كثير من الآباء لا يتحملون خوض أبنائهم أي تجارب شاقة، حتى لو انتهت تلك التجارب بالنجاح، فيسارعون إلى إنقاذ الأبناء من الصعوبات التي تواجههم، وإزاحة العقبات من طريقهم، وينجم عن هذا السلوك أن يتوقع الأبناء تلبية احتياجاتهم كافة مما يضيع عليهم فرصة تعلم حل المشكلات بأنفسهم.

من حقك أن تساعد أبناءك بالطريقة التي تروق لك، ولكن هناك فرقًا بين تقديم حلول ومقومات نجاح جاهزة، وبين توجيههم نحو تنمية المهارات اللازمة لتحقيق ذلك النجاح.

تعلُّم مهارات التفكير

العالم أصبح أكثر تعقيدًا نتيجة التحديات التي تفرضها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في شتى مناحي الحياة، ولذلك فإن النجاح في مواجهة هذه التحديات لا يعتمد على الكم المعرفي بقدر ما يعتمد على كيفية استخدام المعرفة أو تطبيقها.

المعارف مهمة بالطبع، ولكنها غالبًا ما تصبح قديمة، أما مهارات التفكير فتبقى جديدة أبدًا، وهي تُمكِّننا من اكتساب المعرفة بغض النظر عن المكان والزمان، ويُضاف إلى ذلك أن المعارف التي نكتسبها في المدرسة أو الجامعة لم تعد كافية لضمان مستقبل زاهر. وقد دعا القرآن الكريم إلى النظر العقلي بمعنى التأمل والفحص وتقليب الأمر على وجوهه لفهمه وإدراكه، دعوة مباشرة وصريحة لا تأويل فيها، كواجب ديني يتحمل الإنسان مسئوليته.[1]

هل التفكير ينمو تلقائيًّا؟

للإجابة على هذا السؤال ينبغي التفريق بين نوعين من التفكير: التفكير اليومي المعتاد والتفكير الفعال. فالتفكير اليومي المعتاد الذي يكتسبه الإنسان بصورة طبيعية ويشبهه الباحث «ديفيد بيركنز» من جامعة هارفارد، بالقدرة على المشي، أما التفكير الفعال فيشبهه الباحث نفسه بالقدرة على تسلق الجبال، حيث إنه يتطلب تعليمًا منظمًا هادفًا ومرانًا مستمرًّا حتى يبلغ أقصى مدى له.[2]

وبالتالي، التفكير الفعَّال يتطلب صنعة ومرانًا بالإضافة إلى القدرة الطبيعية. فأنجح الأشخاص في التفكير في موضوع ما هم أكثر الأشخاص دراية ومعرفة به، ولكن المعرفة وحدها لا تكفي. فلا بد أن تقترن بمعرفة مهارات التفكير. وعليه فإن تعلم مهارات التفكير بمثابة تزويد الفرد بالأدوات التي يحتاجها حتى يتمكن من التعامل بفعالية مع أي نوع من المعلومات أو المتغيرات التي يأتي بها المستقبل.

10 أشياء لا تفعلها لكي يتعلم طفلك التفكير

  1. لا تقم بشيء نيابة عنه، ما دام لديه القدرة على عمله؛ لأن ذلك يجعله يعتمد في حياته على الآخرين.
  2. لا تفرض الحماية على أفعاله ما دامت لا تُمثل خطرًا مباشرًا عليه، فعملية فرض الهيمنة والحماية على أفعال الأبناء يجب أن تُمحى من أذهان الآباء.
  3. لا تُجب مباشرة إذا استفسر عن شيء، بل يكون التوصل إلى الإجابة عبر إلقاء عدة أسئلة حتى يتمكن من التوصل إلى الإجابة. إن ذلك يجعله يتذكر الإجابة فيما بعد، وينمي لديه مهارة حل المشكلات.
  4. لا توبِّخ ولا تلم إذا أخطأ طفلك، بل أشعره أنك تدعمه، وأن الخطأ من طبع البشر، وأن الخطأ فرصة للتعلم.
  5. لا تترك ما لديك من مهام حين يطلب طفلك منك شيئًا، بل اجعله ينتظر حتى تفرغ من أداء مهمتك، المهم أن تُظهر له الحب والدعم أثناء ذلك.
  6. لا تشترِ لطفلك كل ما يحتاجه، فالإشباع الدائم لاحتياجاته يُمثل خطرًا على تكوين شخصيته وقدرته على مواجهة تحديات الحياة.
  7. لا تعطِ لطفلك جهازًا إلكترونيًّا أثناء انتظاره لشيء، فذلك يتيح له الفرصة لإيجاد حلول لشغل هذا الوقت، كما يعلمه الصبر والتحمل.
  8. لا تتحدث كثيرًا، فالأبناء لا يصدقون كلام الآباء ولا يتذكرونه بل يتذكرون الأفعال التي تتسق مع الأقوال.
  9. لا تقم بدور الأب أو الأم طوال الوقت، ولا تسارع بتقديم الإجابات لابنك أو المساعدة في نفس اللحظة التي يواجه فيها المشكلة (علِّمه كيف يتعلم).
  10. لا تجعل الشاشات متاحة طوال الوقت أمام طفلك بدعوى شغل الوقت، فهي بمثابة العدو الأول للنمو العقلي له. فالطفل لديه القدرة على إنتاج اللعب الذي يُعد من أهم وسائل تنمية التفكير لديه.

10 وسائل لتنمية التفكير لدى الأبناء

  1. حفِّز طفلك على القراءة، فالقراءة تعمل على النمو الفكري لطفلك منذ سنين حياته الأولى. استخدم صوتًا مسرحيًّا أثناء القراءة، شجع فضوله وأملأ جو القراءة بالإثارة والتشويق، وعندما يبدأ طفلك في القراءة بنفسه شجعه على الحديث عما يقرأ واطرح أسئلة متعلقة بالموضوع.
  2. وفِّر بيئة غنية للطفل. فالعقل ينمو باستجابته للتحفيز، فالبيئة الغنية هي شيء مهم وفوري لزيادة قدرات الطفل العقلية.
  3. شجِّع الأفكار الجديدة ولا تنتقدها، فالطفل يتعلم كيف يفكر بطريقة إبداعية انتقادية في بيئة ترحب بالأفكار الجديدة وتتيح الفرص للنقد والحوار والاستكشاف ومناقشة الأفكار الجديدة.
  4. اجعل توقعاتك من طفلك معقولة وفى تزايد مستمر، فبمجرد ما يتمكن من مستوى ما انتقل معه إلى المستوى الأعلى، فالبقاء في المنطقة المريحة لا يوسِّع المدارك.
  5. اجعل طفلك يرشدك وليس العكس، احترم شخصيته واحتياجاته وقدراته، سوف ترى علامات تشير إلى استعداد طفلك لتقبل تحديات جديدة. قد يبدأ في طرح أسئلة أو تتغير نظرته إلى موضوع ما، عندما يفعل ذلك انتبه، إنه جاهز الآن، عليك إثارة فضوله وتزويده بتحديات جديدة.
  6. قسِّم أي مهمة توكلها إليه إلى مجموعة من الخطوات المنظمة، بحيث ينتقل الطفل من مرحلة مريحة لمرحلة أكثر تحديًا. (3)
  7. أظهِر شغفك بالمعلومات الجديدة فأنت بمثابة مرآة أمام طفلك يتعلم منك كل شيء.
  8. قم بطرح موضوعات فكرية وناقشها معه، فالطفل بدايةً من سن الخامسة تنمو لديه القدرة على الوعي بمشكلات الآخرين وهو ما يسمى (بالتفكير العالمي) فيمكنه تبني مشكلات كبيرة تؤثر على العالم مثل التلوث، الحيوانات المنقرضة، الحروب… إلخ.
  9. حافظ على حالة التشويق والإثارة أثناء جلسات التعلم حتى يظل الطفل شغوفًا بها. لا تجعل الجلسة تطول (يُحدَّد وقت الجلسة وفقًا للمرحلة العمرية) فقد لا يتحمل الصغار أكثر من عشر دقائق. انسحب قبل أن يفقد حماسه.
  10. ساعد طفلك أن يكون له أهدافه الخاصة. اطرح سؤالًا صريحًا وواعيًا عن أهدافه وتعرَّف على ما يريد تحقيقه، ثم اسأل لماذا تريد تحقيقه؟ هل حددت وسائل تحقيق هذا الهدف؟ كم من الوقت يستلزم تحقيق هذا الهدف؟ ساعده على أن يكون له وسائل تنظيم مؤرخة، وكن دائما قريبًا منه متابعًا له.
المراجع
  1. فتحي عبد الرحمن جروان، “تعليم التفكير: مفاهيم وتطبيقات”، الطبعة الأولى، العين: دار الكتاب الجامعي، 1999.
  2. المرجع السابق.
  3. آلان ديفيدسون وروبرت ديفيدسون، “كيف ينشئ الآباء الأكفاء أبناءً عظاماً: السمات الست الأساسية للآباء الناجحين”، الرياض، مكتبة جرير، 2004.