إن هذا الوقت من كل عام يُمثل فرصة رائعة لتعليم الطفل الكثير من المعلومات عن العشر الأواخر من رمضان وعيد الفطر المبارك؛ فبجانب مظاهر الاحتفال الرائعة التي تغمر شوارعنا وبيوتنا في مختلف أنحاء الوطن العربي، لا شك أن فضول الأطفال في هذه الفترة – والذي يظهر في هيئة العديد من الأسئلة عن شهر رمضان وعيد الفطر المبارك – يُشكِّل فرصة رائعة لتعليم الطفل معلومات قيِّمة، دينية أو تاريخية، عن مظاهر الاحتفال بهاتين المناسبتين المميزتين.

في هذا المقال نُقدِّم مجموعة من الأنشطة التعليمية التي تهدف إلى تثقيف الطفل وتعليمه عن العشر الأواخر من رمضان وعيد الفطر المبارك، بالإضافة إلى أنشطة فنية مُسلية للاستمتاع بالعيد وإضفاء بهجة على مراسم الاحتفال به.

1. كيف أُعلِّم الطفل معلومات مُبسَّطة عن صلاة التراويح في العشر الأواخر؟

إن كلمة السر هنا هي «المشاركة»؛ فلا بد أن يشعر الطفل بأنه جزء من الاحتفال، وأن هذا الاحتفال لا يتمحور فقط حول البالغين، فكثير من أولياء الأمور ينشغل في أواخر شهر رمضان في محاولة استغلال العشر الأواخر، والذهاب إلى صلاة التراويح، وما يلي ذلك من استعدادات العيد، وترتيبات الزيارات العائلية، وصناعة حلوى العيد، والقائمة تطول. وفي خضم هذا الانشغال بتلك الترتيبات تنسى الأسرة دون قصد أن تُشرِك الطفل معها في مظاهر الاحتفال بتلك المناسبات.

لذلك، هناك بعض الأفكار التي من شأنها أن تترسَّخ في ذاكرة الطفل وتؤثر فيه وتثري معلوماته عن هذه المناسبة، حيث يمكن في العشر الأواخر من رمضان أن يشتري الأهل ملابس صلاة جديدة للطفل من باب تشجيعه على الذهاب لأداء صلاة التراويح في المسجد مع أسرته.

وفي هذا الإطار لا بد أن يتحدث الأبوان مع الطفل قليلًا عن صلاة التراويح، وعدد ركعاتها، وخطوات صلاتها، بحيث يتشجع الطفل ويتحول الأمر إلى مظهر من مظاهر الاحتفال الأُسري بالعشر الأواخر من شهر رمضان.

وفي هذا السياق يمكن الاستعانة بأحد الأنشطة التعليمية من شبكة الإنترنت، وقراءة بعض المعلومات عن صلاة التراويح للطفل، فقد أصبح الآن من اليسير جدًّا إيجاد مئات الآلاف من المعلومات المبسطة للأطفال من مختلف المواقع التعليمية.

نشر موقع توينكل التعليمي درسًا رائعًا عن صلاة التراويح، ويهدف هذا الدرس إلى تعليم الطفل القصة وراء بداية صلاة التراويح في عصر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وطريقة صلاتها وتوقيتها، والثواب الكبير الذي يحصل عليه المسلم عند تأدية هذه العبادة.

كما يمكن الحديث مع الطفل عن ليلة القدر وفضلها الكبير، فهي خير من ألف شهر، كما أن الدعاء فيها مُستجاب لأكثر من سبب، أولها ما تقوله هاتان الآيتان:

{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر}
سورة القدر: آية 4 و5.

2. كيف أُهيِّئ الطفل للاستعداد للعيد؟

من أبرز الطقوس التي تُميِّز بيوتنا العربية في أواخر شهر رمضان للاستعداد للعيد هو إعداد كعك ومخبوزات العيد. وقد فسَّر البعض القصة وراء هذا الطقس المميز وكيف أنه تطور في العصر الفاطمي، حيث كان الخليفة الفاطمي يُخصِّص حوالى 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر، وتتفرغ المصانع من منتصف شهر رجب لصناعته، وكان الخليفة يتولى مهمة توزيع الكعك على الكافة، وكان حجم الكعك في حجم رغيف الخبز، وكان الناس يقفون أمام أبواب القصر في العيد ينتظرون نصيبهم، وأصبحت عادة سنوية في هذه الفترة، وظلت هذه العادة تتوارث جيلًا بعد جيل وعهدًا بعد عهد، ولم يستطع أحد القضاء عليها. وفي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة في مصر توجد قوالب الكعك عليها عبارات «كل هنيئًا واشكر» و«كل واشكر مولاك»، وغيرها من العبارات التي تحمل ذات المعنى.

ولعل أجمل ما يُميِّز طقس إعداد كعك العيد هو التجمعات ومشاركة الجميع بعضهم بعضًا في إعداده، ولا شك أنه لأمر رائع أن يشارك الطفل في طقس مميز كهذا، ولعل معظم الأمهات تتغاضى عن مشاركة الأطفال أحيانًا، خاصةً إذا كان الطفل صغيرًا؛ لذا من أجمل الأفكار تحويل الأمر إلى نشاط فني مسلٍّ يستمتع به الطفل، ويشعر أنه جزء من الحدث، مثال ذلك صناعة طبق حلويات العيد من الورق، وهو نشاط رائع يعمل على تطوير المهارات الحركية لدى الطفل، مثل القص واللصق، كما أنه يُحفِّز عنصري التركيز والانتباه، وفوق هذا كله يُشعِره بأنه جزء من استعدادات العيد.

بالإضافة إلى ذلك، في السنوات الأخيرة، برزت على الساحة فكرة المدونات الرمضانية للأطفال، وهي عبارة عن كراسة تتكون من ثلاثين صفحة تمثل كل أيام الشهر المبارك، وفي كل صفحة يستطيع الطفل أن يُدوِّن مدة صيامه والصلوات التي أداها في هذا اليوم، بالإضافة إلى مهمة مُحددة تُطلَب من الطفل يوميًّا تحثه على فعل شيء إيجابي، أو فعل شيء خيِّر، وهذا النوع من الكراسات لم يكن متاحًا بشكل جاهز في الماضي، وحين كنَّا صغارًا – جيل السبعينيات والثمانينيات – كنَّا نقوم بصناعة هذه الكراسة بشكل يدوي في المدرسة لتعليقها على الحائط. وفي الصفحات الأخيرة من هذه المدونات تُوجه بعض المهمات الخاصة بالاستعداد للعيد، مثل شراء ملابس جديدة، أو التبرع بالملابس القديمة من أجل إسعاد المحتاجين في العيد وغيرها.

3. كيف أُعلِّم طفلي معلومات أكثر عن صلاة العيد؟

تعتبر صلاة العيد أبرز ما يميز يوم العيد، بل إن البعض يرى أن صلاة العيد هي ما يُشعِر الجميع بحلول العيد، ولعل صلاة العيد فرصة رائعة يمكن استغلالها لتعليم الطفل بعض المعلومات عنها، مثل كيفية صلاتها، وعدد ركعاتها، وعدد التكبيرات في كل ركعة، واختلافها عن الصلوات الأخرى التي يؤديها المسلمون خمس مرات يوميًّا.

وهناك العديد من الفيديوهات التعليمية التي أُعدت خصيصًا لتعليم الطفل خلفية عامة عن صلاة العيد وكيفية أدائها، كما أن هناك العديد من الأنشطة التعليمية التي تُعلِّم الطفل – خاصةً الأعمار الصغيرة – كيفية صلاة العيد عن طريق الرسومات والأنشطة المُسلية، مثل أنشطة حل المتاهات والتوصيل وغيرها، وتذكَّر دائمًا أن الغرض تعليمي، ولكنه يأتي في سياق مرح ومسلٍّ وغير إجباري، فأكثر المعلومات التي يستفيد منها الطفل وتعلق في ذاكرته هي تلك التي تأتي في سياق التعليم غير المباشر.

4. ما أفضل الأنشطة المسلية التي يمكن ممارستها يوم العيد؟

بعد انقضاء صلاة العيد وتبادل التهاني بين الأهل والأقارب يمكن تشجيع الطفل على أن يتواصل مع الأجداد والأصدقاء من أجل التهنئة بالعيد، وفي ظل عصر التباعد الاجتماعي يمكن تشجيع الطفل على صناعة بطاقة تهنئة للأهل والأقارب وتصويرها وإرسالها لهم، فالأعمال الفنية اليدوية لها متعة كبيرة، خاصةً مع الثناء من قِبل الأهل والأقارب والأصدقاء على دقة وجمال بطاقة التهنئة التي أرسلها الطفل، فهذا بلا شك من شأنه أن يُعزِّز من ثقته في نفسه ومن سعادته في يوم العيد.

وفي هذا السياق، هناك آلاف النماذج الجاهزة التي يمكن تنزيلها مباشرة من شبكة الإنترنت وتشجيع الطفل على كتابة إهدائه الخاص عليها، بالإضافة إلى بطاقات التهنئة المُجسَّمة التي تحتاج إلى القص واللصق، مما يضفي متعة رائعة وبهجة على أجواء العيد.

5. كيف أُوضِّح للطفل الفرق بين عيد الفطر وعيد الأضحى؟

يختلط هذا الأمر كثيرًا على الأطفال، فالصلاة واحدة، وتبادل التهاني مع الأهل والأقارب هو نفسه، وفي هذا السياق يمكن الحديث مع الطفل عن الفروقات بين العيدين من ناحية عدد أيام كل منهما، وتوقيت الاحتفال بكل منهما. وتسهيلًا لنقل المعلومة بشكل مُبسَّط للأطفال، هناك العديد من الفيديوهات التعليمية التي توضح الفرق بين العيدين عن طريق رسومات الكارتون، كما أن هناك العديد من الأنشطة التعليمية التي توضح الفرق بين كل من العيدين، وكيف أن عيد الفطر يأتي في أعقاب شهر رمضان (في شهر شوال)، بينما يقع عيد الأضحى في شهر ذي الحجة.

ويمكن أن نوضِّح للطفل كيف أن العيد يمثل فرصة رائعة في العطاء، وأن التصدق على الفقراء والمحتاجين من أبرز ما يُميز الاحتفال بأعياد المسلمين؛ ففي عيد الفطر يمنح المسلمون زكاة الفطر للفقراء، وفي عيد الأضحى يُقدم المسلمون الأضحية ليأكل منها الفقراء والمحتاجون، وكل هذا يهدف إلى إدخال السعادة والرضا على نفوس الجميع في تلك الأيام المباركة التي ينتظرها الجميع كل عام.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.