تزامناً مع شهر التوعية بسرطان الثدي، سيكون من الجيد أن نسلط الضوء على أهم جوانبه، والتي بدورها تُمثل معرفة لا بد منها للوقاية من هذا المرض.

يمثل سرطان الثدي النوع الأكثر انتشاراً لدى السيدات حول العالم، والثاني من حيث الانتشار بين جميع أنواع السرطان الأخرى، حيث سجل نحو مليوني حالة جديدة في عام 2018 فقط.

حقائق عن سرطان الثدي

بشكل عام، يحدث السرطان حين تنمو الخلايا بشكل متسارع (غير طبيعي) وتغزو الخلايا السليمة المجاورة لها داخل الجسم. ففي حالة سرطان الثدي، تبدأ الخلايا السرطانية بداخل نسيج الثدي ثم تنتشر لتغزو الأنسجة السليمة المحيطة، والتي من الممكن أيضاً أن تنتشر لأجزاء أخرى من الجسم.

يتضاعف خطر الإصابة بسرطان الثدي كل عِقد حتى سن انقطاع الطمث، ثم يبدأ بالنقصان بعد ذلك. على الرغم من ذلك، فإن الإصابة بسرطان الثدي تبدو أكثر شيوعاً في فترة ما بعد انقطاع الطمث.

أسبابه

حتى اللحظة، لا يوجد عوامل واضحة يمكن الإشارة إليها كأسباب لظهور سرطان الثدي لدى بعض السيدات وعدم ظهوره لدى أُخريات. لكن ما نعرفه بالفعل هو أن سرطان الثدي يحدث نتيجة تدمير في الحمض النووي لإحدى الخلايا في نسيج الثدي والذي لم يُعرف سببه أيضاً، فمن الممكن أن تكون أسباباً جينية أو بيئية أو كليهما معاً. غير أنه حدد أكثر من عامل خطورة يزيد من احتمال الإصابة بسرطان الثدي.

عوامل الخطورة

وهي العوامل الذي يزيد من تواجدها فرصة الإصابة بالمرض، بعضها يمكن تجنبه، بينما لا يمكن تجنب البعض الآخر. والجدير بالذكر أنه ليس من الضروري أن كل من لديها عامل خطورة ستتعرض للإصابة بالمرض في فترة من حياتها، فكثير من النساء لديهن عدة عوامل خطورة لكنهن لم يُصبن على الإطلاق.

عوامل الخطورة التي حددت حتى الآن تتمثل في:

1. عوامل لا يمكن تغييرها أو تجنبها:

  • الجنس: فالإناث أكثر عرضة للإصابة بنسبة تصل تقريباً لـ100 مرة أكثر من الذكور.
  • السن: نحو ثُلثي النساء شخصت حالتهن بسرطان الثدي بعد سن 55.
  • التاريخ المرضي للمريض نفسه: فالمصابون سابقاً في أحد الثديين أكثر عرضة للإصابة مجدداً في الثدي الآخر في المستقبل.
  • عوامل متعلقة بتاريخ الطمث والإنجاب: كل من الطمث المبكر (قبل سن 12) والمتأخر (تقريباً بعد سن 50) يمثلان عاملي خطورة للإصابة بسرطان الثدي، إضافة إلى إنجاب الطفل الأول في سن متأخرة أو عدم الإنجاب مُطلقاً.
  • بعض الطفرات الجينية يمكنها زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الثدي والتي يمكن تحديدها عن طريق فحص جيني. ويُفضل أخذ هذا الفحص بالاعتبار إذا كان هناك تاريخ بالعائلة لسرطان الثدي.
  • أحد العوامل المثيرة للاهتمام وهي طول الفرد عند البلوغ ووزنه عند الولادة، حيثُ وُجدَ أن عوامل النمو التي تؤدي إلى نمو ملحوظ في الطول في مرحلة الطفولة وصولاً للطول في مرحلة البلوغ تُزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات منها سرطان الثدي.
  • النسيج الكثيف للثدي: يُمثل عامل خطورة آخر، حيث يجعل من الصعب استكشاف وتتبع النتوءات.

2. عوامل بيئية وأخرى متعلقة بأساليب الحياة:

  • التاريخ المرضي للعائلة وعوامل جينية/ وراثية أخرى: البعض يعتبرها عوامل «لا يمكن تجنبها»، لكن لارتباطها النسبي بنظام الحياة والتغذية للأفراد، يمكن اعتبارها أيضاً عوامل «قابلة للتغيير». التاريخ المرضي للعائلة يعني أنه إذا شخص أحد أفراد العائلة بسرطان الثدي، فإن احتمالية إصابة أحد أفراد العائلة تزداد، ونُضيف «إذا اتبع نفس نظام الحياة والتغذية» للإشارة لاحتمالية تجنب الإصابة إذا اهتم بشكل خاص بأسلوب الحياة والتغذية.
  • نقص النشاط البدني: قلة الحركة والنظام اليومي كثير الجلوس قد يُزيد خطورة الإصابة بسرطان الثدي.
  • النظام الغذائي الذي يفتقر للفواكه والخضروات والغني بالدهون المُشبعة (كاللحوم الحمراء، واللحوم المُصنعة، والمُعجنات… وغيرهم).
  • زيادة الوزن والسمنة يمثلان عاملي خطورة للإصابة بسرطان الثدي.
  • المشروبات الكحولية: استهلاك الكحول بشكل متكرر يزيد احتمالية الإصابة.
  • العلاج الإشعاعي لمنطقة الصدر: التعرض للعلاج الإشعاعي في منطقة الصدر خاصة قبل سن 30 يزيد خطورة الإصابة بسرطان الثدي.
  • العلاج ببدائل الهرمونات: يمكن للعلاج ببدائل الهرمونات المُركبة التي توصف لوقف الطمث أن تؤدي لزيادة خطورة الإصابة بسرطان الثدي، إضافة لزيادة خطورة التأخر في اكتشاف السرطان أي أنه يكتشف في مراحل متقدمة.

من الجدير بالذكر، أن تقريباً من 60% إلى 70% من المصابين بسرطان الثدي ليس لديهم أي من هذه العوامل، وآخرون ممن لديهم عوامل خطورة لن يتعرضوا للإصابة بسرطان الثدي.

معلومات مغلوطة

بعد ذكر المسببات المُثبتة علمياً، فلنتطرق سريعاً لبعض «الأسباب المغلوطة» المتداولة والتي لم يُثبت علمياً أن لها علاقة بخطر الإصابة بسرطان الثدي. فقد ربطت الإصابة لسرطان الثدي ببعض الأسباب، التي لم يثبت إلى الآن أنها لها علاقة بهذا المرض، ومن تلك الأسباب المغلوطة:

  • ارتداء حمالات الصدر ذات الأسلاك المعدنية.
  • استخدام مضادات التعرق ومُزيلات العرق.
  • عمل فحص الماموجرام.
  • شرب الكافيين.
  • استخدام أواني تقديم الطعام البلاستيكية.
  • استخدام الميكروويف.
  • استخدام الهواتف الخلوية.

الوقاية من السرطان

أصدر الصندوق العالمي لأبحاث السرطان مجموعة من التوصيات من أجل حياة «خالية من السرطان» لمساعدة الناس لتقليل خطورة إصابتهم بالسرطان. تعتمد التوصيات بشكل كبير على الدراسات والأدلة التي تحلل من أجل النظام الغذائي، والتغذية، والنشاط البدني والسرطان.

جاءت التوصيات لتُشير إلى 10 محاور رئيسة يمكن من خلالها تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي في مرحلتي ما قبل وما بعد توقف الطمث.

  1. النشاط البدني يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي في المرحلتين سواءً كان نشاطاً قوياً أو بسيطاً.
  2. الوزن الزائد والسمنة في سنوات البلوغ الأولى (ما بين 18 و30) يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي ما بعد توقف الطمث، بينما إذا كانت زيادة الوزن في سنوات البلوغ الوسطى أو المتأخرة (ما بعد الثلاثين) فإن خطر الإصابة بسرطان الثدي ما بعد توقف الطمث يزداد.
  3. تعتبر الرضاعة من أسباب تقليص خطر الإصابة بسرطان الثدي.
  4. الحد من استخدام المشروبات الكحولية.
  5. منتجات الألبان من الممكن أن تساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي في مرحلة ما قبل توقف الطمث، بينما الأغذية الغنية بالكالسيوم تساعد على تقليله بشكلٍ عام.
  6. استهلاك الخضروات غير النشوية والأطعمة التي تحتوي على الكاروتينات (مثل السبانخ، والبروكولي، والجزر، والطماطم… وكثير غيرهم) قد تساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي.
  7. الحد من الوجبات السريعة والمصنعة، الغنية بالدهون والنشويات أو السكريات، والذي بدوره سوف يساعد على الحفاظ على وزن صحي.
  8. أكل كميات متوسطة من اللحوم الحمراء (نحو 350-500 جم في الأسبوع).
  9. الحد من استهلاك المشروبات المُحلاة بالسكر، فيُنصح بدلاً من ذلك شرب كميات كبيرة من الماء أو المشروبات مثل الشاي والقهوة دون إضافة السكر. أما عصائر الفاكهة فلا يُنصح بتناول كميات كبيرة منها، حيث وُجد أنها تؤدي لزيادة الوزن كما المشروبات المحلاة بالسكر.
  10. وأخيراً، فلا يُنصح باستخدام المُكملات الغذائية بهدف الوقاية من السرطان، بل يُفضل الحصول على الحاجة الغذائية مباشرة وفقط من الغذاء.

يُنصح بالاعتماد على هذه التوصيات بقدر الإمكان، حيث إنها تُمثل طريقة كاملة لحياة صحية بشكلٍ عام وللوقاية من السرطان بشكلٍ خاص، غير أنها اعتمدت بشكل رئيس على الأدلة التي أثبتت اتساقها وصحتها على مدار عقود وحتى الآن.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.