يعد معرض القاهرة الدولي للكتاب أحد أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط،وثاني أكبر معرض عالميًّا بعد معرض فرانكفورت بألمانيا، ورغم أن الفجوة بينهما كبيرة كما يحكى فإنه يظل منفذًا عملاقًا، وفرصة رائعة للكُتَّاب والقراء على حد سواء.

المقال بين أيديكم محدد الوجهة، أهدف فيه إلى محاولة منع تحويل زيارة معرض الكتاب إلى عبء مادي أو معنوي، وهو مقال لا يقطع كل الطريق بل ينير مصباحًا في أوله.


1. انتبه لشعور «الطفل في متجر الألعاب»

لا زلت أذكر أني اشتريت العديد من الكتب في أكثر من مجال، في أولى زياراتي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب منذ سنوات ليست بالقليلة، ولا زلت لم أنهِ بعضها قراءةً أولى (فضلًا عن إعادة قراءة العميق منها) حتى الآن! إن كانت هذه زيارتك الأولى فانتبه لهذا الشعور الطفولي الذي قد يغمر مشاعرك ويدفعك لانتهاز فرصة المعرض، ولا تشتر بدافع الشراء.

ربما لا تلقى هذه النصيحة القبول عند بعض دور النشر والكتاب الحريصين على الربح، ولكنك لست مضطرًا لإرضائهم على أية حال ولست مضطرًا كذلك لشراء أكثر الكتب مبيعًا إن كنت متأكدًا أنك لن تقرأها. لست مضطرًا لشراء موسوعات ضخمة -لأن سعرها مناسب الآن- ما دامت في غير مدى قراءتك القريب.


2. راجع مكتبتك

ربما تجد في مكتبتك الحالية بعض الكتب التي نسيت قراءتها أو أجلتها إلى حين. ربما تتذكر كتابًا رائعًا لكنك تحتاج إلى مراجعته، إن كان الأمر كذلك، فربما تفضل تأجيل شراء بعض الكتب أو الروايات الجديدة حتى تستفيد الاستفادة الكاملة مما عندك. وتذكر القول المنسوب للعقاد:

أن تقرأ كتابًا جيداً ثلاث مرات؛ خير لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جديدة.

بالطبع لن تطبق مقولته إلا على الكتب التي تستحق هذه القراءات الثلاث.


3. جهز خطتك

هذه المقولة المنسوبة لبنيامين فرانكلين، على شهرتها، إلا أن كثيرًا منا يغفل عنها. لا بد من إعداد خطة الشراء قبل الذهاب إلى المعرض، واسمح لي باقتراح بعض الخطوات:

أ. حدد قدرتك القرائية قبل الشرائية. أي حدد ما يمكنك قراءته في العام الحالي مثلًا، وذلك بحصر ما استطعت قراءته من كتب كاملة آخر عام. لا تشتر أكثر من قدرتك إلا بالفارق الذي تتوقع أن تطورها إليه.

ب. حدد أولوياتك في القراءة حسب أهمية الموضوع لك ومدى استعجالك على قراءته للإجابة عن تساؤلاتك الحالية، ودعني أخبرك بالنصيحة التي سمعتها من خبير الإدارة والتنمية الدكتور طارق السويدان: اقرأ 400 صفحة شهريًّا، نصفهم في تخصصك ونصفهم خارجه، ما زالت النصيحة ترن في أذني رغم أني لم أستطع الالتزام بها بعد.

ج. إن لم تكن من دارسي الأدب، فلا ينبغي أن تأخذ الروايات أكبر من حجمها في مجموع ما تقرأ. نصيحة السويدان ألا يزيد نصيبها عن 10% من مجموع ما تقرأ، حسب ما نقل عنه.

د. حدد قدرتك الشرائية حسب إمكاناتك المادية وأولوياتك الحياتية.


4. استغل الميزة التنافسية في المعرض

أقصد هنا بالميزة التنافسية «Core Competency» ما تجده في معرض الكتاب ويصعب أن تجده في غيره، ربما يرى البعض أن الميزة الأساسية في معرض الكتاب هي أسعار الكتب، إلا أني أرى أن الميزة التنافسية الحقيقية للمعرض هي جمعه لهذا الكم من الكتب والناشرين والكُتَّاب والأنشطة في مكان واحد، وفي إطار زمني بطول يسمح بالاختيار وقصر يمنع من التسويف والتأجيل.

استغلال ذلك لن يكون بالشراء السريع بالطبع بل على العكس! قد يستغل البعض هذا التجمع للتعرف على ما يجب شراؤه، ولذلك إن كان من الميسور لك أن تكرر الزيارة، فاجعل زيارة للمشاهدة والتخطيط وأخرى لتنفيذ الخطة، وربما تجعل المعرض نافذة للتخطيط، على أن تقوم بالشراء فيما بعد إن لم تكن هناك فائدة في الاستعجال.


5. المعرض ليس لبيع الكتب فقط

إن كان لديك الوقت، تعرف على الأنشطة الثقافية والفنية التي تناسبك أو تناسب أطفالك، هذه أيضًا من أهم المزايا المتاحة في معرض الكتاب. يمكنك أن تجد الكُتَّاب الكبار في حفلات توقيع أو ندوات فكرية أو أمسيات شعرية. يمكنك أن تجد أنشطة فنية مناسبة لأطفالك. يمكنك استغلال هذه الفرص التي يصعب الجمع بينها في نفس المكان وفي هذا الإطار الزمني المريح نسبيًّا.


6. أحسن التعامل مع ضغط الأقران

إن لم تكن نهمًا للقراءة فربما عليك أن تعوِّد نفسك عليها، بشرط أن يكون ذلك نابعًا من قناعتك الشخصية. إذا كنت تلهث وراء شراء كتب لن تقرأها للتخلص من ضغط زملاء مثقفين، فسيتحول الأمر إلى عبء مادي ونفسي مقيت. لا أقول لك: تخلص من ضغط زملائك وأصدقائك المثقفين، بل أقول: استغل هذا الضغط لصالحك، بأن تجعله منبهًا لقدراتك ومحفزًا على القراءة، ولكن لا تلهث وراء ملء صورتك أمامهم بشراء كتب لن تقرأها.


7. يمكنك أن تتطوع

بفشلك في الإعداد، فأنت تعد للفشل.

إن كنت شابًّا متحمسًا للحركة، فيمكنك التطوع للعمل بمعرض الكتاب.، هذه فرصة راقية للغاية لاكتساب المعارف الحياتية ولبناء علاقات إيجابية، وكونك عنصرًا في دعم وصول الثقافة لعموم الناس أمر في حد ذاته يستحق التقدير.

إن كانت أول مرة لك للعمل التطوعي فهي بداية جيدة، وإن كنت معتادًا على التطوع فربما هذه إضافة جديدة يمكن أن تضيفها لمشوارك التطوعي الذي تحب به أن تفيد الناس. إن لم تكن بالفعل قد قدمت للتطوع هذا العام وجاءك هذا المقال متأخرًا فلا مشكلة. جهز للتطوع في العام القادم.

وختامًا، أتمنى أن يكون المقال– على بساطته – قد وضع يدك على بعض النقاط التي تعينك على جعل زيارتك لمعرض الكتاب أمرًا أكثر فائدة وإمتاعًا وأقل ضغطًا ماديًّا ومعنويًّا، وأن يكون قد أضاء بعض فرص المشاركة التي لا تقوم على التكلفة المادية في الأساس.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.