إذا كان التمايز بين التنظيمات السلفية (الجهادية منها على الخصوص) وبين التنظيمات الحركية بَينا وواضحا، وإذا كانت دعاوى الجهاديين على الحركيين (الإخوان) جلية للمهتمين، فما هي ادعاءات القاعدة على داعش، وادعاءات داعش على القاعدة؟ والتي بموجبها احتدم الصدام الفكري مما نتج عنه معركة دموية ابتدأت بالتكفير والردة وبلغت الصدام المادي الممتد في كل من سوريا والعراق وباقي ربوع وجود الفصيلين!! وتم تذييل العديد من البيانات تجاه أتباع القاعدة في العديد من الدول العربية.

حاولت في هذا المقال أن أُلِم بأهم الادعاءات بين هذين الفصيلين اللذين يبدو أن لهما كامل مقومات الوحدة والتقارب، خصوصا بتبنيهما مبدأ الجهاد والنصرة، والانغماس في الأعداء.

وبعد متابعة للسجالات بين رموز الطرفين، وبعض الوقائع العملية، دونت بعض العوارض التي تُجَلي الفرق بين هذين الفصيلين، لا من حيث المرجعية الفكرية الأيديولوجية، ولا من حيث التكتيك في تدبير المعارك:

1. موالاة الطغاة: تدعي داعش على القاعدة أنها تناصر وتوالي الطغاة حسب زعمها، خصوصا بعد رسالة الظواهري المشهورة لمحمد مرسي بعد فوزه في الانتخابات بمصر!

2. التسليم بالديمقراطية: تدعي داعش على القاعدة تسليمها بالديمقراطية، وذلك بعد مباركتها صعود الحركات الإسلامية عن طريق الديمقراطية، خصوصا حركة حماس والإخوان المسلمين وحركة النهضة.. ومعلوم أن مفهوم الديمقراطية في الأدبيات السلفية الجهادية كفر، لأنها تسليم بآلية مبتدعة ليس لها أصل في الدين.

3. الدعوة إلى السلمية: تدعي داعش على القاعدة أن هذه الأخيرة سلمت بالسلمية، لما شجعت وأثنت على الثورات العربية منذ انطلاق شرارة الربيع العربي، ومعلوم أن خيار السلمية مرفوض لدى الحركات السلفية الجهادية، وأن الخيار الذي قامت عليها بني على حمل السلاح ضد الطغاة والغزاة.

4. أرض جهاد وأرض دعوة: تمايز الاختلاف حول هل أرض المسلمين أرض دعوة أم أرض جهاد، وبموجب ذلك يترتب تنفيذ عمليات استشهادية حسب زعمهم.

5. أموال المسلمين حل وغنائم: تمايز بين في ممتلكات المسلمين التي يحكمها حسب زعمهم الطغاة.

6. موالاة المرتدين: تقارب القاعدة مع الصحوات والفصائل الحركية، وداعش هنا تدعي على القاعدة موالاتها للمرتدين من الإخوان والصحوات.

7. الخليفة غير معروف: تدعي القاعدة على داعش أن الخليفة أي البغدادي غير معروف لدى الأمة، واستنكرت عليها تنصيبه وتمكينه بدون معرفة كاملة عنه.

8. الاستفراد بجماعة المسلمين: تدعي القاعدة على داعش استفرادها بجماعة المسلمين، ووضع معالم “جماعة المسلمين” أحادية الجانب.

9. الإعلان عن الخلافة دون تمكين: تدعي القاعدة على داعش الإعلان عن الخلافة دون تمكين للمسلمين على مستوى الأرض عسكريا واقتصاديا.

10. المغالاة في التكفير: تدعي القاعدة على داعش مغالاتها في تكفير المسلمين.

11. تكفير الحركات الإسلامية: تدعي القاعدة على داعش مغالاتها في تكفير الحركات الإسلامية التي يوجد بها العديد من الغيورين على الملة.

12. من بين أهم الفروق بين القاعدة وداعش أن الأولى كانت تشد الرحال إلى مناطق النزاع ليس بنية الاستقرار، أما داعش فتذهب بنية الاستقرار وإقامة الدولة، وتحرض مريديها على حرق جوازات السفر.

13. البيعة بالإكراه: تدعي القاعدة على داعش أنها تُكره الناس على البيعة، ومن شروط البيعة عدم الإكراه كما تدعي القاعدة.

هذه فقط أهم الفروق التي سنفصلها بالشواهد والأمثلة والمراجع، وأعتقد أن الصراع الذي انفجر منذ مدة بين هذين التيارين يحتاج إلى نقاش معرفي هادئ لتبيان الأسباب الحقيقية وراءه، وكل ذلك من أجل تنبيه وتنوير أجيال شبابية صاعدة اختلط عليها الحابل بالنابل، في شرعية من يقود معركة الأمة ومن يذود عنها، وهل الصراع هو صراع تكتيكي تقني، أم له خلفية معرفية شديدة في تراثنا، قد تفجر ما هو مفجر!

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.