حين تحتضن الأم رضيعها لتقرأ له، يربط الصغير بين ذلك الصوت الذي يحبه والتقارب الجسدي الذي يحدث أثناء القراءة، فتنشأ علاقة إيجابية بينه وبين الكتاب.

وتُعد السنوات الـ 6 الأولى هي السنوات الحاسمة في تشكيل رغبات الطفل وميوله واتجاهاته، كما أن تلك المرحلة تتميز بالفضول المعرفي الشديد لدى الطفل وهو ما ينبغي استثماره.

ولأن القراءة تعد أولى مراحل النمو الفكري حيويةً ونشاطاً، فقد أولاها الخبراء اهتماماً كبيراً، وأكدوا على غرسها في الطفل منذ سنين حياته الأولى. ولهذا، فإن الاهتمام بتحبيب القراءة إلى الطفل في هذه السن يُعد مهماً للغاية. وإننا إذا لم نزرع في نفس الطفل التآلف مع الكتاب منذ الصغر فإنه من الصعوبة بمكان أن ننجح في ذلك في الكبر، فينبغي أن ندرك أن الوقت ليس مفتوحاً أمامنا وأن الفرصة محدودة، فإذا فاتت قد يتعذّر استدراكها.

من الصعب المبالغة في تقدير مدى أهمية القراءة للنمو الفكري والاجتماعي والعاطفي للطفل، فعندما تقرأ مع الصغار فإنهم يتعلمون كل شيء: المفردات… الأرقام… المفاهيم… الألوان… الأشكال… الأضداد… الأخلاق… العلاقات… كل ما يمكن تعلمه عن العالم من حولهم.

ومع احتلال الشاشات مركز الصدارة في مجال الترفيه في هذا العصر، قد تبدو تربية الطفل على القراءة مهمة شاقة، ولكن مع القليل من الجهد والإبداع يصبح ذلك ممكناً.

1. ابدأ مبكراً

فالأطفال حديثو الولادة يستفيدون من تجربة سماع القصص ولا يمكنهم الشكوى من ذوقك في اختيار الكتب. اقرأ بصوت عالٍ كل يوم أي كتاب، المهم أن تُسمِعه صوتك، ويُفضَّل أن تكون الجمل قصيرة ذات إيقاع. وهناك ما يشير إلى أن الطفل في هذه المرحلة لا يعرف معنى الكلمات، إلا أنه يستمتع بما يسمع.

كما أظهرت الدراسات أن عدد الكلمات التي يتعرَّض لها الرضيع لها تأثير مباشر على تطور اللغة لديه، كما تشير الدراسات إلى أن تعرض الطفل حين يبلغ الشهر السابع لمعلومات منظمة يجعل تفتحه الذهني أفضل في المستقبل، كما أنها تساعد على تنشيط مهارة الإصغاء والاستماع لديه.

اجعله يستخدم حواسه في التعامل مع الكتاب، فهناك كتب تفاعلية في هذا السن المبكر تُمكِّنه من أن يتحسسها ويشم رائحتها ويتفاعل معها ويستمتع بصورها الواضحة وألوانها الزاهية.

2. اجعل القراءة روتينًا يوميًا

عادةً ما ينسجم الأطفال مع الروتين، فالقراءة الليلية قبل النوم مباشرة تُشعِر الأطفال بالانسجام والهدوء والأمان، أمّا القراءة بالنهار قد تكون من أفضل الطرق لزيادة التركيز لديهم.

اجلس بالقرب منهم واستمتع بلحظات الاتصال. قم بتعديل النص عندما تقرأ له بصوت عالٍ ليناسب القيم التي تريد أن تغرسها. تدرَّج في القراءة على مستوى الزمن المُستغرَق وعلى مستوى المضمون.

3. اجعل لطفلك مكتبة شخصية

فالأطفال يحبون المقتنيات، وتعويد الطفل أن الكتاب من مقتنياته وتدريبه على المحافظة عليه واحترامه يساهم في تحبيب الطفل في القراءة. اجعل المكتبة الخاصة به في متناول يده وفي مكان يراه بوضوح، سوف تلفت نظره ويبدأ في التصفح والقراءة.

أحضر لطفلك كتابًا كهدية في يوم ميلاده. اصطحب الكتب في الرحلات. ضع كتبًا في السيارة. ساعده على تكوين صورة ذهنية لنفسه كقارئ.

4. احترم تفضيلات طفلك

ابدأ بما يحبه هو لا بما تحبه أنت، فطفل الثالثة يستطيع أن يختار من مكتبته ما يُفضِّل قراءته، قد ترى أن القصة التي اختارها ليس لها عائد تربوي كبير لكن الهدف هو تحبيبه في القراءة، فلا تجبره أن يقرأ ما تحبه أنت، ولكن هذا لا يعني عدم توجيهه إلى كتب أخرى ذات مضمون، فإلى جانب قراءة ما يُفضِّله طفلك، اطرح موضوعات أخرى تُثري تفكيره وتثير فضوله.

لا تنشغل بالقراءة لدرجة أنك تتجاهل تعليقات طفلك واستفساراته، وتوقف للتفاعل معه حتى وإن كنت تريد إنهاء الصفحة، ولا تقل له «دعنا ننهي هذه الصفحة».

إذا كان طفلك لا يتفاعل مع الكلمات، اسأله عما يراه في الصور أو أشر إلى الصور ودعه يشرح أو يسرد هو القصة.

5. تعامل مع القراءة بالترغيب لا بمنطق الفرض

استخدم المكتبة كهدية وليس التزامًا. اجعل منها متعة… شيئاً عزيزاً تفعله. تناول القضية معكوسة؛ قل سنذهب إلى الحديقة أو للتسوق ثم نذهب للمكتبة.

لا تكافئ طفلك على القراءة لأن هذا يجعلهم يعتقدون أن القراءة عمل لابد من إتمامه، بدلاً من ذلك اسمح لهم بالقراءة أكثر إذا هم أنجزوا الأعمال التي يجب إنجازها.

6. اقرأ بلغة الكتاب

اقرأ الكتاب بلغته المكتوبة وليس لغتك أنت. دع أذنه تتمرن على اللغة المكتوبة، فهذا يقوي لغته ويزيد من المفردات لديه، فإثراء المفردات لديه إثراء للتفكير، وبعد قراءة النص يمكن أن تشرح له بلغة سهلة.

7. احرص على بهجة المعرفة

عندما يبدأ الطفل في القراءة المستقلة، شجّعه على الحديث عمّا يقرأ، اطرح أسئلة عن الشخصيات… عن المضمون… أنصت إليه… اندهش… اسأله لماذا حدث ذلك؟ ولا تقم بتصحيح كل معلومة مباشرة، دعه يستمتع بتقديم المعلومات. أعد صياغة أفكاره في كلمات من عندك، حتى يستطيع أن يكتشف المعاني الضمنية الأكثر دقة، فهذا التفاعل يعطي بهجة للمعرفة. والإنسان بطبعه يجد نفسه مدفوعاً إلى ممارسة الأشياء التي تُوفِّر له المتعة والبهجة.

8. يجب أن ينعكس عالمهم على صفحات الكتاب

يُحب الأطفال أن ينعكس عالمهم الخاص على صفحات الكتاب. فطفل الثالثة يحب أن يستمتع بالقصص التي تدور حول أشخاص وأشياء يعرفها وتوجد في عالمه الخاص. أما طفل الخامسة فيستمتع بالقصص التي تتحدث عن الإنسان بلسان الحيوان. أما طفل السادسة فيُبدى اهتماماً بالقصص الخيالية والمرحة.

لذا، يجب أن نختار ما نقرأه للطفل بما يتناسب مع اهتماماته وتفضيلاته. وانتبه لما يُبهِج طفلك ويُثير فضوله واهتماماته.

9. احرص على تنوع طرق القراءة

لا تنهج نهجاً واحداً في قراءتك مع طفلك، بل نوّع الطرق بين القراءة الفردية والقراءة الجماعية، فالأطفال قد يُفضِّلون القراءة الفردية التي تُشعِرهم بالثقة، ولكن القراءة الجماعية تمنحهم الفرصة لمعرفة أخطائهم بسماع الآخرين، وذلك دون تصحيح أخطائه بشكل مباشر وفردي، كما تمنحك الفرصة لبدء محادثة معهم حول ما يقرؤون.

10. ابدأ بالكتب المطبوعة

لا تبدأ بالكتب الإلكترونية، فقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص وخاصةً الأطفال يستوعبون المحتوى بشكل أفضل عندما يقرؤون الكتب المطبوعة، كما أنها تُرسِّخ من ارتباط الطفل بالكتاب.

11. كن أنت القدوة

أنت القدوة التي يريد طفلك أن يُقلِّدها. دعه يُقلِّد حبك للكتب وتقديرك لها، فالطفل يراقب ما تفعله. لذا تأكد أنك تقوم بالقراءة أمامه وتعتني بالكتب، وإذا كنت تقرأ على هاتفك أخبره بما تقرأ وسبب اهتمامك به، فالطفل يُراقب سلوكك في الحياة، وهذه فرصة رائعة لتنمية حب القراءة لديه.

وأخيراً، فإن الكتاب المُصوَّر والمُخرَج جيداً، ذا الأسلوب الشيق، المناسب لعمر الطفل واهتماماته ورغباته، يُوفِّر عليك كثيراً من الجهد في ترغيب الطفل في القراءة.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.