البجعة السوداء: هل شاركت إسرائيل في محاولة الانقلاب التركي؟
شباب أتراك يواجهون التحركات العسكرية في أنقرة - تركيا - 16 يوليو/تموز 2016
( Güven Yılmaz - Anadolu Agency )
سنقوم بدراسة الأمر حول إذا كانت هناك تداخلات دولية في هذا الانقلاب، لكن الوقت الآن وقت الدفع لهذا التمرد
بن علي يلدرم رئيس وزراء تركيا فى مؤتمر صحفي صبيحة يوم السبت 16 يولو/تموز
من المبكر الحديث عن الدول الإقليمية التي قد تكون متورطة في التخطيط للانقلاب العسكري على أردوغان كما لوح يلدرم، أو تلك التي ترى في سقوط أردوغان تعظيماً لمكاسبها السياسية في المنطقة كما يلوح كثيرا أردوغان فى أحاديث سابقة.لكن، لا مانع من طرح سيناريو، قد يكون مُستبعداً، لكنه يُقدم حزمة من المؤشرات، تتعامل مع الواقع التركي، وحقيقة علاقاتها الخارجية، ومستقبلها. وهذا السيناريو يدخل في إطار التحليلات المرتبطة بنظرية «البجعة السوداء»، وهو أحد المداخل النظرية للتفكير في حالة عدم اليقين، وقد طورها الباحث «نسيم طالب»، ويتعامل هذا المدخل مع الأحداث التي تقع خارج التوقعات الطبيعية، دون وجود أي إشارات تاريخية مرتبطة بها، كما هو الحال مع البجع؛ فالبجع في كل أنحاء العالم أبيض اللون، لكن احتمال وجود بجعة سوداء اللون غير مستبعد. وقد انتشر هذه المدخل التحليلي عقب اندلاع موجات الربيع العربي، بسبب فشل الأكاديميين في توقعها.
ثلاثة مؤشرات
المؤشر الأول
تتمتع إسرائيل وتركيا بعلاقات عسكرية قوية وعميقة منذ خمسينيات القرن الماضي، وشملت هذه العلاقات تبادل صفقات وتكنولوجيا التسليح، وعقد المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وهو الأمر الذي جعل من تبادل الزيارات بين القادة العسكريين للبلدين أمراً اعتيادياً، بل دورياً، وهو ما يشير إلى أن إسرائيل تتمتع بعلاقة جيدة – على أقل تقدير – مع الجيش التركي، حيث بدت مستوعبة لعقيدته العسكرية، وقادرة على تحليل التطورات والتفاعلات داخله.تتمع إسرائيل بعلاقات جيدة مع قادة الجيش التركي، مما يجعلهم لا يخشون على العلاقات التركية الإسرائيلية تحت قيادتهم للبلاد.
المؤشر الثاني
إن توقيع اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل في نهاية الشهر الماضي، يونيو/حزيران 2016، ليس دلالة على عودة العلاقات إلى سابق عهدها، فإسرائيل مازالت تنظر بعين الريبة إلى شخص أردوغان، رغم احتياجها للتحالف الإقليمي مع تركيا.معظم التحليلات الإسرائيلية والدولية، أكدت أن العلاقات التركية الإسرائيلية لن يُعيدها الاتفاق إلى سابق عهدها، وكان هذا عنوان لأحد التحليلات التي نشرتها صحيفة «جيروزاليم بوست»، ووُصف الاتفاق بأنه «اتفاق مصالح بلا حُب».وهنا يجب إدراك أن تركيا كانت مدفوعة إلى المسارعة بتوقيع هذا الاتفاق، لتعزيز موقفها الإقليمي المتراجع، ولرؤيتها بأن هذا الاتفاق قد يساعدها على إعادة علاقتها بروسيا. أمّا إسرائيل فلم تشأ أن تُضيع هذه الفرصة لتعزيز وضعها الإقليمي ودائرة تحالفاتها، وكذلك لتضييق الخناق على حركة حماس، ولحاجتها إلى السوق التركي، لتنشيط تصدير الغاز الطبيعي لديها.ولكن، إسرائيل تدرك أن أردوغان مازال يُمثل «عقبة إقليمية» أمام تحقيق أهدافها ومصالحها في المنطقة، فهو من ناحية مازال متسمك بعلاقته مع حركة حماس (بعيداً عن مستوى الدعم التركي الحقيقي للحركة)، كما أن قنوات اتصال أردوغان مع إيران، تسمح له بتطوير علاقته معها في أي وقت، مما يُمثل تهديداً لأمن إسرائيل ومصالحها. أي أن أردوغان مازال يمتلك أوراق ضغط قوية على إسرائيل، يمكن أن يستخدمها في أي وقت، وهو ما تخشاه بكل تأكيد.المؤشر الثالث
إن توقيع اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل ليس دلالة على عودة العلاقات إلى سابق عهدها.
استعادة العلاقات مع تركيا على النحو الذي طرحه اتفاق المصالحة، لم يلق قبولاً تاماً داخل إسرائيل.