ينشد هذا المقال مطاردة أزمتين في واقعنا العربي المعاصر، أؤرخ لتفاقم هاتين الأزمتين –وليس انبثاقهما بالتأكيد– مع بداية ثورات العرب في بدايات الألفية الثالثة. وينشغل القول هنا، تحديدًا، بالحالة المصرية أي بدءًا من 2011 وحتى لحظتنا الحالية.

يصعب للغاية الآن استثناء فئة من فئات المجتمع، على مستوى طبقاته إن وجدت أو على مستوى المراحل العمرية أو وفق أي تصنيف، من الانشغال بالسياسة وما يدور على ساحتها [1]، ولكن القول هنا يتوجه، بشكل أكبر، لفئات من الشباب، أدرج نفسي بينهم، تحاول أن تجد مكانًا تحت الشمس في عالمٍ يقفز حضاريًا بمعدلات نعجز عن استيراد نتائجها فضلًا عن تأسيسها في سياقاتنا المُعاشة.

يصلُ الحديث عن الأزمة العربية في أي جلسة بين أصدقاء متناحرين أو متفقين لنقطة اليأس وفقدان الأمل في النهاية، ويقل الوقت المستغرق للوصول لنقطة اليأس بتراكم الخبرات التاريخية التي نتعرض لها. ويكاد الإيمان بقدرة الأزمة المطلقة على رفض التجاوز ودوام الحضور أن يصبح هو الإيمان السائد. يتبدى لنا الواقع كتنين أسطوري، يحضر بيننا بثقله وقوته، لا نملك له دفعًا، لا نفهم من أين جاء، وكيف سيرحل؟ ولا حيلة لنا سوى أن نحيا في سلطته مكبلي الأيدي، عاجزين عن إحداث تغيير.

في محاولة جادة لفهم رسوخ الأزمة –أو ديمومتها– يؤكد برهان غليون أن رؤية الأزمة، في كونها عصيَّة على الإزاحة، يعود إلى ذلك الحديث المُكرَّر عن الأزمة، الواثق من مزاعمه، والذي تحرص وسائل الإعلام على ترسيخه. الأمر الذي يُولِّد «شعورًا بالانحباس والمأزق التاريخي والمصير الحتمي. ويطمس حدود الأزمة وأسبابها وأبعادها ومعالمها. فهو إما يصورها كمظهر طبيعي من مظاهر ماهية عربية مفترضة تتسم باللاعقلانية والسلبية والشقاق، وفي النتيجة، بالدونية، أو أن يصورها كأزمة سطحية أو جزئية أو مؤقتة مرتبطة بسلوك هذا القائد، أو ضعف هذا الزعيم أو فشل هذه السياسة. ويكفي عندئذ تأييد هذا الفريق أو ذاك، حتى تعود الأمور إلى نصابها ويستقر الحال».

ولا يتوقف الأمر على وسائل الإعلام أو في الانحياز لفريق باعتباره فريق «الخلاص النهائي»، بل إن السبب الرئيسي لاستمرار الأزمة يتأتى من «غياب الوعي السليم والتفسير المقنع [2] الذي يخلق إرادة الفعل، ويفتح أفق العمل، ويبعث في الإنسان الأمل … وبمعنى آخر، إن استمرار الأزمة هو أكبر دليل على انعدام البديل أو ضعفه (والمقصود بالبديل) المشروع الاجتماعي الثقافي والسياسي الذي أعطت النهضة، وأعطت الحركة العربية القومية الحديثة نماذج سابقة منه، ويتعلق الأمر بقدرة قوى التغيير والمقاومة على فهم الوضع القائم فهمًا موضوعيًا، وتطوير وسائل العمل الكفيلة بقلب توازناته الفاسدة وإقامة توازنات جديدة وفعالة ومنتجة مكانها».


نقد فئة التغيير العدمي أو التغيير المعدوم الفائدة

يمكن إدراج فئتين فرعيتين بداخل هذه المنظومة؛ تمارس الفئة الأولى، حصريًا، وعلى الدوام نظام «المقاومة بالسخرية»، بينما تفسر الفئة الثانية الأزمة بكونها «بنيوية» في الاجتماع.

المقاومة بالسخرية

وإن كان إسحاق عظيموف Isaac Asimov يجادل بأنه «يمكن لدعابات من النوع المناسب، تُروى بالشكل المناسب، أن تكون السبب في إنارة أسئلة عن السياسة والفلسفة والأدب بشكل أعظم تأثيرًا من النقاشات البليدة/ المملة»، فإن نظرة إلى ما أنتجه الوعي المصري منذ يناير 2011 يكشف عن ثراء في التجارب التاريخية لكل قطاعات الأجيال المصرية يترافق مع استجابة بطيئة أو شبه- خاملة للوعي بشكل يكاد أن يكون عامًا. وخرجت أغلب السخريات تتجه للبكائيات والحزن على أطلال طموحٍ تهدَّم ولا سبيل لقيامه مرة أخرى.

لا تقوم النخبة عبر الهجائيات اللاذعة سوى بتخفيف ضغوط الجماهير عليها

بل يمكن لنا تعميق الطرح تاريخيًا حين نؤكد أن الأدبيات الساخرة، في الجرائد المصرية والمجلات والمدونات كانت تشهد كمًا هائلًا من الإنتاج المكتوب في عهد مبارك، دون أن يؤثر ذلك، بشكل جذري، فيما أعتقد، على ضمان سلطته في الحكم، ناهيك عن خلخلتها ولو قليلًا. بل بدا الأمر كمسرحية يتقن جميع المشاركين فيها الدور؛ حيث لعب الجزء الساخر من المعارضة دوره مع السلطة الحاكمة التي رسَّخت أمام »الآخر» ديمقراطيتها من خلال فتح القنوات أمام الأدب الساخر أو اللاذع للتضخم في عهدها. وهو ما مثَّل انفتاح السلطة على النقد الحاد الموجه ضدها!

وفي محاولة منه لفهم طبيعة تلك العلاقة، يؤكد علي مبروك على أن النخبة -وبما فيها تلك الشرائح المخلصة للجمهور المسحوق- كانت تطيل أمد بقاء تلك الدولة، حتى وهي تصوغ هجائيات التأثيم واللعنة ضدها. فهي، من جهة، لا تفعل عبر تلك الهجائيات اللاذعة إلا أن تخفف من ضغوط الجماهير عليها؛ وأعنى من حيث لا تملك تلك الجماهير المسحوقة بعد أن تتسلى بهذه الهجائيات -التى تفيد منها الدولة كلما ازداد مذاقها اللاذع- إلا أن تهجع مستريحة كل مساء بعد أن تكون قد تخلصت -عبر نوبات السخرية والتشفّي التى تجود بها نخبتها- من أبخرة الغضب والنقمة التى تعتمل محتبسة فى صدورها تجاه تلك الدولة التى تسحقها باستبدادها وفسادها. وإذ تشعر النخبة، هكذا، أنها قد أدَّت دورها وقامت بواجبها نحو الجماهير التي تظل رغم كل شيء تتخبط في التيه والضياع عاجزة عن اكتشاف طريق الخلاص، فإنها تنام، بدورها، قريرة العين؛ وبكيفية ينقسم معها مجال التداول السياسي- في المشهد العربي الراهن- بين نخبة تنتج الهجاء (وتتكسَّب منه) وجماهير تستهلكه (وتستريح به) من جهة، وبين دولة لا تتوقف عن ممارسة استبدادها وفسادها عليهما معًا من جهة أخرى. وللمفارقة فإن الواحد من طرفي تلك اللعبة السقيمة العابثة يبدو مستريحًا بما يفعله. ولعل ذلك هو أحد أسباب ما يبدو من عجز هذه النخبة عن إثارة الأسئلة الكبرى حول العجز المتأصل للدولة العربية الراهنة عن إنجاز أي واحدٍ من وعودها الكاذبة؛ وأعني من حيث تبدد طاقتها فى إنتاج هجائياتها الساخرة.

بل إنه يبقى، وهو الأهم، أن النخبة تظل، في هذه الهجائيات، تعيد إنتاج ذات الخطاب الذي يقوم عليه وجود تلك الدولة الآثمة. فإنه إذا كانت الخصيصة الجوهرية للخطاب المؤسس لوجود الدولة الراهنة أنه ينبني على المقاربة السياسية للمفاهيم (وهي المقاربة التي تتميز بها، على الدوام، كافة الخطابات التي تتبلور من أجل خدمة دولة ما بالأساس)، فإنه يُلاحظ أن الهجائيات الموجهة للدولة تكاد- بحسب طبيعتها- أن تختزل الأزمة الراهنة بأسرها فيما هو سياسي فقط؛ ومن دون أدنى التفات إلى الأبعاد الأعمق لتلك الأزمة التي تضرب بجذور أبعد فيما يتجاوز ما هو سياسي ويتعداه. وهكذا فإن الانفلات من الأزمة إنما يكون- بحسب هجائيات النخبة- بإسقاط النظام السياسي الحاكم وتغييره؛ وذلك عبر جعله موضوعًا للسخرية والتنكيت أو اللوم والتبكيت.

التفسير البنيوي الاجتماعي للأزمة

وأما التفسير البنيوي [3] للأزمة، واعتبار أن هذه الأزمة قارَّة في الاجتماع المصري، تتعلق برؤية تضع هذا الاجتماع، على تعدد شرائحه وتباين ثقافاته (حتى وإن كانت تستقي مشاربها من مصادر ثقافية موحدة) في سلة واحدة، يقوم أغلب الشباب الذي شارك في الثورة، بوضعه في خانة «الشعب العبيد» أو «الشعب الذي يعشق جلاده» أو «الشعب الذي لا يتحرك إلا بالكُرباج» أو «الشعب الرافض للحداثة/ الحرية/ الكرامة الفردية»… إلخ [4]، ويتم تعليق كل الإخفاقات التاريخية -التي كانت تمثل (قبل أن تتحول لإخفاقات بالطبع) فرصًا تعتبر بمثابة منتهى الآمال للطليعة الشبابية المصرية- على ذلك الاجتماع الذي رفض أن يحيا، بحق، في مبادئ الثورة: «عيش – حرية – عدالة اجتماعية».

وبالتالي، وباعتبار أن أزمة الاجتماع بنيوية، فإن الأمر يتطلب إذن إدانة هذا الاجتماع، والقطع معه، والعيش بعيدًا عن أوهامه، والارتقاء فوق «عبوديته» في سعينا للحرية، بل وحتى الانقلاب عليه وإعلان التبرؤ منه. بمعنى آخر، إننا «اللا-منتمون» لهذا الاجتماع، ضحايا التاريخ والجغرافيا!

والحق أن توقُّع الاستجابة الفورية من الاجتماع وانتظار أن يرى ما يراه الخطاب الثوري، وبالتالي السير وراء ذلك الخطاب في تسليم تام، لا يختلف كثيرًا عن رؤية النخبة المصرية، بل والعربية بالعموم، للاجتماع، بل ولن نجد اختلافًا بينهما وبين خطابات التجديد الديني.

ترى شرائح عديدة من النخبة المصرية في الاجتماع سببًا من أسباب الضياع والتقهقر. بل إن هذه الشرائح نفسها تحاول الاستعلاء، على الدوام، على فئات الشعب الأخرى ولذلك تسعى بإخلاص لترسيخ وتأكيد القطيعة معه.

أخفقت حركة الإصلاح الديني العربية في أن تتحول إلى ثورة روحية بقدر ما أعطت الأولوية في التجديد إلى تأويل النص

«الحل في النخبة» أو «النخبة هي الحل» هو الشعار الذي تحمله –ودون أي اندهاش– النخبة ذاتها. ويبدو أن النخبة لا تدرك أنها الجزء الأبرز من هذه الأزمة لأنها، وبسبب ترفُّعها عن الاجتماع، انفصلت عن واقعه اليومي والمعاش، فقدت اللغة التواصلية معه، وصار أمرًا حتميًا أن تفقد علاقتها بواقعهم (في ترتيبه وتنظيماته وفوضاه كذلك) ومن ثمّ عجزت تمامًا عن استيعاب الكيفية التي تفاعل بها هذا الاجتماع مع التغييرات الجذرية التي شهدتها مصر.

وفي إشارة هامة، يورد برهان أنه، وبالمقابل «أخفقت حركة الإصلاح الديني العربية في أن تتحول إلى ثورة روحية بقدر ما أعطت الأولوية في التجديد إلى تأويل النص، وقوّت بذلك موضع الفئة المؤولة، أي العلماء. بل إنها هي التي فكرت بتكوين خلافة دينية مماثلة للسلطة الكنسية وتوحيد المذاهب الفقهية، وهي مصدر مرونة وتعددية مثرية في الإسلام.لقد مسَّت عقل العلماء لكنها لم تمس روح الشعب».

وفي سياق مسار التحديث في أوروبا،والذي أصبح تعبيرًا عن حركة اجتماعية حقيقية أو ممثلًا لحراك اجتماعي عميق وفعال، يشير برهان إلى قدرة النظام الجديد على إدماج الجماهير الفلاحية والحرفية الخارجة عن النظام القديم، ويضفي عليها شخصية السيد الحر والمستقل والمتساوي مع غيره … (وكذا) أمكن أيضًا للنظام القيمي الجديد أن يفرض نفسه كنظام سائد وأن يتسرب إلى الوعي التقليدي بكل عناصره فيخلق حيزًا مستقلًا لوعي مشترك تتقاطع فيه المثل الروحية والعقلية القديمة والجديدة وتتبلور على أساسه الكونية كرسالة إنسانية جامعة. والرأسمالية، في ذلك السياق، باعتبارها حاملة النظام الجديد، لم تصبح نظامًا مستقرًا إلا لأن نمط الحياة الذي صاغته الطبقة المهيمنة فيها يفترض إمكانية تعميمه في حلقة متزايدة الاتساع، وذلك على المستويات الذهنية والثقافية والمادية والسياسية معًا. ولهذا أمكن للنظام الرأسمالي أن يتحول إلى مشروع تاريخي ينطوي على رهانات اجتماعية معقولة، إذن جذابة لقسم أكبر فأكبر من الناس بقدر تدليلها على إمكانية تحقق هذه الرهانات أو جزء منها.

أمكن للنظام الرأسمالي أنيتحول إلى مشروع تاريخي ينطوي على رهانات اجتماعية معقولة، إذن جذابة لقسم أكبر فأكبر من الناس

ويلوح السؤال هنا، كيف يمكن لنخبة العرب، والنخبة المصرية على الأخص، أن تقوم بإنشاء مشروع تاريخي للحراك الاجتماعي ينخرط في فهم الاجتماع والواقع بينما لا يتم التعويل على الاجتماع في أي سعي للتغيير، وإنما تقوم النخبة – الداعية للحداثة – بممارسة التغيير بالشعارات أو الأماني أو بأشعرية إنكار السببية! وعلى طريقة «كُن فيكون» أو توجيه الأوامر للاجتماع الذي يجب أن يذعن ويطيع أو باستعارة نماذج فكرية جاهزة، تنتمي لسياقات معرفية وسياسية واقتصادية، بل وتاريخية، مختلفة، بغية تفسير الواقع بها أو من خلال «الدعاية» للإيديولوجيا وكأن الواحد منهم يتحول لبشير ونذير لأمة جاهلة! وهل هناك فارق، والحال كذلك، بين ممارسات النخبة العربية وبين الشباب العربي المنقلب كذلك على الاجتماع؟

يجب على الناشد للتغيير فعلًا، وليس تبشيرًا أو دعايةً، في كل مرة يشعر بأنه لا يفقه الواقع، أو أن الواقع يتنزل عليه كالقَدَر، أن يسعى للتداخل معه أكثر، ويزداد إلحاحه في الإمساك به، لا العكس … وما العكس، من ضمن تجلياته وأمثلته، إلا السخرية منه أو الاستعلاء عليه أو محاولة خلق واقع شخصي يتغنَّى فيه الواحد منا بالإيديولوجيا التي يتبناها ويتعجب من انعدام ذكاء الناس لأنهم لا يرون ما يراه.


ولعل نظرة سريعة على حياة الأجيال الجديدة في بلاد العالم الثالث التي فقدت سندها الأخلاقي كافية لرؤية الفراغ الروحي الذي تعيش فيه وانعدام الأفق والأمل والإيمان بشيء سوى المشاركة الوهمية والسرابية بحضارة استهلاكية ليس لهم منها إلا القشور.ولا يخفف من شعورهم بالحرمان إلا قناعتهم بالدونية والسقوط، وغربتهم في عالم لا يعرفونه ولا سلطة لهم عليه

برهان غليون


وهل من سبيل؟ الإجابة نعم بالتأكيد.

السبيل هو عقلنة الواقع، أو إعادة المطابقة بين نظام العقل ونظام الواقع، وهنا يضطر (الوعي) أولًا إلى إعادة ترتيب مفاهيمه نفسها، أو بالأحرى يتحرر من كل نظام، ويعود إلى نقطة الصفر: أي بناء نظام العقل من الخبرة الذاتية والتجربة. وتصبح العقلانية بمثابة السعي وراء كشف الاتساق في الواقع باعتباره شرط استيعابه والتعامل معه.

يتعلق الأمر إذن بالتفاعل مع الاجتماع ضمن شروط اجتماعية وتاريخية ساهمت في تكوُّن نظام عقله، بمعنى آخر: الاشتغال على عقلانية الاجتماع التي تعكس «تنظيم الجماعة لواقعها في الذهن، أي إعادة تركيبه في مسائل كبرى وإشكاليات قابلة للحل من أفق الشروط التاريخية القائمة».

وتكوُّن الوعي لا يحيل دائمًا إلى دلالة إيجابية، فاستملاك الوعي قد يكون إيجابيًا أو سلبيًا بقدر اقترابه أو ابتعاده عن الحقيقة الموضوعية، بينما الوعي نفسه «كينونة تاريخية واجتماعية مستقلة»، وهو، تبعاُ لما سبق، قد يعكس الحقيقة الموضوعية بصدق أو أن يبقى على هامشها.

وإذا سلّمنا بأن الانشغال –أو امتلاك الوعي المعرفي- لا يعني إلا التفاعل بهدف إنتاج «فهم»، فلعله يلوح لنا مدى تأزم مقاربتنا – سواء كانت ساخطة أو ساخرة – لأزمتنا.


[1] وإن أصبح الأمر الآن عامًا في أن الجميع ينشغل بالسياسة، ويدور في فلكها، ما بين مبايعة عمياء للجهة الحاكمة ومعارضة سوداء تشاؤمية على الدوام لها، مع الإقرار بوجود تباينات بين هاتين الفئتين تحوال أن تشرح موقفها، إن دعت الحاجة لذلك، لإحدى فئتين متعصبتين.[2] وجاهة منطق الخطاب التحليلي الإيديولوجي لا تشترط أن تكون قراءته للواقع صحيحة بالضرورة.[3] يضع علي مبروك تعريفه للأزمة البنيوية باعتبارها «ذلك النوع من الأزمة الذي لا يكون موقوفًا على شروط خارجية، فيرتفع بارتفاعها، بل يتعلق بما ينتمي إلى البنية العميقة للأنظمة المأزومة؛ وبما يعنيه ذلك من استحالة ارتفاع هذا النوع من الأزمة ، إلا عبر تفكيك تلك الأنظمة ذاتها».[4] هل نحتاج، ضمن هذا السياق للتأكيد على أنه «ليس هناك مجتمع يمكن تخفيضه إلى مستوى فكرة أو إيديولوجية أو مذهب»؟
المراجع
  1. برهان غليون: «اغتيال العقل – محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية».
  2. علي مبروك: «ثورات العرب – خطاب التأسيس».