قام الرئيس الأمريكى باراك أوباما بإلقاء خطاب من البيت الأبيض أول أمس الثلاثاء بمناسبة الاتفاق النووى بين إيران والدول الست بعد 18 يوما متواصلة من المفاوضات، حيث وصف أوباما الاتفاق بأنه خطوة على طريق منع انتشار السلاح النووى فى منطقة الشرق الأوسط، وأنه الخطوة الأمثل فى أكثر المناطق تقلبا فى العالم، كما حذر الكونجرس الأمريكى من أن أى تشريع ضد هذا الاتفاق سوق يقابل بحق الفيتو من قبله، مطمئنا المعارضين بأنه ماض قدما أيضا فى تأمين إسرائيل ودول الخليج كأصدقاء أمريكا فى المنطقة، وأن هذا الاتفاق يصب بالأساس فى صالح أمنهم، وإلى نص الخطاب :

بعد سنتين من المفاوضات ، تمكنت الولايات المتحدة مع شركائها الدوليين من التوصل الي اتفاق شامل وطويل الأمد مع إيران والذي سيمنعها من امتلاك أسلحة نووية.هذا الاتفاق يوضح أن الدبلوماسية الامريكية يمكنها أن تصنع تغييرا حقيقا يجعل بلدنا والعالم أكثر أمنا وأمانا.

وهذا الاتفاق يتماشي أيضا مع تقاليد الإدارة الأمريكية .. تمر الآن أكثر من 50 سنة منذ وقف الرئيس كينيدي أمام الشعب الأمريكي ليقول : “لا يجب أن نتفاوض أبدا بدافع الخوف، ولكن دعونا لا نخاف من أن نتفاوض” كان يتحدث حينها عن الحاجة الي نقاش بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، هذا النقاش أدى إلى فرض الحظر علي انتشار الأسلحة النووية، في هذه الأيام كان الخطر كارثيا في حرب بين دولتين نوويتين، وفي وقتنا الحالي فالخطر هو أن تنتشر أسلحة الدمار الشامل فى المزيد من الدول وخاصة في منطقة الشرق الأوسط أكثر المناطق تقلبا في العالم.

واليوم ولأن أمريكا تفاوضت من موقع القوة والمبادئ فقد تمكننا من منع انتشار الأسلحة النووية الي هذه المنطقة، وبهذه الصفقة سوف يتمكن المجتمع الدولي من التحقق من أن إيران لن تطور أسلحة نووية.

هذا الاتفاق يتماشي مع كل ما أرسيناه في الاتفاق الإطاري هذا الربيع، كل طريق الي الأسلحة النووية قد تم قطعه، ونظام الشفافية والمراقبة اللازم للتحقق من هذا سوف يتم البدء به، وبسبب هذه الصفقة لن تتمكن إيران من غنتاج اليورانيوم عالي التخصيب والبلوتونيوم اللازم لصناعة الأسلحة النووية.

وبسبب هذه الصفقة فإن إيران سوف تزيل ثلثي أجهزة الطرد المركزي وهذه هي الآلات اللازمة لإنتاج يورانيوم مخصب وسوف تظل دوما تحت الرقابة الدولية، لن تستخدم إيران أجهزة الطرد المركزي لصناعة اليورانيوم المخصب لعقد من الزمان وسوف تتخلص أيضا من 98% من مخزوناتها من اليورانيوم المخصب.

ولكى يكون الأمر أكثر وضوحا فإن إيران تمتلك حاليا مخزونا يكفي لصناعة 10 قنابل نووية، وبسبب هذا الاتفاق سوف يتم تخفيض هذا المخزون إلي كمية لا تكفي لصناعة قنبلة واحدة وسوف يستمر هذا لمدة 15 عاما. وبسبب هذه الصفقة سوف تعدل إيران مفاعلاتها في محطة “أراك” لكي لا تتمكن من إنتاج البلوتونيوم وقد وافقت علي شحن الوقود المتبقي من المفاعل خارج البلاد، ولمدة 15 عاما قادمة لن تبني إيران أي مفاعلات للماء الثقيل.

وبسبب هذه الصفقة سوف نكون لأول مرة في موضع يمكننا من التحقق من هذه التعهدات، فهذه الصفقة لم تبني علي الثقة بل بنيت علي الحق في المراقبة والتحقق، سوف يكون للمفتشين الحق في المراقبة بشكل دائم علي المنشئات النووية الإيرانية وعلي كافة خطوط الإمدام ومناجم اليورانيوم والمخازن. وللتأكد من أن إيران لن تتمكن من نقل هذه المواد من منشئات معروفة الي منشئات سرية فسوف تستمر هذه الإجراءات لمدة 25 سنة.

.

وبسبب هذه الصفقة سوف يكون للمفتشين الحق في دخول أى موقع مثير للشك .. فمثلا سوف يكون من حق الوكالة الدولية للطاقة الذرية الولوج الي أى مكان وفي أي وقت، هذا الاتفاق دائم .. وقد توصلت الوكالة أيضا إلى اتفاق مع إيران لاستكمال تحقيقاتها في الأنشطة النووية السابقة المتعلقة بالمجال العسكري.

وفي النهاية فإنه يمنع علي إيران وبشكل دائم أي محاولة لامتلاك أسلحة نووية وفقا لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وبينا تمضي إيران في تنفيذ هذا الاتفاق فسوف يحدث في المقابل إلغاء تدريجي للعقوبات علي إيران والتي فرضتها أمريكا ومجلس الأمن الدولي. سوف يكون إلغاء العقوبات مرحليا فعلى إيران أن تكمل خطوات رئيسية قبل أن تُلغي المزيد من العقوبات، وعلى مدار العقد القادم على إيران أن تلتزم بكافة بنود الاتفاق قبل أن تُلغى المزيد من العقوبات متضمنة خمس سنوات من القيود علي تجارة الأسلحة وثمانية سنوات علي الصواريخ الباليستية.وإذا ما خرقت إيران هذا الاتفاق فسوف تعود كل هذه العقوبات .. لذا فهناك حافز قوي لدى إيران للمضي قدما وأيضا عقوبات حقيقية لأي خرق لبنود الإتفاق.

هذا هو الاتفاق الذي يحظي بدعم كامل من المجتمع الدولي ، وسوف يكون لدي الكونجرس الفرصة الكاملة لمراجعة الاتفاق، وتقف إدارتي مستعدة لتقديم أي معلومات حول هذا المسار.

وبينما يراجع الكونجرس والشعب الأمريكي هذا الاتفاق سوف يكون من المهم الأخذ في الإعتبار ماذا سيحدث في عالم بدون هذا الاتفاق .. بدون هذا الاتفاق لا يوجد سيناريو حيث يشاركنا العالم فرض العقوبات علي إيران حتي تفكك برنامجها النووي .. إننا نفرض العقوبات من أجل الوصول الي حل ديبلوماسي وهذا ما وصلنا إليه، بدون هذه الصفقة لن يكون هناك حدود للبرنامج النووي الإيراني، وسوف تتمكن إيران من إنتاج وتشغيل المزيد من أجهزة الطرد المركزي، وسوف تتمكن من إنتاج البلوتونيوم اللازم للقنبلة ولن يكون لدينا أي نوع من الرقابة التي تمكننا من الكشف عن البرامج النووية السرية.

بكلمات أخري ، بدون الاتفاق لا توجد قيود علي البرنامج النووي الإيراني، وفي هذه الحالة سوف يكون من المحتمل أن تجد دول المنطقة نفسها مجبرة علي السعي من أجل سلاحها النووي، ما يعني سباقا للتسلح النووي في أكثر مناطق العالم تقلبا. وسوف تُترك الولايات المتحدة مع خيارات قليلة وغير فعالة لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي.

لقد كنت رئيسا ولمدة 6 سنوات واجهت فيها مرات عديدة قرارت باستخدام القوة، أخطر قرار يمكن لأي رئيس أن يتخذه، وفي مرات عديدة وفي دول عدة اتخذت قرارا باستخدام القوة، ولن أتردد في ذلك إذا ما كان هذا في صالح أمننا القومي.أنا أعتقد وبقوة أن أمننا القومي الآن يعتمد علي منع إيران من إمتلاك سلاح نووي

ببساطة ، وبدون الصفقة نعطي فرصا أكبر للمزيد من الحروب في الشرق الأوسط، ولكننا لا نتخلي عن أحد إذا ما اختبرنا .. هل يمكن أن تحل المشكلة سلميا أم لا !؟ .. وفي حالة أسوأ السيناريوهات واذا ما خرقت إيران الاتفاق فإن نفس الخيارات المتاحة الآن سوف تظل متاحة لأي رئيس أمريكي في المستقبل.

وليس لدي شك في أنه وبعد 10 أو 15 عاما من الآن ،فإن الرئيس الأمريكي سوف يكون في موقع أكثر قوة وسوف تكون إيران أكثر بعدا عن امتلاك سلاح نووي وبمراقبة وشفافة تتيح لنا التحقق من البرنامج الإيراني، ولهذا السبب أعتقد أنه سوف يكون من عدم المسئولية رفض هذا الاتفاق، وسوف يكون من الضروري أن يمنح الشعب الأمريكي وممثليه في الكونجرس الفرصة الكاملة لمراجعة هذا الاتفاق، فرغم كل شئ تبقي التفاصيل مهمة ولدينا مجموعة من أفضل العلماء حول العالم يعملون علي هذه التفاصيل فنحن نتعامل مع دولة بقيت لـ 35 عاما عدوا لدودا للولايات المتحدة,

لذا فأنا أرحب بالنقاش في الكونجرس حول هذه المسألة وأرحب بالفحص الدقيق لتفاصيل هذا الاتفاق، ولكنني أذكر الكونجرس أنك لا تبرم صفقة مثل هذه مع أصدقائك فقد تفاوضنا سابقا مع الإتحاد السوفييتي والذي كان عازما علي القضاء علينا ووصلنا إلي اتفاق لمنع انتشار الأسلحة النووية.

أنا واثق من أن هذه الصفقة سوف تتماشي مع متطلبات الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها، لذا سوف أمارس حق الفيتو علي أي تشريع يمنع إنجاز هذه الصفقة، ليس علينا أن نغرق في دوامة من الصراع خصوصا وأن هذا ليس وقتا لألاعيب السياسة، والكلام من واشنطن لن يحل المشاكل فالقيادة التي وحدت القوي العظمي في العالم توفر الآن طريقا فعالا للتحقق من أن إيران لا تسعي لامتلاك أسلحة نووية.

لا يعني هذا أن الاتفاق سيحل كل خلافاتنا مع إيران، فنحن نتشارك المخاوف التي عبر عنها أصدقاؤنا في الشرق الأوسط و من بينهم دول الخليج وإسرائيل حول دعم إيران لجماعات إرهابية وعن استخدام وكلائها لإثارة القلاقل في المنطقة. ولهذا تحديدا أخذنا هذه الخطوة حيث أن امتلاك إيران لأسلحة نووية سوف يكون أكثر خطرا علي أصدقائنا في العالم.

وفي نفس الوقت سوف نحافظ علي عقوباتنا المرتبطة بدعم إيران للإرهاب و برنامج الصواريخ الباليستية وخروقاتها المتتالية لحقوق الإنسان، وسوف نكمل جهودنا غير المسبوقة من أجل تقوية أمن إسرائيل من خلال جهود لم تبذلها أي إدارة أمريكية من قبل، وسوف نكمل العمل الذي بدأناه في كامب ديفيد لزيادة شراكتنا مع دول الخليج وتقوية إمكانياتهم في مواجهة المخاطر من إيران والجماعات الإرهابية.

مرة اخري لقد قلتها واضحة للإيرانيين أننا سوف نظل دائما متقبلين للتعاون معا انطلاقا من مصالحنا المشتركة واحترامنا المشترك، اختلافاتنا حقيقية ولدينا تاريخ صعب بين الأمتين لا يمكن تجاهله لكن التغيير يظل ممكنا.

إن اختيار طريق العنف والأيديولوجيا الأصولية والسياسة الخارجية المبنية علي تهديد جيرانكم أو محو إسرائيل سوف يكون نهاية الطريق، أما التسامح والحل السلمي للصراع فهو طريق آخر سوف يقود إلى المزيد من التكامل مع الاقتصاد العالمي ومع المجتمع الدولي، هذا الاتقاق يمنحنا الفرصة للسعي في اتجاه آخر يجب أن نغتنمه.

لقد قطعنا شوطا طويلا إلي هذه المرحلة : عقود من البرنامج النووي الإيراني وسنين من العقوبات وشهور طويلة من المفاوضات.

اليوم أريد أن أشكر أعضاء الكونجرس من الحزبين والذين ساعدونا في فرض العقوبات والتي أثبتت فاعليتها وأيضا أشكر الدول التي شاركت في هذا الجهد .. أريد أن أشكر شركائنا في المفاوضات : المملكة المتحدة ، فرنسا ، ألمانيا ، روسيا ، الصين والإتحاد الأوروبي علي وحدتنا في هذا الجهد والذي أثبت أن العالم يمكن أن يقدم أشياء مميزة عندما يتشارك رؤية أكثر سلما تجاه الصراعات ، لقد أظهرنا ما يمكننا أن نفعل عندما لا نتفرق.

وأخيرا أود أن أشكر فريق التفاوض الأمريكي ، لقد كان لدينا فريق من الخبراء الذي عملوا لأسابيع طويلة من ضمنهم وزير الطاقة وأخص بالشكر وزير الخارجية جون كيري والذي بدأ خدمته لوطنه منذ أكثر من 4 عقود عندما ارتدي الزي العسكري وذهب إلي الحرب، وهو الآن يجعل هذا البلد أكثر أمنا من خلال التزامه بدبلوماسية أمريكية قوية وذات مبادئ.

يظهر التاريخ أن علي أمريكا أن تكون في المقدمة ليس فقط من خلال القوة بل من خلال الحق، إنه يرينا أننا أكثر قوة ليس عندما نكون وحدنا ولكن عندما نجمع العالم معا، إعلان اليوم يضع علامة في فصل جديد من السعي نحو عالم أكثر أمنا وأملا.

شكرا لكم .. بارككم الله وبارك الولايات المتحدة الأمريكية.