في الواقع، يصف هذا تأسيس الامبراطورية الفارسية منذ حوالي 2500 عام من قِبل كورش الكبير. حكمت الامبراطورية في ذروتها 40 بالمئة من سكان العالم، وهي أعلى نسبة لأي امبراطورية في التاريخ. حيث امتدت من ساحل شرق المتوسط الى ساحل الخليج العربي، لتشمل ما هو الآن ليبيا، بلغاريا، تركيا، مصر، سوريا، لبنان، العراق، عمان، الامارات العربية المتحدة، إيران، وأفغانستان.قال كورش الكبير “لا يمكنك أن تُدفن في الخفاء: أنت مكشوفٌ لمسرحٍ كبير أمام أنظار العالم”.

كورش الكبير
كورش الكبير

نحن لا نميل للتفكير في إيران المعاصرة كقوةٍ امبريالية، لكن الإيرانيين يفعلون بالتأكيد – بالفعل، إن ذلك منسوج في حمضهم النووي الوطني وتصورهم الثقافي. ونحن نحتاج أن نقرر كيفية التعامل مع واقع التمدد الإيراني الجيوسياسي، والذي سوف يزيد بالتأكيد إذا تم رفع العقوبات.

استراتيجية إيران الجيوسياسية – المدعومة بالعقيدة الشيعية كحركةٍ دينية – مأخوذة مباشرة من كتب خطط الامبراطوريات الفارسية الثلاث الأولى، والتي امتدت لما يزيد عن الألف عام. تسعى إيران للهيمنة الإقليمية، مستوى عالمي ضخم من النفوذ، وتطوير مركز قوة ليس بمركز بين الشرق والغرب، وإنما قوة في حد ذاته.

بينما يصارع الغرب مع القضايا الهامة التي تحيط بسعي إيران لامتلاك أسلحة دمار شامل – ويحاول حلها من خلال الدبلوماسية، وهو خيار صحيح – نحتاج الى أن نكون مدركين بدقة لطموحات إيران الامبريالية وكيف سيتم تعزيزها بشدة عبر رفع العقوبات الاقتصادية.

الرفع الكامل للعقوبات الاقتصادية سوف ينتج عنه، حسب بعض التقديرات،زيادة كبيرة في عوائد الخزائن الايرانية تقدر بحوالي 100 مليار دولار سنويا أو اكتر، عبر تشغيل ما يصل إلى ثلث الاقتصاد الذي توقف بسبب العوائق الاقتصادية. جزء من هذا سوف يستخدم لتحسين الاقتصاد في ايران، بالطبع، لكنه على الأقل سيوفر الكثير من التمويل الاضافي للأنشطة الخارجية حول المنطقة والعالم.

نظرة سريعة حول المنطقة تظهر مدى قوة وامتداد نفوذ إيران اليوم، رغم فرض العقوبات وتأثيره الكبير. بالفعل، تهيمن إيران بقوة وبنجاح على السياسة في عواصم أربع دول كبيرة في المنطقة من بيروت الى بغداد، ومن صنعاء إلى دمشق. وتلعب دورا أكبر من قدراتها في كابول والبحرين. إذا تم رفع العقوبات، فإن قدرا كبيرا من تلك الموارد سوف يكون متاحا لتمويل العديد من القضايا، من حزب الله اللبناني إلى حوثيي اليمن.

الحوثيين
الحوثيين

ما الذي ينبغي علينا فعله؟ هل هناك فرص كما توجد مخاطر هنا؟

أولا، نحتاج إلى طمأنة الحلفاء القلقين في المنطقة أننا واعين بالحملة الواسعة للنشاط الامبريالي الإيراني. كلا من إسرائيل وشركائنا السنة في الخليج قلقين بوضوح من أننا نحاول باستماتة التخلي عن المنطقة – “التحول” نحو المحيط الهادي، “القيادة من الخلف” في ليبيا، غياب الحزم في التعامل مع سوريا في بداية الأزمة – كلها بالنسبة إليهم مؤشرات على التراجع الأمريكي. الغياب الساطع للعديد من قادة الدول في قمة كامب ديفيد للشرق الأوسط يعكس هذا.

نستطيع وينبغي علينا طمأنة الحلفاء من خلال تواصل دبلوماسي رفيع المستوى – لكن ما يريدونه حقا هو أسلحة عالية التقنية من خلال مبيعات ونقل أسلحة و مدربين ومستشارين متمركزين في المنطقة و النشر المتكرر لوحداتٍ عسكرية أمريكية عالية القدرة ودعم دبلوماسي ضد إيران ونزعتها المغامرة.

ثانيا، أحد مجالات التعاون المحددة والذي سوف يكون قويا ويتم استقباله جيدا سيكون في العالم السيبراني. يتذكر السعوديون جيدا الهجمات المدمرة ضد أرامكو السعودية وهم قلقين من تصاعد القدرات الإيرانية في ذلك المجال. وبينما الإسرائيليين محصنين جيدا، إلا أنهم سوف يرحبون ايضا بالشراكة في البحث السيبري والعمليات الهجومية – والتي قد تصبح في النهاية الخطة “ب” للتعامل مع التهديد النووي الإيراني إذا فشلت الدبلوماسية.

أرامكو السعودية
أرامكو السعودية

ثالثا، يجب أن تضاعف واشنطن جهود جمع الاستخبارات الخاصة بنا ضد إيران. كان الغرب شديد التركيز على عمليات منع الانتشار ونُظُم التفتيش، الأمر المنطقي بالطبع بينما يصارع القضية النووية. لكن مع الوقت نحتاج الى زيادة مثابرة جمع الاستخبارات الأوسع ضد الأهداف المؤسسية والقيادة الإيرانية لفهم اهداف النظام الرئيسية والمرحلية بشكلٍ أوسع من مجرد “إنهم يريدون أسلحةً نووية”. ما هي الأهداف الإقليمية طويلة الأجل؟ ما هي الدول التي يعطي لها الإيرانيون أولوية في حملة فرض النفوذ الخاصة بهم؟ ما هي خطوطهم الحمراء الجيوسياسية؟ ما مدى مركزية الدعم الديني الشيعي لتلك الأهداف الجيوسياسية المرحلية؟ نحن لا نعلم بشأن هذه الموضوعات كما ينبغي.

رابعا، وبالرغم من صعوبة فعل ذلك، يحتاج الغرب الى أن يحافظ على قناة تحاور مفتوحة مع إيران. إذا أمكن التوصل الى اتفاقية مرضية للتخلص من احتمالية إيران مسلحة نوويا، أو على الأقل تقليصها بشدة، فإن ذلك جيد. إنني متشكك لكني متفائل بشأن تلك النقطة. لكن السؤال الأكبر هو: ما هي الطموحات طويلة الأجل لإيران، صاحبة الإرث الفارسي الكبير؟ حوار مفتوح، مع حس واقعي بكلٍ من تاريخهم ومسارهم الحالي، سوف يكون ضروريا لإدارة ذلك التحدي الأكبر.

أخبرني هنري كسينجر في 2009 بينما كنت أبدأ جولتي بصفتي القائد العسكري الأعلى لحلف الناتو أن “كل حل هو مجرد تذكرة دخول للمشكلة التالية”. إذا استطعنا حل القضية النووية مع إيران، سوف تكون المشكلة التالية هي أمة طموحة وممولة جيدا نسبيا مع طموحاتٍ بارزة ليس فقط في منطقتها، ولكن عالميا. ابقوا معنا.

المصدر

*ترجمة فريق موقع راقب

إقرأ المزيد

إيران : خلافات المفاوضات النووية فورن أفيرز: هكذا تضغط إيران على أمريكا وأوروبا الدور الإيراني في سوريا: ضرورة استراتيجية المرشد الإيراني الأعلى يواجه قراراتٍ صعبة