على تطبيق «Whatsapp» في هاتف اللاعب، والتي قام بإرسالها إلى أصدقائه قبل وفاته بساعات فجرت المفاجأة وفضحت الجميع بما فيهم دانييل نفسه.


رواية كاذبة أولى

في حدود الثامنة صباح اليوم التالي لعيد الميلاد؛ أي قبل وفاته بساعات، أرسل دانييل إلى بعض من أصدقائه سلسلة من الصور الشخصية عبر تطبيق «الواتس آب»، صور تظهره مستلقيًا على السرير وبجواره كريستينا، والدة ألانا، والتي بدت نائمة أو ربما فاقدة للوعي. الصور كانت مصحوبة ببعض الرسائل: «أستطيع أن أنام هنا، فالكثير من النساء ينامون هنا في جميع أنحاء المنزل».

ثم في رسالة لاحقة: «سألتهم والدة الفتاة صاحبة عيد الميلاد رغم أن الوالد هنا في المنزل». وبعد عشر دقائق بعث برسالة أخيرة: «لقد التهمتها».

هنا بدأت الأمور كلها تتغير فلم يعد يجدي حديث عائلة بريتس أن دانييل كوريا خرج من المنزل حيًا وأن لا علاقة لهم بالأمر. بدأت الشرطة البرازيلية في استجوابهم جميعًا، وبعد ثلاثة أيام فقط اعترف أديسون الأب بأنه القاتل وبدا حديثه مختلفًا عن السابق.

تحدث رجل الأعمال عن أنه قام بالجريمة في لحظة جنون بعد سماع صراخ زوجته الغاضب من غرفة نومها. حطم الرجل باب غرفة النوم ليجد اللاعب مستلقيًا على زوجته التي كانت تصرخ وتطلب المساعدة، كان ذلك في حديثٍ ظهر دراميًا إلى قناة تليفزيونية برازيلية: «ما فعلته هو ما يفعله أي رجل. إن كانت تلك المرأة لم تكن زوجتي، ابنتك أو أمك أو أختك أو زوجتك، سأقوم بنفس الشيء، ما بالك إن كانت زوجتي التي تزوجتها منذ 20 عامًا؟»

تحدث أديسون أنه قام بإلقاء اللاعب من فوق زوجته. قام بضربه ضربًا مبرحًا وأخرجه من المنزل دون أن يعلم إن كان اللاعب فقد وعيه أم لا. استخدم سكينًا صغيرًا من المطبخ مع بعض الأدوات التي كانت موجودة في السيارة ثم، ومحفزًا بالكثير من الغضب، قام بفعل فعلته.

تبدو شهادة أديسون متمركزة حول أنه قام بفعلته دون أي مساعدة ودفاعًا عن شرف زوجته وهو بالطبع ما تطابق مع شهادة الفتاة ألانا التي أكدت أنها سمعت صراخ والدتها الغاضب من غرفة نومها ثم حدث ما حدث. وشهادة كريستينا نفسها التي أكدت أنها استيقظت لتجد اللاعب متجردًا من ملابسه مؤكدة أنها تعرضت لاعتداء جنسي لكن دون اتصال مباشر.


ترابط خيوط القضية

لم تتقبل الشرطة البرازيلية الأمر بتلك البساطة فلا زال هناك ما يحتاج للتفسير. فليس من المعقول أن القاتل قام بالأمر بمفرده، كما أن التحاليل أثبتت أن دانييل كان في حالة سكر شديدة يصعب معها القيام بالاعتداء الجنسي، خاصة إن كان مصحوبًا بقوة.

بعد عدة أيام استطاعت الشرطة القبض على ثلاثة أشخاص متورطين في الجريمة، حيث تطابقت شهادتهم حول ما حدث، هذا بالإضافة إلى شهادة إحدى الفتيات اللاتي كن في المنزل حينئذ. بجمعهم معًا تشكلت تفاصيل القصة أكثر ليتضح ما يلي:

تقدم الجميع إلى الغرفة بأوامر من أديسون لتقييد دانييل وضربه بعد اكتشاف وجوده مع زوجته داخل غرفة النوم، ثم تم اصطحابه إلى السيارة بهدف إيذائه جنسيًا عقابًا له على فعلته تلك، لكن أديسون جن جنونه بعد أن شاهد تلك الصور في هاتف دانييل وهي ذات الصور التي أرسلها إلى أصدقائه فقام بقطع حنجرته أيضًا بعد إخصائه.

بينما أكدت الفتاة أنها لم تسمع صراخ أمها المزعوم، كما أنها شاهدت والدها القاتل يتناول سكينًا من المطبخ بطول 20 سم بعد اقتياد الضحية للسيارة، كما أنها أُجبِرت على تنظيف السرير الذي شهد الواقعة حيث كان ملطخًا بالكثير من الدماء؛ الأمر الذي اضطر أديسون لإحراقه في محاول لخداع الشرطة. تم القبض على القاتل والثلاثة المعاونين، كما تم التحفظ على كريستينا وألانا.

تبقى قصة دانييل تلك من القصص الحزينة في كرة القدم. اللعبة التي تعبث بالسلم الاجتماعي بضربة حظ أو مهارة ليتغير لاعب كرة القدم من طفل فقير لرجل يقترب من الحياة المجنونة لرجال الأعمال وأصحاب المال والنفوذ. ربما ينسى اللاعب أن بضربة أخرى قد يفقد كل شيء. تقدم الرياضة الأشهر عالميًا الكثير لمحبيها ولاعبيها على حد سواء، لكن هناك البعض ممن لا يتفهم أن كرة القدم تلعب بالعقل قبل القدم أحيانًا.