تعمل دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل حثيث لإنجاح مشاركتها في مؤتمر «قمة أفريقيا – إسرائيل» الذي دعت إليها جمهورية توجو، والمنوي عقده خلال الفترة 23–27 تشرين الأول/أكتوبر من هذه السنة. وبالرغم من الأصوات المعارضة من القارة الأفريقية لمشاركة «إسرائيل» في المؤتمر، وخصوصًا الدول العربية والإسلامية منها، إلا أن شعورًا بالارتياح النسبي لدى «إسرائيل» يدفعها بالسير قدمًا نحو المشاركة. ولعل الترحاب الذي شهده نتنياهو من بعض قيادات القارة في أثناء جولته في سنة 2016، هو ما يعطي هذا الشعور بالارتياح ولو نسبيًا.

وفي المقابل فإن الأطراف المعارضة لمشاركة «إسرائيل» لم ترفع رايات الاستسلام، بل ما زالت تسعى بقوة نحو إفشال المؤتمر أو على الأقل إضعاف مستوى نجاحه.


القمة الأفريقية الإسرائيلية وتناقضات الموقف حولها

تعدّ دولة «توجو» من أكثر الدولة في القارة الإفريقية قرباً من دولة الاحتلال الإسرائيلي. وعلى ما يبدو فإن الرئيس التوجولي «فور غناسينغي» لم يَحِد عن الخط الذي سار عليه والده سابقاً؛ حيث استقبل الرئيس السابق لجمهورية توجو «غناسينغي إياديما» رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «إسحاق شامير» سنة 1987، ومن الملفت للنظر أن هذه الزيارة سبقتها زيارة سرية قام بها «بناد أفيتال» مدير شعبة أفريقيا بوزارة الخارجية الإسرائيلية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضدّ «إياديما» في كانون الأول/ ديسمبر 1986، وهو ما يوحي بدور أمني لـ «إسرائيل» في توجو.

وفي السياق نفسه قام الرئيس «فور غناسينغي» خلال الشهر الحالي (آب/ أغسطس 2017) بزيارة إلى تل أبيب هي الرابعة له، حيث استُقِبل من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو». وفي ردّ للرئيس «فور» في أثناء زيارة سابقة له إلى «إسرائيل» حول ما إذا كانت توجو تخشى الانتقام من دول شمال إفريقيا أو الدول العربية، قال إن توجو بلد صغير ولا يحصل على مليارات الدولارات من السعودية وقطر، وإن السكان المسلمين في البلاد صغيرون وغير نشطين، وبالتالي فإن الخطر السياسي منخفض.

ومن المتوقع أن يشارك في المؤتمر حسب التقديرات الإسرائيلية والدولة المضيفة للقمة ما بين 20 و30 دولة أفريقية، ومنها كينيا، وتنزانيا، ورواندا، وأوغندا، وساحل العاج، وغينيا الاستوائية، وغانا، وزامبيا، وهي دول تسعى دبلوماسيًا إلى نجاح المؤتمر بين «إسرائيل» والقارة الإفريقية.

في المقابل، فقد أبدت المغرب معارضتها إلى جانب السودان وجنوب إفريقيا لعقد هذه القمة، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي توحي بأن «إسرائيل» تسعى إلى تخطي هذه العراقيل، وذلك من خلال خطوات قامت بها «إسرائيل» وأخرى ما تزال تقوم بها ومنها: مشاركة نتنياهو في القمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا إيكواس في حزيران/ يونيو 2017، وقد ألقى فيها خطابًا والتقى عددا من القادة الأفارقة. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك بعض الدول التي ما يزال قرارها متأرجحًا، وأخرى قد تخضع لبعض الضغوط أو تجري تفاهمات مع جهات معارضة للقمة.


الخلفية التاريخية للعلاقات الإسرائيلية الأفريقية

نشطت الدبلوماسية الإسرائيلية منذ نشأتها في استخدام نظرية شدّ الأطراف؛ والتي عمدت إلى إقامة علاقات بالدول المحيطة بالعالم العربي، ومن بينها الدول الأفريقية، وهو ما حاولت «إسرائيل» القيام به في خمسينيات القرن الماضي، حيث عاشت هذه العلاقة منذ قيام دولة الاحتلال سنة 1948 فترة مزدهرة وصولاً إلى حرب الخامس من حزيران/يونيو 1967، وفي هذه المرحلة بدأت العلاقات الإسرائيلية تتضعضع مع العديد من الدول الإفريقية، ومنها أوغندا، وغينيا، والكونغو، وتشاد.

فتحت اتفاقية السلام العربي الإسرائيلي «كامب ديفيد» الأبواب الموصدة أمام دولة الاحتلال لتتوغل فيما بعد في العمق الأفريقي

أتت الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1973 لتشكل نقطة تحول جديدة في العلاقات الأفريقية الإسرائيلية، حيث استخدمت الدبلوماسية العربية نفوذها في الحدّ من الطموح الإسرائيلي في القارة الأفريقية، فقطعت معظم الدول الأفريقية علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي باستثناء جنوب إفريقيا، التي كانت ما تزال تحت حكم نظام الفصل العنصري.

ومن جهة أخرى لم تيأس «إسرائيل» من محاولات إعادة ترميم علاقاتها بالدول الأفريقية، ولعل من أبرز ما نجحت فيه هو استثمارها لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع مصر، مما فتح لها العديد من الأبواب الموصدة أمامها في القارة الأفريقية، التي لطالما انحازت للعالم العربي في صراعه مع الاحتلال الإسرائيلي، فوقّعت اتفاقية تعاون عسكري مع زائير (الكونغو الديمقراطية حالياً) سنة 1981، والتي مهّدت لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وتطوير تعاونهما عسكرياً وأمنياً. وبعد ذلك توالت الدول التي أعادت علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي ففي ثمانينيات القرن العشرين، استُؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين «إسرائيل» وزائير في آيار/مايو 1982، وليبيريا في آب/أغسطس 1983، وساحل العاج في شباط/فبراير 1980، والكاميرون في آب/أغسطس 1980، وتوجو في حزيران/يونيو 1987، قبل أن تستعيد العلاقات الرسمية، في تسعينيات القرن العشرين، مع نحو أربعين بلدًا من إفريقيا.

ومن الجدير بالذكر، فإن الكيان الإسرائيلي استخدم خلال حقبة الثمانينيات أراضي السودان في زمن الرئيس جعفر النميري لنقل الآلاف من يهود الفلاشا، وذلك بمساعدة وضغط أمريكي. أما منطقة البحيرات العظمى فقد لعبت «إسرائيل» دوراً بارزاً في الحرب الأهلية بين قبيلتي التوتسي والهوتو، فزودت الجيش البورندي والرواندي بالسلاح. وفي السياق نفسه، دعمت «إسرائيل» الحركة الانفصالية في جنوب السودان، الذي انفصل لاحقاً عن السودان. كذلك ساندت «إسرائيل» إثيوبيا في صراعها مع الصومال. وقبيل إعلان استقلال إريتريا سنة 1993، قامت «إسرائيل» بافتتاح سفارة لها في العاصمة أسمرا. ولحقتها بعد ذلك أوغندا التي استأنفت علاقتها سنة 1994، وتنزانيا سنة 1995، بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عامًا.


البعد السياسي والدبلوماسي في العلاقة الإسرائيلية الأفريقية

أعي أنّ ممثلي دولكم سيصوّتون في المحافل الدولية بما يتماشى مع مصالح أفريقيا، وأنا أرى أن مصالح إسرائيل ومصالح أفريقيا تقريباً متطابقة، مما يعني أن التصويت لصالح إسرائيل هو بالضرورة تصويت لصالح أفريقيا
نتنياهو في الكنيسيت الإسرائيلي مخاطبًا السفراء الأفارقة

تسعى الدبلوماسية الإسرائيلية خلال السنوات القليلة القادمة إلى العودة إلى القارة الأفريقية، وتحقيق أعلى درجات النفوذ، حيث قام رئيس الوزراء الإسرائيلي في تموز/يوليو 2016 بجولة التقى خلالها رؤساء كل من أوغندا، وكينيا، وجنوب السودان، وزامبيا، ورواندا، ورئيس الوزراء الإثيوبي، ووزير الخارجية التنزاني، وهي كلها باستثناء زامبيا تقع على حوض النيل، الذي يُعدّ شريان الحياة لمصر، وهو ما يعدّ أحد المؤشرات لما تسعى إليه «إسرائيل» من محاصرة لمصر.

حددت الدبلوماسية الإسرائيلية على لسان نتنياهو غاياتها السياسية، إذ صرح بأنه يسعى من خلال تطوير علاقاته مع دول القارة إلى حشد التأييد الدبلوماسي الأفريقي في المحافل والمؤسسات الدولية، وقد لمست «إسرائيل» بعض النجاحات في هذا الصدد، حيث صوتت نيجيريا وبعض الدول الأفريقية الأخرى لصالح المرشح الإسرائيلي لرئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة خلال شهر حزيران/يونيو 2016، كما امتنعت نيجيريا خلال سنة 2014 عن التصويت على مشروع القرار العربي بمجلس الأمن، الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وهو ما أسهم في إفشال تبني الأمم المتحدة لهذا القرار.

وفي هذا السياق، ومما يدلّ على أن الاعتبارات الدبلوماسية تقع على رأس أولويات نتنياهو، فقد نقل أنه طالب السفراء الأفارقة في تل أبيب صراحة بالتصويت بشكل جماعي لصالح «إسرائيل» في المحافل الدولية. وكان ذلك في أثناء مشاركتهم في حفل نُظّم، خلال سنة 2016، في الكنيست بمناسبة تدشين «لوبي أفريقيا» في البرلمان حيث قال: «أعي أنّ ممثلي دولكم سيصوّتون في المحافل الدولية بما يتماشى مع مصالح أفريقيا، وأنا أرى أن مصالح إسرائيل ومصالح أفريقيا تقريباً متطابقة، مما يعني أن التصويت لصالح إسرائيل هو بالضرورة تصويت لصالح أفريقيا» .


البعد الأمني والعسكري في العلاقة الإسرائيلية الأفريقية

سعت «إسرائيل» إلى مدّ نفوذها الأمني في القارة الأفريقية بما يتوافق مع استراتيجيتها في توسعة دائرة الحماية إلى خارج حدود دائرة صراعها الجغرافية، حيث قامت «إسرائيل» بتأسيس قواعد عسكرية بحرية، ومراكز للمراقبة في إريتريا، وأبرزها في أرخبيل دهلك. وحسب تقرير لوكالة الاستخبارات المدنية الأمريكية (ستراتفور) فإن «الوحدات البحرية الإسرائيلية تتمركز في جزيرة دهلك وميناء مصوع في البحر الأحمر، وهي مواقع تتسم بقدرة استراتيجية متميزة على رصد التحركات البحرية في مدخل البحر الأحمر»، مضيفةً أن لـ«إسرائيل» أيضاً قاعدة تنصّت على قمة أعلى جبل في أريتريا «أمبا سواره»، الذي يرتفع عن سطح البحر نحو ثلاثة آلاف متر، وقد وصل عدد القواعد العسكرية الإسرائيلية في أريتريا إلى ست قواعد. وتأتي أهمية التواجد الإسرائيلي في هذه المناطق من القارة الأفريقية لما يحققه من قدرات لمنع وصول السلاح إلى حركات المقاومة الفلسطينية، وكذلك لمراقبة الدول المعادية لها بما فيها إيران .

وعلى المستوى العسكري، سجلت السنوات الطويلة من العلاقات الظاهرة والخفية بين «إسرائيل» والعديد من الدول الإفريقية تعاوناً عسكرياً متصاعداً، يتلمس المراقب لهذا التعاون دور «إسرائيل» في تثبيت بعض الأنظمة القمعية في القارة، ولو على حساب حياة المدنيين، وفي إشارة إلى أسباب إطالة أمد الحرب الأهلية في جنوب السودان، فقد ذكر تقرير بعثة مجلس الأمن الدولي إلى جنوب السودان في آب/أغسطس 2015، بأن البعثة قد وجدت أسلحة إسرائيلية الصنع. أضف إلى ذلك السنوات الطويلة من التعاون بين الدولة ذات الصراعات الداخلية والخارجية و«إسرائيل»، حيث تمكنت شركة يافنيه الإسرائيلية —المتخصصة في صناعة الطائرات دون طيار— في سنة 2006 من إبرام صفقة مع نيجيريا، وقد تضمنت الصفقة تزويد نيجيريا بـ15 طائرة حربية، وتدريب طيارين نيجيريين، وقد لمح البعض بأن هذه الصفقة هدفت إلى حماية منطقة غرب أفريقيا حيث تتوسع فيها أنشطة الشركات النفطية الأجنبية.


القوى الفاعلة في أفريقيا

استُخدِمت القارة الإفريقية خلال سنوات الحرب الباردة كمنطقة تنافس أمريكي روسي، إذ سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاصرة الشيوعية من خلال تعزيز تواجدها في أفريقيا. وما زال النفوذ الأمريكي في القارة متصاعداً إلى جانب النفوذ الفرنسي الذي كان متواجداً كقوة استعمارية في القارة. ويتمثل هذا النفوذ بوجود عسكري في المناطق الإفريقية التي تعدّ دولا مصدرة لما يسمى بالإرهاب كـ«مالي» التي تنشط فيها فرنسا، هذا بالإضافة إلى المصالح الغربية المشتركة كحماية مصادر الطاقة في القارة.

من جهة أخرى تسعى دول أخرى إلى مدّ نفوذها إلى القارة الأفريقية منها المنافس الصيني، إذ تعمل على إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي، التي تعدّ مركزاً للقوات العسكرية الأجنبية. بالإضافة إلى نشاطها الاقتصادي المتنامي في القارة الإفريقية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الدول الغربية المتعاونة مع الاحتلال استخباراتياً وخصوصاً أمريكا وفرنسا قد لا تمانعان من الدفع في تجاه إنجاح القمة الإفريقية، وهو ما قد يتعارض مع المنافس التقليدي للغرب أي الصين.

من جهة أخرى، نرى أن النفوذ المغربي خلال السنوات القليلة الماضية بدأ يستعيد حضوره في القارة، وقد وقفت المغرب أمام التمدد الإسرائيلي، إذ رفضت في القمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) المشاركة بسبب حضور نتنياهو. وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي تعمل بشكل ناعم لإثبات حضورها في القارة اقتصادياً وأمنياً، فقد بلغ عدد السفارات التركية في أفريقيا أربعين سفارة، إضافة إلى أربع قنصليات عامّة، ولم يكن لتركيا حتى سنة 2002 إلا سبع سفارات فقط في كلّ إفريقيا، بالإضافة إلى الوجود الدبلوماسي فقد دشنت تركيا سنة 2016 قاعدة عسكرية في الصومال على خليج عدن الاستراتيجيّ (مدخل باب المندب والبحر الأحمر)؛ لتكون أول قاعدة عسكرية تركية في القارة السمراء.

ومن الجدير ذكره أن مصر لعبت دوراً مهماً في منع تغلغل النفوذ الإسرائيلي إلى القارة على مدى سنوات طويلة بالإضافة إلى دور دول المغرب العربي، كما عملت ليبيا دوراً مهماً في ذلك، إلا أن الواقع الحالي في ظلّ غياب الراعي العربي والإسلامي لدول القارة الأفريقية، التي تنتظر مزيداً من الدعم في سبيل إخراجها من حالة الفقر وانعدام الأمن، قد تجد في «إسرائيل» ضالتها طالما لم تجد ذلك عند الدول العربية والإسلامية.


العوامل الدافعة في تحقيق التقارب الأفريقي الإسرائيلي

يوجد في المنطقة العربية والساحة الدولية مجموعة من العوامل التي قد تشكل قوة دافعة لتحقيق التقارب الإفريقي الإسرائيلي ومنها:

  • استمرار حالة السيولة في المنطقة وحالة الاحتراب بين ثورات الشعوب العربية والثورات المضادة، في اليمن وليبيا وسوريا.
  • الأزمة الخليجية، وما تلقيه من عبء واصطفاف في الساحة العربية، وغياب وحدة الموقف حول العديد من القضايا العربية.
  • غياب الدول العربية عن قضايا القارة الأفريقية، وخصوصاً مصر وما لها من وزن كدولة أفريقية لطالما كانت قادرة على توجيه دفة القرار الأفريقي في كثير من القضايا.
  • غياب الاستراتيجية العربية الموحدة تجاه القارة الأفريقية.
  • غياب الإطار الفلسطيني المرجعي الجامع، والذي تمثل سابقاً بمنظمة التحرير الفلسطينية.
  • التقارب العربي الإسرائيلي، سواء من خلال اتفاقيات التسوية السلمية الموقعة أم من خلال التفاهمات غير المعلنة، والتي تستغلها «إسرائيل» في تطوير علاقاتها مع الدول المساندة للقضية الفلسطينية.
  • تقارب المصالح الأفريقية الإسرائيلية في العديد من القضايا، وخصوصاً الأمنية منها والعسكرية، وحتى التنموية التي تستطيع «إسرائيل» الإسهام فيها بشكل أو بآخر.
  • النفوذ الغربي، وخصوصاً الأمريكي في القارة الأفريقية، التي تدفع أحياناً باستخدام طرف ثالث هو «إسرائيل» في تثبيت أو إزاحة بعض الأنظمة بشكل غير مباشر.
  • اللوبي اليهودي الصهيوني النشط، والمكون من رجال الأعمال الإسرائيليين، ومن أبناء البلدان الإفريقية من اليهود.

العوامل المانعة من تحقيق التقارب الأفريقي الإسرائيلي

في المقابل، هناك الكثير من العوامل التي قد تشكل قوة مانعة في حدوث هذا التقارب بين الدول الأفريقية و«إسرائيل» ومنها:

  • الإرث النضالي التاريخي لدول وشعوب القارة الأفريقية في وجه الاستعمار الغربي.
  • صورة الكيان الإسرائيلي، الذي لطالما ساند وتعاون مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
  • الممارسات الإسرائيلية كدول فصل عنصري واضطهاد للآخرين، بما في ذلك العنصرية تجاه اليهود من أصول أفريقية، وتجاه اللاجئين الأفارقة.
  • التواجد التركي والإيراني النشط في السنوات الأخيرة في القارة الأفريقية.
  • رغبة وتحرك بعض الدول العربية خلال السنوات السابقة نحو تطوير العلاقة مع القارة، ومنها قطر والمغرب، هذا بالإضافة إلى تواجد الجزائر وما لها من وزن في القارة الأفريقية.
  • وجود العديد من الدول الأفريقية سواء العربية أم غير العربية، التي ما تزال تساند القضية الفلسطينية والتوجهات العربية ولها وزنها في القارة، مثل جنوب أفريقيا وغيرها.
  • تقاطع مصالح عدد من الدول الإفريقية مع دول عربية.
  • التواجد الإسلامي في القارة الأفريقية، وما يمكن أن يلعبه من دور في تحقيق المساندة للقضايا العربية في القارة الإفريقية.

السيناريوهات المستقبلية المحتملة

ظهر خلال الأسابيع القليلة الماضية حراك فلسطيني وعربي وإسلامي للدفع نحو إفشال عقد المؤتمر الأفريقي الإسرائيلي في توجو خلال الفترة 23–27 تشرين الأول/أكتوبر القادم، في المقابل ما تزال الجهود الإسرائيلية من جهة وجمهورية توجو من جهة أخرى تعمل على الحشد لإنجاح هذه القمة. أمام هذه التحركات سنحاول أن نرسم السيناريوهات المحتملة لهذه القمة والتي هي:

السيناريو الأول: فشل المؤتمر بشكل كامل

أي بمعنى آخر تفشل توجو و«إسرائيل» في الحشد الأفريقي للمشاركة في المؤتمر، وبالتالي لا يتم عقده بتاتاً، إلا أن بعض المؤشرات والتحركات التي قامت بها «إسرائيل» ومنها: الزيارات التي قام بها «أفيجدور ليبرمان» سنة 2009 وسنة 2014، بصفته وزيراً للخارجية الإسرائيلية، بالإضافة إلى الجولة التي قام بها نتنياهو خلال سنة 2016 في شرق إفريقيا، ومشاركته في القمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ومشاركة دول من غرب أفريقيا في مؤتمر زراعي عُقِد في «إسرائيل» في كانون الأول/ديسمبر 2016. كل ذلك يجعل من سيناريو الفشل الكامل أمراً مستبعداً في الوقت الراهن، ما لم يقع تغيُّر استراتيجي غير متوقع يغير في مسارات الأحداث.

السيناريو الثاني: نجاح كامل للمؤتمر

وبالتالي تكريس الاختراق الإسرائيلي للقارة الأفريقية، بمعنى حضور واسع للدول الأفريقية، وتوسيع دائرة اللقاءات بين القيادات الإسرائيلية والأفريقية على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والشبابية. إلا أن ذلك يتعارض مع مواقف دول فاعلة في القارة من بينها جنوب إفريقيا، والمغرب والجزائر، كما أن دولاً من خارج القارة مثل تركيا وإيران قد تتعاونان في سبيل الوقوف أمام المد الإسرائيلي في القارة الإفريقية. وقد كان لبعض هذه الدول وغيرها من الدول العربية دور في الوقوف أمام رغبة «إسرائيل» بالدخول كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي ونجحت في عدم تحقيق هذه الرغبة حتى الآن.

السيناريو الثالث: نجاح جزئي للمؤتمر

وهو السيناريو المرجح وفق المؤشرات المتوفرة في الوقت الحاضر، مما يعني انعقاد المؤتمر بمشاركة معقولة من الدول التي باتت مرتبطة عملياً بعلاقات مباشرة مع «إسرائيل»، مع عجز الكيان الإسرائيلي من تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤتمر، والتي منها حشد الأصوات الأفريقية لصالحه في المحافل الدولية، أو الدفع نحو تواجد دائم في المنظومة الأفريقية (عضو مراقب في الاتحاد الأفريقي). إذ ما تزال القوى الفاعلة في القارة قادرة على التعطيل في هذا الاتجاه.

وقد كانت الخطوة التي قامت بها السنغال في مجلس الأمن أواخر السنة الماضية، وقيامها بإعادة تقديم مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي بعد أن كانت مصر قد سحبته، مثالاً على قدرة العمل الدبلوماسي سواء من دول عربية أم إسلامية، وبالفعل فقد أقر القرار الذي حصل على 14 من أصل 15 صوتاً بعد امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.


التوصيات

سجلت السنوات الطويلة من العلاقات الظاهرة والخفية بين «إسرائيل» والعديد من الدول الأفريقية تعاوناً عسكرياً متصاعداً، بلغ ذروته ربما في العلاقات الإسرائيلية الإريترية
  1. تشكيل إطار برلماني عربي إسلامي يعمل على الحشد الدبلوماسي ضمن الأطر الرسمية العربية والإسلامية والدفع نحو اتخاذ إجراءات مباشرة.
  2. مطالبة مصر بلعب دورها الإقليمي في القارة الأفريقية، والدفع نحو منع عقد المؤتمر لما فيه من خطر على مستقبل مصر بعد تعاظم نفوذ «إسرائيل» في دول حوض النيل.
  3. الترتيب لمؤتمر فلسطيني أفريقي يحشد الدول الأفريقية لصالح القضية الفلسطينية ويكشف المطامع الإسرائيلية في القارة.
  4. التوجه نحو الدول القادرة على إفشال المؤتمر، مثل جنوب أفريقيا، ومصر، وتركيا، وقطر، والسعودية، والمغرب، والجزائر، وغيرها من الدول للتواصل مع الدول التي من المحتمل أن تشارك لثنيها عن ذلك.
  5. دعم تحركات المؤسسات المناهضة للعنصرية في الدول الأفريقية للكشف عن حقيقة وطبيعة الاحتلال من خلال برامج توعوية للنخب الأفريقية وللشعب.
  6. ترتيب حملة إعلامية في أفريقيا مناهضة للمؤتمر.
  7. وفي حال عقد المؤتمر، يتم الدفع باتجاه قيام مظاهرات مباشرة أمام مكان انعقاد المؤتمر.

* يتقدم مركز الزيتونة للأستاذ وائل سعد بخالص الشكر على الإسهام في إعداد المسودة التي اعتمد عليها هذا التقدير.