حسن سلمان (أبو فلة)، شاب كويتي يبلغ من العمر 22 عامًا، بات حديث الوطن العربي بأسره خلال الأيام الماضية، بعدما نجح في جمع 11 مليون دولار لصالح دعم اللاجئين السوريين.

بدءًا من يوم 7 يناير الماضي، تحدّى أبو فلة نفسه وسجن نفسه داخل غرفة زجاجية تقع في منطقة قريبة من برج خليفة في دبي، وأطلق حملته «لنجعل شتاءهم أدفأ»، ووضع لها هدفًا هو جمع 10 ملايين دولار.

هذا النجاح ليس مفاجئًا بكل تأكيد، ففديوهات الشاب الكويتي حققت أكثر من ملياري مشاهدة، ويتابعه أكثر من 20 مليون مستخدم من حول العالم على يوتيوب، بالإضافة لـ802 ألف على تويتر وقرابة 6 آلاف فردٍ على انستجرام، وصفته الأمم المتحدة بأنه «أحد أكثر لاعبي الفيديو شعبية في العالم العربي وصاحب أكبر قناة نمواً على يوتيوب في العالم».

أرقام قياسية

احتاج حسن إلى البقاء داخل الغرفة الزجاجية 12 يومًا متتاليًا حتى تجاوزت التبرعات الرقم المستهدف (10 ملايين دولار).

خلال تلك الأيام الـ12 قضى أبو فلة 286 ساعة و14 دقيقة و20 ثانية في بثٍّ مباشر حقّق 698 ألف مشاهدة، وهما رقمان استحقّ عليهما الثناء من موسوعة جينيس كأطول مدة بث مباشر في التاريخ وأكبر عدد مشاهدات لحملة إنسانية جرى تنظيمها عبر «يوتيوب».

هذه الأرقام التفاعلية الكبيرة خلقت حالة كبيرة من الزخم على منصّات التواصل الاجتماعي جعلت اسم «أبو فلة» يتصدّر أغلب قوائم الاهتمامات بها في جميع أنحاء الوطن العربي.

ليست المرة الأولى

منذ أن بدأ مسيرته في تقديم محتوى على «يوتيوب» من عام 2016، اعتاد «أبو فلة» تقديم محتوى ترفيهي عبر قناته ركّز على الحديث عن ألعاب الفيديو جيمز إلا أن هذا لم يمنعه من استغلال نجاح قناته في تنظيم العديد من المبادرات الخيرية من وقتٍ لآخر.

المبادرة الأخيرة لم تكون الأولى له. في أكتوبر من العام الماضي، أطلق حملة أخرى لمساعدة اللاجئين السوريين جمع بموجبها مليون دولار خلال 3 أيام.

أيضًا، اهتمّ سابقًا بتنظيم حملات لدعم فقراء أفريقيا عبر بناء مساجد وآبار مياه هناك.

والده لم يكن متحمسًا لعمله

في لقاءٍ سابق مع الإعلامي الإماراتي «أنس بوخش» كشف أبو فلة العديد من جوانب حياته الشخصية وكواليس تدشينه لقناة «يوتيوب الخاصة به».

كشف في هذه المقابلة، أنه لم يتمكن من استكمال دراسته بالخارج رغم تحقيق درجات عالية في مرحلة الثانوية بسبب سوء حالة والده المالية.

وبحسب أبو فلة، فإنه قال لنفسه «انتَ فاضي وقاعد، افتح قناة يوتيوب»، طرأت هذه الفكرة في ذهنه بعد رفضه الوظيفة الأولى التي نالها وهي توصيل الطلبات إلى المنازل.

حينما طرح الفكرة على والده «الذي لا يعرف شيئًا اسمه يوتيوب»، رفض لأنه اعتبر هذا الموقع «مكان الشياطين، وأن استخدامه كُفر»، لكنه احتاج إلى 2.5 ساعة كاملتين لإقناع الوالد بالموافقة، لكنه رغم ذلك لم يكن متحمسًا لنشاط نجله حتى أنه هدّده في إحدى المرات بالتبرؤ منه لو استمر في بث الفيديوهات عبر الإنترنت، وهي المشكلة التي لم تكن لتُحل لو لم تتدخّل أمه على خطِّ الأزمة.

الجدل لا ينقطع

حتى بعد النجاح في جمع هذا المبلغ الكبير لم يتوقف الصخب الذي رافَق هذا الحدث بعدما أعلنت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن «نصف المبلغ» سيُخصّص لدعم جهود المفوضية لـ«الوصول للعائلات اللاجئة والنازحة»، وهو ما ترجمه المتابعون على أن المنظمة ستقتطعه كـ«مصروفات إدارية» في شكل مرتبات ومكافآت لأعضاء الهيكل الإداري للمفوضية.

أبرز هؤلاء المنتقدين كانت الممثلة الكويتية شمس التي أعلنت أنها رفضت المشاركة في المبادرة بسبب شكوكها في آلية صرفها عبر الأمم المتحدة.

وهو ما تطلّب توضيحًا سريعًا من جانب المفوضية أكدت فيه أن «كامل التبرعات» ستصل للمحتاجين، وأن مصطلح «نصف الأموال» الذي صدر عنها فُهم خطأ، وإنما هو جزء من آلية اعتمدتها لتوزيع الأموال تتضمّن ضخ نصف الأموال لتمويل برامج المساعدات فيما يذهب النصف الآخر إلى شبكة بنوك الطعام في المناطق المجاورة.

وبخلاف هذه النقطة، أثار متابعون قضية أخرى وهي اختيار أبو فلة لمدينة دبي لإطلاق حملته، التي صدّرت اسم المدينة الإماراتية الشهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بجوار اسمه.

وفي بداية هذا الشهر، تلقّى أبو فلة دعوة -لا نعلم الكثير عن تفاصيلها- لزيارة دبي، وهي الزيارة احتفلت بها عدد من وسائل الإعلام الإماراتية منها إجراء اللقاء المُشار إليه في الأعلى، وبخلاف ذلك تجاوبت العديد من المؤسسات الإماراتية بشكلٍ سريع -ومرتّب- مع مبادرة أبو فلة، ومن أغلب هذه المؤسسات خرج إجمالي المبلغ المحقق، ليجري بعدها الاحتفاء والاحتفال بالمبادرة بالشكل الصاخب الذي تابعناه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وهو ما خلق عدة اتهامات للإمارات بأنها تحاول استغلال أبو فلة ومبادراته لتبييض ساحتها وإضفاء المزيد من الدعاية على مركزها المالي الأهم؛ دبي، وهو ما يعني أن ليس الفقراء وحدهم هم المستفيدون من تلك المبادرات، وإنما أحد أغراضها هو تنفيذ عملية دعاية مجتمعية مجانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وهو ما أكّده الاحتفاء الرسمي والسريع بنجاح المبادرة من قِبَل الإمارات -بلغ هذا الاحتفاء الرسمي حدَّ رسم صورة أبو فلة على برج خليفة!- بعدما أعرب خالد خليفة ممثل مفوضية اللاجئين لدى مجلس التعاون الخليجي أن هذه الحملة تعدُّ «إنجازًا جديدًا يضاف لسجل دولة الإمارات العربية المتحدة الإنساني».

فيما اعتبرت سارة النعيمي، مديرة مكتب «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» أن الاستجابة الكبيرة للحملة تؤكد على

المكانة العالمية الرائدة لدولة الإمارات العربية المتحدة كونها دائماً تقف في مصاف دول العالم السبّاقة في إيجاد وتفعيل قنوات العمل الإنساني عبر مبادرات نوعية تفتح المجال أمام الجميع للاضطلاع بواجبهم نحو الفئات الأقل حظاً ومساعدتهم على نيل الحياة الكريمة

كما أعلن أبو فلة نفسه شُكره للجهود التي بذلتها الإمارات لمساعدته على «مد العون للمحتاجين».

https://twitter.com/Refugees/status/1483527871977201665/photo/1

ما هو قادم أبو فلة؟

بحسب تصريحات أبو فلة لأكثر من وسيلة إعلامية، فإنه لن يتوقف عن تنظيم المزيد من الحملات الخيرية، وأكد أن خطوته المقبلة ستكون عبر تنظيم زيارة إلى مخيمات اللاجئين التي جمّع الأموال لصالحها، وسيحرص على بثّ هذه الزيارة مباشرة عبر قناته على «يوتيوب».