ولكن في السنوات الأخيرة، نهض صبي الكرة من سباته ليلعب دورًا أكبر. ما عليك سوى أن تسأل خط برشلونة الخلفي. إنهم الأبطال المجهولون في كرة القدم الحديثة. أولئك الذين يحافظون على تدفق اللعبة، حتى أن البعض قد حفروا أسماءهم في فولكلور النادي وحصلوا على مكانة البطل.
موقع «Squawka»

هذا بالتحديد ما كان ينقصنا، بعد أن صرنا نعرف أسماء المدرب وطاقمه الفني بأكمله، ثم تجاوزناهم لمعرفة بقية مناصب الإدارة اسمًا اسمًا، من المدير الرياضي حتى مدير قسم التحليل والبيانات، يأتي أحدهم ليتحدث بمثل هذه المبالغة عن الصبية جامعي الكرات، وعن تأثيرهم في كرة القدم الحديثة.

وبقدر ما يبدو الأمر عليه من مبالغة، إلا أنه سيفتح لنا مجالاً لمعرفة المزيد عنهم، بداية من ركنية «أرنولد»، وصولاً إلى «آدم»، ناشئ الزمالك.

مغامرات دوري الأبطال

كانت ركنية «ترينت ألكسندر أرنولد» الحدث الأبرز بدوري أبطال أوروبا 2018/2019، لكن مع استهلاكها في تريند «أوريجي» وعدد لا نهاية له من الكوميكس، نسي الجميع اللاعب الأبرز والأكثر مساهمة في الحدث، الطفل ذو الـ14 عامًا «أوكلي كانونير Oakley Cannonier».

وفقًا لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فإن «يورجن كلوب» وجهازه الفني قد لاحظوا في تحليلهم لمباراة الذهاب ضد برشلونة على ملعب الكامب نو، اعتراض لاعبي البلوجرانا على الحكم بعد كل خطأ ينتج عنه لعبة ثابتة، وعليه يتأخرون في إعادة التمركز، فأتت التعليمات للاعبين بالتصرف سريعًا واستغلال ذلك.

وعلى الجانب الآخر، اجتمع كلوب بالمدرب «كارل لانكستر»، وهو أحد مدربي الأكاديمية والمسئول عن الصبية جامعي الكرات الذين سيتواجدون في الملعب. أعطى «لانكستر» التعليمات للصغار بضرورة إعادة الكرات سريعًا، وهو ما قام به «أوكلي»، حين وضع الكرة على نصف الدائرة المخصص للركنية، مهيأة لـ«أرنولد»، الذي قرأ الموقف في لحظة عبقرية، ليسجل «أوريجي» الهدف الرابع.

ذلك الصبي جامع الكرات ذكي جدًا. عندما كنت جامعًا للكرات في الملعب، كنت أعلم تمامًا أين يريد لاعبو فريقي الكرة، دون أن يحتاج اللاعب للمسها وضبطها بنفسه، مثلاً إن كان اللاعب يلعب بيمينه، فأنا أدرك أين يريد الكرة تحديدًا عند نصف الدائرة المخصص للركنية، وبالمثل للاعب الأعسر. الجماهير لا تدرك أن مثل هذه التفاصيل باتت مهمة في الأندية الكبيرة.
«جوزيه مورينيو» عن ركنية «أرنولد»

معايير الاختيار

تلك الطريقة التي تحدث بها «مورينيو» تفسر لنا احتفاءه بـ«كالوم هاينز Callum Hynes»، الصبي ذي الـ15 عامًا والذي كان وراء هدف التعادل ضد أولمبياكوس في دور المجموعات بدوي أبطال أوروبا 2019/2020.

كانت هجمة مرتدة، استطاع مدافع أولمبياكوس إبعادها إلى رمية تماس، لكن بسرعة خاطفة وجد «سيرجي أوريير» الكرة بين يديه لينفذ التماس بسرعة إلى «لوكاس مورا» ومنه إلى «كين» ليحرز الهدف.

توجه «مورينيو» للاحتفال مع «كالوم» بعد إحراز الهدف، وانتهت المباراة بفوز توتنهام بنتيجة 4-2. تمت مكافأة «كالوم» بدعوته لتناول الغذاء مع لاعبي الفريق قبل مباراة بورنموث بالبريميرليج، وأصبحت ذكرى لا تنسى للصبي الصغير.

أغلب الظن أنك تتساءل الآن، إن كان هؤلاء الصبية بهذه الأهمية، فهل يتم اختيارهم بمعايير معينة؟ وفقًا لما كتبته «لويز تايلور» بصحيفة الجارديان في 2013، يختلف الاختيار من نادٍ لآخر. حيث تتجه الأغلبية للاختيار من لاعبي الأكاديمية، فيما يتجه آخرون لدعوة أبناء أعضاء النادي للاختبار، مع تحديد المرحلة العمرية بالطبع.

قام مانشستر سيتي في تلك الفترة بعمل إعلان على موقعه الإلكتروني، يشبه كثيرًا إعلانات التوظيف؛ «مطلوب صبي أو صبية، يبلغ من العمر 11-12 عامًا، المرحلة الدراسية: السابعة أو الثامنة، قادر على حضور كل مباراة على ملعبنا، نشيط، قادر على الإمساك بالكرة بسرعة ورميها، مستعد للجلوس في جميع الظروف الجوية، وأخيرًا الحصول على موافقة الوالدين».

التحكم بالإيقاع

لكن مهما كانت طريقة الاختيار، سواء اتسمت بالدقة أو بالطابع الودي، فإن وسيلة المساعدة التي من الممكن أن يساعد بها الصبي فريقه واضحة ومعروفة: محاولة التحكم في إيقاع المباراة.

مثلاً إن كان فريقك يتلقى الهجمات، عليك بإبطاء إعادة الكرات للملعب، وإن كان فريقك يهاجم، حاول الإسراع بقدر استطاعتك.

وهذا تحديدًا ما يقودنا إلى مشاهد لا نحبذ رؤيتها، من اعتراضات الأجهزة الفنية، إلى اصطدام لاعبي الخصم بالصبية، ولعل أشهر هذه المشاهد كانت واقعة ركل «هازارد» لـ«ـتشارلي مورجان Charlie Morgan» جامع الكرات الخاص بنادي سوانسي سيتي، في كأس الرابطة الإنجليزية في 2013، وتلقى على إثرها بطاقة حمراء.

وغيرها من المشاهد المشابهة التي لا تصل على الأغلب إلى الركل. لكن اطمأن، فاحتمالية رؤية ذلك -خارج الدوريات المحلية – في دوري أبطال أوروبا صعبة للغاية بسبب الاعتماد على نظام يسمى «Multi-Ball System»، والذي يعمل على توزيع جامعي الكرات بهدف إعادة الكرات سريعًا، مما ساهم في تقليص الوقت المستهلك بتنفيذ رميات التماس دقيقة لكل مباراة (متوسط وقت رميات التماس في البريميرليج 7 دقائق، و47 ثانية).

مساعدات غريبة

بالطبع لم ينتهِ فصل المساعدات دون إبهارنا ببعض الغرائب. أولها تعود لنادي ستوك سيتي الإنجليزي عندما كان يمتلك واحدًا من أغرب وأفضل مسددي رميات التماس في كرة القدم؛ «روري ديلاب». كان «ديلاب» مشهورًا برمياته الطويلة، والتي كانت تعتبر بمثابة تمريرات مفتاحية لفريقه. في موسم 2008/2009، سدد ستوك سيتي 53 تسديدة وأحرز 8 أهداف من رميات «ديلاب».

ولكي يستفيد الفريق من هذه الميزة الغريبة، كان الصبية جامعو الكرات يستخدمون المناشف لتجفيف الكرة قبل إعطائها لـ«ديلاب». الأمر الذي لاقى اعتراضًا من المدرب «نيل وارنوك»، مدرب كوينز بارك رينجرز، وحينها عرض ستوك سيتي عليهم تجفيف كراتهم أيضًا!

ومن البريميرليج إلى الدوري المصري، وطريقة أغرب لمساعدة الفريق مع «آدم حجاج» ناشئ نادي الزمالك، والذي اشتهر بلقطة ركله للكرة في طريق لاعب بيراميدز، البرازيلي «كينو»، أثناء هجمة مرتدة خطيرة على نادي الزمالك. وبدلاً من توبيخ «آدم»، اعتبر بطلاً عاشقًا لناديه، وأخذت المنصات المختلفة باستضافته.

وهنا بدأ «آدم» يحكي قصته مع استفزاز الخصوم، عبر تعطيل وإسراع اللعب، وكيف استخدم ذكاءه لرمي الكرة -في مباراة بيراميدز- في منطقة اللعب، لأنه يدرك أن رميها في منتصف الملعب لن يؤثر على سير الهجمة، وسيحتسب الحكم الهدف إن سُجل، لكن الأغرب كانت الواقعة التي حكاها عن مباراة فريقه أمام سموحة.

حينما شعر أن النحس ملازم لفريقه، فقرر أن يفكه باستعارة زجاجتي مياه من دكة المنافس، والذهاب خلف مرمى حارس سموحة لرش المياه، لكن رغم مساعدته، للأسف لم يحرز الزمالك أي أهداف على حد قوله.

وفي مباراة أخرى أمام فريق «جينيراسيون» السنغالي، اكتشف «آدم» أن حارس المنافس وضع طوبتين خلف المرمى -مع رش المياه طبعًا – وكأنها تعويذة سحرية، فقام هو بالتسلل خلفه وأزالهما، ليظل حارس «جينيراسيون» غاضبًا طوال الشوط الثاني.

بالطبع لا يمكن تخيل ردة فعل «مورينيو» عندما يسمع مثل هذه الترهات، لكن الأكيد أن سيادة المستشار، رئيس نادي الزمالك فخور بناشئه. وقبل أن نختم، لسنا بحاجة لتذكيرك أن مثل هذه المعتقدات الجاهلة ليست قاصرة على نادٍ بعينه، وما سبق كان على سبيل المثال فقط، لكننا استخدمنا المثال لنثبت أن جامعي الكرات يحاولون لعب دور أكبر بأي طريقة، حتى وإن كانت بفك السحر.