أعتقد أن مورينيو مصاب باضطراب ثنائي القطب، يمزح معك اليوم وفي اليوم التالي لا يمكنك حتى الحديث إليه
روجير إيبانيز مدافع نادي روما

لم يقصد إيبانيز بالطبع أن مدربه البرتغالي يعاني من اضطراب ثنائي القطب، لكنه أراد الإشارة إلى تغير مزاج مورينيو بشكل متطرف؛ لذا وصفه برجل يعاني من اضطراب ثنائي القطب، حسنًا ما هو اضطراب ثنائي القطب؟

1. اضطراب ثنائي القطب

يمكننا تعريف اضطراب ثنائي القطب على أنه مرض عقلي يتسبب في تغيرات غير عادية في مزاج الشخص وطاقته ومستويات نشاطه وتركيزه، يمكن أن تعوق هذه التغيرات من تنفيذ المهام اليومية للشخص.

كشخص متابع لكرة القدم قد لا تتفهم اضطراب ثنائي القطب بمجرد الشرح، لكن مع تخيلك لمورينيو الذي تحفظ حركاته عن ظهر قلب يصبح الأمر سهلًا، إنه مورينيو الذي يغضب وكأنها نهاية العالم بسبب مخالفة غير مؤثرة تمامًا لم تحتسب في منتصف الملعب ثم بعض دقائق يضحك من قلبه بسبب مخالفة أيضًا لم تحتسب!

هل يعني هذا أن مورينيو مصاب باضطراب ثنائي القطب؟ بالطبع لا، لكنه مثال تقريبي جيد لشرح الفكرة، لن يفهمه إلا محبو كرة القدم تحديدًا، ومن هذا المنطلق قررنا في القادم من سطور أن نعرفك على بعض الاضطرابات النفسية بنفس الطريقة وهي ضرب أمثال تقريبية من عالم كرة القدم.

لماذا؟ لأنه أمر مهم للغاية أن نتعرف على هذه الأمراض النفسية، فربما ننقذ شخصًا في يوم عن طريق توجيهه، أو على الأقل تفهمه في عالم يحتاج لكثير من التفهم.

2. الاكتناز القهري: باريس سان جيرمان

يمكننا تعريف الاكتناز القهري على أنه صعوبة شديدة ومستمرة يجدها الفرد في اتخاذ قرار التخلص من ممتلكاته، بغض النظر عن قيمتها الفعلية؛ لأنه يعتقد دومًا أنه سيحتاج إلى تلك الممتلكات يومًا ما.

هل يذكرك هذا بكيان ما ينتمي لعالم كرة القدم؟ نعم، ومن غيره نادي باريس سان جيرمان؛ النادي الوحيد الذي يبرم كل موسم صفقات عدة ولم نسمع أنه قام ببيع أحد لاعبيه المهمين لأي ناد منافس كان أو يلعب في قارة أخرى، تشعر دومًا أن فريق باريس يجد صعوبة بالغة في التخلص من اللاعبين حتى لو كانوا غير مفيدين للمدرب في وقت ما.

دعنا نعود للواقع، يبدو الاكتناز القهري أكثر خطورة من مجرد جمع المقتنيات، يبدأ الأمر بالاقتناء مثل أن تقوم بتجميع زجاجات فارغة أو أعداد متسلسلة لصحيفة ما ثم يتحول الأمر إلى هوس كامل، فتحيا وسط أكوام غير منتظمة من الصحف والملابس والكتب التي لا تتخيل أبدًا أن تفرط في أي منها لارتباطك العاطفي بها.

قدرت العديد من الدراسات الحديثة أن الاكتناز يؤثر على ما بين 2% إلى 6% من سكان العالم، هذا يجعل الاكتناز القهري إحدى أكثر حالات الصحة العقلية انتشارًا.

3. اضطرابات الأكل: واقع كرة القدم

تتعلق اضطرابات الأكل بأكثر من مجرد علاقة الفرد بالطعام، إنها اضطرابات عقلية معقدة تتسبب في تطور عادات غذائية غير صحية مثل الهوس بالطعام أو وزن الجسم، في الحالات الشديدة، يمكن أن تكون لاضطرابات الأكل عواقب صحية خطيرة وقد تؤدي إلى الوفاة إذا تُركت من دون علاج.

نحن هنا لن نضرب مثالًا تقريبيًا كالحالات السابقة؛ لأن واقع كرة القدم يكفي لشرح المسألة تمامًا، حيث كشفت دراسة أكاديمية هدفت لاستكشاف مدى انتشار مشكلات الصحة العقلية بين اللاعبات في إنجلترا أن 36% من أصل 115 هم عينة الدراسة أظهروا أعراض اضطراب الأكل.

فقدان الشهية العصبي هو أحد أشهر أنواع اضطرابات الأكل، وهو المرض الذي يعاني منه كثير من لاعبي كرة القدم ذكورًا وإناثًا؛ لاعتقادهم المشترك أنه كلما كنت أخف وزنًا، كنت أفضل أداءً.

فقدان الشهية يسجل أعلى معدل وفيات أكثر من أي مرض عقلي آخر، سواء كان الموت بسبب عدم انتظام ضربات القلب أو الانتحار لشعور الشخص بأنه ليس جيدًا بما يكفي.

4. اضطراب الوسواس القهري: بيب جوارديولا

قد تعتقد أن العرض الوحيد لاضطراب الوسواس القهري هو المبالغة في النظافة أو الترتيب لكن هذا ليس جوهر هذا الاضطراب، حيث يتم تعريفه على أنه مطاردة ثابتة للكمال والنظام والحاجة إلى السيطرة العقلية، أعتقد أن شخصًا وحيدًا من عالم كرة القدم قفز في مخيلتك الآن؛ بيب جوارديولا بالطبع.

إنه أكثر شخصيات كرة القدم هوسًا بالكمال وإخلاصًا لإنجاز العمل، يملك عشرات التصريحات التي تتمحور حول محاولاته للسيطرة على أدق التفاصيل.

المثير هنا أن كثيرين يعتقدون بإصابة بيب جواردولا باضطراب الوسواس القهري بالفعل حيث تم تحليل مقطع فيديو لبيب قام خلاله بإعادة ترتيب الهواتف المحمولة الخاصة بالصحفيين، التي كانت منتشرة أمامه، وهو الفعل الذي يعتاد مريض الوسواس القهري فعله لشعوره بعدم الارتياح عندما تكون الأمور حوله في حالة من الفوضى.

5. متلازمة ستوكهولم: حسام حسن مدربًا

متلازمة ستوكهولم ليس اضطرابًا بالمعنى المفهوم لكنها آلية للتعامل مع الشخص المسيء، حيث يتطور لدى الناس مشاعر إيجابية تجاه آسريهم أو المسيئين لهم بمرور الوقت، تنطبق هذه الحالة على عدة مواقف مثل إساءة معاملة الأطفال أو الإساءة التي تتضمن علاقة المدرب بلاعبيه.

ربما يصلح حسام حسن لشرح مفهوم ستوكهولم، إذا كنت متابعًا جيدًا للدوري المصري فأنت على الأغلب قد سمعت صوت حسام حسن يخترق المايك موجهًا السباب لأحد لاعبيه متوعدًا إياه بأنه لن يفارق دكة الاحتياط، وما هي إلا دقائق حتى يسجل هذا اللاعب هدفًا أو يسهم في صناعة الهدف ثم يركض بطول الملعب باحثًا عن حسام حسن تحديدًا بهدف الارتماء في أحضانه.

هذا تحديدًا هو الشرح المنطقي لاعتلال العلاقة التي تعبر عنها متلازمة ستوكهولم، لكن دعنا نوضح أن حسام حسن ليس وحيدًا في هذه الظاهرة بل إن عديدًا من المدربين يعتنقونها بداية من مدربي الناشئين وصولًا لأسماء ضخمة في عالم التدريب.

هكذا نكون قد عرضنا بالفعل شرحًا مختصرًا لخمسة من الاضطرابات النفسية التي حاولنا قدر جهدنا أن تكون واضحة باستخدام أمثلة من عالم كرة القدم، ونأمل أن تبحث أكثر عن هذه الاضطرابات؛ لأنه من المهم للغاية أن تحافظ على صحتك العقلية وكذلك صحة الآخرين.