بعد مرور أربعة أعوام على بدء الصراع السوري، تشتعل حرب مدمرة في كافة أرجاء الدولة الشرق أوسطية، حصدت أرواح مئات الآلاف، وخلقت أعدادا أكبر من اللاجئين.

وباستثناء العراق بعد غزو 2003، لم يشهد الشرق الأوسط منذ 1945 حربا بمثل هذه الوحشية والفترة الزمنية، كالتي تحدث في سوريا. حلحلة الوضع الحالي المتأزم تبدو بعيدة المنال، بل أنها ترتبط حتى بتعاون غربي أكثر مع إيران.


آمال واهية لتحقيق العدالة

بالنسبة للمجتمع الدولي، فإن الكارثة في سوريا تتجاوز الكابوس البوسني في منتصف تسعينيات القرن المنصرم. لكن المجتمع الدولي تدخل بالقوة العسكرية، بموجب قرارات من مجلس الأمن، لتحقيق نهاية سلمية للأزمة البوسنية، وجلب العدالة للعديد من الضحايا، من خلال تأسيس المحكمة الجنائية الدولية في يوغوسلافيا السابقة.

لكن الوضع يختلف في سوريا، فرغم مرور أربع سنوات على الحرب، ثمة آمال واهية للتدخل الدولي وتحقيق العدالة. وبالرغم من التزاماتها التي تفرضها عليها الاتفاقية الدولية للاجئين المبرمة عام 1951، إلا أن الأقطار الغربية، باستثناء الموقف المشرف للسويد، لم تستوعب إلا القليل من اللاجئين السوريين، بمعدل يقل عن أي صراع آخر تقريبا على مدى قرن من الزمان.

سلبيات الحرب السورية لا تقتصر على الخسائر البشرية المروعة، لكنها ذات تأثيرات بارزة ومنهكة على المجتمع الدولي بشكل عام. جزء من مسؤولية هذا التجاهل يمكن أن يعزي إلى الظلال القاتمة التي خلفتها حرب العراق الكارثية وتداعياتها الأكثر فجاعة، لكن الأمر يرجع أيضا إلى نقص الإرادة الواضح في العواصم الغربية، والذي تعقد أكثر جراء حالة التجمد في العلاقات بين الشرق والغرب، على نحو غير مسبوق منذ أيام الحرب الباردة.


الأسد وداعش فائزان

من هي الأطراف الفائزة والخاسرة في مثل هذا الوضع الكئيب؟ من الصعب عدم الوصول إلى نتيجة مفادها أن المنتصرين اليوم هما بشار الأسد ونظامه، والخليفة المزعوم لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يعيش بعقلية القرون الوسطى.

ويتحكم الطرفان الفائزان في مساحة تتجاوز ثلثي سوريا، ويسيطران على المدن والقرى الرئيسية. أما الخاسر في تلك الحرب فيتمثل في الأغلبية العظمى من الشعب، والمجلس الوطني السوري المعارض. وتبدو فرص ارتداد هذا الوضع المحبط مرتبطة بحدوث تطورات غير متوقعة.

ثمة آمال منعقدة على قدرة المبعوث الأممي الخاص «ستافان دي ميستورا» على الوصول لاتفاق وقف إطلاق نار، لتخفيف الوضع الإنساني المتأزم الذي يمتد تقريبا لكافة المواقع الحضرية السورية.

لكن المضي قدما نحو حوار سياسي جاد مقترنا بتنازلات ما زال احتمالا بعيد التحقيق. ومع تمتعه بدعم روسي وإيراني صلب، والحضور النشط لحزب الله، يبدو أن الأسد توصل لنتيجة مفادها أنه تجاوز العاصفة، وهو ما يمكن الاستدلال عليه بعودة ظهوره في الإعلام الغربي، وإجرائه مقابلات مع هيئة الإذاعة البريطانية ومجلة فورين أفيرز الأمريكية.

ولم يغب عن الرئيس السوري القول إن الصعود السريع لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق يشكل تهديدا على الغرب أكثر مما يفعل نظامه.

لا يوجد ثمة شك أن الغرب ينظر إلى «داعش» باعتباره شرا يتجاوز كثيرا نظام الأسد، لا سيما بعد قتل مواطنين بريطانيين وأمريكيين باستخدام أساليب شنيعة، وإغراء مواطنين مسلمين للانضمام.

ومن الغريب، أن يمنح هذا الوضع الطريق الوحيد للدبلوماسية الدولية، حيث أن إيران والغرب هما حلفاء على أرض الواقع في صراع مشترك ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كما أن هناك بالفعل ترتيبات بوساطة من الحكومة العراقية لتفادي حوادث جوية محتملة بين الطائرات الغربية والإيرانية.

مثل هذا التفاهم الضمني من شأنه أن يمهد الطريق لدبلوماسية دولية جديدة تنتهي باجتماع جنيف 3، بحيث يكون أكثر شمولا من نظيريه السابقين.