تبدو العلاقة بين الفن والرياضة متشابكة على نحو واضح، فمن المعروف أن الآباء يختارون لأطفالهم ما بين الرياضة ومجالات الفن كأنشطة مختلفة عن بعضها البعض. إلا أن تلك الفجوة بين الرياضة والفن ليست حقيقية بالمرة، هذا ما أثبتته تجربة قامت بها جامعة كونيتيكت جمعت خلالها بين فريق الجامعة للبيسبول ودارسي الموسيقى.

كانت النتيجة اكتشاف أرضية مشتركة كبيرة بين الفئتين. أبرز الاهتمامات المشتركة كانت محاولة العمل من خلال الفريق والشغف تجاه التميز وإبراز المهارات لنيل استحسان الجمهور.

ليس من الغريب إذًا أن يبرع أحدهم في الرياضة والفن سويًا خاصةً في مرحلة السن الصغيرة. لكن هناك دائمًا وقت يضطر فيه الموهوبون في كلا المجالين لاتخاذ قرار ما إذا كانوا يريدون تكريس المزيد من الوقت للرياضة أو لفنهم.

يؤكد الكثير من الفنانين أنهم كانوا على وشك احتراف كرة القدم في بداية مشوارهم قبل أن يقرروا احتراف الفن عوضًا عن ذلك. لكن ماذا لو عدنا بالزمن وكان قرار هؤلاء الفنانين هو احتراف كرة القدم. سنستعين بما قدموه فنيًا لمحاولة تخيل مشوارهم مع الكرة كيف كان سيبدو.

الهضبة رئيسًا للهلال السعودي

كان عمرو دياب لاعب خط وسط بفريق هيئة قناة السويس في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، لقد تميز بالقوة البدنية والشراسة والعنف، كان أشبه بالهضبة مثلما يلقب الآن.
ميمي عبدالرازق متحدثًا عن عمرو دياب

هكذا تحدث نجم بورسعيد «ميمي عبد الرازق» عن بدايات عمرو دياب مع كرة القدم وهو الحديث الذي أكده عمرو دياب في أكثر من مناسبة. حسنًا دعنا نخوض في مسيرة عمرو دياب المتخيلة رفقة كرة القدم.

من لاعب قوي بدنيًا في خط الوسط بفريق قناة السويس إلى الاحتراف بالنادي المصري البورسعيدي كمصير محتوم للموهوبين كرويًا في المدينة الباسلة. لكن المؤكد أن عمرو دياب الذي يحركه الطموح دائمًا لم يكن ليكتفي أبدًا بالبقاء داخل جدران النادي المصري واختتام حياته الكروية داخل نادي مدينته.

إنه ليس أكثر اللاعبين موهبة بالطبع لكنه أذكاهم على الإطلاق. بفضل هذا الذكاء سيقدم عمرو مواسم رائعة مع النادي المصري ليصبح انتقاله لأحد القطبين في القاهرة أمرًا حتميًا آخر. تخبرنا مسيرة عمرو أنه يذهب وراء شغفه بقوة خاصة في البدايات ولذا سيكون نادي الزمالك الذي يشجعه منذ الصغر هو اختياره الأول.

هل يستمر عمرو دياب في صفوف الزمالك متأثرًا بشغفه؟ بالطبع لا. هكذا تخبرنا مسيرة «الهضبة» أيضًا فهو لا يفوت فرصه لنجاح أكبر ولذا فمن المنطقي تمامًا ألا يفوت فرصة اللعب للنادي الأهلي حيث يستفيد من الاستقرار الإداري والمادي ليقدم ما هو أفضل دائمًا للمشجعين، غير ملتفت للانتقادات المصاحبة للاعب ينتقل من الزمالك للأهلي ودون أن يخسر حب مشجعي الزمالك أيضًا.

لن يكتفي عمرو دياب أبدًا بالنجاح في الأهلي ولن يرضخ لكليشيه: «الاعتزال في الأهلي يعني مسيرة مضمونة» ، ذلك لأن عمرو دياب دومًا يقرر تفاصيل مسيرته بنفسه ولذا سيحترف في الخارج دون شك. سيلتحق عمرو دياب بأحد الأندية الأوروبية ولا يهم إذا كان هذا النادي كبيراً أو متوسطاً، ولكنه حتمًا سينجح هناك.

سيعود عمرو دياب من أوروبا أخيراً وهو أكبر من الجميع. الرجل الذي تحبه جماهير الأهلي والزمالك ويتنازعان حول أحقيتهم به، الرجل الذي شرف الكرة المصرية بالخارج. هو لا يمتلك مهارة الخطيب وجعفر لكنه سيصبح أكبر منهم كثيرًا.

هل تريد أن تعرف ماذا يفعل عمرو دياب الآن. إنه رئيس نادي الهلال السعودي، فبمجرد قدوم تركي آل الشيخ إلى مصر سيصبح عمرو دياب أقرب المقربين إليه. فالهضبة لا يفوت فرصة للاستفادة والاستمرار فوق القمة بين الجميع. سيجد فيه تركي آل الشيخ النموذج المثالي لإثبات ريادة الرياضة السعودية التي يقترن اسمها بالقمم فقط. وما هي إلا شهور قليلة وسيصدر تركي قرارًا بتعيين عمرو دياب رئيسًا للهلال السعودي للاستفادة من الخبرات الإدارية لهضبة الكرة المصرية.

هل التقطت خيوط اللعبة الآن، هل تروق لك. دومًا ما تروق لعبة الـ«ماذا لو» للجميع. دعنا إذًا نتخيل المزيد أو دعني بشكل أدق أعرفك إلى وكيل اللاعبين السيد أنتونيو بانديراس الذي ينافس مينو رايولا وخورخي مينديز على امتلاك المواهب الصغيرة.

أنتونيو بانديراس: سحر الإقناع

ربما لا يعرف الكثيرون أن سبب اتجاه «أنتونيو بانديراس» إلى التمثيل إصابة في الكاحل أنهت مسيرته كمهاجم موهوب في صفوف فريق مالاجا الإسباني مبكرًا. عرف عن بانديراس اللاعب أنه شديد التهذيب للدرجة أنه لم يتلق البطاقة الحمراء في مسيرته القصيرة أبدًا.

حسنًا ربما «أنتونيو» لم يكن ليصبح مهاجم إسبانيا الأول بكل هذه الأخلاق الرفيعة. ستنتهي مسيرة أنتوني مع الكرة مبكرًا حتى دون إصابات لكنه يملك ما يجعله أكثر أهمية من مهاجم متميز. سيتحول أنتوني إلى وكيل لاعبين مستغلًا ملامحه الجذابة وقدرته الهائلة على إقناع الجميع بأي شيء يريد الحديث عنه خالقًا حوله هالة لا تقاوم.

لن يكون غريبًا أبدًا أن تجد أنتونيو متجولًا بين ملاعب البرازيل المختلفة واضعًا عينه على أحد اللاعبين الصغار. بابتسامة ساحرة وبحديث منمق سيصبح هذا اللاعب في قبضة أنتوني دون شك. وبعد أن يبدأ صراع الأندية الأوروبية على هذا اللاعب سيظهر هنا أنتوني الخبيث الذي يجيد التفاوض بكلامه المعسول وقدرته الدائمة على كسب تعاطف الآخرين.

شون كونري: لا أحد يعرف من هو فيرجسون

إنه العميل السري الأكثر شهرة، السيد 007 شخصيًا. احترف «شون كونري» كرة القدم في شبابه من خلال نادي الدرجة الثانية الاسكتلندي «إيست فايف». بينما كان يقوم بجولة مع النادي في جنوب المحيط الهادئ، تألق في مباراة شاهدها السير «مات بوسبي» المدير الفني لمانشستر يونايتد حينئذ. عرض «بوسبي» على «شين» توقيع عقد للاحتراف بصفوف فريق الشياطين الحمر.

أوشك كونري على توقيع ذلك العقد لكنه كان في الثالثة والعشرين وفكر أنه لا يملك الكثير من الوقت لصناعة التاريخ رفقة كرة القدم فقرر أن يتوقف عن لعب كرة القدم ويتجه لشغفه الآخر وهو الفن.ربما كانت حسبة كونري خاطئة قليلًا فلو كان انتقل لليونايتد ربما لبقي حتى وقتنا هذا داخل الملعب.

سينجح كونري في إستغلال قوة شخصيته وحزمه الواضح ليصبح مدربًا شهيرًا فيما بعد. إنه السير كونري الذي سيتدرج في المناصب التدريبية رفقة فريق اليونايتد بعد اعتزاله مباشرة. تخيل أن مدربك هو شين كونري، أنت لن تجرؤ بالطبع ألا تطيع أوامره. سينجح كونري في التقدم باليونايتد نحو البطولات وربما لم نكن لنسمع أبدًا عن السير اليكس فيرجسون فمدرب اليونايتد التاريخي سيضحي السير شين كونري بلا شك.

ربما أصبحت مغرمًا بتلك اللعبة التخيلية التي بدأناها سويًا. حسنًا، ماذا لو عرفت أن هناك اسمين لعبا كرة القدم الأمريكية أثناء فترة الجامعة وكانا أقرب لاحتراف اللعبة قبل أن يقررا الاتجاه للتمثيل. نتحدث هنا عن «توم لي جونز» و«فورست ويتكر»، كانت ستفقد جائزة الأوسكار اثنين من أهم الحاصلين عليها إذًا لولا بعض الإصابات. لكن ماذا كانا سيقدمان كلاعبى كرة قدم أمريكية، حاول أن تتخيل طالما راقت لك اللعبة.