فقط وبعد مرور أربع جولات من الدوري الإيطالي قد يُحاول البعض ضرب كُل قواعد كُرة القدم بعرض الحائط ومُحاولة التوقع مُجددًا لشكل موسم يتخلله العديد من الأحداث التي تعوق كُل مايحدث الآن من استباق الأحداث ولكن المُقدمات تؤدي إلى نتائج غالبًا رغم أن كُرة القدم علم غير صحيح.

لماذا كل هذا قبل حتى مُحاولة الحديث عن الكالتشيو تحديدًا؟ ربما لأنه جنة كرة القدم كما يُحب أن يسموه محبوه؟ عفوًا لا ولكن لاحتكار اليوفينتوس البطولة المحلية 6 مواسم متتالية وقتل أي معنى للمنافسة قبل أن يبدأ الموسم المحلي في إيطاليا وأصبح الحديث عن أي مُنافسة شيئا يُثير السخرية والشفقة .

بالطبع يوفينتوس لم يستول على الزعامة نتيجة ضعف المُنافسين فقط ولكن تخطيط الإدارة للنهوض بالنادي بعد فضيحة الكالتشيوبولي كان لها مفعول السحر خصوصًا فيما يخص اختيار المديرين الفنيين بداية بكونتي والآن أليجري، ولكن الآن وبسبب بوادر تبدو مُبشرة يُمكن الحديث عن اللامنطق والمستحيل بانتزاع العرش من تحت أقدام السيدة العجوز.


هل أصبحت السيدة عجوز حقًا؟

جيان لويجي بوفون، المدرب الإيطالي المخضرم ماسيميليانو أليجري
جيان لويجي بوفون (يمين) و المدرب الإيطالي المخضرم ماسيميليانو أليجري.

قديمًا أُطلق على يوفينتوس السيدة العجوز واختلفت الآراء على سبب التسمية منها أن هُناك سيدة عجوزا تُدعى إيلينا كانت تسكن مدينة تورينو وترعى 13 طفلًا يلعبون كُرة القدم أمام منزلها لحبها الشديد لهم ولكرة القدم وعندما انضم 8 من هؤلاء الأطفال لنادي يوفينتوس كانت تذهب لهم الحصص التدريبية وتستمر بتشجيعها لهم وكانوا عندما يحرزون هدفًا يصرخون «لا فيكيا سينيورا» أو السيدة العجوز ومن هنا اشتهر اليوفي بهذا الاسم.

الآن يبدو أن اليوفي أصبح عجوزًا حقًا مُعدل أعمار كبير جدًا للاعبين والأهم من ذلك هو افتقادهم لشباب القلب، الطموح والشغف لم يعد كما كان لأنهم حققوا كل ما يُمكن عدا دوري الأبطال الذي اصطدمت أحلامهم به مرتين في ثلاث سنوات ببرشلونة وريال مدريد على الترتيب، إذًا فلم نقاتل على أشياء مللنا من تحقيقها؟ حتى استمرار أليجري لم يكن مفهومًا لأنه مثله مثل اللاعبين لم يعد لديه جديد ليُقدمه للاعبين لأنه لن يكون هُناك أليكس فيرجسون جديد بكل سهولة وبالتالي كان يجب أن يبجث عن تحد جديد في بلد جديد ليُكمل مسيرة تليق بمدرب موهوب مثله.

الشيخوخة التي أصابت لاعبي اليوفي حاولت الإدارة أن تُرممه بضخ دماء جديدة شابة مثل دوجلاس كوستا وبيرنارديسكي، ولكن فقدان لاعب بقيمة بونوتشي وعدم تعويضه كذلك عدم التعاقد مع متوسط ميدان دفاعي مع سوء مستوى بوفون مؤخرًا يضع الكثير من الشكوك حول قدرتهم على مجابهة من يُهاجمون بسرعة وكثافة، كأس السوبر كان مثالًا جيدًا سيحاول الجميع في إيطاليا تطبيقه من أجل اقتناص اللقب من خزائن اليوفينتوس، كل هذا واليوفي يمتلك 12 نقطة من 4 مباريات !


الهجوم من كل جانب

«سباليتي» مدرب إنتر ميلانو الجديد(يمين) و«ماوريسيو ساري» مدرب نابولي.

قريبًا من تورينو يبدو أن أبناء ميلانو جاهزون لتهديد عرش اليوفينتوس، الانتر ومنذ أن تملكته الإدارة الجديدة وأصبح يمتلك تشكيلة قوية جديدًا يراها الجميع منذ فترة وأنها التشكيلة الأكثر تكاملًا في إيطاليا ولكن الإدارة الفنية المُتخبطة فتارة مانشيني وأخرى دي بوير، اختيارات غير موفقة وبدون دراسة حقيقية لاحتياجات فريق الشمال الإيطالي جعلت حلم التأهل لدوري الأبطال دربا من دروب الخيال بعد سنوات رائعة قضاها النيراتزوري تحت إمرة مورينيو.

القدوم بسباليتي كان موفقًا للغاية، مُدرب خبير بخفايا الكالتشيو، ذكي تكتيكيًا كما أنه يُمكنه وضع السيطرة اللازمة لخلق فريق مُتجانس. الفريق يمتلك قوة هجومية ضاربة بقيادة أحد أبرز مُهاجمي العالم حاليًا ماورو إيكاردي وعلى الجناحين كاندريفا وبيرزيتش، كذلك التخلص من ورم ناجاتومو الخبيث مؤخرًا بعد التعاقد مع كانسيلو من فالنسيا قد يكون السبب الأكبر في تفاؤل الانتريستا هذا الموسم. الإنتر بدأ بداية مُمتازة 13 نقطة من 5 مُباريات في إنذار واضح للجميع أنه على الأقل سيُنافس على الاسكوديتو مجددًا ولكن هل يستطيع سباليتي فعلها؟

في أقصى الجنوب هُنالك بشر لا يحبون شيئًا بقدر حبهم لكُرة القدم، نابولي بقيادة المُدخن الشره ساري الذي أفنى عُمره في حب الكُرة يُقدمون منذ أكثر من موسم أداء يعتبره المحللون الأمتع في إيطاليا ولكن المُحصلة للأسف صفر، جُمل فنية رائعة يُقدمها أبناء نابولي حفظها الجميع فيتم في الغالب البناء من الخلف حتى تصل الكرة لهامسيك الذي بدوره يرسلها قطرية لكاليخون فهدف أو عرضية وهدف أيضًا والنتيجة 4 مُباريات و12 نقطة.

الانتشار الرائع للاعبي نابولي في الملعب لا يُضاهيه أي من فرق الكالتشيو والقليل من فرق العالم من يمكنهم فعل ما يفعلونه حتى أن ساري كان على رأس قائمة المطلوبين من جمهور برشلونة لتدريب الفريق الكتالوني لإيمانهم بأنه قد يعود بالزمن الجميل.

ماينقص نابولي كان اقتناعهم بقدرتهم على مُنافسة اليوفي، الحاجز النفسي فقط ولا شيء غير، احتياجهم لروح ماردونا أكثر من مارادونا نفسه فإن استطاعوا _ وهم بالفعل يستطيعون- الوثوق بأنفسهم هذا الموسم بإمكانهم احتلال الشمال.


مُقامرون

تشعر وأن روما اقتنع بأنه لن يُحقق سوى المركز الثاني في أفضل الأحوال، رضاء الذئاب التام بدور الرجل الثاني الذي يكتفي بالتمثيل المُشرف ويشكي الظلم التحكيمي وضعف إمكانياته مُقارنة باليوفي كلفه فقدانه فرصة تحقيق الاسكوديتو في مواسم كثيرة حتى عندما كان يسقط اليوفي ويمنح له الفرصة كان يردها له بكل كرم.

قامر روما هذا الموسم بتخليه عن أحد أبرز لاعبيه إن لم يكن أبرزهم الجناح الرائع محمد صلاح الذي انتقل لليفربول كذلك رحيل لوتشانو سباليتي والقوم بمُدرب لم يسبق له المُنافسة على المستوى العالي دي فرانشيسكو وإن كان قدم أداء جيداً جدًا مع ساسولو في مواسم سابقة، فلا نجم بارز يقود الفريق ولا مُدرب له تاريخ قوي يستطيع تهديد الجميع وبالتالي فهي مغامرة، أما على صعيد قائمة اللاعبين فالفريق قام بانتداب كولاروف وهيكتور مورينو المُدافع المُتميز كذلك يمتلك أحد أفضل لاعبي الوسط بالعالم ناينجولان ومهاجم هداف مثل دزيكو، الفريق مُبشر وقد يحقق المُفاجأة ولكن بنسبة أكبر لن يُحققها.

الظروف لا تختلف كثيرًا في الشمال حيث يسكُن مشجعي الميلان، فالفريق وبعد سنوات طويلة من التخبط في آخر عهد بيرلسكوني وجالياني جاء الصينيون بمشروع ضخم لإعادة الميلان العظيم كما يُحب الجميع وليس مُشجعوه فقط أن يُسموه، ولكن المُقامرة هُنا كانت من نوع خاص فقرر المُلاك الجُدد شراء فريق كامل للميلان،لاعبون جُدد في كل المراكز تقريبًا أبرزهم بونوتشي من اليوفي وكالهان أوجلو من ليفركوزن وكالينيتيش من فيورينتينا وبيليا من لاتسيو. المُقامرة هُنا ليست بخصوص مُستوى اللاعبين أو مدى قُدراتهم ولكن الرهان هو على مدى انسجامهم، دخول أكثر من 3 لاعبين على أي فريق يُسبب الإزعاج للمدير الفني فما بالك بدخول فريق كامل؟!

مونتيلا مُدرب جيد قدم مواسم جيدة مع فيورنتينا وموسم مُبشر مع الميلان ولكن التحدي بالنسبة له هل سيرقى إلى تطلعات الجماهير بعد السوق الضخم؟


واعدون

لن نبتعد عن المُدن المذكورة سلفًا فلاتسيو وتورينو هما المرشحان الأكبر لاحتلال أحد المراكز المُتقدمة وإزاحة أحد الكبار، فالفريق العاصمي تحت إمرة الرائع سيموني إنزاجي رغم عدم امتلاكه نجوما من لاعبي الصف الأول فإنه يُقدم أداء رائعاً بقيادة المُهاجم شيرو إيموبيلي وآخر النتائج الرائعة كان فوزهم بالسوبر الإيطالي أمام يوفينتوس.

الأمر لا يختلف كثيرًا في تورينو فميهيالوفيتش مازال يثبت مدى جدودته كمدير فني وبنفس ظروف لاتسيو تقريبًا القيادة تأتي من الأمام بقيادة الواعد جدًا أندريا بيلوتي الذي يُشبهه الكثيرون بالأسطورة الأوروجويانية لويس سواريز.

لاتسيو لم ينهزم في 4 مُباريات مُحققًا 10 نقاط كذلك تورينو من 4 مُباريات حقق 8 نقاط في بدايات تُنبيء على الأقل برغبتهم في المُزاحمة


الأرجنتين تحكُم

سباليتي مدرب إنتر ميلانو الجديد، ماوريسيو ساري مدرب نابولي
سباليتي مدرب إنتر ميلانو الجديد، ماوريسيو ساري مدرب نابولي

رغم تقديمهم أداء رائعا في السنوات السابقة إلا أن نضوج إيكاردي وديبالا هذا الموسم مُلفت للغاية فالأول سجل 6 أهداف في 5 مُباريات أو الثاني 8 في 4 مُباريات ويليهم بيلوتي 6 أهداف. عودة المُهاجم الكلاسيكي مرة أُخرى في إيطاليا تُنبيء بعودة أيام إنزاجي وإبراهيموفيتش وكريسبو وغيرهم، أيام يرغب الجميع في عودتها، ولكن الرهان هنا سيصبح علي شيئين لا ثالث لهما، أولهما، الاستمرارية في التألق، والثاني، هو قدرة الأندية على الحفاظ على نجومهم بعيدًا عن عيون أندية البريميرليج والليجا.