بسم الله الرحمن الرحيم، أحييكم مشاهدينا الكرام، وأسعد بصحبتكم الكريمة أينما كنتم أصدقائي فأهلًا بكم. الأمل ليس حلمًا بل طريقة، لجعل الحلم حقيقة، لاسيما ونحن في نهاية موسم كبير وشاق. ابدأ بالممكن ثم انتقل إلى الصعب تجد نفسك تحقق المستحيل.

في أغلب الظن لقد قمت بقراءة هذه الكلمات بصوته، كلمات المعلق الرياضي «أيمن الكاشف»، الذي أدّى فأجاد فتألق فدخل إلى قلوب الشباب سريعًا. أصبحوا يرددون كلماته، ويتناقلونها فيما بينهم، ويقلدونه بنبرته المميزة في التعليق على المباريات.

ابن محافظة المنيا في صعيد مصر، ولاعب كرة القدم السابق، ومعد البرامج بالتليفزيون المصري، وأفضل معلق رياضي مصري وفقًا لاستفتاءات الجماهير المصرية في السنوات الأخيرة.

تواصلت إضاءات مع الكاشف، وطرحت عليه العديد من الأسئلة حول بدايته، وحياته، والكثير من القضايا التي ظهرت على الساحة الرياضية المصرية في الفترة الأخيرة.

كيف بدأت حكايتك مع التعليق الرياضي؟

البداية في أول محاولة لي كانت عن طريق الصدفة، عبر صديق كان يقدم برنامجًا على القناة السابعة، والتي كانت تنقل مباريات الممتاز ب، وعرض عليّ فكرة التعليق على تلك المباريات. رفضت في البداية، ولكن مع الإلحاح قبلت التجربة، لاسيما وأن المباريات كانت مسجلة، فكان لدينا الفرصة لسماع التعليق في المونتاج، والتعديل عليه، وفي حالة لم يكن الأداء مرضيًا لنا، سنقوم بحذف التعليق الصوتي وقتها.

بعدها قمت بالتعليق على عدد من المباريات حتى جاءت الانطلاقة الحقيقية لي في أمم أفريقيا 2006. كان الكابتن أحمد شوبير أول من تحدث عني بشكل جيد، كان مديرًا للبرامج الرياضية في قناة دريم 1، في فترة 2007 و2008، اختارني للتعليق على 6 مباريات من كأس إيطاليا، وكانت أول تجربة لإذاعة مباريات كرة قدم على قناة فضائية مصرية في ذلك الوقت.

ماذا عن حياة «أيمن الكاشف» خارج التعليق الرياضي؟

نشأت في محافظة المنيا في صعيد مصر. لدي أسرتي، حيث أكبر بناتي في مرحلة الجامعة، والثانية في مرحلة الثانوية العامة. لدي العديد من الهوايات، وأعشق الرياضة بشكل عام، مثل: التنس، وكرة اليد، وكرة السلة، وأعشق البطولات الأولمبية بشكل كبير جدًا.

مباراة تتمنى أن تعلق عليها مستقبلًا؟

مباراة يحقق فيها منتخبنا الوطني أول فوز له في بطولة كأس العالم، وتكون سببًا في صعوده لدور الـ 16 لأول مرة في التاريخ، هذا حلم لم يتحقق لي حتى الآن.

هدف كنت تتمنى أن تعلق عليه؟

هدف «محمد صلاح» في منتخب الكونغو، والذي كان سببًا في تأهلنا لكأس العالم لأول مرة منذ 28 عامًا.

لقد مارست كرة القدم في نادي المنيا والنادي الأهلي، فما الفارق بين تجربتي اللاعب والمعلق  الرياضي؟

بالطبع مختلفة تمامًا. في فترة شبابي كنت أتمنى أن أكمل مسيرتي كلاعب كرة قدم، رغم كونها في ذلك الوقت مجرد هواية، أو في بداية مراحل الاحتراف، ولكن كانت الصبغة التي تصبغ لعبة كرة القدم في ذلك الوقت هي الهواية ليس إلا.

كان اهتمام الأسر، والأهالي، وكل من حولي، هو التعليم والدراسة. بالطبع ذلك انعكس عليّ، فكان اهتمامي الأول هو شق طريقي في التعليم بأفضل شكل ممكن، وعندما رحلت من النادي الأهلي، شعرت  وقتها بأن حلمي لن يتحقق، لذلك اعتزلت كرة القدم مبكرًا، قبل أن يعرفني الناس كلاعب من الأساس.

رغم تميزي كلاعب كرة قدم في مسيرتي في فرق الناشئين تحت 18 و19 و20 عامًا، حيث كنت قائدًا للفريق، وهدافًا له في المراحل العمرية المختلفة، وانتقلت للنادي الأهلي بعد جهود مضنية، في وقت كان يصعب فيه انتقال اللاعب من نادٍ لآخر، فغالبًا يبدأ اللاعب مسيرته الكروية وينهيها في نفس النادي.

هل يمكن لمعلق كرة القدم أن يعلق على رياضات أخرى؟

حقيقة، أنا لا أحبذا هذا الكلام. من وجهة نظري الشخصية، الأمر صعب بالنسبة لي، ولكن يوجد معلقون آخرون لديهم الملكة للجمع بين كرة القدم والرياضات الأخرى.

كيف ترى مجال التعليق الرياضي في مصر؟

قديمًا، كان المجال منغلقًا على عدد معين من الناس الذين يختارون بعضهم البعض فقط، ولكن أعتقد أن الوضع الحالي بات مفتوحًا للجميع، وإن كان الدخول إلى المجال أصبح أمرًا صعبًا.

فلا يوجد مجال عمل في مصر، أو في أي مكان في العالم يتمتع بالسهولة الآن، إذ يتطلب توافر الكثير من الأشياء للشخص الذي يتقدم لمجال التعليق الرياضي، ولهذا السبب امتلأت الساحة مؤخرًا بالكثير من العناصر غير المميزة.

ما الذي يجعل المعلق الرياضي مميزًا؟

توجد الكثير من العوامل التي تجعل المعلق الرياضي مميزًا: أولها القبول من عند ربنا – سبحانه وتعالى-، وبالطبع طبقة الصوت تمثل عاملاً كبيرًا للغاية، أيضًا الحضور القوي، والكاريزما خلف الميكروفون.

وإجادة المعلق الرياضي لقوانين اللعبة، والتكتيكات المختلفة، والتبديلات، وقراءة طرق اللعب، وكل مفردات كرة القدم. في الوقت نفسه يجب عليه إجادة لغة الإعلام، لأنه في النهاية لا يعلق في الملعب فقط، ولكنه من خلال وسيلة، وأداة اتصال سواء التليفزيون، أو الراديو، أو الإنترنت. ويكون مدركًا لحجم المسئولية، ولديه رسالة وهدف، لأن التواجد على الهواء مباشرة لمدة 90 دقيقة وقت طويل جدًا، فلابد من وجود وجهة نظر، ومحتوى جيد يقدمه إلى جانب كرة القدم.

ما الدور الذي يمكن أن يلعبه التعليق الرياضي لتخفيف حالة الاحتقان بين الجماهير المصرية، والتي ظهرت جلية في الفترة الأخيرة؟

أرى أن العديد من المواقع الفئوية على السوشيال ميديا هي التي غذت روح الاحتقان والتعصب بين الجماهير المصرية، وخصوصًا جماهير القطبين الأهلي والزمالك.

فدائمًا ما أقول إن المعلق المصري بين المطرقة والسندان: مطرقة الأهلي، وسندان الزمالك، أو مطرقة الزمالك وسندان الأهلي. المعلق المصري مطحون بينهما، إما يُتهم بأنه أهلاوي، أو يُتهم بأنه زمالكاوي، وعليه أن يرضي الطرفين، وهذا الشيء غير موجود في كرة القدم.

لأن لعبة كرة القدم دائمًا بين طرفين، وللأسف الناس مش قادرة تفهم أن المعلق يجب أن يجمل ويظهر الطرف المتفوق والأفضل. الكثير من الناس تفضل التوازنات، ولا يوجد هذا الكلام في كرة القدم، مقدرش أكذب عيني وعين المشاهد، لو رأيت أن الفريق أ متفوق على ب، لازم أقول أ أحسن من ب، ولو أ هو البطل، لازم أقول أ هو البطل، ولكن للناس دائمًا رأي آخر، وتُتهم بانتمائك لأحد الطرفين وهذا غير صحيح.

بعض الجماهير تحسبك على الجانب الأهلاوي، والبعض الآخر يحسبك على الجانب الزمالكاوي، فلأي جانب تنتمي؟

أنا دائمًا أنتمي لجانب منتخب مصر.

لن يضرني شيء أن أعلن بشكل واضح أني أهلاوي، أو زمالكاوي، أو أني أنتمي لأي نادٍ آخر، الكثير من المعلقين يعلنون انتماءهم بدون غضاضة. ولكن على المستوى الشخصي، كل الأندية لدي سواء، ويبقى الفريق الوحيد الذي أنفعل معه، ولا أتمكن من التحكم في مشاعري معه، هو كما ذكرت منتخب مصر.

والنتيجة أنه بعد 14 سنة من العمل في مجال التعليق الرياضي، البعض يراني أهلاويًا، والبعض الآخر زمالكاويًا، وهناك من لا يستطيع تحديد انتمائي؛ لأن معظم الجماهير لا تريد تصديق حقيقة وجود أناس يحبون المنتخب الوطني، وإن كل الأندية المصرية زي بعض.

رغم كونك الأفضل على الساحة المصرية خلال السنوات الأخيرة، لماذا لم تظهر على شبكة قنوات «بي إن سبورتس»؟

تلقيت عرضًا من الشبكة في بداية مسيرتي، ولكني رغبت في عمل اسم لي داخل مصر، وأعتقد أن العلاقة بيني وبين بي إن سبورتس ستكون صعبة في الوقت الحالي.

إذ إنهم لا يعتمدون على المعلقين المصريين، وبالتالي الأولوية ليست للمعلق المصري، والاعتماد أصبح على المعلقين في شمال أفريقيا والخليج، بالإضافة لسوء العلاقات بين مصر وقطر حاليًا، تعد سببًا في صعوبة العلاقة بيني وبين الشبكة.

معلقون تأثرت بهم في بداية مسيرتك؟

يوجد الكثير من المعلقين الذين سبقونا في المجال، وكباتن أضافوا لنا الكثير والكثير مثل: ميمي الشربيني، ومحمود بكر، وعلي زيور، ومحمد لطيف، وحمادة إمام، وإبراهيم الجويني، ومدحت شلبي، وأحمد شوبير، وأشرف شاكر.

وعادة لا أحب الوقوع في مأزق الاختيار ما بين الأسماء تحديدًا، كي لا أنسى اسمًا أو اثنين كنت أحبه جدًا، وحتى لا أزكي شخصًا على آخر، وللجميع كامل الاحترام والتقدير.

لو لم تكن معلقًا رياضيًا، ماذا كنت تود أن تكون؟

وظيفتي الأساسية هي معد برامج في التليفزيون، وليست التعليق الرياضي، والكثير من الناس لا يعلم هذه  المعلومة؛ حيث بدأت عملي الإعلامي في التليفزيون المصري من 1997، وعملت لأكثر من 20 عامًا في إعداد البرامج الرياضية وغير الرياضية.

لاعب يجبرك على أن تتفاعل معه أثناء تعليقك؟

أي لاعب يمتلك مهارة استثنائية، يجبرني على التفاعل معه. في الفترة الحالية كمصري، ينبغي عليّ كمصري أنا أؤازر وأساند بكل ما أوتيت من قوة نجمنا محمد صلاح، حتى لو كان في حالة سيئة، لأنه أصبح يمثل شيئًا كبيرًا للكرة المصرية في الوقت الحالي.

وبشكلٍ عام أي لاعب يقدم مهارة استثنائية، لا سيما وأني كنت لاعبًا، وأعلم جيدًا مدى صعوبة الفعل الاستثنائي وعبقريته في كرة القدم.

كيف ترى انتقاد الجماهير مؤخرًا لمحمد صلاح، وتعامله مع العديد من المواقف مثل: أزمة عمرو وردة في المنتخب؟

أرى أننا نحمّله فوق طاقته الكثير والكثير، بالطبع هو ليس ملاكًا لا يخطئ أبدًا، فهو ليس منزهًا عن الخطأ، ولكن الدور علينا هنا في مصر، إننا نكبر فيه، وندعمه، بدلًا من إننا نتريق عليه، ونصطاد في الماء العكر. بكل صراحة: احنا مزودينها شوية هنا في مصر.

دعنا ننتقل لوضع الكرة المصرية في الوقت الحالي، كيف ترى الخروج المخيب للمنتخب المصري في أمم أفريقيا؟

الخروج أحزننا جميعًا للأسف، كنا نتمنى أن تكتمل صورة التنظيم، وحالة الإستادات الجيدة، لكن المنتخب المصري لم يكن في المكان والزمان المناسبين، ولم يقدم لنا حتى الروح والغيرة التي رأيناها في المنتخب الجزائري، حتى وإن كانوا أقل من المنافس في بعض اللحظات، كانوا يعوضونها بالروح القتالية وتلك الأشياء الحماسية.

فالمنتخب كان خارج نطاق الخدمة تمامًا، ولعلها تكون نقطة بناء، نقدر من خلالها أن نبني عليها. رأينا العديد من المنتخبات الكبرى تمر بلحظات صعبة، ألمانيا تخرج من الدور الأول لكأس العالم مثلًا، وكم من منتخبات كبيرة ودعت بطولات كبيرة في مراحل مبكرة!

تبقى النقطة الأهم في الوقت الحالي هي الاعتراف بالخطأ، والاعتراف بأننا كنا نمشي في الطريق الخطأ، ونبدأ من جديد بأن نصحح بشكل موضوعي وبشكل أكثر احترافية، ليس عيبًا أن تخرج من بطولة، ولكن يبقى العيب في عدم رؤيتك لأخطائك.

كيف ترى الفترة المقبلة في إدارة كرة القدم في مصر؟

أتمنى أن تكون هناك إستراتيجية جديدة، وأساليب مختلفة في الاختيار، وأن نجمع بين الأسماء الشابة والمؤهلين والمحترفين، ونؤمن بالتخصص بعض الشيء دون مجاملات، وأن نعلي مصلحة المنتخب المصري على حساب الأندية مثل: الأهلي والزمالك.

من الأنسب لقيادة المنتخب المصري في الفترة المقبلة؟

في الوقت الحالي، أرى أن مختار مختار، و«إيهاب جلال» هما الأنسب لقيادة المنتخب المصري.

ما تقييمك لتجربة نادي بيراميدز؟ وما رأيك في فكرة الاستثمار الرياضي في مصر؟

بلا شك تجربة بيراميدز أضافت الكثير للكرة المصرية، لا أحد ينكر أننا جميعًا كنا نتابع مباريات النادي في الدوري، واستمتعنا بالعديد من الأسماء التي كانت موجودة في الفريق مثل كينو، وسيفونتي، فهو فريق قوي استطاع أن يفوز على الأهلي والزمالك، وحصد 10 نقاط في 4 مباريات أمام قطبي الكرة المصرية.

لكن يجب أن نعمل بشكل أكثر احترافية في جزئية ميزانيات الأندية، بناء على المكاسب والأرباح وهذه الأمور، نتمنى تطبيق الدوري المحترف بشكل كامل، نحن نتحدث عن الاحتراف من سنة 90، ومنذ ذلك العام ونحن «نرقع» في النظام، فكأننا نقوم باختراع عجلة مصرية، رغم أنها مخترعة منذ آلاف السنين ومطبقة في كل دول العالم.

هل بيع نادي بيراميدز يعني أن المناخ الرياضي في مصر غير مناسب للاستثمار؟

لا أعتقد ذلك، بل بالعكس هي خطوة جيدة، من حيث تواجد المستثمرين، وخوض أكثر من تجربة بهذا الشكل يفتح الباب أمام آخرين لخوض تجارب جديدة نتمنى أن نراها مستقبلًا، ونتمنى أيضًا أن يدخل المستثمرون إلى الأندية التي تمتلك شعبية مثل: المنيا، وطنطا، والشرقية، وأسوان، والمنصورة، والبلاد التي يوجد بها الملايين من محبي الكرة.

وينعكس ذلك الاستثمار على الملاعب، وجلب لاعبين كبار في الأقاليم؛ لأن ذلك هو الهدف الأساسي من الدوري الممتاز، أن تجمع البطولة البلاد والأقاليم المختلفة، يتابعها المشاهدون من أقصاها إلى أقصاها، وكل مدينة يكون منتميًا لفريق يمثله في تلك البطولة، ولا يقتصر الأمر على الأهلي والزمالك فقط.

كيف ترى تأثر الشباب بكلامك المميز، حتى يصل لحد التقليد؟

الحمد لله هذه من الأشياء التي تسعدني للغاية، وهذا كرم من عند ربنا – سبحانه وتعالى-، إذ أشعر بأن كلامي يجد صدى لدى الناس، سواء على سبيل التقليد، أو التهريج، أو الضحك، الأهم بالنسبة لي أني قدرت أجعل الناس تركز معي بشكل كبير جدًا، وتنتقي الكلام الذي أذكره، وتحفظه، وتردده، فهذه نعمة كبيرة، ودعا والدين مثلما أقول دائمًا في كل مكان.

بمَ تنصح من يريد دخول مجال التعليق الرياضي؟

أنصح من لديه موهبة التعليق أن يتقدم لاختبارات التليفزيون المصري التي تُعقد سنويًا، بشروط بسيطة مثل: المؤهل العالي، وتعليق صوتي على إحدى مباريات كرة القدم، ويتم تحديد الموعد لمقابلته واختباره، وإذا لم يوفق في أول مرة، يقدم مرة أخرى، ويواصل السعي نحو حلمه؛ لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب.

سعدنا في إضاءات بإجراء هذا الحوار معك، ونشكرك على سعة صدرك.

شكرًا لكم، وبالتوفيق دائمًا.