هناك رجال لا تنصب عليهم الأضواء إلا في كأس العالم، مثال هذا بوضوح هو جييرمو أوتشوا، الرجل الذي بات بطلًا قوميًا في المكسيك، يشارك في المونديال الخامس له ويتألق بشكل لافت ويقدم مستوى يليق بأبناء العشرين وهو الذي أتم قبل المونديال بأيام عامه السابع والثلاثين.

حينما تصدى لركلة جزاء روبرت ليفاندوفسكي في مباراة بولندا بكأس العالم 2022 استدعى الكل شريطًا من التألق يحمل اسم أوتشوا في المونديال. في كل مونديال له لقطة مثل تلك اللقطة يقود فيها المكسيك إلى الخروج بنتيجة مفاجئة.

لقد أعاد ذلك إلى الأذهان تألقه الاستثنائي أمام البرازيل في مونديال 2014 التي استضافها السيليساو وكيف أسهم في إيقاع البرازيل في تعثرها الوحيد بدور المجموعات وتأمين نقطة وحيدة من المباراة التي تألق فيها وقاد المكسيك إلى مزاملة البرازيل إلى الدور الثاني.

أعادت تلك الركلة أيضًا ذكريات تألقه المبهر أمام ألمانيا في مونديال 2018، الذي فجرت فيه المكسيك مفاجأة مدوية بالفوز على حامل اللقب والمساهمة في إقصائه من المجموعة.

كأس العالم هي الحلقة الاعتيادية التي ينصب فيها الضوء على أوتشوا، ذلك الرجل اللاتيني ذو الهيئة التي تشبه الهنود الحمر.

ولكن ماذا عن تلك الأشياء التي لا تعرفها ربما، التي لا تتحلى بنفس تقليدية تألق الرجل في كأس العالم؟ التقليب في صفحات الماضي قادنا لنتائج مفاجئة.

نبوءة مارادونا

بعد أن توفي أسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييجو أرماندو مارادونا، قال أوتشوا إن من دواعي سروره أن يكون قد جذب انتباه مارادونا من قبل، بل إن مارادونا اعترف له بأنه شاهده في بدايات مسيرته الكروية وأثار إعجابه بدرجة كبيرة.

أوتشوا ذكر في تصريحات صحفية أن مارادونا قال له قبل وفاته إنه رآه في 2007 وبالذات أمام آرسنال دي ساراندي الأرجنتيني في نهائي «كوبا سود أميريكانا» التي خسرها كلوب أمريكا 3-2 أمام الفريق الأرجنتيني. يومها قال، إن هذا الفتى سيصبح واحدًا من أفضل 3 حراس في العالم بالنسبة له.

ضحية أبو تريكة

«أي خوفو؟ أي خفرع؟ أي منقرع؟ هدف من الفرعون الصغير» هل تذكرون هدف محمد أبو تريكة الاستثنائي في كلوب أمريكا المكسيكي بكأس العالم للأندية 2006؟ إن كنت من نفس الجيل فأعتقد أنك رأيته وأنت هارب من المدرسة.

إذا مددت شريط ذكرياتك للأمام بعض الشيء ستجد الشوالي يقول: «اجري يا أوتشوا» لأن كلوب أمريكا بطل أمريكا الشمالية والكونكاكاف آنذاك كان يحرس مرماه حارس واعد بعمر 21 عامًا فقط يدعى جييرمو أوتشوا!

ليس «أبو الأنوار»

النصف الأول من اسم أوتشوا، أو لقب «ميمو» ليس اللقب الخاص بـ«أبو الأنوار» نجم الراب المصري، وإنما يعرف أوتشوا في المكسيك بلقب «ميمو» تخفيفًا من اسمه الأول جييرمو الذي لا يبحث عنه ويلقبه به سوى العرب تقريبًا.

عواطف جياشة

بعمر 20 عامًا بدأ أوتشوا تجاربه العاطفية المعروفة في المكسيك، واعد في البداية المغنية المكسيكية الشهيرة دولشي ماريا، قبل أن ينفصلا في خلال عام فقط.

بعد انتقاله إلى أجاكسيو الفرنسي، ارتبط بعارضة الأزياء المكسيكية كارلا مورا التي أنجبت له ابنته الأولى لوسيانا في 2013، الآن هما متزوجان ولديهما 3 أبناء.

سر الرقم 13

ألم تسأل نفسك لماذا يصر أوتشوا على ارتداء الرقم 13 رغم أنه حارس مرمى ومن البديهي أن يرتدي الرقم 1؟

السبب عائد إلى يوم ميلاده، إذ إن أوتشوا من مواليد الثالث عشر من يوليو/تموز عام 1985، وهو يتفاءل كثيرًا بذلك الرقم على غير المعتاد.

بطل «فيفا»

تطرح شركة «إي آيه سبورت» التي تطلق لعبة «فيفا» كل عام تصميمًا سنويًا على غلاف لعبتها الدورية، وتكون هناك نسخة عامة لكل البلدان، ثم نسخة خاصة لكل قارة.

وفي نسختي 2008 و2009 من اللعبة، وقع الاختيار على أوتشوا ليتصدر غلافي اللعبتين في عامين متتاليين رغم أنه لم يكن قد غادر بلده المكسيك بعد متجهًا صوب أوروبا وهذا يعطيك فكرة عن مستوى النجومية الذي حققه «ميمو» في سن صغيرة للغاية نظرًا لشعبية كلوب أمريكا وتمثيله المكسيك مبكرًا أيضًا.

لاعب كرة قدم أمريكية!

عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر أوتشوا في وقت سابق من العام الجاري بتحدي الركل على طريقة كرة القدم الأمريكية في اختبار لقوة ركلته.

النتائج كانت مفاجئة لدرجة كبيرة، الحارس الذي يشتهر بقوة تسديداته بالقدم أثناء بدء الكرة أظهر تحطيمه لقوة الركل من مسافات الـ30 و35 و40 ياردة.

ركلات الـ60 والـ65 ياردة أثبتت فقط أنه يحتاج بعض التدريب، ولكن العرض القوي للغاية منه في لعبة لم يمارسها من قبل دفع نجم كرة القدم الأمريكية المكسيكي السابق راؤول أليجري إلى إخباره أنه «يمكن أن يكون له مستقبل في هذه اللعبة، أنا تحت تصرفه إذا أراد بعض المساعدة في تحسين أسلوبه».

مدير رياضي قادم؟

لم يؤمن أوتشوا مستقبله على صعيد كرة القدم الأمريكية فحسب، بل إنه إذا عاد لرياضته الاعتيادية في ما بعد فسيجد مكانه ولكن في خانة جديدة لا تمت لحراسة المرمى بصلة إلا إذا اختار السير في مسار تقليدي.

ذلك أن أوتشوا حصل على درجة علمية معتمدة من معهد يوهان كرويف في الإدارة الرياضية بكرة القدم، هل نرى «ميمو» مديرًا رياضيًا في نادٍ مكسيكي أو أوروبي كبير بالمستقبل؟

في معرض حديثه عما دفعه للحصول على هذه الدرجة العلمية في عام 2013، قال أوتشوا: «أنا أعلم أن مشواري في الملاعب سينتهي يومًا ما، ولذلك قررت أن أحصل على هذه الدرجة لأجهز نفسي بشكل أكبر لمواجهة مستقبلي خارج الملعب».

أوتشوا أضاف في حوار للمعهد عقب حصوله على الدرجة العلمية، إنه يستهدف اقتحام كرة القدم مرة أخرى مدربًا أو رئيسًا، وإنه يملك الشغف لقيادة كل شيء من خارج الخطوط من منظور اقتصادي، ويستطيع عمل إستراتيجيات تسويقية في انتقالات اللاعبين.

سينبغي على «ميمو» آنذاك أن يخبر لاعبيه كيف يتجنبون مصيره في الانتقالات على مستوى الدوريات الأوروبية الكبرى، وهو الذي لم يحظ بنجاح كبير فيما يتعلق بهذه التجربة على عكس مشواره الاستثنائي مع منتخب المكسيك.