عفوًا، هذا لا يتفق مع مبادئ صالح سليم التي تربينا عليها.

لا يوجد مشجع كرة قدم واحد في مصر لم يسمع تلك الجملة عشرات المرات أسبوعيًا في وسائل الإعلام منذ أن خرج من بطن أمه مُبصرًا نور الحياة. تكرار مقيت لجملة لم يعلم أحد فحواها أو مضمونها الحقيقي عبر عشرات السنين، تكرار جعل الكثيرين يصدقون تلك الجملة ويؤمنون بها بل و يدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة دون التفكير في إجابة لأبسط سؤال يمكن أن يسأله أي متابع حول العالم غير مهتم بشؤون الكرة المصرية ألا وهو «وما هي مبادئ صالح سليم؟»

صحيح وأن الأمر أصبح واقعًا في مصر ولم يعد أحد يعبأ بمناقشة تلك الأمور فأصبح الكل مؤمنًا أن هناك مبادئ لصالح سليم، وهناك أخلاق النادي الأهلي التي تربينا عليها، وهناك روح الفانلة الحمراء التي تحرز أهدافًا بعد الدقيقة 90، وهناك أبناء النادي الأهلي المخلصون حتى وإن اتُهم بعضهم في قضايا فساد مالية وآخرون في قضايا جنسية، ولكن لا ضرر طالما أنهم من «أبناء النادي الأهلي المُخلصين»، الجنون بأم عينه!


الذهب المغشوش

هكذا فاجأ مصطفى يونس، لاعب النادي الأهلي السابق، شادي محمد، كابتن النادي الأهلي السابق، في حقبته الذهبية التي احتل فيها النادي الأهلي أفريقيا طولًا وعرضًا. مفاجأة لم يستطع شادي أن ينطق بأي جملة مفيدة تُحسن من موقفه بعدها، فظل يتمتم ببعض العبارات غير المفهومة للتشويش على النقاش ليس إلا، لم يكن شادي يتوقع أن يفاجئه مصطفى يونس بتلك القنبلة على الهواء بالطبع، ولم تكن الجماهير نفسها تتوقع أن هكذا كان الوضع الداخلي في الأهلي في 2007 عندما صوّر الإعلام للجميع أننا أمام مدينة فاضلة وليس ناديًا اجتماعيًا له ما له وعليه ما عليه.

حسن حمدي والخطيب ،الذين تغنى بهم الإعلام لنزاهتهم والتزامهم بمبادئ صالح سليم وأخلاق القلعة الحمراء التي تربوا عليها وروح الفانلة الحمراء التي تسري في دمائهم، يأخذون عمولات من وكلاء اللاعبين نظير جلب لاعبين داخل النادي الأهلي في الفترة الذهبية لمبادئ صالح سليم وأخلاق النادي الأهلي في الإعلام المصري إن صحّ التعبير.

تنتهي تلك الفترة والتي استمرت قرابة التسع سنوات لنتفاجأ بعدها بخروج حسن حمدي من مجلس إدارة الأهرام عقب ثورة 25 يناير ليواجه بعدها بثلاثة أشهر فقط قضية فساد جديدة وهي قضية «هدايا الأهرام»، والتي حُبس على إثرها في ليمان طرة لعدة أيام قبل أن يقوم بتسديد الكفالة والخروج بضمان محل الإقامة، ثم يحصل على البراءة منذ أشهر قليلة في «مهرجان التصالح للجميع» الذي تبنته حكومة عبد الفتاح السيسي. يبدو أن السيسي هو الآخر قد تربى على مبادئ صالح سليم وأخلاق النادي الأهلي وأن فترة مبادئ النادي الأهلي الذهبية لم تكن إلا ذهبًا مغشوشًا!

ساعدني كابتن عدلي القيعي وكابتن محمود الخطيب للاختباء بإحدى شقق مدينة نصر، وتم فتح باب القيد فجرًا بعد إغلاقه بست ساعات لتسجيلي في قائمة النادي الأهلي للموسم الجديد.

هكذا شرح شريف عبد الفضيل كيفية انتقاله للنادي الأهلي في لقائه مع الإعلامي الشاب وتلميذ أحمد شوبير النجيب إبراهيم فايق. لم يخجل شريف عبد الفضيل من ذكر ذلك بل تفاخر أن هناك مسؤولين في نادٍ كبير قد ساعدوه على الهروب من ناديه بل وكسر قواعد اتحاد كرة القدم المصري بفتح باب القيد بعد غلقه بست ساعات كاملة. هل تتذكر عزيزي القارئ سبب فشل انتقال «دي خيا» من مانشستر يونايتد إلى ريال مدريد؟ نعم، أنهم أرسلوا فاكس بالعقود للاتحاد الأسباني بعد دقيقة واحدة من إغلاق سوق الانتقالات، ولكن يبدو أن فلورنتينو بيريز وأعضاء مجلس إدارة ريال مدريد لم يتحلوا هم الآخرون بمبادئ صالح سليم وأخلاق النادي الأهلي حتى يحظوا بتلك الاستثناءات الصارخة!

قطعة أخرى من ذهب الأهلي الفالصو والذي قرر أن يفاجئ الجميع في الانتخابات الحالية هو جوهر نبيل كابتن فريق كرة اليد السابق بالنادي الأهلي. جوهر الذي عقّب محمود الخطيب على أدائه سلبًا في أكثر من مؤتمر انتخابي له في الأسابيع الأخيرة قرر بشكل مفاجئ الانسحاب من قائمة محمود الخطيب لأنها لا تحافظ على مبادئ النادي الأهلي وقيمه العريقة على حد تعبيره.

لم تُقنع تلك المبررات الكثيرين بالطبع وأشارت العديد من أصابع الاتهام نحو محمود طاهر مؤكدة أن هناك اتفاقًا سريًا قد تم بينه وبين جوهر نبيل، سواء كان اتفاقًا ماديًا أو وعدًا بإعادة بث برنامجه التلفزيوني مرة أخرى سواء على قناة الأهلي التي هاجم نبيل سياساتها مرارًا وتكرارًا أو على قناة «ON sport» لمالكها أحمد أبو هشيمة والذي يُعد أبرز الداعمين لقائمة محمود طاهر.

عاد بعد ذلك جوهر نبيل ليؤكد أن صفحته قد سُرقت وشخص ما قام بالكتابة عليها، لكنه لم يُفصح عن الشخص الذي حجز له قاعة في فندق سميراميس لعقد مؤتمر يُعلن فيه عن أسباب انسحابه، استخفاف غريب بعقول الجماهير! بشكل عام ومهما اختلفت الأسباب تظل هناك حقيقة واحدة؛ ألا وهي الخيانة، خيانة كتلك التي قام بها محمد عبد الوهاب مع قائمة إبراهيم المعلم في الانتخابات الماضية، يبدو وأن قائمة مبادئ صالح سليم وقيم النادي الأهلي خلت من مبدأ الوفاء!


محمود طاهر: الطيب أم الفاسد؟

تسلم محمود طاهر رئاسة النادي الأهلي مطلع عام 2014. حاول في بداية ولايته احتواء الأولتراس لنيل دعمهم. كان طاهر يعلم جيدًا أن نيل ذلك الدعم بالتوازي مع دعم الجمعية العمومية ليس بالشيء السهل، بل أنها معادلة يصعب للغاية تحقيقها نظرًا لاختلاف أولويات كلا الطرفين، لكنه قرر المحاولة ففتح لهم مدرجات التتش بمعدلات كبيرة وسمح لهم بالدخول لحضور مباريات الصالات بالرغم من مهاجمة الإعلام لتصرفاته واتجاه الدولة الواضح والمُعادي لفكرة روابط الأندية.

بدأ بعض من جماهير الأهلي على السوشيال ميديا دعم محمود طاهر والتغني به، خاصة في ظل الحرب الطاحنة بين مرتضى منصور والوايت نايتس على الجانب الآخر، فكانت فرصة لا يمكن تفويتها من جماهير السوشيال ميديا الحمراء للتفاخر أمام أقرانهم من أنصار القلعة البيضاء الذين يتحسرون على أوضاع ناديهم المُزرية بسبب شخص يكرهونه اسمه مرتضى منصور.

لم يستمر شهر العسل بين طاهر وجماهير الأهلي كثيرًا، وكانت بداية الصدام بعد رحيل الإسباني خوان كارلوس جاريدو وتعيين بيسيرو بدلًا منه. لم ترضَ الجماهير عن بيسيرو نظرًا لتجاربه الفاشلة سابقًا في الخليج العربي والبرتغال، لكن إصرار محمود طاهر عليه كان بداية الشرخ في علاقة طاهر بالجماهير.

لم ينجح بيسيرو مع الفريق الأول وبدأت الجماهير تنادي بضرورة التغيير لأن الوضع لا ينذر بخير، إلا أن محمود طاهر استمر في عناده وخرج بتصريحات ساذجة للغاية مفادها أنه اتصل بجوزيه مورينيو وأخبره أن بيسيرو هو الشخص المناسب. تصريح نال العديد من موجات السخرية على مواقع التواصل وجعل الأولتراس ولأول مرة يهاجم محمود طاهر ومجلسه من مدرجات التتش وكذلك بعدها في مناسبات عديدة لعل أبرزها كان افتتاح بطولة أفريقيا لكرة اليد في نهاية العام الماضي.

لم يتحمل طاهر ذلك الهجوم وأعلن عن غلق مدرجات التتش أمام الجمهور، فأعلن الأولتراس توجههم لمدرجات التتش بعد القرار بعدة أيام، فما كان من محمود طاهر إلا الاستعانة بالداخلية في مواجهة جمهور النادي الأهلي لأول مرة في ولايته. لم يستجب وزير الداخلية لنداءات محمود طاهر مباشرة كما صرّح مرتضى منصور و قرر أن يتركه في عدة مناسبات دون مواجهة مباشرة مع الأولتراس، وكأنه يقول له هكذا سيكون الوضع إن لم نتدخل مُستقبلًا.

ومنذ ذلك الحين والعلاقة بين طاهر والأولتراس ليست على ما يرام إطلاقًا، وهو ما تأثر به جمهور السوشيال ميديا وبدأوا في ترديد عبارات واتهامات بعضها مُبالغ بها وبعضها الآخر حقيقة، فقالوا إنه أضاع مبادئ النادي الأهلي وقيم صالح سليم. لا أعلم ماذا فعل طاهر تحديدًا أسوأ مما فعله حسن حمدي أخلاقيًا! قالوا أيضًا إنه جعل النادي مرتعًا لموظفين معروف عنهم انتماؤهم للقلعة البيضاء، وكأن الموظف المنتمي لأي نادٍ آخر صهيوني الانتماء.

موضع الخلاف الوحيد الذي اتسم بالمنطقية بين طاهر وجماهير الأهلي الشابة هو اختلاف أيديولوجيات كل منهم، فطاهر رجل أعمال بارع يهمه الربح والمال في المقام الأول، لذا اتجه لسياسة شراء وبيع اللاعبين لجني أرباح للنادي وهذا ما نجح فيه بشهادة منتقديه قبل مؤيديه، أما الجماهير فالأولوية عندها للبطولات الكُبرى ولن يرضوا بكأس مصر والسوبر المحلي كإنجاز للتفاخر به في أي حال من الأحوال كما يفعل طاهر الآن.


بالونة بيبو

أنت قلت لي يا شادي أن حسن حمدي والخطيب يقومون بأخذ عمولات تصل إلى 7% من أحد وكلاء الأعمال المشهورين نظير جلب بعض اللاعبين للنادي الأهلي وأن النادي الأهلي يعج بالفاسدين.
رئيس النادي الأهلي من أقوى عشر شخصيات صانعة للقرار في مصر.
محمود طاهر، في أحد مؤتمراته الانتخابية.

يدرك محمود الخطيب كغيره من أعضاء النادي الأهلي مدى صدق مقولة محمود طاهر، وهي قوة منصب رئاسة أكبر نادي في أفريقيا والشرق الأوسط؛ لذا كان من الطبيعي أن تتواجد حالة التناحر تلك التي يشهدها النادي الأهلي بين أبنائه الآن، فالمكسب ضخم والشهرة براقة وكاميرات الإعلام جاذبة لأي شخص مهما بلغت نجوميته.

يعلم الخطيب تمام العلم أن الوصول لهذا المنصب لن يأتي بأي حال من الأحوال دون رضاء تام من نظام الدولة المصرية؛ لذا كان من الطبيعي أيضًا أن يبدأ في التمهيد لذلك منذ عدة سنوات بالتملق لدوائر صنع القرار في مصر وحضور مؤتمر الشباب الأول الذي انعقد في شرم الشيخ دون وجود ضرورة لذلك.

كذلك حرص الخطيب على عدم معاداة أدوات النظام كالإعلامي -عفوًا- كالمُهرج أحمد موسى وأحمد شوبير ووزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز، ولكن يبدو أن مسعاه مع الأخير لم يأتِ بثماره حيث يعلم الجميع تمني الوزير الباسم نجاح قائمة محمود طاهر. كذلك لم يدعم محمود الخطيب شباب الأولتراس في أي مناسبة مرت على النادي وتجنب دائمًا ذكرهم في أحاديثه، إلا مؤخرًا حين رأى أن زمام الأمور يمكن أن تفلت منه فلم يرد خسارة الجمل بما حمل ربما.

الشاهد في هذا الأمر أن الهالة المصنوعة حول شخص محمود الخطيب هي هالة كاذبة، فالخطيب وطاهر وجهان لعملة واحدة، لن يحافظ أحدهما على قيم ومبادئ النادي الأهلي و يضيعها الآخر. لن يحافظ الخطيب على مبادئ صالح سليم كما يدعي عدد من جمهور الأهلي؛ لأن صالح سليم نفسه لم يكن يقتنع بالخطيب في مجلس إدارة النادي، فمواقفه رمادية اللون دائمًا وشخصيته ضعيفة على حد تعبير أسطورة الأهلي الراحلة كما نقله ابنه هشام سليم في حواره مع لميس الحديدي.