شهد القرن الحادي عشر الهجري نشأة فرق صوفية كثيرة شكلت ملاذًا لجميع فئات المجتمع المغاربي، بخاصة في ظل قيامها بأدوار اجتماعية وسياسية بارزة، غير أن منها وُجه بانتقادات لاذعة على خلفية معتقدات وممارسات رآها البعض خروجًا على تعاليم الدين الإسلامي، ومنها فرقة «العكاكزة»، والتي سميت بأسماء أخرى منها «اليوسفية».

وبشكل عام، لا يمكن عزل فرقة العكاكزة عن معطيات العصر السعدي المغربي (961 – 1096هـ/ 1554 – 1659م) الذي نشأت فيه، والذي يسمى بحق «عصر التصوف».

يذكر عبدالله نجمي في كتابه «التصوف والبدعة بالمغرب. طائفة العكاكزة»، أن هذه الفترة طُبعت في مشموليتها بطابع الزوايا وأربابها الذين آلت إليهم مقاليد البلاد والعباد، وكانوا أصحاب اليد الطولى في أحداث العصر الكبرى، فالدولة القائمة كانت من صنيعتهم، والشعب برمته كان في زمرتهم ومريديهم وخدامهم، إذ كان هؤلاء المتصوفة يجيبون حاجات الأفراد والجماعات في شؤون الدنيا والدين، سواء في البدو أو الحضر، وفي أيام الأمن والفتن، وكان يقصدهم طالب العلم والجائع والعليل وعابر السبيل، وكذلك التاجر لحماية تجارته، والفار من السلطان لطلب الشفاعة وضمان الأمان.

الأكثر من ذلك، أن كثيرًا من الزوايا الصوفية قامت مقام الدولة في القرن 11هـ/ 17م، بل إن الدول الأوروبية عاملت بعض الطرق والزوايا معاملة السلطة الشرعية عن طريق إمضاء المعاهدات وتبادل السفارات، وفي نفس الوقت لم يأل الصوفية جهدًا في الذود عن الإسلام والقيام بوظيفة الجهاد ودفع الإيبريين عن ثغور البلاد.

وفي ظل هذه الظروف كان من الطبيعي أن تنبت بعض الطفيليات حول دوحة التصوف التي أينعت أيام السعديين، فنشأت ظاهرة بارزة في هذا العصر الصوفي، قوامها الاحتيال على الناس والنصب عليهم وخديعتهم عن طريق التظاهر بالفقر والخير والصلاح، ثم اتبعت نهج الغلو والإباحية.

و«العكاكزة» من بين هذه الطوائف التي وُجهت لها اتهامات من هذا القبيل، وهي التي عرفت بأسماء عديدة ، منها ما ارتضاه أتباعها لأنفسهم كتسميات «اليوسفية» و«الأحمدية» و«الملاينة»، وفيها ما أطلقها خصومهم عليهم كتسميات «البضاضوة» و«الشراقة» و«العكاكزة»، وهي التسمية التي اشتهرت بها الطائفة أواخر الدولة السعدية وصدر الدولة العلوية.

نشأة الفرقة

يذكر فيصل مبرك في دراسته «الطائفة اليوسفية بدعة دينية واجتماعية من خلال المصادر المغربية. ق 16 و17م»، أن العكازية فرقة منحرفة عن الإسلام، أسسها أحمد عبدالله المنزولي، وزعمت لنفسها التصوف والانتساب إلى الشيخ أحمد بن يوسف الراشدي الملياني (ت 927هـ)، وهو شيخ مشايخ الطريقة الشاذلية في القرن العاشر الهجري، ولذلك دُعوا بـ«اليوسفية».

وبحسب «مبرك»، تذكر المصادر التاريخية أن أحمد بن يوسف الملياني كان صاحب كرامات عجيبة وانفعالات صوفية عديدة، وهو ما زاد في انتشار صيته فحظي بشهرة عظيمة في كل من الجزائر والمغرب الأقصى، ما أدى إلى تعاظم أتباعه، ومنهم من زاد في تعظيمه وتقديسه إلى درجة الغلو.

على أن بعض المؤرخين يرجعون العكازية إلى أصل أقدم من هذا عند قبيلة مصمودة السوسية، إذ كان منهم المهدي بن تومرت مؤسس دولة الموحدين في مستهل القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي، والذي كان لا يأخذ معه من متاع الدنيا في رحلاته سوى عكاز وركوة (إناء صغير من الجلد يُشرب فيه الماء)، ومن هنا لُقبوا بـ«العكازية»، واعتقد قومه وأنصاره عصمته، ورأوا تكفير غيرهم من المسلمين الذين لا يتمذهبون بمذهبهم.

على كل، عرفت هذه الطائفة انتشارًا كبيرًا وشهرة واسعة وبمسميات عدة، ففي المغرب الأقصى انتشرت في نواحي بلاد تادلا ومنها بنو عمير وبنو سرو، والبضاضوة، وهم من يُعرفون بـ«الشراقة»، أما في جبل فازار فتنتشر قبائل زمور البربرية وهم «العكاكزة»، وهناك قبائل زعير وقبائل الكوودة، وكذلك قرب قبر أبي يعزي يلنور، وفي الجزائر انتشرت هذه الطائفة في بعض قبائل بني يزناسن بالقرب من تلمسان، كما كان لها انتشار بالصحراء الممتدة من بلاد سجلماسة غربًا في بعض قبائل الغنانمة على بلاد توات وما جاورها، ذكر «مبرك».

إباحة الزنى

ويذكر محمد حجي في كتابه «الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين»، أن أحمد بن عبدالله المنزولي مؤسس الطريقة العكازية شرع لأتباعه– وأكثرهم من بدو العرب والبربر– من المعتقدات والأحكام ما يصادم قواعد الإسلام ومبادئ الأخلاق العامة، ومنها إنكار نبوة الرسول محمد، بل والتصريح ببغضه وتفضيل المنزولي عليه، فكانوا يقولون للمسلمين أنتم أصحاب محمد ونحن أصحاب أحمد.

كما اتخذوا كتابًا يسمى «ابن رباش» بديلًا عن القرآن، فيه مناجاة المنزولي ويعتبرونها أوثق من الوحي المحمدي، وتركوا أيضًا الصلاة والصيام إلا عند الضرورة للتستر من المسلمين، واعتقدوا بإباحة أكل الميتة والخنزير، وحُرمة أكل أضحية العيد، وقالوا «إن الميتة ذبيحة الله، وهي خير من ذبيحة الآدمي».

وبحسب «حجي»، أباح العكاكزة الزنى، إذ كان الرجل منهم يأتي أمه وأخته، وكانوا يتركون نساءهم بينهم يفعل كل واحد منهم بزوجة صاحبه ما شاء عيانًا ولا يتسترون، وكانوا يجتمعون رجالًا ونساء ويضربون الدف ويبكون ويذكرون ألفاظًا مصطلحة بينهم في دينهم، وإذا أرادوا النوم بعد ذلك وهم مجتمعون يأمرون بإطفاء القنديل، فيفعل كل واحد منهم ما شاء في النساء بينهم، وتسمى هذه الليلة بـ«ليلة الغلطة»، أو «ليلة الخلطة».

وأحل العكاكزة دماء وأموال غيرهم من المسلمين، وبذلك أصبحوا قوة فوضوية خطيرة في فترة الاضطراب الطويلة التي أعقبت وفاة السلطان السعدي أبو العباس أحمد المنصور سنة 1012هـ، فكانوا يقطعون السُبل ويسفكون الدماء وينتهكون الحرمات.

نبوة وألوهية

وبحسب «نجمي» في كتابه المذكور آنفًا، فإن نبوة الشيخ أحمد بن عبدالله المنزولي كان مضمارها «الحقيقة» عند أتباعه، ودرجة «الحقيقة» أعلى من درجة «الشريعة» في شرع اليوسفيين، ومن ثم ترتب عن ذلك امتياز المنزولي نبي الحقيقة على محمد نبي الشريعة، لذا فضّل اليوسفيون نبيهم على الرسول الذي تبرأوا منه، وصرحوا ببغضه، وتجرأوا على أذيته وسبه.

ولم يكتف اليوسفيون بذلك، فأفرطوا في محبة شيخهم المنزولي إلى أن جعلوا له موضع قدم في الألوهية وتصريف شؤون الدنيا والدين، فأسندوا إليه الأمور، وطلبوا رضاه وحذروا سخطه، كناية عن كونه إلهًا.

ويذكر «نجمي»، أن مصادر القرن 11هـ / 17 التي تطرقت للفرقة، وأهمها «رسالة العكاكزة» لأبي الحسن اليوسي، تنسب الإباحة إلى مؤسس الطائفة اليوسفية رأسًا، حيث إنهم ينسبون عن شيخهم أنه قال لهم «افعلوا ما شئتم من المعاصي فقد تحملتكم».

وتنسب المصادر لليوسفيين أقوالًا تدل على استحلال الزنى، منها «المرأة كالسجادة، صل وأعط أخاك يصلي»، و«أنه لا يؤمن أحد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ورأس ذلك زوجته»، و«نحن نأكل من حبة، ونرقد في جبة، ونشرب من جعبة»، واليوسفيون يكنون بهذه الكلمات عن أصل مذهبهم، فهم يشتركون في الفروج ويكنون عن ذلك بـ«نشرب من جعبة»، ويشتركون في الأفواه والشفاه ويكنون عن ذلك بـ«نأكل من حبة»، ويشتركون في مباشرة الجسد بالجسد بغير حائل ويكنون عن ذلك بـ«نرقد في جبة».

التوبة بارتكاب الفاحشة

ويذكر «نجمي»، أن بعض المصادر التاريخية تروي أن اليوسفيين لم يقتحموا الفاحشة لمجرد الاستحلال، بل إنهم يتوبون بها، وهي عندهم من أعظم القربات، فشيخ التربية ويسمونه «القطب» إذا أراد رياضة المريد وإماتة نفسه عن محبة الدنيا، وأن يبلغ بها مقام الفناء، يأمره أن يأتي بزوجته، فيأتي المريد بزوجته إلى محضر القطب والفقراء، فينام المريد على الأرض، وتنبطح زوجته عليه، ويأتي القطب فوقهما منبطحًا على الزوجة فيجامعها، حتى إذا قضى وطره منها جاء الفقراء واحدًا بعد واحد بحسب مراتبهم من الشيخ، حتى يقضوا أوطارهم جميعًا من زوجة ذلك المريد، فإذا فعل بذلك وبزوجته قالوا قد بلغ وقد ماتت نفسه.

وأكثر من التوبة بالفاحشة، وسلوك المريد بها، فإن مصادر تاريخية أخرى تقول، إن استباحة الزنى تأتي على رأس المأمورات عند اليوسفيين، وأن فاتحة كتابهم «ابن رباش» المكتوب بماء الذهب تتضمن عبارة «لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تمنع فرجها إلا عن أبيها وابنها، ويحل لها إباحته لمن سواهما».

وأباحت الفرقة ما يعرف بزاوج الرضيع من البالغة، وهذا ما كانت تفعله قبيلة الزكارة إحدى قبائل العكاكزة، فعندما تُرزق إحدى الأسر الموسرة بصبي يمكن لذويه أن يزوجوه إن شاؤوا ذلك، من يوم مولده، أو حينما يبلغ من العمر شهرين أو ثلاثة أشهر، وتختار زوجة الرضيع من بنات الأسر المعسرة، وتكون في العقد الثاني من عمرها.

وبعد إتمام مراسيم الخطوبة، تنتقل العروس إلى بيت الزوجية، ومن الممكن أن تمارس الزنى، ويلحقها ولدها لغير والدهم، ويعترف بنسبتهم إلى الزوج الرضيع، بحسبما روى «نجمي».

وبحسبما ذكر «النجمي»، أوعزت المصادر السنية الانتشار الواسع الذي عرفته الفرقة اليوسفية إلى هذا المظهر من مظاهرها الإباحية، فالعوام من المسلمين والعصاة كانوا ينقطعون إلى الزوايا اليوسفية لما يجدون بها من الزنى والمعاصي الكثيرة، وكثرة الأكل والدعة وترك الصلاة والصوم، فينتسبون إليها استحلاء للفواحش واستئناسًا بالبطالة.

موحدون وحافظون للقرآن

ورغم هذه الصورة التي عرضها «النجمي» نقلًا عن المصادر التاريخية السنية، فإنه حاول أن يقف على الضفة الأخرى، فيذكر أن مبدعي هذه الصورة عن العكاكزة لم يستقوا مادتها الأولية من مصادرها الأصلية، وهم المشايخ اليوسفيين، بل اعتمدوا فيها على روايات المجاورين والمخالطين والمجادلين لهم، بمعنى أن هذه الصور لا تعكس واقعًا عاينه أصحاب النصوص، ولا تعبر عن حقيقة وقفوا عليها، بقدر ما هي مجرد تدوين لأخبار انتهت إلى مسامع هؤلاء المدونين ولروايات سمعوا بها، منها ما كان على ألسنة الآحاد ومنها ما بلغ مبلغ التواتر، مع اختلاف الرواة وتعددهم وتفاوت درجاتهم في التثبت والتحري وتوخي العدل والثقة والصدق.

ويستعرض «نجمي» الرأي الآخر في هذه الطائفة نقلًا عن كتاب «تبصرة الرئيس الأمين في ذكر شروط إمام المسلمين» لكاتب مجهول ذكر أن اليوسفيين يلفظون بالشهادة ويقرأون القرآن. وأكد الفقيه أبو عبدالله بن الحسن المجاصي ذلك، وهي حقيقة عاينها بنفسه وأوردها في كتابه «نوازل المجاصي»، كما أثبت أبو علي الحسن اليوسي في رسالته المذكورة عن الطائفة وجود طلبة بأحياء العكاكزة يعلمون صبيانهم القرآن.

ويخلص «نجمي»، إلى أن عمل اليوسفيين بالركن الأول من أركان الإسلام وتلفظهم بالشهادة يبطل ما تذكره هذه الأخبار من غلوهم في محبة الشيخ أحمد بن يوسف الراشدي، أو تلميذه الشيخ أحمد عبدالله المنزول، ونسبتهما إلى النبوة والألوهية، ذلك أن كلمة الإخلاص «لا إله إلا الله» التي يشهدون بها تقر الألوهية لله وحده، وتنفي المثل لله نفيًا قاطعًا، وكذلك شهادتهم أن «محمدًا رسول الله» تفند الاعتقاد في وجود الشريك لمحمد في نبوته ورسالته.

وبالنسبة لركني الصلاة والصوم، فإن هذه الأخبار لا تنكر بأن اليوسفيين يصلون، لكن بغير طهارة، وأنهم يقومون الفجر في رمضان، لكن للإيهام بأنهم يتسحرون، بينما تسكت هذه الأخبار عن ركني الزكاة والحج سكوتًا تامًا، ولا تشير إلى إيتاء اليوسفيين الزكاة وقيامهم بالحج، أو تقول بمنعهم للزكاة واستغنائهم عن الحج، لكن تأكيد هذه الأخبار على اعتناء اليوسفيين بالقرآن تلاوة وتعلمًا كاف وحده لإسقاط صورة البدعة من أساسها، ما داموا يأخذون بالكتاب وهو المصدر الأول للشريعة والسنة.

وفي ما يتعلق بشأن استباحة اليوسفيين لدماء المسلمين وأموالهم خلال القرن 11هـ / 17م، على خلفية ما يضمره اليوسفيون من تغاير ديني موجب للبغضاء، فإن هذا المظهر ينبغي أن يُنظر إليه في إطار الأدوار التاريخية للطائفة اليوسفية في هذه الفترة، وأن يُتخذ كدليل على الظهور الملحوظ الذي عرفته هذه الطائفة كقوة سياسية خطيرة، أدلت بدلوها في حوادث هذا الوقت، والذي تفرقت فيه السلطة في المغرب بأياد كثيرة، واستبدت الزوايا والطوائف بأمور الدنيا والدين، وانقسمت البلاد إلى دويلات وإمارات صوفية لم تحقن حروبها دماء المسلمين، ولا حرّمت أموالهم وأعراضهم، وكانت العكازية جزءًا من هذا المشهد، ذكر «نجمي».

التحرر من المذهب المالكي

ويذهب «مبرك» في دراسته المذكورة آنفًا، إلى أن العكاكزة طائفة تحررت مما يفرضه المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية اللذان كانا يسودان المغرب في ذلك الوقت، وتمردت على ضوابط المجتمع المغربي وأخلاقياته، بعدما وجدوا لسلوكياتهم تبريرات في إطار مذهبي ديني شاذ مليء بالخرافات والأساطير المستوحاة من عقائد شتى.

ورغم أن أتباع الشيخ أحمد يوسف الملياني كانوا نواة هذه الطائفة، فإن كثيرًا من البدع والتحريفات والزيادات أضيفت لمعتقداتهم، وهذا يرجع إلى أن معظم المعتقدين لمذهب العكاكزة كانوا من الجهلة والغوغاء، وكانوا يشعرون بالاختلاف والتمايز عن المسلمين، كما كانوا يرفضون التعايش مع باقي فئات المجتمع، لذا كانت أيديهم تمتد للأملاك والحرمات وهو ما جعلهم وجهًا لوجه في حروب ومشاكل مع الآخرين.

ويذكر «مبرك»، أن محمد الصغير الأفراني، مؤرخ المغرب في القرن 11هـ/ 17م، ألّف كتابيه «نزهة الحادي بأخبار ملوك الحادي»، و«صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر»،ولم يذكر هذه الفرقة فيهما بمعزل عن اللصوصية والنهب والفساد، فأشار إلى أنهم بالغوا في الفساد والعبث بأموال الناس، واعتدوا على حرمات المنازل والنساء وجاهروا بالفساد، وتعاطوا الخمر علنًا في الشوارع والأسواق، فأسهموا بذلك في بعث الرعب في المدن واللاستقرار في البوادي والحواضر.

وبحسب «حجي»، ناهض المصلحون من العلماء والولاة الطائفة العكازية طوال العصر السعدي، وفي مقدمتهم الشيخ أحمد بن يوسف الراشدي الملياني نفسه، الذي نسبوا أنفسهم إليه، حيث تبرأ من بدعتهم، وقاتلهم وشردهم، كما أشار الفقهاء على السلاطين المتعاقبين بوجوب تغيير منكر العكاكزة والقضاء على فسادهم، فطاردوهم وسجنوا البعض منهم وقتلوا آخرين.

ويذكر «نجمي»، أن العكاكزة مروا بتحديات عديدة خلال القرنين 10 و11هـ/ 16 و17م، أثّرت على نشاطهم وممارساتهم، فنُفذ في حقهم حكم الردة وتمت استتابتهم، كما سُجن جماعة من مشايخهم في فاس شهورًا طويلة، ثم أطلقهم بعد تحقق توبتهم، إلى أن تولى السلطان المولى إسماعيل بن الشريف مقاليد السلطة، فخرب أنشط وأهم مراكزهم عام 1102هـ، ونفذ حكم الزندقة في مشايخهم ولم يستتبهم، وقتل ثلاثة وستين منهم، وبدد تراثهم، وفرق شمل عوامهم وأجلاهم عن مناطقهم إلى حيث لا شيعة لهم، ونفاهم خلال القبائل التي لا تدين بنحلتهم.