محتوى مترجم
المصدر
huffingtonpost
التاريخ
2015/08/12
الكاتب
أيمن جواد التميمي

كبداية، يمكن للمرء أن يوافق بسهولة على أن برنامج التدريب والتجهيز الأمريكي للمتمردين السوريين لمحاربة داعش؛ كان يسير في الاتجاه الخاطئ منذ البداية.

فكرة أن مثل تلك القوة يمكن فقط أن تقضي على داعش، وليس نظام «الأسد» ليس لها مصداقية بين الأغلبية الساحقة من المتمردين السوريين، بغض النظر عن التوجه الأيدولوجي، حيث يُرى القتال ضد الاثنين على أنه متداخل بطبيعته. لا عجب إذن أن تكون الدفعة الأولى التي تم إدخالها إلى سوريا مؤخرا مكونة من 60 مجندا فقط.

علاوةً على ذلك، يبدو أن إدراك صانعي سياسات الولايات المتحدة للوضع على الأرض منفصلٌ بشدة عن الواقع. حيث فشلوا في توقع الاصطدام بـ«جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي تم استهدافها أيضًا بضرباتٍ جوية أمريكية.

من الواضح لأي مراقب زار أو يتتبع على الإنترنت منطقة إعزاز، التي تم إدخال المتمردين المدربين أمريكيا إليها، أن المنطقة بها تواجد ملحوظ لجبهة النصرة، والذي سوف يشتبه في أي وكيلٍ أمريكي.

أدت ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية؛ إلى دعم الوحدات الكردية السورية (وحدات الشعب) في شمال سوريا.

في تلك الأثناء، أسفرت ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والمقيدة جزئيًا بالاعتبارات السياسية، نتائج متباينة. كانت الضربات أكثر تأثيرًا في الشمال، دعمًا للوحدات الكردية السورية -المعروفة باسم وحدات حماية الشعب، أو (YPG)- حيث حرمت «داعش» من السيطرة على مساحاتٍ شاسعة من شمال الرقة والسكة، حتى أن وحدات حماية الشعب استولت أيضًا على أجزاء عديدة كانت تحت سيطرة نظام «الأسد» في السابق.

من ناحيةٍ أخرى، يعني التردد المفهوم في شن ضرباتٍ جوية يمكن رؤيتها على أنها تدعم النظام مباشرةً، أن تقدم داعش خلال صحراء حمص كان بدون عوائق إلى حدٍ كبير. تظل سيطرة «داعش» على معاقل أراضيها في وسط وجنوب شرقي سوريا بدون تحدٍ حقيقي، ولم يتم الإضرار جديًا بمصادر الدخل. علاوةً على ذلك، قُتل مئات المدنيين بواسطة الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، حسب تقريرٍ حديث.

وحدات حماية الشعب، رغم كل نجاحاتها، لن تذهب أبعد من ذلك في محاولة الاستيلاء على الأراضي من داعش. ينطبق نفس الشيء على الإقامة المُنتظرة لـ«منطقةٍ آمنة» تركية شمال ريف حلف، والتي يمكن أن تطرد داعش من الحدود الشمالية المتبقية،ودفعت إلى انسحاب مقاتلي جبهة النصرة. تلك «المنطقة الآمنة»المنتظرة هي مبادرة صغيرة وشديدة المحلية تدفعها أكثر رغبة تركيا في منع وحدات حماية الشعب من ربط منطقة سيطرتها بكانتونها الثالث في عفرين.

نظرًا لفشل السياسة الأمريكية الحالية، فإن البديل الرئيسي المُقترح هو دعمٌ أوسع لمجموعات المتمردين؛ إما عبر إسقاط النظام، أو فرض تسوية سياسية يمكنها حينذاك إيجاد قوات محلية أكثر فعالية للقضاء على داعش.

في ذلك السياق، تواصلت ما يمكن أن تعتبر أكبر حركة واحدة للمتمردين -أحرار الشام- مع وسائل الإعلام الغربية، داعيةً إلى تواصلٍ أكبر مع الحركة من قِبَل الغرب والمجتمع الدولي، بينما تعهدت الالتزام برؤية “معتدلة” لسوريا، تتضمن حماية الأقليات.

بينما تبدو افتتاحية أحرار الشام مبهرة ظاهريًا، فإنها تتجاوز أكثر القضايا أهمية؛ تلك الخاصة بروابط الحركة بالقاعدة. يتصل بهذه النقطة ما تسببه من عدم قدرة أو استعداد لمعارضة بعض أكثر الجوانب بغضًا لتواجد القاعدة.

على سبيل المثال، لا يمكن أن يخفي الالتزام الخطابي نحو الأقليات حقيقة أن أحرار الشام لم تفعل شيئا بشأن التحويل القسري للدروز في إدلب إلى الإسلام السني على يد جبهة النصرة. بالفعل، يبدو أن أحرار الشام، مثل العديد من حركات المتمردين الأخرى، تتظاهر بأن هذا لم يحدث على الإطلاق.

ربما يكون الحل الأمثل للصراع في سوريا هو وجود قوة دولية برية كبيرة، تعمل على نزع سلاح جميع الميليشيات، وتطبيق مشروع كبير مقبول، يضم كافة الأطراف لبناء الدولة.

في الواقع، عندما يقرأ المرء سطور الافتتاحية، يصبح من الواضح أن ما تتبناه أحرار الشام هو نظام أغلبية عربية سنية مع نموذج للطائفية السياسية لا يمكن رؤية أنه يساعد على الاستقرار في سوريا، حتى بعد «الأسد».

ما يتم التغافل عنه إلى حدٍ بعيد في هذا السياق هو مشكلة تقوية المتمردين، ووحدات حماية الشعب في توقيتٍ متزامن، في الوقت الذي يميل فيه الأولون إلى رؤية أن الآخيرين يعملون على تقسيم سوريا.

يفكر المرء في صداع النزاعات الكردية العربية على الأراضي في عراق ما بعد 2003: مثل تلك الهواجس ليست ولن تكون أقل كابوسية في سوريا ما بعد «الأسد». أضف هذا إلى التنافسات ما بين المتمردين على السلطة، والنزاعات الأيدولوجية، وربما استمرار القتال من قِبَل الميليشيات الموالية للنظام والأقليات العرقية، وسوف يمكنك أن ترى مدى الصعوبة التي سوف يكون عليها تشكيل أي قوة موحدة للقضاء على داعش حتى مع غياب النظام.

تحمل الفوضى التي اجتاحت ليبيا في حقبة ما بعد القذافي دروسًا في هذا الشأن، كما الحرب الأهلية والفوضى في الصومال لما يقارب الربع قرن منذ سقوط نظامها الدكتاتوري عام 1991.

كما لا يجب أن يتظاهر المرء بأن الطريق للأمام يكمن في انخراطٍ أكبر مع النظام. يرى النظام تزايد تفتت جمهوره بين ميليشياتٍ مختلفة، ويستمر في فقدان مناطق طرفية لصالح خصومه. من غير المرجح أن يكون قادرًا على توحيد البلاد تحت حكمه مجددًا. العمل مع النظام، وبالتبعية حليفه الرئيسي إيران يمكن فقط رؤيته كوصفةٍ لحالة حرب دائمة.

بعبارةٍ أخرى، ليس هناك حلولٌ قابلة للتطبيق. هناك بصورةٍ عامة قليلٌ من الصدق بشأن ما الذي ستحتاجه إعادة بناء سوريا في الوقت الحالي. لسنواتٍ عديدة إن لم يكن لعقود، سوف يتطلب الأمر قوة دولية برية كبيرة في سوريا، تفرض نزع سلاح جميع الميليشيات، وتطبيق مشروع كبير لبناء الدولة تتضمنه حكومة يراها جميع الأطراف مقبولة.

مما لا يثير الدهشة أنه لا توجد قوة إرادة أو إجماع في أي مكان لمثل تلك المبادرة. للأسف، نحن فقط «في المراحل الأولى لما سوف يكون حربا أطول بكثير»، كما عبرت «رانيا أبو زيد» عن الأمر.

الدولة الإسلامية هنا لتبقى على المدى الطويل، إن لم يكن إلى الأبد، وتبعا لذلك فإن التحالف ينبغي أن يتخلى عن طموحات «إضعافها ومن ثم تدميرها ». بدلًا من ذلك، ينبغي أن يركز التحالف على الاحتواء، وتوفير المساعدات الإنسانية للاجئين والمدنيين، وإقامة منطقة حظر طيران لإيقاف القتل العشوائي للمدنيين، وتدمير ما تبقى من البنية التحتية في سوريا.

أي حديث عن استعادة الاستقرار لسوريا، وهزيمة داعش بدون إدراكٍ واقعي لما سوف يتطلبه الأمر؛ هو فقط دعوةٌ إلى زحف المهمة، وإهدارٌ غير ضروري للأرواح والموارد.