42 عاما مرت على حرب أكتوبر 1973، نُشر فيها العديد من الكتب والمذكرات الشخصية -رغم ندرة الوثائق العربية المفرج عنها والخاصة بهذه الحرب- الأمر الذي جعل الجاد من هذه الكتب يطرح أسئلة بأكثر مما يجيب عن تساؤلات هذه الحرب التي لم تبح بكل أسرارها حتى اللحظة.

نستعرض في هذا التقرير أهم وأبرز هذه الكتب التي تحدثت عن فترة ما قبل الحرب وكيفية الإعداد لها، وعما دار فى الجبهة أثناء الحرب، والعلاقة بين السياسة والعسكرية، عن الإنجازات والإخفاقات، عن البطولات والتضحيات؛ وعما وقع من أخطاء كادت تسرق الانتصار.


1. مذكرات الفريق سعد الشاذلي

الفريق سعد محمد الشاذلي (1 أبريل 1922 – 10 فبراير 2011)، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر. برز اسم الشاذلي فى الذاكرة الشعبية المصرية إبان ثورة يناير ووصفه كثيرون بأنه مهندس الحرب وأنه البطل الحقيقي لها.

يعد كتابه «مذكرات حرب أكتوبر» من أهم وأشهر الكتب التي تحدثت عن الحرب وأسرارها، وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة.

قرر الشاذلي كتابة مذكراته عام 1976، أي بعد الحرب بـ 3 سنوات. وقد صدرت الطبعة الأولى منها فى عام 1980 وأعيدت طباعة الكتاب 4 مرات. وقد أضاف الشاذلى في الطبعة الرابعة فصلا جديدا يعلق فيه على مذكرات المشير الجمسي ومذكرات الفريق محمد فوزي.

في كتابه الذي يقع في 8 أبواب، يقوم بوصف التخطيط والتنفيذ لحرب أكتوبر ويقدم في فصله الأول مقارنة بين حال القوات المصرية والصهيونية عند تسلمه للمسئولية، وبعد ذلك ينتقل الشاذلي للحديث عن الخطط العسكرية أثناء معركة الاستنزاف والخطة الدفاعية التي كانت تطبق آنذاك، وما بين التفكير فى معركة العبور.

ثم يتحدث عن مراحل تطور الخطط وكيف استقر الرأي على عملية العبور المحدودة (المآذن العالية) ومن ثم الوقوف وقفة تعبوية انتظارا لما تسفر عنه الأمور، ومن تطور قدرات القوات المصرية بعد ذلك.

أهم ما جاء فى هذا الكتاب هو عرضه لقضية الثغرة التي أبانت عن الصدام بين الشاذلي والسادات، ويوضح لماذا لم تقم القوات المصرية بتطوير هجومها نحو الشرق بعد نجاحها في عبور قناة السويس، ولماذا لم تستولِ على المضائق في سيناء؟ ولماذا لم يقم المصريون بالقضاء على الاختراق فور حدوثه؟

وصف الشاذلي قرار تطوير الهجوم أنه الخطأ الأول والذي أدى إلى سلسلة من الأخطاء سرقت منّا الانتصار الكامل ووضعتنا تحت رحمة التدخل السوفيتي والأمريكي لفرض وقف إطلاق النار.


2. مذكرات الجمسي

المشير محمد عبد الغني الجمسي (9 سبتمبر 1921 – 7 يونيو 2003) رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في حرب أكتوبر، تم تعيينه رئيسا لهيئة أركان الجيش أثناء الحرب خلفا للفريق الشاذلي بعد خلافه مع الرئيس السادات، ثم وزيرا للحربية في عام 1974 حتى عام 1978 وهو ثالث عسكري مصري يحصل على رتبة مشير.

صدرت مذكرات المشير الجمسي عام 1989، وقامت الهيئة العامة للكتاب بإصدار الطبعة الثانية في عام 1998. في تلك المذكرات التي وقعت في 6 أبواب، تناول الجمسي هزيمة يونيو 1967 والظروف السياسية العسكرية التي أدت إلى الهزيمة، ثم يتحدث عن عملية إعادة بناء القوات المسلحة ومرحلة الدفاع والصمود، والدفاع النشط، ثم حرب الاستنزاف.

في الباب الثالث يتحدث الجمسي عن حرب أكتوبر التي قدم تفاصيلها يوما بيوم في هذه المذكرات، ويوضح مراحل التخطيط والإعداد للحرب، ويتحدث الجمسي عن الكشكول الذي قدمه للسادات ولحافظ الأسد عن أنسب التوقيتات للقيام بالعملية الهجومية، لاختيار التوقيت المناسب للطرفين. وتقوم الدراسة على دراسة الموقف العسكري للعدو وللقوات المصرية والسورية.

ويقدم لنا الجمسي صورة عن الحرب يوما بيوم وتفصيلا لما دار في أشهر معاركها كمعركة القنطرة شرق وعيون موسى.

يتحدث الجمسي عن الثغرة ويوضح أن سببها هو تأخر تطوير الهجوم المصري الذي كان مفترضا له يوم 9 و10 أكتوبر. وهو الأمر الذي رد عليه الشاذلي في مذكراته بأن تطوير الهجوم لم يكن مخططا له من الأصل وأنه كان محكوم عليه بالفشل سواء تأخر أو كان في موعده. ويرد الجمسي على ادعاء السادات بأن الشاذلي عاد من الجبهة يوم 20 أكتوبر منهارا نافيا حدوث ذلك.


3. المعارك الحربية على الجبهة المصرية لـ جمال حماد

هذا الكتاب الذي يقع فى 14 فصلا و7 ملاحق يعده كثيرون العمل الموسوعي الأفضل عن حرب أكتوبر، وهو حقا واحد من أفضل الكتب التي قدمت تحليلا فنيا راقيا لحرب أكتوبر.

قدم المؤرخ العسكري اللواء أركان حرب جمال حماد ذلك الكتاب والذى يمثل مع كتابه «من سيناء إلى الجولان» موسوعة متكاملة عن حرب أكتوبر أمضى الرجل سنوات فى إعدادها، حيث قدم تحليلا فنيا لأعمال القتال التي خاضتها قواتنا بطول جبهة قناة السويس، مع شرح وافٍ لنقاط قوتها وضعفها على المستوى الإستراتيجي والتعبوي والتكتيكي.

في الفصل الأول من هذا الكتاب يجيب حماد عن واحد من الأسئلة المثيرة والغامضة عن حرب أكتوبر وهو سؤال: من وضع خطة حرب أكتوبر؟ تلك الخطة التي نسبها الفريق محمد فوزي لنفسه في مذكراته؛ ورد الفريق الشاذلي عليه في الطبعة الرابعة من مذكراته بأنه هو الذي وضع خطة المآذن العالية.

في الفصل الثاني والثالث والرابع ينقل لنا حماد بطريقة سينمائية رائعة ما الذي فى حدث في الحرب تفصيليا وأدق تفاصيل الإعداد للحرب ولماذا تم اختيار 6 أكتوبر لبدء الهجوم؟

ويعرض لنا الأداء الباهر لقواتنا في صد الهجمات المضادة للعدو بطول الجبهة، ونجاحها في تحقيق مهمتها التالية من توسيع رؤوس جسور فرق المشاة الخمس، بعمق يصل إلى نحو 10-12 كيلومتر، والاستعداد لصد الهجوم المضاد الرئيسي للعدو. ثم يستعرض حماد خطة السادات بتطوير الهجوم نحو خط المضايق الجبلية الإستراتيجية في عمق سيناء (45-50 كيلومتر شرق القناة)، صباح يوم 14 أكتوبر 1973، وفشل قواتنا في ذلك.

في الفصول من الرابع وحتى الأخير، يعرض لنا حماد الهجوم الإسرائيلي المضاد، وكيف كانت تفكر فيه القيادة الإسرائيلية، والتوقيتات والأماكن التي كان العدو يفكر في تنفيذه من خلالها، وكيف تعاملت القيادة العامة المصرية مع هذا الاختراق الإسرائيلي. ووجهات النظر المصرية المتعددة للقضاء عليه، وتطور أعمال القتال غرب القناة، وفشل شارون في دخول الإسماعيلية، وفشل الجنرال الإسرائيلي ابرام أدان في دخول السويس، وتفاصيل الخطة «شامل» التي أعدتها القيادة المصرية لتصفية الثغرة غرب القناة، والتي تم تجميدها في يناير 1974 بأوامر من القيادة السياسية.

في الفصل العاشر من هذا الكتاب، يتحدث حماد عن الخلاف بين الشاذلي والسادات والتراشق الذي حدث بينهما، وتحميل كل منهما للآخر مسئولية ما حدث في الثغرة. ويفند آراء الرجلين ويقوم بتحليلها للوصول إلى الحقيقة.

يعد أبرز ما جاء في هذا الكتاب هو الرسائل المتبادلة بين جمال حماد والفريق الشاذلي حول جدوى سحب ألوية من الشرق للغرب وتأثير ذلك على توازن القوات المسلحة المصرية.


4. النصر الوحيد : مذكرات قادة العسكرية المصرية 1973 لـ محمد الجوادي

يقدم الكتاب قراءة تحليلية لمذكرات خمسة من قادة حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

ويتناول مذكرات رئيسي الأركان اللذين توليا هذا المنصب خلال حرب أكتوبر وهما المشير محمد عبد الغني الجمسي والفريق سعد الدين الشاذلي، ومذكرات أحد قادة الجيوش وهو اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني في آخر أيام الحرب، إلى جانب مذكرات أحد قادة الفرق الخمس التي كُلفت بعبور قناة السويس وهو الفريق يوسف عفيفي قائد الفرقة 19 التي تتبع الجيش الثالث.

ثم أخيرا مذكرات أحد قادة الألوية وهو العميد عادل يسري قائد اللواء 112 الذي كان يتبع الفرقة 18 بالجيش الثاني.


5. 1973 الطريق إلى الحرب لـ د. يجئال كيبنيس

طالما حُمّلت المؤسسة الأمنية في إسرائيل مسئولية فشلها في حرب أكتوبر 1973، لكن الكتاب الإسرائيلي الذي صدر مؤخرا في عام 2012 (1973 الطريق إلى الحرب) والذي يستند لأرشيفات أميركية وإسرائيلية سرية ينسف الرواية الإسرائيلية التقليدية للحرب بتوجيهه أصابع الاتهام وبقسوة للمستوى السياسي لا للجهاز الاستخباري.

يحمل الكتاب الذي يقع في 365 صفحة، الكثير من الأسرار حول الطريقة التي تعامل بها قادة إسرائيل مع مبادرة روجرز، بالإضافة إلى الفشل والتقصير الإسرائيلي على المستوى السياسي، والذي أدى برأيه إلى اندلاع حرب أكتوبر 1973، ووصف هذا التقصير السياسي بأنه أخطر بكثير من العمى الذي أصاب رجال الاستخبارات الإسرائيلية، الذين ما زالت مسئولية الهزيمة تلاحقهم حتى اليوم، على حد تعبيره.

ويكشف الكتاب أن حكومة إسرائيل رفضت مبادرة الرئيس السادات لعقد اتفاقية سلام معها قبيل الحرب في فبراير 1972 مقابل انسحاب تدريجي من سيناء يُبقِي وجودا إسرائيليا في بعض مواقع سيناء، مشددا على أن الحكومة أخفت عن المخابرات هذه الوقائع الهامة.

التقى مستشار السادات للأمن القومي حافظ إسماعيل بواشنطن في 25 فبراير 1973 هنري كيسنجر مستشار الرئيس نيكسون للأمن القومي، وذلك بمبادرة السادات نفسه.

وتقوم المبادرة على فتح قناة للتفاوض بين مصر وإسرائيل بواسطة الولايات المتحدة، وأن تنسحب إسرائيل من قناة السويس وتعترف بسيادة مصر على كل سيناء، وأن تقبل مصر بتسويات أمنية.

وعلى ما يبدو وافقت مصر على وجود إسرائيلي لفترة محدودة في شرم الشيخ وفي أماكن أخرى، وأخيرًا الإعلان عن «حالة السلام» بين الدولتين التي ستتحول إلى سلام كامل عندما توقع إسرائيل على اتفاقيات مع الدول العربية الأخرى. وذلك فى موعد أقصاه سبتمبر 1973.


6. أسرار حرب أكتوبر في الوثائق الأمريكية لـ ويليام بير

صدر هذا الكتاب في عام 2003 بمناسبة مرور 30 عاما على الحرب، وقد قام مركز الأهرام للترجمة والنشر بترجمة الكتاب في عام 2004.

ويقدم الكتاب عددا من الوثائق السرية الأمريكية عن الحرب، وتغطي الوثائق المتضمنة في الكتاب الفترة بين شهر مايو 1973 وحتى انتهاء العمليات العسكرية وبدء مفاوضات فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل في مطلع شهر نوفمبر.

ومن أبرز هذه الوثائق، الوثيقة التي تضم محضر الاجتماع بين الرئيس الأمريكي في ذلك الوقتريتشارد نيكسون، ووزراء خارجية أربع دول عربية هي السعودية والكويت والمغرب والجزائر ممثلين لكافة الدول العربية، وذلك في السابع عشر من أكتوبر 1973، ودفاع وزراء هذه الدول عن تحرير الأراضي العربية ووقوفهم بجانب مصر وسوريا.

وتكشف الوثائق أيضا عن دور هنري كسنجر في الحرب في السماح لإسرائيل بخرق موعد وقف إطلاق النار الذي كان قد اتفق عليه شخصيا مع القيادة السوفيتية في العشرين من أكتوبر، وذلك لكي تتمكن من تحسين موقفها العسكري وتعزيز موقفها التفاوضي في مرحلة لاحقة.

وأدت هذه المؤامرة التي يثبتها محضر اجتماع بين كيسنجر ورئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الوقت جولدا مائير في 22 أكتوبر إلى تشديد الحصار على قوات الجيش الثالث على الضفة الغربية للقناة بعد تمكن القوات الإسرائيلية بقيادة أيريل شارون من العبور إلى تلك الضفة فيما يعرف باسم ثغرة الدفرسوار.


7. مذكرات ديفيد أليعازر

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أثناء حرب أكتوبر. وتعد مذكراته التي كتبها، بعد إدانة لجنة أجرانات له ليكشف الحقائق للشعب الإسرائيلي، أفضل وأدق ما كتب عن الحرب من الجانب الإسرائيلي. وتتناول هذه المذكرات أحداث ما قبل الحرب ونظرة القادة الإسرائيليين للعرب. ويسجل أليعازر الدور الذي لعبته أمريكا في إنقاذ إسرائيل من هزيمة ساحقة.


8. مذكرات موشى ديان

لعل أبرز ما جاء في مذكرات وزير الدفاع الإسرائيلي أثناء الحرب، اعترافه بانتهاء نظرية الأمن الإسرائيلي وانهيار أطروحة التفوق العسكرى الإسرائيلي الكاسح.