أبهر ريال مدريد العالم ووصل قمة مستواه بعد موسمين تاريخيين، تحديدًا في 16 أغسطس/آب 2017 عندما هزم برشلونة في عودة السوبر الإسباني بثنائية نظيفة وبأداء أكثر من رائع، ولكن الآن وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني يتعادل ريال مدريد مع أتليتكو في أول ديربي في الواندا ميتروبوليتانو ملعب أتليتكو الجديد ليصل الفارق بين برشلونة مُتصدر الدوري وريال مدريد إلى 10 نقاط بعد مرور 12 جولة فقط من الليجا.

94 يومًا فقط من كُرة القدم جعلت بطل أوروبا مرتين متتاليتين لأول مرة في تاريخ البطولة بمُسماها الجديد يواجه مُشكلة في التهديف وحسم المُباريات، ماذا حدث لأشبال زيزو؟ وهل سيستطيعون الخروج من المُشكلة؟


المُباراة: كل شيء أو لا شيء

الفريقان مُتشابهان إلى حد كبير في وضعهما السيئ ليس إلا، يدخل الفريقان المباراة بـ 23 نقطة بقارق 11 نقطة عن برشلونة المُتصدر، دخل زيدان وسيميوني بهدف الفوز ولا غيره فالتعادل مثل الهزيمة مثل عدم إقامة المُباراة من الأساس. التشكيلات المُعتادة حيث بدأ ريال مدريد بالـ 4-3-1-2 التقليدية ومع بعض الغيابات مثل كيلور نافاس والغياب المُعتاد لجاريث بيل ومع عودة مُهمة للظهير الطائر داني كارفخال بعد أزمته الصحية الأخيرة. كذلك بدأ سيميوني بـ 4-4-2 الشهيرة بتواجد كوكي وساؤول على الأجنحة ومهاجمين كوريا وجريزمان.

ريال مدريد، أتليتكو مدريد
التشكيل وطريقة اللعب وإحصائيات المُباراة مُقدمة من whoscored.com

الرغبة والحماس كانا أعلى عند ريال مدريد، فمُنذ الدقيقة الأولى وهجوم ضاغط بكُل الخطوط على أتليتكو في ملعبه، ظهر الفريق بشكل جيد للغاية رُبما ثاني أفضل مُباراة يُقدمها الملكي بعد مُباراة دورتموند في دوري الأبطال، وربما السبب أن ما يُحبه زيزو كان متواجدًا وهو وجود طرفي الملعب دائمًا في ثُلث ملعب الخصم وذلك لم يتحقق في الفترة بين المُباراتين نظرًا لغياب كارفخال. كارفخال ومارسيلو يُعطيان الفريق بُعدًا آخر في تكتيك زيزو ويجعلان لوكا وكروس يتمتعان بحُرية أكبر في المساحات بين خطي وسط ودفاع الخصم؛ مما قد يُساعد في بناء هجمات سواء من العُمق أو من الأطراف.

الخريطة الحرارية لظهيري ريال مدريد مارسيللو وكارفخال مقابل الخريطة الحرارية لظهيري أتلتيكو هيرنانديز وخوان فران، المصدر: www.whoscored.com
الخريطة الحرارية لظهيري ريال مدريد مارسيللو وكارفخال مقابل الخريطة الحرارية لظهيري أتلتيكو هيرنانديز وخوان فران، المصدر: www.whoscored.com

حاول أتليتكو مدريد الهروب من ذلك الضغط بضغط موازٍ من رُباعي الهجوم جريزمان وكوريا وكوكي وساؤول على دفاع ريال مدريد حتى يُجبروهم على الخطأ، ولكن براعة مارسيلو وكاسيميرو ولوكا وكروس في الخروج بالكُرة جعلت الخطأ أقل ما يُمكن ولو أن أتليتكو كان ليتقدم في العشر دقائق الأولى بهدف من خطأ لفاران.

أدرك سيميوني الفارق في كُل شيء بين الفريقين وأنه سيكون محظوظًا لو خرج بنُقطة من تلك المُباراة، ولكن الخسارة مثل النقطة في حساباته لذلك قرر الدفع بكارسكو وتوريس وجاميرو في الشوط الثاني على الأقل ليُخفف الضغط على دفاعه حتى ولو لم يتمكن من التقدُم. على الجانب الآخر كان زيزو يمُر بمرحلة ما من التفكير رُبما لا يعلمها إلا هو، فالتغيير الوحيد – باعتبار تغيير راموس اضطراريًا لإصابته بكسر في الحاجز الأنفي- كان في الدقيقة 76 بنزول ماركو أسينسيو مكان الحاضر الغائب دائمًا أيضًا كريم بنزيما.

رجُل المُباراة كان كاسيميرو، هو رجل موسم ريال مدريد حتى الآن حيث الثبات في المستوى والتألق في المواجهات الكُبرى والتطور الواضح في قدراته على التمرير والتحرك والاستلام تحت ضغط، خير من يحرس كروس ومودريتش فعلًا. الفوز بـ7 التحامات هوائية و3 تدخلات وقطع الكرة مرتين ونسبة تمرير ناجحة تصل إلى أكثر من 90% جعلته رجل المُباراة إحصائيًا أيضًا.

كاسيميرو، ريال مدريد، ديربي مدريد
أرقام كاسيميرو في ديربي مدريد، المصدر: www.whoscored.com

قديم x جديد

ما زالت هناك الكثير من الحوادث التي تتكرر بشكل يومي في مدريد ولا أحد يجد لها تفسيرًا؛ مثل لعب بنزيما كُل المُباريات أساسي. بنزيما الذي لم يصوب ولا تصويبة في ديربي مدريد ولم يصنع ولا فرصة، ولا تصويبة على المرمى أو خارجه!، كذلك بيل الذي يُصاب باستمرار ولكنه جدد السيناريو تلك المرة، أُصيب وهو يتعافى من إصابة، تشعر وأنه يُراهن نفسه على التنويع في السيناريوهات حتى لا يمل الجمهور منه.

وما زال لاعبو أتليتكو مدريد يلعبون رياضة أخرى لا نعرف اسمها نحن، رياضة فيها كسر الأنف مُباح والتدخل على القدم مُباشرة عقوبته الإنذار فقط ثم الاحتجاج.

تشُعر وأن الحكَم أراد التخلص من اللقاء، لم يحتسب ضربتي أو ثلاث ضربات جزاء.

مُعلق المُباراة حفيظ دراجي في نهاية اللقاء مُعقبًا على بوربلان حكم اللقاء.

الكلمات هُنا شائكة بدرجة كبيرة ولكنها مُهمة بدرجة أكبر، إلى متى سيظل زيدان لا يُريد التحدث عن التحكيم؟، وإلى متى سيتنزه بيريز عن فعل ما تفعله جُل إدارات العالم؟، في مُباراة أمس خوان فران وحده كان لابد من احتساب 3 ركلات جزاء عليه لو لم يكن يلعب كُرة اليد، وركلتي جزاء فقط لو كان بوربلان رحيمًا بأتليتكو، وركلة واحدة لو كان مُجاملًا لهم. أما ألا يحتسب أي شيء فهو شيء في حد ذاته لا يوجد له مُسمى.

الشوط الثاني الذي كان به 4 تغييرات ومُناوشات في كل ضربة ثابتة و5 إنذارات احتسب بوربلان فيه دقيقتين فقط للوقت بدل من الضائع! الغريب أو غير الغريب أن مُباراة ريال مدريد ولاس بالماس العام الماضي والتي انتهت بالتعادل احتسب بوربلان نفسه 3 دقائق فقط في الشوط الثاني رغم وجود 6 تغييرات وضربتي جزاء وطرد. الغرابة تكمُن في أن ريال مدريد دائمًا طرف، في المُباراة المذكورة طرد بيل لأنه فقط تشاجر مع أحد لاعبي لاس بالماس رغم أن الأخير هو من بدأ، رغم ذلك لم يطرد سافيتش الذي تدخل بقدم مرفوعة على قدم كروس ولم يُنذر ساؤول رغم تشاجره مع ناتشو وأنذر ناتشو فقط رُبما لأنه ليس من الواجب أن يلعب ريال مدريد أمام خصم منقوص حتى لو يستحق ذلك.

راموس كُسرت أنفه في منطقة جزاء أتليتكو ولم يُحتسب شيء سوى ضربة مرمى، منطقي لدرجة كبيرة عندما تعلم أن آخر ركلة جزاء يحصل عليها ريال مدريد كانت في الجولة الـ 26 من الموسم الماضي. هذا الانحياز في حد ذاته يُعطي أفضلية لبرشلونة، فما بالكم لو أن برشلونة لم يُحتسب عليه ضربات جزاء مُنذ ما يقرُب من أكثر من موسمين؟ رقم خرافي. الدلالات كثيرة وكل من له علاقة بريال مدريد مُلتزم الصمت والأكثر شجاعة كان إيسكو عندما قال للحكم أنت سيئ للغاية.


94 يومًا

المدرب الفرنسي زين الدين زيدان يتوسط البرتغالي كريستيانو رونالدو (يمين) والإسباني سيرخيو راموس.

قد يُصبح عنوانًا لفيلم سينمائي ولكن بالفعل هو حقيقة، الأسباب لانهيار الإمبراطورية التي أسسها زيدان واضحة ولكن ليس بعدد قليل منها يُمكنه حلها. أزمة التهديف التي تواجه الفريق، فرونالدو يمر بأسوأ أيامه التهديفية على الإطلاق مُسجلاً هدفًا واحدًا في الليجا، أما بنزيما فما زال يُبهر العالم بأرقامه السيئة. السماح لموراتا بالرحيل ليس الخطأ ولكن السماح لدياز أيضًا بالرحيل دون تعويض هو الخطأ، فمن يُمكن لزيدان أن يُقحم ليُحسن الهجوم في مُباراة سيئة لثنائي الهجوم؟ لا أحد. الأساس هو قناعة زيدان ببنزيما ولذلك فزيدان لا يراها مُشكلة.

المُشكل الآخر هو الإصابات فبيل لا زال يستمتع بالأدوية وكارفخال أُصيب بمرض نادر كذلك فاران وكوفاسيتش وغيرهم، ولكن عندما تتذكر أن ريال مدريد قد باع دانيلو وجيمس أيضًا وعوضهم بحكيمي وسيبايوس لن تفاجأ بمستوى مُنخفض نوعًا ما، وهو طبيعي ليس لفارق المستوى فحتى إن كان حكيمي وسيبايوس موهوبين فإن فارق الخبرة ليس في صالحهما.

كنت في بداية الموسم مُتحمسًا جدًا، ولكن بعض الأشخاص سرقوا حماسي.
كريستيانو رونالدو عن ندرته التهديفية هذا الموسم.

رُبما كريستيانو مُحق فبعد 25 دقيقة فقط قرر إحراز هدف عالمي فيها وتأمين كأس السوبر للعاصميين، قرر الحكم والاتحاد الإسباني اغتيال بدايته النارية وإيقافه لأسباب يراها الجميع مُجحفة، ولكن المؤكد هو أن التحكيم لم يضرب رونالدو فقط بل ضرب الفريق ككل. ففي كل وأي مُباراة للملكي هذا الموسم يُجامل الخصم على حسابه أيًا كان الخصم. كذلك حالة التشبع التي وصل إليها نجوم ريال مدريد بعد حالة التألق والجوائز الفردية والجماعية، فكان طبيعيًا أن يمُر الفريق بفترة مثل تلك حتى يُدركوا أن لا شيء دائم خصوصًا في الكُرة.


زيدان والحياة

رونالدو، زيدان، راموس، ريال مدريد
رونالدو، زيدان، راموس، ريال مدريد

الحظ ابتسم لزيدان في بدايته التدريبية وحقق إنجازات لم يُحققها من جلسوا على مقاعد التدريب لسنوات أطول، فكان من الطبيعي أن يُدير له الحظ ظهره وترفض الكُرة الدخول للمرمى على حد تعبيره، فالفريق رغم سوء مستواه في الكثير من الأوقات إلا أن مُباراة الديربي بذل اللاعبون فيها كُل شيء وقدموا مُباراة رائعة ولم يُحالفهم التوفيق، التوفيق الذي لا يُمكن التحكم فيه سوى بمزيد من العمل.

التحدي الواضح أمام زيزو هو استمرار المُنافسة في الليجا رغم الفارق الذي يُعطي الأفضلية لبرشلونة تاريخيًا، حيث لم يُحقق فريق ما الدوري بعد تخلفه بـ10 نقاط في الأسبوع الثاني عشر، كما يجب عليه أن يُثبت أن سيبايوس وثيو وغيرهم قادرون على حمل قميص الملكي وأنه قادر على جعلهم نجومًا وأن أسينسيو لم يكُن صُدفة. المتفائلون يقولون إن كل شيء مُمكن خصوصًا أن نُسخة برشلونة المُنافسة ليست جيدة بما يكفي للفوز دائمًا وأنها تقريبًا أضعف نُسخة في آخر 10 سنوات، حتى زيدان نفسه نوه عن ذلك، الحلم ما زال يدور في رأسه. زيدان كسر الكثير من العُقد، ولكن يعتقد الكثيرون أن هذا الموسم هو الأهم في تاريخه؛ فإما النجاة من الغرق، أو القتال على القمة التي اعتلاها مُبكرًا.