مبدئيًا هذا ليس عنوانًا خادعًا، ونحن لم نستخدمه كي نجتذبك للضغط على رابط المقال. نحن بالفعل نكن شعورًا حقيقيًا بالاحترام لمسيرة مدافع الأهلي «أيمن أشرف»، ولدينا عدّة أسباب جعلتنا نظن أنه يستحق هذا الشعور، هي ثمانية عشر سببًا للدقة. الآن سنستعرضها أمامك حتى تتأكد من حسن نوايانا، هل أنت مستعد؟

السبب الأول

أيمن أشرف لاعب كرة قدم جيد. والمقصود هنا الجودة الفنية والبدنية وكذلك الذهنية. لذلك ربما يكون أحد أكثر لاعبي الأهلي تركيزًا، وأقلهم ارتكابًا للأخطاء القاتلة. لا يحصل على إنذارات مجانية، لا يقوم بتمريرة تتحول هدفًا عكسيًا، ولا يتشتت ذهنه بسبب الخصم والحضور الجماهيري. وهذا سبب كفيل لاحترامه. 

السبب الثاني

هو أنه لاعب جدير بالثقة. ليس لأنه حجز مركزًا أساسيًا بخط دفاع الفريق وحسب، ولكن لأنه فعل ذلك خلال الموسم الماضي تحديدًا. وربما تندهش حين تعرف أنه كان أحد أفضل مواسم الأهلي في الناحية الدفاعية منذ بداية الألفية الجديدة، إذ استقبل مرماه 20 هدفًا فقط خلال رحلته نحو التتويج بثلاثية الدوري، والكأس، ودوري أبطال أفريقيا.

السبب الثالث

ربما يكون هذا العدد القليل من الأهداف مؤشرًا لجودة خط الدفاع، لكنه لا يمنحنا تقييمًا لأيمن أشرف من الناحية الفردية، لذلك نحتاج لمطالعة إحصائياته كي نتأكد من جودته كمدافع، وقد وجدنا ضالتنا في مشاركاته بدوري الأبطال.

اكتشفنا أنه يقوم باستخلاص الكرة بمعدل 1.6 خلال المباراة، ويفوز بنسبة 54% من جميع تدخلاته سواء الأرضية والهوائية، ولم يتسبب في خطأ واحد أدى لهدف أو حتى تسديدة على مرمى الشناوي طوال 8 مباريات كاملة!

السبب الرابع

المثير أنه قدم هذا الأداء المتميز، بينما مركزه الأصلي هو الظهير الأيسر، وليس قلب دفاع، ولكنه أثبت جدارة جعلته يتفوق على كل زملائه المدافعين: سعد سمير، ورامي ربيعة، وياسر إبراهيم، ليكون المدافع الأول بالنسبة لمدربي الأهلي، مؤخرًا، وهذا سبب يضاعف من احترام ما يقدمه. 

السبب الخامس

ما يزيد الأمر إثارة هو أنه لا يحظى ببنية جسمانية ضخمة، طوله لا يتجاوز 175 سم وعرضه لن يجعله حائط صد في التدخلات، وهو أقصر من سعد سمير ورامي ربيعة وياسر إبراهيم، لكنه أفضل منهم جميعًا. هذا لا يحدث كل يوم، خصوصًا في مصر.

السبب السادس

الآن سنخبرك لماذا يتفوق أيمن عليهم، السبب يكمن في تصرفه الرائع حين تكون الكرة في حيازته، وتوقيته الجيد في التدخل حين تكون في حيازة الخصم. أيمن أشرف لاعب متزن، يقرأ الملعب جيدًا، ثم يفكر قبل أن يتحرك، وحين يفعل فهو يتحرك بجرأة. وهذه صفات لا تجتمع بسهولة في المدافع المصري، مؤخرًا.

ولذلك لا يلعب أيمن بعشوائية مثل سعد سمير، ولا يتوتر حين تكون الكرة تحت قدمه كأنها قنبلة يريد التخلص منها كما يفعل ربيعة، ولا يرتكب هفوات غير متوقعة، وأحيانًا ساذجة، كياسر إبراهيم. 

السبب السابع

هو أنه مدافع عصري، استغل إمكانياته في التمرير الدقيق والانطلاق بالكرة، وقام بتمديد مهامه من مدافع يحاول عرقلة هجمات الخصم فقط، لآخر يلعب دورًا مهمًا في بناء هجمات الأهلي، خصوصًا مع مدربين يفضلون التدرج بالكرة بدلًا من تشتيتها مثل «فايلر» و«موسيماني». 

تقول الإحصائيات، إن أيمن أشرف يمتلك دقة تمرير إجمالية تقترب من 80%، أما بالنسبة للتمرير داخل نصف ملعب الخصم فيعادل نسبة 67% نجاحًا. وهذه النسبة الأخيرة تعني أنه أصبح أداة الأهلي في كسر خطوط ضغط الخصم، خصوصًا مع نجاحه في إرسال 1.5 تمريرة طولية دقيقة خلال المباراة الواحدة بدوري الأبطال. هذه ميزة إضافية أخرى تحسب له.

السبب الثامن

أيمن لاعب مرن، أو جوكر كما يشاع. يلعب الآن أساسيًا كقلب دفاع، لكنه يظل الخيار الأول عند غياب «علي معلول» على الرواق الأيسر. ولو تعرض الفريق لأزمة بوسط الملعب، ربما يفكر بيتسو في الاستعانة به.

وهكذا تكون أهمية لاعب متعدد التوظيف مثل أيمن أشرف، فهو يمنح المدرب خيارات تكتيكية أكثر، وفرصة للتعامل بصورة أفضل مع الغيابات بسبب الإيقاف أو الإجهاد، خصوصًا مع تلاحم المباريات بعد أزمة كورونا. 

السبب التاسع

إضافة لكونه مرنًا، فأيمن لاعب مبادر ولكن ليس لدرجة التهور، ويتخذ قراراته بعقلانية ولكن ليس لدرجة التردد. 

هو مبادر، فيفوز بصراع هوائي مع لاعب يفوقه بـ7 سم كاملة مثل «إيريك تراوري»، ويستخلص الكرة في التحام أرضي مع آخر يفوقه قوة بدنية كـ«رمضان صبحي»، ويدخل في سباق سرعة مع «أشرف بن شرقي» فيفسد انطلاقته. 

ويتصرف بعقلانية أيضًا، فيعرقل هجمة مرتدة للدحيل بلمسة شديدة الذكاء برأسه، ويستخدم حركة قدميه لتحقيق أفضلية في بعض الصراعات على الخصوم، ويعرف جيدًا كيف يتمركز لسد فراغات زملائه المنطلقين.

السبب العاشر

بعد أن عددنا كل هذه المزايا، دعنا نخبرك أن أيمن أشرف لم يكن بهذا التميز والشمولية من قبل، بل كان لاعبًا عاديًا في السابق، وربما لم يقتنع بعض جمهور الأهلي بوجوده قبل عامين أو ثلاثة. ما حدث ببساطة هو أنه لم يستسلم، بل تحمل هذه الضغوط الجماهيرية، وواجهها بالعمل على تطوير نفسه في صمت، ليقدم أداءً قويًا قبل توقف كورونا، ويعود بعد التوقف بأداء أقوى ليساهم في فوز الأهلي بكل شيء تقريبًا.

السبب الحادي عشر

هو لم يستسلم، وهذا أمر لم يتكرر كثيرًا في الجيل الذي صعد ضمنه أيمن، بنظرة سريعة ستكتشف أن أغلبهم اتخذ مسارًا محبطًا، وأنهى مسيرته دون تحقيق كثير. ويكفي هنا ذكر «أحمد الشناوي»، و«إسلام رمضان»، و«مصطفى عفروتو»، و«أحمد فتحي بوجي»، ربما يكون أيمن أشرف و«أحمد حجازي» هما الاستثناء المشرف. 

السبب الثاني عشر

أيمن أشرف جدير بالاحترام لأنه يحترم الآخرين. لا يعامل خصومه بتعالٍ أو عدوانية داخل الملعب، ولا يسيء إليهم خارجه بتصرفات وإيماءات بات يستخدمها اللاعبون سعيًا وراء الجماهيرية. إذا سألت صديقك مشجع الزمالك هل تكره أيمن أشرف؟ فسيجيبك بلا، ﻷنه فعلًا لا يمتلك أي أسباب لكراهية لاعب يحترم الآخرين.

السبب الثالث عشر

هو أيضًا لا يحب الحديث للإعلام عن نفسه، وكثيرًا ما يقابل المدح أمام الشاشات بشكر زملائه والإشارة لجهودهم. حتى بعد ما قدم أداءً ممتازًا في أولى مباريات الأهلي بالمونديال، لم يذكر أي شيء يخصه تقريبًا، رغم أنها كانت فرصة ذهبية لتسليط الضوء على ما يقدمه فرديًا، لكن أيمن ينتمي للمجموعة وللفريق فعلًا، حتى في أوج لحظات التألق.

السبب الرابع عشر

لم يحقق أيمن أشرف ذلك في ظروف سهلة، بل على العكس كانت الظروف شديدة القسوة، بعد فقدان والدته وأخته قبل 4 سنوات فقط من الآن. حادثة كفيلة بكسر إرادة أي إنسان، وتحطيم روحه المعنوية للأبد. ولذلك فكر حينها في اعتزال كرة القدم وهو في الخامسة والعشرين، لكنه عاد مجددًا للملاعب وحول معصمه شارة سوداء، لم تفارقه أبدًا وهو ينتقل للأهلي، ثم يحجز مركزًا أساسيًا، ويعتلي منصات التتويج محليًا وقاريًا.

السبب الخامس عشر

لم يتاجر بتلك الحادثة أبدًا، لم يحاول استمالة مسئول أو مدرب لصفّه، لم يروِ تفاصيلها كلما ظهر في الإعلام، لم يستعطف أحدًا من الجمهور، ولم يحولها لشمّاعة يعلّق عليها الأعذار حين يرتكب خطأ.

حتى حين تعثر انضمامه للأهلي في يوليو/تموز 2017، لم يطلب من مسئولي النادي مراعاة ظروفه، إنما خرج بكل شجاعة وكرامة ليطلب تحديد موقف نهائي وحاسم من انتقاله. هذا الموقف وحده، يجبرنا على احترام أيمن أشرف.

السبب السادس عشر

هناك شيء آخر أثبته أيمن، وهو أنه قد لا يمتلك قوة «وائل جمعة»، أو موهبة «إبراهيم سعيد»، أو استمرارية «شادي محمد»، أو ربما حظ «أحمد السيد»، لكنه صنع مسيرة ناجحة على كل المستويات. أحيانًا يتم التعامل باستخفاف مع صفات كالتركيز، وتطوير اللاعب لأدائه، ومراكمة الخبرات، لكن هذه الصفات كانت مفاتيح نجاح مسيرة أيمن أشرف. 

السبب السابع عشر

هذه المسيرة الناجحة ربما تكون ملهمة لجيل قادم من الناشئين، وربما تلهم حتى من لا يمارس كرة القدم، لما فيها من قيم ودروس تستحق أن ينظر إليها بعين الاعتبار.

السبب الثامن عشر

الآن مع السبب الأخير، وهو يخص «سيرج جنابري»، هذا الجناح المرعب الذي أذل توتنهام، وسجل في مرمى برشلونة، وتجاوز 3 مدافعين من الأرجنتين في حركة واحدة، لكن أيمن أشرف راوغه في عمق الملعب بهدوء وسلاسة خلال مباراة نصف نهائي المونديال، ألم يكن هذا مذهلًا؟