محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2020/5/21
الكاتب
مجموعة مؤلفين

إبطاء انتشار المرض مسئوليتنا جميعاً، كل منَّا له دوره الهام، ليس فقط في منع انتشار الفيروس، ولكن أيضاً في منع انتشار المعلومات المُضلِّلة، فوسط  ذلك الطوفان من الأخبار التي تنهمر علينا عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتختلط فيها الحقائق بالشائعات والأخبار المزيفة، أصبح عالمنا اليوم وهو في خضم مواجهته مع وباء «كوفيد 19»، يواجه أيضاً ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن الجائحة الفيروسية، ظاهرة وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها «وباء معلوماتي».

تُظهِر أبحاثنا حول الدعاية على وسائل التواصل الاجتماعي أن وقوفنا موقف المتفرج خلال أحداث من قبيل جائحة الكورونا يمكن أن يشجع على انتشار الأخبار المزيفة، وبدلاً عن ذلك يمكن اليوم لأي شخص تتوفر لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت أن يسهم في الحرب على المعلومات المضللة؛ على سبيل المثال، القيام بإنشاء مقاطع الفيديو أو الأغاني مع رسائل الوقاية.

نفس خطورة الفيروس

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن «وباء المعلومات» المرتبط بـ كوفيد-19 لا تقل خطورة عن الفيروس نفسه. كما أن التدابير الوقائية الزائفة، مثل العلاجات الأفريقية التقليدية والعلاجات المزيفة، مثل تناول الثوم أو شرب الماء الدافئ بشرائح الليمون أو الكحول المغشوش تعوق الجهود المبذولة لمكافحة المرض.

وعلى نحو مماثل، فإن نظريات المؤامرة التي تتهم الصين بتصنيع الفيروس، أو إلقاء اللوم على أبراج اتصالات الجيل الخامس لنشر المرض، أو اتهام قطب الأعمال بيل غيتس زوراً بالتسبب في انتشار الوباء في الولايات المتحدة حتى يبيع لنا اللقاح، قد تكون له عواقب تتجاوز الصحة العامة.

وتُغذِّي هذه الشائعات والخرافات والحقائق المُبالَغ فيها أشكالاً جديدة من كراهية الأجانب على الإنترنت وخارجها. ويتعرض العديد من الأشخاص من أصل صيني أو شرق آسيوي للإهانة أو الاعتداء أو الحرمان من الخدمات. يتم إلقاء اللوم على الجماعات الدينية والأقليات والنخبة على الإنترنت لانتشارها.

ذعر متزايد

في الوقت الذي يشارك فيه بعض مستخدمي الإنترنت -وربما بنية حسنة- تلك الكوميكس أو مقاطع الفيديو أو الصور التي تسخر من الفيروس، نجدهم يخاطرون أيضاً بنشر معلومات مُضلِلة، بل يساهمون أيضاً في تأجيج الذعر والارتباك في المجتمع، للدرجة التي أصبح فيها من الصعب على الناس الوثوق بمصادر المعلومات، ويجدون أنفسهم عُرضة للخداع وربما ضحايا للجريمة السيبرانية.

من ناحية أخري يظل موقف حكومة بكين مصدراً آخر للارتباك، وهو ما استدعي الحكومات الغربية بقيادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لاستجواب الحكومة الصينية، حول أصول الفيروس والمدى الحقيقي للوباء في الصين. وعلى الرغم من نفي بكين لإخفاء أي شيء، فإن اختفاء عدد من الأطباء الصينيين الذين حذروا مبكراً من الفيروس يغذي التكهنات، سواء كان ذلك صحيحاً أم لا.

مكافحة المعلومات المُضلِّلة

بالطبع لم تقف الحكومات مكتوفة الأيدي أمام «وباء المعلومات»، فقد اتخذ بعضها العديد من التدابير للحد من تداول الأخبار المزيفة، ففي الوقت الذي بدأت فيه بعض  البلدان الآسيوية في إجراء ملاحقات جنائية للمتورطين بنشر المعلومات المضللة حول كوفيد-19، وفَّرت حكومة مقاطعة كيبيك الكندية لمواطنيها خدمات التحقق من الحقائق من قبيل جهاز الكشف عن الشائعات، تزامناً مع قيام منظمة الصحة العالمية بتدشين شبكتها المسماة EPI-WIN لتعقب المعلومات المضللة بعدة لغات.

ويأتي هذا في الوقت الذي قام فيه عمالقة التكنولوجيا ببذل جهود حثيثة في سبيل تصفية الأخبار الكاذبة وتوفير المعلومات من مصادر موثوق فيها، ففي حين  تقوم Google بإزالة المعلومات المضللة حول كوفيد-19 من YouTube وخرائط Google ومنصات التطوير الخاصة بها مثل Play وأيضاً في الإعلانات، يقوم تويتر بالتحقق من الحسابات الموثوق فيها للمعلومات حول كوفيد-19، وتراقب المحادثات لضمان أن توفر الكلمات الرئيسية -التي يستخدمها زوار الموقع للبحث عن الأخبار المتعلقة بالفيروس- إمكانية الوصول إلى معلومات موثوق فيها. ولم تتخلَّف منظمة الصحة العالمية عن الركب، حيث أطلقت إنذاراً صحياً على تطبيقات «واتس آب» وفيسبوك ماسنجر لتوفير معلومات دقيقة عن الفيروس.

في حين برز دور الأمم المتحدة في التصدي للمعلومات المضللة، والمحتالين على الإنترنت الذين يستغلون الأزمة من خلال تفعيلها لبرنامج تحالف الأمم المتحدة الإنمائي #CoronaVirusFacts، الذي يضم أكثر من 100 من مدققي الحقائق من أكثر من 45 بلداً في الشبكة الدولية لتقصي الحقائق.

احمِ نفسك

إن وباء المعلومات هو جائحة حقيقية كما هو كوفيد-19. وكما هو الحال مع الفيروس، يجب أن نتخذ كل الاحتياطات لحماية أنفسنا وأحبائنا من تلك الأخبار المزيفة التي يتم مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ما لم يتم إيقافها بسرعة، فسرعان ما سوف تنتشر كما الفيروس وتؤثر بالسلب على عدد كبير من المستخدمين.

وفي حين يبدو من الصعوبة بمكان السيطرة على فيروس غير مرئي، لا يُسبِّب أعراضاً في بعض الأحيان، وفي الوقت الذي تبدو فيه تدابير من قبيل التباعد الجسدي واتباع قواعد النظافة الشخصية الصحية وارتداء الأقنعة كأفضل وسيلة للحد من انتشار المرض، فإن الانتباه لكل ما نتلقاه من معلومات، هي أيضاً واحدة من أفضل الطرق للقضاء على الأخبار الكاذبة والمزيفة.

بادئ ذي بدء، لن يكلفك الأمر سوى بضع نقرات للكشف عن معلومات خاطئة، ومن ثَمَّ السعي للحصول على معلومات موثوق فيها، التي تتوفر عبر العديد من المواقع التي يمكن اللجوء إليها حسب الحاجة؛ مواقع من قبيل COVID-19 Poynter، وتنبيه COVID-19 على غوغل، والموقع الخاص بمرض كورونا (COVID-19) الذي تقدمه حكومة كيبيك، ومنصة المعلومات على الإنترنت التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

ويبقى الأمر بالغ الأهمية في الوقت الذي نشهد فيه فيضاناً من المعلومات من آلاف المصادر، وهو تحدٍّ كبير. وهنا يقفز التساؤل حول جدوى دورنا نحن مستخدمي وسائل التواصل، في الوقت الذي تبدو فيه الشركات والحكومات المتعددة الجنسيات غير قادرة على التخفيف من انتشار الوباء المعلوماتي المصاحب للجائحة.

قلِّل من انتشار المعلومات المُضلِّلة

وبالرغم من أن اتباع استراتيجيات مثل تدقيق المعلومات والنقاش العقلاني، يعتبران من أفضل وسائل مكافحة وباء المعلومات ذات الصلة بكوفيد-19، فإن هذه الاستراتيجيات ربما يكون لها بعض الآثار السلبية.

فقد أظهرت دراسة سابقة عن فيروس زيكا أن محاولات مكافحة المعلومات المضللة لم تُقلِّل من المفاهيم الخاطئة عن الفيروس، بل قلِّلت من ثقة الناس في دقة المعلومات الوبائية لمنظمة الصحة العالمية.

وربما يرجع الأمر إلى أن بعض الناس يتمسكون بالتفسيرات المُبسَطة للأمور العلمية، دوماً عن محاولة فك رموز المعلومات المعقدة في خضم الفوضى المصاحبة لانتشار الأوبئة، حيث لا تتوفر سوى معلومات واقعية قليلة عن مصادر التهديد الجديد وكيفية الوقاية منه.

ولكن العمل ضد وباء المعلومات هو مسئولية الجميع، وحتى لا نضيع أوقاتنا هدراً في كشف الغموض عن كل قطعة من الأخبار الكاذبة، يمكننا دائماً تقليل نطاق انتشارها.

وفيما يلي خمسة تدابير يمكن لكل منَّا اتباعها لمنع انتشار المعلومات المضللة:

  1. كن حاسماً في تعاملك مع وسائل التواصل الاجتماعي.
  2. لا تترك معلومات خاطئة في الشبكات الخاصة بك على الإنترنت، يمكنك أن تطلب بأدب من الشخص الذي شاركها إزالتها.
  3. الإبلاغ عن المعلومات الخاطئة لمسئولي النظام الأساسي.
  4. عند الشك، خذ وقتك في التحقق من المعلومات المنشورة على شبكات التواصل.
  5. انشر المعلومات الموثقة بوتيرة أكبر مما يفعل هؤلاء اللذين ينشرون المعلومات الكاذبة.

مع هذه الإيماءات البسيطة، والحرص على تبادل معلومات موثوق فيها، ستكون أنت وشبكتك أقل عرضة للمخاطر المعلوماتية.

في أوقات الحظر، يقضي مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المزيد من الوقت عبر الإنترنت أكثر من أي وقت مضى، ومن الضروري أن يقوم كل منَّا بدوره لوقف انتشار الأخبار الكاذبة والمزيفة، التي من المرجح أن تستمر في الانتشار حتى بعد احتواء الوباء.