على الرغم أن المنطقة العربية طالما كانت مؤثرة في النظام الدولي، وطالما اتخذت قرارات مصيرية تحدد مستقبلها ومستقبل منطقة الشرق الأوسط مثل المشاركة في حرب 1948 ضد العصابات الإسرائيلية في ذلك الوقت وايضا حرب أكتوبر1973 والحرب العراقية الايرانية والخلافات التركية السورية التي كانت تنذر بحرب بين البلدين في تسعنيات القرن الماضي.

واستطاع العرب في أوقات كثيرة أخذ زمام المبادرة ومواجهة دول الطوق العربي وهي (إيران ، إسرائيل، تركيا) والتي اصبحت كل دولة تتمتع بنفوذ داخل المنطقة العربية خاصة في السنوات الأخيرة مثل طهران التي أصبح لديها شبه سيطرة على اربع عواصم عربية( العراق، سوريا، لبنان، اليمن) وأيضا انقرة والتي تتمتع بعلاقات قوية ووثيقة بجماعات الإسلام السياسي (الإخوان المسلمين)التي وصلت إلى السلطة بعد ثورات الربيع العربي في (مصر ، وليبيا، تونس) وبالتاكيد تل أبيب مؤثرة في الشرق الأوسط بصفتها دولة احتلال وتحتل أراض عربية هي مزارع شبعا والضفة الغربيةو الجولان.

وبالتاكيد لابد من رصد ومراقبة أي تحالف أو تنسيق بين دول الطوق الغير عربي (أيران ، تركيا، إسرائيل) لانه بالطبع سيؤثر على منطقة الشرق الأوسط بالكامل،وتعتبر العلاقات التركية الإسرائيلية إحدى الركائز الاستراتجية لتحديد مناطق القوة والضعف في إقليم الشرق الأوسط كما كانت العلاقات الأسرائيلية الإيرانية قوية في عهد شاه إيران محمد رضا بهلوي وتعد العلاقات بين انقرة وتل ابيب علاقات ممتدة وعميقة.

ويمكن تقسيم العلاقات التركية الإسرائيلية إلى عدة أقسام كما يلي:

أولا: العلاقات التركية الإسرائيلية قبل وصول حزب العدالة والتنمية للحكم

يمكن وصف العلاقات التركية الإسرائيلية بالبراجماتية والتي تعتمد على مصالح الدولة التركية فقط، دون الاعتبار لأي بعد ديني أو سياسي مع الدول العربية والإسلامية، ومن الممكن القول أن العلاقة بين تركيا وإسرائيل هي مثل العلاقة بين الشفة واللثة في فم الإنسان، في دلالة على مدى قوة العلاقة بين البلدين المطلتين على البحر المتوسط.

1) العلاقات الدبلوماسية:

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وتل أبيب بالاعتراف التركي بالدولة الإسرائيلية في عام 1949، لتصبح تركيا أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بتل أبيب، وبدأ التمثيل الدبلوماسي بقائم للأعمال للمصالح التركية في إسرائيل، في الوقت الذي كان العرب يعتبرون إسرائيل كيانًا مزعومًا وتخوض حركات المقاومة الفلسطينية مقاومة للاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية.

بدأت تركيا تتأخذ مواقف مناهضة لإسرائيل عندما قامت باحتلال شبه جزيرة سيناء من مصر وهضية الجولان من سوريا والضفة الغربية من فلسطين، جاء ذلك من خلال رفضها للاحتلال الإسرائيلي في مجلس عام1967 ودعمت القرار (242) المطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية.

سحبت أنقرة القائم بالأعمال الخاص بها لدى تل أبيب في عام1980، احتجاجًا على ضم الحكومة الإسرائيلية للقدس.

ومع عودة الأمل في الوصول لسلام حقيقي للمنطقة مع إعلان قيام الدولة الفلسطينية عام 1988 واعتراف تركيا بها، وبخاصة بعد انعقاد مؤتمر مدريد ومفاوضات أوسلو وبدأ بعض الدول العربية بالتطبيع مع إسرائيل؛ انتعشت العلاقات التركية الإسرائيلية ورفعت تركيا التمثيل الدبلوماسي لسفير عام 1996.

2) العلاقات السياسية والاقتصادية:

في يونيو 1999 زار الرئيس التركي الأسبق سليمان ديميريل تل أبيب، وهي أول زيارة يقوم بها رئيس تركي من بداية العلاقات بين البلدين، كما زار الرئيس التركي الأراضي الفلسطينية في دلالة أن موقف تركيا محايد تجاه القضية العربية الأساسية وأن هدفها هو إحلال السلام.

1

كما تم طرح فكرة مشروع أنابيب السلام عام 1987، والهدف منه توصيل مياه نهري دجلة والفرات واللذان يمر في ثلاث دول وهي (تركيا، العراق، سوريا) عبر البحر المتوسط لإسرائيل والأردن والضفة الغربية وبعض دول الخليج والتي تعاني من فقر مائي شديد، وهدف هذا المشروع له بعدين: اقتصادي وسياسي، الاقتصادي بشكل كبير هو بيع المياه لتلك الدول والذي سيدر الكثير من الدخل على الاقتصاد التركي، كما أنه له بعد سياسي؛ فالدبلوماسية المائية ستلعب دورًا في تقريب وجهات النظر بين الشعوب، وسرعة التطبيع السياسي والاقتصادي بين الدول العربية وإسرائيل برعاية من دولة إقليمية مثل تركيا، وقد حظيت فكرة مشروع أنابيب السلام على دعم الولايات المتحدة الراعي الرئيسي لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، ولكن لم تلق فكرة المشروع النجاح.

وفي عام 2000 وقع البلدان اتفاقية التجارة الحرة التركية – الإسرائيلية. وتعتبر هذه الاتفاقية هامة بالنسبة لتل أبيب لأنها الأولى التي توقِّع مع أي بلد آخر ذي أكثرية سكانية من المسلمين، ولم تكن مصر التي وقعت اتفاقية سلام عام 1979 قد دخلت مرحلة التطبيع الاقتصادي مع الدولة العبرية، وبلغت حجم الصادرات الإسرائيلية السنوية إلى تركيا 1.5 مليار دولار، والواردات منها مليار دولار.

ثانيا: العلاقات التركية الإسرائيلية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية

ويمكن تقسيم العلاقة بين حزب العدالة والتنمية والدولة العبرية إلى قسمين:

1) مرحلة دفء العلاقات قبل الربيع العربي

منذ تولي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الحكم في تركيا في عام 2003 وهو يبحث عن دور إقليمي لقيادة منطقة الشرق الأوسط، وكانت سياسة ” تصفير المشكلات” مع دول الجوار التركي التي رسمها أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الحالي ووزير الخارجية السابق إحدى وسائل الوصول لذلك الهدف، وبدأت العلاقات بين حزب العدالة والتنمية والدولة العبرية علاقة فاترة ومتدهورة نتيجة تصريحات رئيس الوزراء التركي، ففي مارس2004 أدان رئيس الوزراء التركي اغتيال الشيخ أحمد ياسين قائد حركة حماس ووصفه بالعمل الإرهابي ثم وصف طيب أردوغان عمليات اقتحام الجيش الإسرائيلي مخيم اللاجئين الفلسطنيين في رفح بعملية إرهاب الدولة، واضطرت أنقرة لاستدعاء السفير والقنصل التركي من تل أبيب للتشاور واعتبرت تصريحات أردوغان مؤسفة وتضر بمصلحة البلدين الحليفين.

2

وتحسنت العلاقات التركية الإسرائيلية في مايو 2005 بزيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تل أبيب، والتقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي آريل شارون والرئيس الإسرائيلي موشيه كاستاف، وزار النصب التذكاري لمحرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية وأدان معاداة السامية ودعا لتحقيق السلام بين طرف النزاع الإسرائيلي والفلسطيني. فيما رأت إسرائيل في أردوغان وحزبه أنهم يمثلون الإسلام المعتدل والذي لا يحمل العداء للدولة العبرية، في إشارة لتنظيم القاعدة الذي يدعو لتدمير إسرائيل، كما اعتبرت إسرائيل أن أنقرة يمكن أن تكون جسرًا لتطبيع العلاقات مع الدول العربية. كما دعمت تل أبيب انضمام تركيا للاتحاد الأروبي وهذا يدلل عن غرض الزيارة أردوغان لإسرائيل للحصول على دعمها من أجل تحقيق الحلم التركي في الانضمام للاتحاد الأروبي وأن يتم تحييد الموقف التركي عن القضايا العربية في المنطقة نتيجة لتلك التفاهمات.

وفي عام 2007 زار الرئيس الإسرائيلي تركيا. لأول مرة في التاريخ يقوم رئيس إسرائيلي بزيارة دولة ذات الغالبية مسلمة، وألقى خطابا في البرلمان التركي في دلالة على قوة العلاقات بين البلدين.

3

وفي ترجمة سريعة لقوة العلاقات بين البلدين خاصة في عهد حكومة العدالة والتنمية؛ استطاعت أنقرة في مايو 2008 استضافة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وسوريا بخصوص هضبة الجولان المحتلة منذ العام1967 وعلى أسس مؤتمر مدريد عام1991، بعد أن توقفت المفاوضات منذ مفاوضات كامب ديفيد الثانية التي قادها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في عام 2000، واستطاعت تركيا تقريب وجهات النظر بين البلدين نتيجة لقوة علاقة أنقرة بأطراف التفاوض، وتجمدت المفاوضات بعد فترة وجيزة نتيجة استقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت من رئاسة الحكومة الإسرائيلية وحزب كاديما.

2) مرحلة تدهور العلاقات

بدأت العلاقات السياسية في التدهور بين حكومة العدالة والتنمية التي يقودها أردوغان وإسرائيل ففي فبراير 2009 في مؤتمر دافواس الاقتصادي في سويسرا، عندما حدث تلاسن بين رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عندما أعطى مدير جلسة النقاش 25 دقيقة للأخير و12 دقيقة فقط للمسؤول التركي، مما دفعه للانسحاب وقد اتهم أردوغان المسؤولين الاسرائيلين بارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين في حرب غزة (الرصاص المصبوب) والتي انتهت أوائل عام 2009، واستقبل أردوغان استقبالا حافلا عندما عاد إلى أنقرة ولكن اتهمته المعارضة التركية باستغلال القضايا العربية من أجل اكتساب الشعبية قبيل الانتخابات البلدية التي كانت ستجري في العام القادم.

4

منذ مؤتمر دافوس تشهد العلاقات بين أنقرة وتل أبيب توترا ملحوظًا حيث استدعت أنقرة سفيرها للتشاور في يناير2010 نتيجة تعمد الخارجية الإسرائيلية إهانة السفير التركي بعدم وضع علم بلاده على الطاولة وتعمد وضع مقعد منخفض للجلوس عليه بعكس موظفي الخارجية التركية، وجاءت تلك المارسات نتيجة عرض مسلسل تلفزيوني تركي (وادي الذئاب) يصف الجنود الإسرائيليين بالقتلة وتصريحات أردوغان المستمرة ضد إسرائيل في ذلك الوقت.

تدهورت العلاقات التركية والإسرائيلية أكثر وأكثر بعد مقتل 9 أتراك على يد قوات كومندز إسرائيلية في مايو2010 التي هجمت على مجموعة من السفن أطلق عليها اسطول الحرية في المياه الدولية، والذي كان يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي على غزة والمفروض منذ العام 2007، سحبت تركيا السفير التركي على إثرها وأبقت على تمثيل منخفض وحدثت قطيعة دبلوماسية دامت ثلاث سنوات.

العلاقات الاقتصادية في عهد حكومة العدالة والتنمية

منذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة واتفاقية منع الازدواج الضريبي، واتفاقية الاستثمار الثنائي في عام 2000 حدث نمو في التجارة البينية من 449 مليون دولار في العام 1996 لتتجاوز 2.1 مليار دولار في عام 2002. وقد استمرت هذه الوتيرة الاستثنائية مع زيادة التجارة الثنائية بمتوسط 14.6% سنويًا، خلال الفترة من 2002 إلى 2008، وذلك قبل أن تشهد العلاقات بدايات مرحلة التوتر والاضطراب.

ورغم القطيعة السياسية والدبلوماسية ظلت العلاقات الاقتصادية قوية بين البلدين حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين في عام 2011 مليار وثمانمائة مليون دولار، فيما بلغ عام 2012 2 مليار و 17 مليون دولار، أي بزيادة قدرها نحو 15٪. وكان لافتًا زيادة إقبال إسرائيل على شراء السيارات التركية خلال السنوات الأخيرة.

وتعتبر تركيا ثالث أكبر مستور للبضائع الإسرائيلية بواقع بلغ 1.2 مليار دولار سنويًا، في الوقت الذي تمتنع دول الاتحاد الأروبي عن استيراد بضائع المستوطنات الإسرائيلية وهذا لا تقوم به تركيا.

ومع تدهور العلاقات التركية السورية حيث كانت تعتمد أنقرة على دمشق في تصدير المنتجات التركية للخليج من خلال الموانىء السورية، ولكن تركيا تعتمد الآن على المواني الإسرائيلية وبخاصة ميناء حيفا وأسدود ثم نقل البضائع برًا إلى الأردن ثم إلى دول الخليج.

بالإضافة لملف الغاز الطبيعي في البحر المتوسط والذي برزت هميته مؤخًرا مع الاتفاق الثلاثي بين القاهرة وأثينا وقبرص، لترسيم الحدود البحرية بين البلدين والذي يهدف ضمنيًا لعزل تركيا في البحر المتوسط، الأمر الذي يدفع أنقرة لتعزيز علاقتها مع إسرائيل خاصة في عمليات البحث والتنقيب.

العلاقات العسكرية في ظل حكومة العدالة والتنمية

بدأ التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في تركيا العام 1980، وارتفعت آفاق التعاون في عهد حكومة حزب الرفاه ذي التوجه الإسلامي بقيادة نجم الدين أربكان، عندما وقعت 16 اتفاقًا للتعاون في المجال العسكري، وتضمنت هذه الاتفاقات أيضًا برامج تدريب وتعاون مشترك تشمل القوات البرية والبحرية والجوية، وقد ألغت تركيا 12 مشروعًا دفاعيًا مع إسرائيل، بما في ذلك اتفاق بقيمة 5 مليار دولار لشراء دبابات، وآخر بقيمة 800 مليون دولار لشراء طائرات دوريات وإنذار مبكر. كما منعت تركيا الطائرات العسكرية الإسرائيلية من التحليق في الأجواء التركية بعد الهجوم الإسرائيلي على “أسطول الحرية”.

تبلغ قيمة مجموعة المشاريع العسكرية نحو 1.8 مليار دولار، وتشكِّل قيمة المشاريع نسبة عالية قد تصل إلى نصف الميزان التجاري بين البلدين، ويرى بعض الخبراء العسكريين أن مشاريع التعاون العسكري بين إسرائيل وتركيا قد ساهمت في تغيير موازين القوى في المنطقة لصالح إسرائيل وتجلى ذلك في عام 2008 من خلال الضربة العسكرية الإسرائيلية للمفاعل النووي السوري في مدينة دير الزور شرق سوريا، والتي تمت بالتنسيق مع تركيا كما أن الضربات الأخيرة في أعوام 2013 و2014 والتي وجهتها تل أبيب في قلب دمشق جاءت بالتسيق مع سلاح الجو التركي، تلك الضربات التي لم تدنها أنقرة سياسيًا واعتبرتها ذريعة لكي يبقى نظام الأسد.

اشتراط حلف الناتو موافقة إسرائيل على نشر أنظمة بطاريات صواريخ الباتريوت على الحدود السورية التركية فيه دلالة على أهمية التعاون العسكري بين البلدين، وحتى لا يكون نشر تلك الأنظمة المتطورة مهددًا لأمن الدولة العبرية، بعد أن استبعدت أنقرة إسرائيل من المشاركة في مناورات “نسر الأناضول”، والتي يشارك فيها حلف الناتو، واستخدمت تركيا كذلك حق النقد الفيتو لمنع إسرائيل من المشاركة قمة الحلف في شيكاغو بالولايات المتحدة، كما حالت تركيا دون تعيين ممثل لإسرائيل في مقر الحلف في بروكسل.

في ظل تنافس مصر وتركيا وإسرائيل دول في إقليم الشرق الأوسط على قوة سلاح الجو الخاص بها، وبعد شراء مصر صفقة طائرات الرفال الفرنسية في فبراير الماضي، وقعت تل أبيب اتفاقية للحصول على صفقة 14 طائرة f35 المتطورة والتي ستصل الدفعة الأولى لإسرائيل في عام 2016 وتحصل على الدفعة الأخيرة في عام2021 وقد لحقت أنقرة بتل أبيب بتوقيع على شراء مقاتلتين من طراز f35 من أصل 100 تسعى الحكومة التركية لشرائها ولكن ستحصل عليها في عام 2018.

ثالثا: العلاقات التركية الإسرائيلية في ضوء الربيع العربي

بدأ الربيع العربي والعلاقات بين البلدين متدهورة فقد سعت الإدراة الأمريكية لتقريب وجهات النظر بين أنقرة تل أبيب، وإنهاء القطيعة الدبلوماسية التي استمرت ثلاث سنوات، ونجحت الوساطة الأمريكية في أبريل 2013 حيث اعتذر بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من خلال مكالمة هاتفية ولكن ليس حسب الشروط التركية التي كانت وضعتها أنقرة للمصالحة مع تل أبيب وهي:

تقديم اعتذار مكتوب لتركيا عن مقتل نشطاء أتراك عن هجوم الكومندز الإسرائيلي على أسطول الحرية ولكن الإعتذار كان شفهيًا من خلال مكالمة هاتفية.

رفع الحصار الإسرائيلي عن غزة، والمفروض منذ عام 2007، وهذا لم يحدث على أرض الواقع ولكن تم تخفيف الحصار منذ اندلاع ثورة يناير2011 ولكن فعليًا شهدت غزة ثلاث حروب في أعوام 2008 و2012 ثم لاحقًا في2014.

دفع تعويضات لأهالي ضحايا حادثة أسطول الحرية بمليون دولار لكل أسرة تركية، ولكن إسرائيل قامت بدفع تعويضات وفق القانون التركي بمعدل 70 ألف دولار لكل أسرة.

ورغم المصالحة بين البلدين إلا أن هناك بعض الخلافات في بعض قضايا

1) القضية السورية:

حيث ترى تركيا ضرورة رحيل نظام الرئيس الأسد لأنه فاقد الشرعية، في حين ترى الدولة العبرية أن بشار الأسد هو الديكتاتور المفضل لديها، وتخشى حدوث توتر على الجبهة الشمالية (هضبة الجولان) وأن تسقط الدولة السورية في أيدي المتطرفين وهذا يوثر على أمنها، وفي الوقت ذاته يتهم النظام السوري كل من أنقرة وتل أبيب بالسعى لتدمير سوريا من خلال دعم الحركات الإرهابية كما يرى النظام السوري أن عودة العلاقات بين البلدين والتي قطعت قبل ثورات الربيع العربي هي مؤشر على قرب انهيار نظامه.

2) الملف النووي الإيراني:

وفي الملف الإيراني يتجلى الخلاف بين أنقرة وتل أبيب؛ حيث تفضل تركيا التفاوض مع طهران حول الملف النووي بينما ترى إسرائيل ضرورة توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية ورحبت تركيا بتوقيع اتفاق لوزان بين إيران والغرب في مارس الماضي بينما شجبت إسرائيل توقيع الاتفاق الإطاري واعتبرته مهددًا لأمن إسرائيل.

3) القضية الفلسطينية:

نددت تركيا بحروب إسرائيل ضد غزة أعوام 2012 و 2014، وجددت المطالبة بضرورة رفع الحصار الإسرائيلي على غزة وإعادة فتح مطار غزة الدولي وإقامة ميناء بحري على شواطىء غزة، الأمر الذي ترفضه إسرائيل لأنه سيدعم الحركات الإرهابية في غزة بقيادة حركة حماس حسب الوصف الإسرائيلي.

رابعا: مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية

المستوى السياسي

مع تحول خريطة التحالفات في الشرق الأوسط وظهور محاور جديدة وبروز الدور التركي في المنطقة وعلاقتها المتميزة بجماعات الإسلام السياسي المعتدلة (الإخوان المسلمين) والمتشددة (داعش)، وبعد أن أصبح رجب طيب أردوغان رئيسًا للدولة، والذي يسعى لتغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي ليتمتع بصلاحيات أكبر في رغبته للبقاء في الحكم حتى عام2023 وحلول الذكرى المائة لإقامة الدولة التركية، ويتوقع مراقبون استمرار تدهور العلاقات التركية الإسرائيلية في ظل عداء حركة حماس حليفة أنقرة لإسرائيل وعدم الاعتراف بها، وهذا يفرض على إسرائيل شن حروب جديدة ضدها، كما سيتطور هذا الخلاف التركي الإسرائيلي في حالة سقوط نظام الأسد، والذي تفضل تل أبيب بقاءه لأن الحركات المقاتلة على الأرض (الجيش السوري الحر) هي من حلفاء أنقرة وهذا سيدفع إسرائيل للتلويح بورقة الاعتراف بمذبحة الأرمن التي قامت بها الدولة العثمانية في عام1915 على غرار محرقة هتلر ضد اليهود.

ويبدو أن العلاقات السياسية المتدهورة لأنقرة مع الجوار القريب والبعيد وإلغاء اتفاقية الرورو في مصر والتجارة الحرة في سوريا واستبعاد ليبيا للشركات التركية من استثمارات إعادة الإعمار؛ يبدو أن العلاقات التجارية بين أنقرة وتل أبيب ستزدهر في ظل ثبات وقوة العلاقات الاقتصادية، ويتجلى ذلك مع عودة السواح الإسرائيليين للاقبال على الشواطىء التركية بين عام2012 و2014 والذي وصل إلى 200 ألف سائح.

المستوى العسكري

أصبح التعاون العسكري بين تل أبيب وأنقرة أو بمعنى أوضح بين الجيش التركي (ثاني أكبر جيش في حلف الناتو) والجيش الإسرائيلي هو رمانة الميزان في الأمن الإقليمي في المنطقة، في ظل خطورة البرنامج النووي الإيراني وتعاظم خطر الجماعات المسلحة، وعودة الخطر الكردي على أنقرة من خلال كردستان سوريا؛ هذا سيفرض على تركيا تعاونًا وثيقًا مع الدولة العبرية. هذا التعاون لا يمكن التنازل عنه مهما كانت قوة الحكومة التركية والتي تتعامل ببرجماتية شديدة في هذا الشأن، لأن الدولة التركية دولة مؤسسات مهما كانت شعبية الحزب الحاكم والذي يحاول هزيمة إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا.

رؤية الأحزاب التركية للعلاقة مع إسرائيل في ضوء الانتخابات القادمة

تتشابه برامج الأحزاب التركية في رسم السياسية الخارجية لأنقرة من حيث التعاون مع أروبا والولايات المتحدة، وتختلف بشكل تدريجي في التعامل مع دول الجوار التركي.

حزب الشعب الجمهوري: أكبر الأحزاب المعارضة في البرلمان التركي ويقوده كمال كيليتشدار أوغلو، يتهم حزب العدالة والتنمية أنه يتبع سياسة خارجية فاشلة، خاصة بعد تدهور العلاقات الخارجية مع دول الجوار التركي وفشل سياسة تصفير المشكلات، وقد يضع الحزب العلماني في خطته تطبيع العلاقات مع مصر وسوريا وإسرائيل والذين تدهورت علاقة أنقرة بهم في الفترة الأخيرة والذي يرى أن التطبيع مع تل أبيب يفتح أبواب الاتحاد الأروبي لأنقرة ويؤيد هذا التوجه حزب الحركة القومية التركي أيضًا. حزب العمال الكردستاني المسلح في تركيا والممثل السياسي له حزب الشعوب الكردي: يرى زعيم الحزب عبد الله أوجلان أن داعش مشروع إسرائيلي وأن حزب العدالة والتنمية يدعم تنظيم داعش لأنه هدده باسقاط الحكومة التركية التي فضلت دعم داعش على دعم الأكراد المحاصرين في مدينة كوباني (عين العرب) السورية، كما يرى غالبية الأكراد أن إسرائيل هي التي كانت المستشارة الأمنية أو اليد المعاونة للبطش بهم عن طريق الحكومات التركية المتعاقبة. حزب السعادة التركي: وهو وريث حزب الرفاه الذي أسسه نجم الدين أربكان وفي تسعنيات القرن الماضي ويقوده مصطفى قامالاك، والذي يرى أن حزب العدالة والتنمية ظل يبيع النفط العراقي المهرب من قبل داعش لإسرائيل، واتهم حزب العدالة والتنمية بتحقيق حلم دولة إسرائيل الكبرى بتفتيت الدول العربية، الأمر الذي كان يرفضه نجم الدين أربكان الأب الروحي لزعماء حزب العدالة والتنمية.