بالفكر، بالعقل، بالتخطيط. كل دي حاجات تخليك تتغلب على أي صعوبات سواء غياب جماهير أو نواحي مادية أو جودة لاعبين.
أنا بالعب طول الموسم بدون جماهير، بإمكانيات مادية قليلة جدًّا، وبلاعبين صغيرين مش بنفس جودة لاعبي الأهلي والزمالك.

تصريحان متناقضان تمامًا، رفض المنطق أن يكونا للشخص ذاته. لكن الحقيقة أن المدير الفني المصري حسام حسن قرر أن يضرب بفروض المنطق عرض الحائط، وأن يكون التصريحان للشخص ذاته.

التصريح الأول بعد مباراة الزمالك وبيراميدز بالدوري المصري في يناير/كانون الثاني لعام 2019، أما الثاني فكان بعد هزيمة المصري البورسعيدي أمام النادي الأهلي في السوبر المصري في يناير/كانون الثاني لعام 2018.

من هنا نستطيع تفسير كل شيء في مسيرة العميد، حيث كل شيء مبالغ فيه. الآراء حادة للغاية عند الفوز، وعند الخسارة فالجميع يعاديني ولا يريد الخير لفريقي.

توجيه اللاعبين لا يكون إلا بالصراخ، وبالسباب أحيانًا. حتى عند التعامل مع الجماهير فإما أن تكون التحية مبالغًا فيها تهز جنبات الاستاد، وإما أن يكون سبابًا يجعله لا يتمالك أعصابه فيرفع قميص الأهلي في وجه الجماهير البيضاء على سبيل المثال.

ورغم كل ذلك فإن الكاريزما التي يمتلكها حسام حسن تجعلك غير قادر على تجاهل أخباره ونتائج فريقه أيا كان. هو دائمًا جاذب للانتباه وصانع للحدث.

لكن إلى متى ستظل الجماهير تراقب انفعالاته ونتائج الفريق في كل مباراة على حدة؟ متى سيرى المتابعون حسام حسن يُرفع على الأعناق وهو يحمل كأس البطولة؟ ما الذي يمنعه عن ذلك؟ دعنا نستعرض بعض الأسباب التي تحول بين العميد المثير للجدل وبين أول كأس في مسيرته كمدرب.

1. عين لا تغفل عن الجزيرة

شرف لي تدريب النادي الأهلي. أنا ابنه وهذا حقه عليَّ. لن أتأخر عن الأهلي بالطبع إذا احتاج إليَّ.
حسام حسن

لا يترك حسام حسن مناسبة يُذكر فيها اسم النادي الأهلي إلا ويُعلن عن استعداده التام لقبول مهمة تدريب النادي الأهلي إذا عُرضت عليه. الكل يعلم أن جماهير التالتة شمال والمدير الفني السابق لنادي الزمالك المصري بينهم ما صنع الحداد، ومع ذلك يقبل حسام حسن أن يكون الرجل الأول في ملعب التتش، بل وتتغير ملامح وجهه بفرحة مكتومة تنتظر منذ سنوات للانفجار، عند عرض هذا السؤال عليه في كل لقاء تلفزيوني، ليوقن الجميع أن تلك هي أمنيته التي لا تذهب عن باله، فلماذا؟

حسام يعلم كغيره من جماهير الكرة المصرية أن الجزيرة هي البيئة الأنسب لنجاح أي مدرب مصري. هو لا يشعر بالراحة بكل تأكيد وهو يرى مدربين أقل منه في نظره كمحمد يوسف وحسام البدري يحصدون البطولات واحدة تلو الأخرى، وهم لم يقدموا للقلعة الحمراء نصف ما قدمه.

يعلم حسام أنه في الجزيرة لن تجد رئيس نادٍ يخرج ليهاجمك علانية أمام الجميع ثم يضع لك التشكيل، ولن تجد رئيس نادٍ يفاجئك بصفقات لا تعلم عنها شيئًا إلا قبل ساعات قليلة من حسمها، ستجد في الجزيرة تغطية إعلامية دائمة طالما شكيت أن فريقك لا يحظى بها.

محمود طاهر مظلوم إعلاميًّا، مثلي أنا وحسام تمامًا. نحن نحب أن نقف بجانب الأشخاص المظلومين لذلك جئت لأدعمه اليوم

تصريح إبراهيم حسن أثناء انتخابات الجمعية العمومية بالجزيرة

كان هذا الدعم والتصريح بمثابة رد الجميل لمحمود طاهر،طاهر الذي دعا التوأمين في شهر مارس/آذار من عام 2014 لاحتفالية النادي الأهلي النادي الأكثر تتويجًا بالبطولات القارية حينها.

فتح طاهر الباب لعودتهما للنادي الأهلي مرة أخرى فلم يتوانيا عن دعمه. قدَّم طاهر خطوة فبادر التوأمان بتقديم عشر خطوات. عين حسام حسن دائمًا على الأهلي وربما يخرجه ذلك عن تركيزه في بعض فترات مسيرته.

2. هل حسام حسن مدرب كبير؟

الإمكانيات الفنية، هي السبب الثاني الذي يجب ألا نغفل عنه ونحن نستكشف أسباب عدم حصول حسام حسن على أي بطولة بعد أكثر من عشر سنوات من بدء مسيرته.

إذا كنت من عشاق حسام حسن – حتى وإن لم تعلن ذلك لأصدقائك – فبالطبع ستشعر بالضيق ونحن نقيم المستوى الفني للعميد. فالبصمة التي يتركها حسام حسن مع كل فريق يتولى تدريبه تجعل البعض يرفض مجرد التشكيك في قدراته واختزال الأمر كله في كلمتي «الحماس والروح».

تقييم الجمهور لمسيرة حسام حسن لا يختلف كثيرًا عن شخصية حسام نفسه، فهو لا يخلو أبدًا من الحدة والمغالاة والمبالغة. فإما مدرب لا يفقه شيئًا عن كرة القدم ولا يتحلى إلا بالروح وشحن اللاعبين نفسيًا فقط، وإما عبقري التكتيك الذي لم تنجب مصر مثله من قبل. فكيف نقيم العميد تقييمًا موضوعيًا؟

تكمن مزايا حسام حسن في شيئين بشكل واضح وضوحًا كبيرًا. أولهما هو حفظ حسام حسن لكل سنتيمتر من جنبات الملعب عن ظهر قلب. هو يجيد شرح كيفية التمركز للاعبين، لا يغفو لحظة عن توجيههم طوال الـ 90 دقيقة، وبطريقة أو بأخرى يعرف كيف يجعل من لاعبيه عساكر في ساحة حرب ينفذون تعليماته بالحرب فيظهر للجماهير قدر معقول من الالتزام الخططي على أرض الملعب.

الميزة الثانية هي قدرته على شحن اللاعبين بشكل مستمر لا ينقطع، هذا الشحن لا يستمر لعدة مباريات أو نصف موسم، لكن يستمر لسنوات. هو يجيد خلق الحوافز لدى اللاعبين،حتى لو كان ذلك من خلال زرع فكرة الاضطهاد بداخلهم وأن الجميع يعاديهم، سواء حكام أو اتحاد كرة قدم أو جماهير أندية منافسة أو حتى مجلس إدارة ناديهم!

هو يعتبر كل ذلك غير مهم طالما أن الغاية تتحقق ولاعبوه لا يكفون عن الركض والالتحامات لمدة 90 دقيقة!

أما عن العيوب فيمكن تلخيصها في كلمة واحدة وهي عدم التطور. صحيح أن جميع مدربي الدوري المصري يبعدون كل البعد عن التطور التكتيكي والجمل غير التقليدية في الملعب، لكنك كي تكون مميزًا وسط هؤلاء وتحقق المستحيل بعيدًا عن الأهلي يجب أن تبذل المجهود غير العادي أيضًا وألا يقتصر دورك على مراقبة التمركز والرقابة ووضع خطط تقليدية في الملعب.

3. متلازمة ستوكهولم

متلازمة ستوكهولم، وهي ظاهرة نفسية يشعر فيها الإنسان بالتعاطف مع عدوه أو من أساء إليه بشكل أو بآخر. كالمخطوف الذي يشعر بالتعاطف مع خاطفيه؛ لأنه تعود على الإهانة منهم، فيبدأ في اعتبار الأوقات التي لا يتعرض فيها للإهانة من عدوه هي أوقات إحسان وتقدير منه.

هذه المتلازمة ستجدها منتشرة بشكل كبير في عالمنا العربي، بين الطالب ومُعلمه العنيف، بين المدير العصبي وموظفه حديث التخرج، بين اللاعب الناشئ ومدربه أيضًا.

يُشتهر حسام حسن بحدته وتعامله القاسي لفظيًّا مع اللاعبين. يهابه لاعبوه وينفذون تعليماته بالحرف بعد سيل من التعنيف والسباب الذي قد يصل للسباب بالأم كما حدث مع شيكابالا نجم فريق الزمالك في موسم 2009 / 2010 حينما غاب عن التمرينات لفترة قصيرة في فترة حيوية من الموسم للسبب ذاته.

النتيجة الطبيعية لهذا كله هو خلل في علاقة حسام بلاعبيه على عكس ما هو شائع في الإعلام. فاللاعبون يجرون تجاه حسام حسن بعد الأهداف لأن تلك هي اللحظات التي لن يعنفهم فيها لا بدافع الحب. تلك هي اللحظات التي يشعرون فيها بالأمان مع من يضعهم تحت ضغط كل يوم، تلك هي متلازمة ستوكهولم.

4. التهور بسبب الأمل

السبب الأخير في تمنُّع البطولات على حسام حسن حتى الآن هو التهور المصاحب لقراراته في بعض الأحيان بدافع الأمل فقط. سأذهب إلى الزمالك في ولاية مرتضى منصور بعد الخلاف معه أملًا في تحقيق بطولة بعد هذا الكم الهائل من الصفقات أملًا في أخذ جزء من حقي وتسطير تاريخي التدريبي.

سأترك المصري بحجج واهية بعد الوصول لنصف نهائي الكونفدرالية بعد عرض بيراميدز الذي سيوفر لي المقابل المادي الذي أستحقه، والصفقات التي سأطلبها، والنفوذ في اتحاد الكرة والقوة الإعلامية التي طالما حلمت بها، حتى إن كلفني ذلك الخضوع لشخص هوائي متردد كالمستشار السعودي تركي آل الشيخ.

كانت النتيجة واحدة في كل مرة وهي خروج حسام حسن من الباب الضيق إما بغضب من الجمهور، أو بصراع وسباب متبادل مع مرتضى منصور، أو بتوبيخ وتقليل من قدره كمدير فني من تركي آل الشيخ الذي وصفه بالمدرب ذي الروح عديم الخطط الفنية، والذي لم يكن على مستوى مشروعه الذي أنفق عليه ملايين الدولارات.