«على مقياس من 0 إلى 10، ما مدى إعجاب والديك بك؟» كان هذا هو السؤال المطروح على فتى يبلغ من العمر 13 عامًا، والمفاجأة أنه وبدون تردد أجاب على الفور بكلمة: «10». وعندما سُئل هذا الفتى عن كيف عرف أن والديه يحبانه كثيرًا، قال: «لقد أدركت هذه الحقيقة بناءً على الطريقة التي يعاملانني بها، فأبي دائمًا يضمني إلى صدره، ونمارس معًا الكثير من المرح حيث نتصارع لنرى من منا الأقوى، كما أن أمي دائمًا تعانقني وتقبلني».

هذا الفتى ببساطة كشف أن هناك لغة أساسية واضحة يرى أنها السبيل الأساسي للتعبير عن الحب والإعجاب والاهتمام؛ ألا وهي التلامس الجسدي.

ومعلقًا على هذه التجربة كتب الباحث «جاري تشامبان» مقالًا في موقع «فوكيوس أون ذا فاميلي» قال فيه:

بعد أكثر من 20 سنة من الزواج والعمل في حقل الإرشاد الأسري، أنا مقتنع أن هناك خمس لغات أساسية للتعبير عن مشاعر الحب والإعجاب والعاطفة القلبية الصادقة من قبل الوالدين، وكل المراهقين والمراهقات تكون لديهم لغة حب أساسية، لا يستطيعون أن يفسروا مشاعر الحب والإعجاب تجاههم إلا وفق مفرداتها، وهذه اللغة تكاد تكون مسموعة ومحسوسة إذا كان لدى الوالدين القدرة على اكتشافها والتركيز عليها.

وأضاف تشامبان: إذا فشل أحد الوالدين في التحدث بهذه اللغة بشكل كافٍ مع ابنه المراهق أو ابنته المراهقة، فإن كل محاولات التعبير عن الحب والإعجاب وربما الاهتمام لن تصل؛ لأن آلية التواصل تكون مفقودة في هذه الحالة.

لنتخيل أن داخل قلب كل مراهق ومراهقة خزّانًا متعطشًا للامتلاء بالعاطفة والحب والتقدير، وهذا الخزان إذا امتلأ في هذه المرحلة العمرية الحساسة فإن الوالدين يكونان قد أهديا ابنهما أغلى وأهم هدية وأقوى سلاح سيحتاج إليه ليشق طريقه في رحلة الحياة، وهو محصن بدرجة كافية ضد الصدمات والأزمات التي ستعترض طريقه وفقًا لطبيعة الحياة.

وعلى الجانب المقابل إذا بقي هذا الخزان العاطفي في نفس الابن المراهق فارغًا فإنه سيكون عرضة لهبوب رياح الخوف والألم والتخبط، وسيدخل رغمًا عنه في سلسلة من الصراعات الداخلية، وربما بدأ البحث عمن يشبع عاطفته في الاتجاهات الخطأ، والمثير للأسف أن هذا قد يحدث على الرغم من أن الوالدين يحملان بالفعل كل الحب والعاطفة لهذا الابن، إلا أنهما عجزا عن التوصل إلى «لغة الحب» الخاصة به والتي لا يتلقى التعبير عن الحب إلا من خلالها.

هنا وصف موجز لأبرز لغات الحب في التعامل مع أبنائك المراهقين واحتوائهم.


1. التلامس الجسدي

من الطبيعي أن يكون العناق والقبلات واللمسات الحانية من سمات التعامل مع الأطفال في المراحل الأولى من حياتهم، وبمرور السنوات وعندما يبدأ الابن في الدخول إلى مرحلة المراهقة يشعر الكثير من الآباء بعدم الرغبة في التواصل جسديًا مع الابن حتى لو كان ذلك من خلال التربيت باليد على الكتف للتشجيع.

ولكن إذا كان هذا الابن لا يستقبل مشاعر الحب والاهتمام إلا عبر هذه اللغة بصورة أساسية فعلى الوالدين أن يدركا أن مثل هذه اللمسات الحانية لن تقل في أهميتها خلال هذه المرحلة عن الأهمية التي كانت تكتسبها في مرحلة الطفولة الأولى.


2. كلمات التشجيع والتحفيز

هي اللغة الثانية من لغات التعبير عن الحب والاهتمام من قبل الوالدين للابن المراهق، ولقد اعتاد الوالدان عندما كان ابنهما طفلًا صغيرًا يحبو أن يشجعاه على المشي بعبارات تملؤها مشاعر التحفيز وإعطاء الثقة بالنفس من قبيل: «هيا إنك تستطيع فعلها لو أردت.. أحسنت كثيرًا .. أكمل.. إنك قادر بالتأكيد على المواصلة»، وإذا تعثر الطفل ووقع فإن الوالدين سرعان ما يغمرانه بعبارات التشجيع لحثه على النهوض من جديد.

لماذا لا يلاحظ الكثير من الآباء والأمهات أن هذا الطفل لم يتخلّ عن الاحتياج لهذه اللغة من لغات الحب حتى بعد أن دخل مرحلة المراهقة؟ إنه لا يزال بالفعل لا يشعر أن هناك اهتمامًا وحبًا يحيطان به إلا مع مثل هذه العبارات التشجيعية التحفيزية أو التي تحمل معاني المواساة والتعاطف المعنوي.

عندما يتعرض الابن لحادث ويتسبب له في كسور أو رضوض مما يعطله عن الذهاب إلى دراسته لفترة من الزمن، فإن الوالدين اللذين يدركان أن لغة الحب بالنسبة لابنهما هي عبارات التشجيع يعرفان جيدًا كيف يغمرانه بهذه الكلمات بالطريقة الصحيحة المتوازنة التي تملأ نفسه بالرضا والأمل في التعافي، وتعويض ما فات، والانطلاق بقوة نحو تحقيق النجاح في المستقبل.


3. الاهتمام الدائم وعدم الغياب

كثير من العائلات تعاني من تقطع أوصال الروابط داخلها، فظاهريًا يعيش الأب والأم مع الأبناء تحت سقف بيت واحد، لكن الحياة اليومية تكشف بوضوح أن الأب منشغل تمامًا في عالمه الخاص وأن الأم مستنزفة بالكامل في واجباتها، وربما بعد الغزو الشامل من وسائل التواصل الاجتماعي في هذا العصر الذي نعيش فيه، لم تعد هناك فرصة حقيقية للتعبير عن الاهتمام بالابن المراهق بشكل حقيقي ومستمر.

فإذا كانت لغة الحب الوحيدة التي تملأ خزان العاطفة في قلب هذا الابن المراهق تتمثل في أن يجد والديه يتمتعان بسعة الصدر والصدق في الاهتمام بكافة موضوعاته وأحداث حياته ومشاعره، ففي هذه الحالة لن يتمكن الوالدان من التعبير عن حبهما لهذا الابن إلا عبر تسخير جانب من وقتهما اليومي لإعلاء قيمة الاهتمام بهذا الابن، والتحاور معه في أبسط التفاصيل، وعدم الانشغال عنه قدر الإمكان.

يقول أحد الأبناء المراهقين: «أبي وأمي دائمًا موجودان عندما أحتاج إليهما، يمكنني مناقشة أي شيء معهما، وأعرف أنهما سيفهمان ويحاولان مساعدتي في اتخاذ قرارات حكيمة، أنا أستمتع بأداء الأشياء معهما، وسأفتقدهما بشدة عندما أذهب للدراسة الجامعية في مدينة أخرى، فقد كانا خير صديقين لي».


4. إعطاء وتلقي الهدايا

بعض الآباء يتكلمون هذه اللغة بشكل حصري، وغالبًا ما يعانون من الصدمة عندما يجدون أن الابن المراهق لا يستقبل هذه اللغة ولا يفهمها، وربما تأتي بنتائج عكسية، لكن هذا لا ينفي أن هناك شريحة من الأبناء المراهقين والبنات المراهقات لا يعرفون لغة للحب والإعجاب والتقدير بشكل أساسي إلا عبر تبادل الهدايا، وليس فقط الحصول على الهدايا بل إن الابن المراهق يشعر بسعادة كبيرة عندما يقدّم هو الهدايا لوالديه، وتكون هذه اللغة ذات صوت مسموع في قلبه ولها تأثير يفوق التوقع.

عندما تحدثت فتاة مراهقة عن الكيفية التي عرفت بها أن والديها يحيطانها بحبهما طوال الوقت أشارت إلى قميصها وتنورتها وأحذيتها وهاتفها المحمول الحديث، وقالت: «كل شيء عندي، فقد أعطياني كل ما أحتاج وفق إمكانيتهما وقدراتهما وهذا يكفيني ويشعرني بمدى حبهما لي».


5. التصرفات العملية

قد يجد الابن المراهق أن قمة تعبير والده عن الحب له تتمثل في أن يتدخل للدفاع عنه إذا تعرض لمشكلة ما، أو أن يكون مهتمًا بالتعرف إلى أصدقائه، أو أن يكون راغبًا في السفر معه، وممارسة الهوايات المشتركة، وكذلك الحال بالنسبة للابنة المراهقة التي تجد أن والدتها تتصرف بشكل عملي لإنقاذها من أي موقف محرج، وتقديم كل أشكال المساعدة والعون لها بشكل يومي حتى تكون حياتها أجمل وأكثر بساطة. هذه اللغة في التعبير عن الحب تجعل الأبناء المراهقين يشعرون أن الوالدين بالفعل يغمرانهم بالعاطفة التي يحتاجون إليها.

هناك أشياء قليلة أكثر أهمية بالنسبة للوالدين من اكتشاف وتحدث لغة الحب الأساسية التي يتوق إليها الابن المراهق، والمهم في الأمر إدراك أن الابن المراهق يحتاج إلى الحصول على الحب بجميع اللغات الخمس، لكن التركيز على لغة الحب الأساسية سيملأ خزان العاطفة لديه بشكل أسرع وأكثر فعالية.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.