انتهت مُباراة ذهاب رُبع النهائي في طريق الأميرة الأفريقية بالتعادل الإيجابي بين الأهلى والترجي بهدفين في كُل شبكة، في نتيجة اعتبرها المتابعون بمثابة دخول نصف بطاقة التأهل جيب البنزرتي بانتظار مُباراة رادس.

لم ينتبه البدري أو لاعبو الأهلي لأشياء ما تتكرر بصدفة تُشبه قصص أفلام الخيال أو الفانتازيا، ولكن بطريقة أو بأخرى حدثت تلك الأشياء مرة أُخرى لتُصبح المبُاراة وكأنك تشُاهدها في الإعادة، والغريب أنها لازالت تحتفظ بإثارتها المعهودة.


المُباراة: كُل شيء حولك يُذكرني بشيء

بدأ حسام البدري وفوزي البنزرتي المُباراة كما هو مُتوقع، فالأهلي بدأ بالطريقة المفضلة لدى مديره الفني 4-2-3-1، بتواجد فتحي ومعلول على الأطراف بجانب ربيعة وسعد في قلبي الدفاع، أمامهم عاشور والسولية، يتقدمهم عبد الله السعيد وعلى جانبيه الشيخ يمينًا وأجايي يسارًا ووليد أزارو كمُهاجم وحيد. في حين لم يُباغت التونسي المخضرم، وبدأ كالمعتاد بتشكيل مُكون من الزوادي والطالبي كقلبي دفاع وطرفي ملعب المباركي وخليل شمام يتقدمهم الثلاثي كوم وكوليبالي وساسي، وثلاثي الهجوم الشعلالي والبدري بقيادة الخنيسي.

المُباغتة لم تكن في التشكيل أو الطريقة، ولكن كانت في أسلوب لعب كلا المدربين، حيث بدأ البدري بضغط عالٍ طولًا وعرضًا على وسط ودفاع الترجي وعزل هجوم الفريق عن وسطه ودفاعه، مُستغلًا حماس لاعبي الأهلي في تواجد جماهيري – للأسف – لم يعتادوا عليه مؤخرًا.

ضغط الأهلي لم يكن عشوائيًا، وبالفعل أسفر عن فرص بالجملة أضاعها الشيخ وأزارو وضربة جزاء ثم هدف لصانع ألعاب الشياطين في الدقيقة 6، بداية مثالية في مباراة إقصائية لصاحب الأرض وسط غياب تام للاعبي الضيوف.

في حين كان البنزرتي مُعتمدًا على دفاع مُتقدم لضرب هجمات الأهلي بالتسلل، وبالفعل نجح في ذلك أحيانًا بطريقة صحيحة، وأحيانًا أُخرى بأخطاء من الحكم المساعد.

هنا بدأ الفيلم نفسه، عفوًا المُباراة نفسها، لم يستغل لاعبو الأهلي التفوق الفني والمعنوي على أرض الملعب، واستمروا بإضاعة الفرص رغم الرجولة في التدخلات الثنائية والكرات الهوائية، إلا أن التسرع كان السمة السائدة أمام المرمى.

بعد دقائق منحها الأهلي الترجي للعودة للمُباراة وجد لاعبو الترجي الفرصة سانحة للعب دورهم في القصة المُعادة، ركلة رُكنية لفريق الترجي يتقدم لها ساسي ليقوم لاعبو الترجي كالعادة بتبادل المراكز في منطقة الأهلي، تُلعب قصيرة على القائم القريب ليلعبها أحدهم للآخر على العارضة البعيدة وهدف التعادل. هدف يتكرر تقريبًا في كل مواجهة بين بطلي مصر وتونس، البداية كانت في نصف نهائي بطولة 2010 رغم أنها كانت لمسة يد من إينرامو، والثانية في دور مجموعات بطولة 2011، نُسخ طبق الأصل ولم يتعلم لا البدري ولا مُدافعو الأهلي.


الأسوأ بالانتظار

بداية الشوط الثاني كانت مختلفة تمامًا عن سابقه، حيث حاول الترجي مباغتة الفريق القاهري، ومن ضربة حرة مباشرة في مواجهة المرمى لا يعلم أحد ماذا كان يُفكر شريف إكرامي، وهو يحاول إدخال الكُرة المرمى في لقطة أُعيدت كالمباراة كُلها، رآها جمهور الأهلى هدفًا يسجله مهاجم أسيك الإيفواري برأسية أدخلها شريف مرماه بنفس الطريقة في كأس العام الماضي، ورآها آخرون هدف وليد الهيشيري بنهائي نُسخة 2012 عندما أخطأ إكرامي بتقدير الرُكنية، ولسخرية القدر الثلاثة الأهداف في نفس المرمى في نفس الملعب!

مفاجأة سيئة، لم يكن أشد المُتشائمين يتوقع أن يتقدم الترجي وبهدف كهذا، لكن ردة فعل الأهلي أتت سريعة بالتعادل من وليد أزارو.

حاول لاعبو الأهلي بشتى الطرق إحراز التقدم، ولكن حُسام البدري لم يُساعدهم، فالتغييرات كانت نمطية بإخراج الشيخ وإدخال وليد سليمان، ثُم تبديل حسام عاشور بصالح جُمعة وأجايي بعماد متعب وتحويل الطريقة إلى 4-2-2-2 بتواجد السعيد والسولية على الدائرة ووليد وصالح على الأطراف وعماد وأزارو في قلب الهجوم.

التغييرات وإن بدت هجومية فهي لم تؤت ثمارها، حيث فقد صالح معظم قوته عندما لعب على الطرف لأنه يُجيد اللعب بالعمق، كذلك عبد الله السعيد لم يكُن جاهزًا من الناحية البدنية للتواجد بوسط الميدان، ووليد سليمان الذي كان كل تركيزه مُنصبًا على التحصل على ضربات حُرة.

كذلك إصرار البدري على الاختراق من العُمق رغم وضوح طريقة دفاع الترجي على وقوع لاعبي الأهلى بالتسلل كان غير مفهوم، وكان المنطقي تكثيف اللعب على الأطراف بالثنائيات وتبادل المراكز لضرب الأسلوب الدفاعي للترجي، خاصةً مع أخطاء الحكم المُتكررة في احتساب تسللات غير صحيحة على مُهاجمي الفريق الأحمر.

كذلك تواجد كوم وكواليبالي وساسي في وسط ملعب الترجي كان عائقًا للاختراق من العُمق، حيث القوة البدنية عند الثُنائي الأفريقي والمهارة والتحكم وتوزيع اللعب عند صانع ألعاب تونس، عِناد البدري كلف الأهلي التعادل، ويأمل الجمهور أن يكون الثمن هو التعادل فقط.


قديم x جديد

كل ما تم استعادته من ذكريات أُعيدت في تلك المُباراة جعل النقاش يُفتح من جديد في عدة قضايا لطالما شغلت الشارع الرياضي المصري، مثل التحكيم الأفريقي ومستواه ومدى نزاهته. الكُل يتذكر جوزيف لامبتي حكم الفضيحة المشهورة بيد إينرامو وإيقافه لتلاعبه بنتيجة مُباراة جنوب أفريقيا والسنغال في تصفيات كأس العالم، مما اضطر الفيفا لإعادة المُباراة، الآن مُساعدو الحكم في برج العرب أخطأوا في عدد لا بأس به من الكُرات، وتم احتسابها تسللا على مُهاجمي الأهلي، اثنان منها على الأقل كانتا هدفين مُحققين، كذلك تغاضي الحكم نفسه عن ضربة جزاء واضحة لوليد أزارو في الشوط الثاني، قد يتحدث البعض عن أخطاء التحكيم التي تعتبر جزءا من متعة اللعبة، ولكن الوضع في أفريقيا مُختلف كُليًا.

النقاش فُتح مُجددًا حول الحُكم على قُدرات اللاعبين أو تقييمهم والمثال وليد أزارو، هل تتذكرون فلافيو؟ كان يفعل كُل شيء في الكُرة وكان يُعانده عناق الشباك فقط، وواجه سخط الجمهور الأهلاوي كله، ولكن رؤية جوزيه كانت أبعد ليُصبح أحد أهم من ارتدوا قميص الأهلي في السنوات الأخيرة.

أزارو في مُباراة الترجي أضاع هدفا سهلا، ولكنه تحصل على ضربة جزاء وحُرِم من أُخرى وصنع فرصا لزملائه وأحرز هدفا، وظل طوال المُباراة مصدر إزعاج حقيقي لدفاعات الترجي، ورغم كُل ذلك واجه انتقادات جمهور الأهلي لأنه يضيع بسهولة، ولكن المؤكد أنهم سيغيرون رأيهم قريبًا.

الجدل الدائم حول مركز أجايي المُفضل، والذي يعلمه الجميع إلا حسام البدري، فأجايي أبدع وهز الشباك في مُعظم المُباريات التي لعب فيها كرأس حربة، ولكن البدري أصر على أنه جناح أيسر مما جدد النقاش حول جودة البدري نفسه كمُدرب.

وأخيرًا الهجمات الشرسة حول شريف إكرامي كُلما أخطأ رغم أنه قدم موسما خرافيا مع الأهلي بعدد شباك نظيفة قياسي في الدوري المصري، وساهم بتصدياته الحاسمة في مُباريات كثيرة في حصد الأهلي لبطولات كثيرة، مثل دوري 2014 وسوبر 2015 ودوري الأبطال 2013 وغيرهم، نعم شريف أخطأ، ولكن من كان منكم بلا خطيئة فليرجمه.

كل هذا دار في رأس جمهور الأهلي أثناء وبعد اللقاء، ويتمنى أن تكون النهاية مثل نهاية 2012 حتى تنتهي القصة بحذافيرها بالأميرة الأفريقية على ساعد كابتن الأهلي في رادس بعد التعادل الإيجابي في مصر بخطأ من شريف إكرامي.