أثناء شهر رمضان وبالحديث عن فوائد الصيام الصحية، يتحدث الكثيرون عن الصيام المتقطع باعتباره مُستلهم من الصيام الإسلامي. ويعتبر الصيام المتقطع من الأساليب الحديثة للصيام التي بدأت في الانتشار خلال العقود الأخيرة، ويتمحور حول تحديد فترات محددة من اليوم للصيام وفترات أخرى للأكل.

وقد أظهرت الأبحاث أنه يؤثر بشكل إيجابي على صحة الفرد وعلى العديد من وظائف الجسم ويحقق العديد من الفوائد الصحية، مثل تحسين الذاكرة والتركيز بزيادة إفراز البروتينات المهمة التي تحافظ على صحة الدماغ، كما يُحسِّن تدفق الدم إلى المخ فيُحسِّن مستويات الهرمونات المسئولة عن النمو العصبي، ويزيد من توليد الخلايا العصبية الجديدة، مما يُعزِّز القدرة على التعلم. ولكن، هل يمكن دمجه في الروتين اليومي للحفاظ على صحة الجسم بشكل عام؟

أسلوب حياة

تركيز الانتباه على الصيام المتقطع كأسلوب حياة يعني أنه يجب أن يتم تطبيقه بشكل دائم ومنتظم، بدلًا من النظر إليه كنظام غذائي مؤقت. فالهدف هو تحقيق تحسينات في الصحة واللياقة البدنية على المدى الطويل، وليس فقط خسارة الوزن أو تحسين مؤشرات الصحة لفترة محدودة.

ويمكن دمج الصيام المتقطع في الروتين اليومي بسهولة، وذلك عن طريق تخصيص فترات زمنية محددة في اليوم لتناول الطعام، مثل الصيام في الفترة من الساعة 8 مساءً حتى الساعة 12 ظهرًا، مما يمنح الجسم فترة للراحة وإعادة تشغيل عمليات الأيض.

ويمكن أيضًا دمج الصيام المتقطع في برنامج التمارين الرياضية، حيث يمكن تخصيص فترات معينة في اليوم للتدريب عندما يكون الجسم في حالة الصيام، مما يُعزِّز تحفيز الخلايا الدهنية لحرق الدهون وتحسين مؤشرات اللياقة.

نتائج الصيام المتقطع

توجد بعض الأبحاث التي تدعم فوائد الصيام المتقطع في الأداء الرياضي والتركيز والإنتاجية، مثل دراسة أُجريت في الجامعة الألمانية الأردنية في عام 2020، أظهرت أن الصيام المتقطع يُحسِّن الأداء الرياضي لدى الرياضيين، حيث يُحسِّن اللياقة البدنية ويزيد القدرة على التحمل والعمل البدني المتواصل. وبحسب دراسة أخرى نُشرت في مجلة «Frontiers in Aging Neuroscience»، فإن الصيام المتقطع يُحسِّن التركيز والذاكرة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف الذاكرة المرتبط بالعمر.

وعلى الجانب الآخر توجد بعض الدراسات التي لم تجد أي تأثير للصيام المتقطع على الأداء الرياضي والتركيز والإنتاجية، وترجع هذه النتائج في كثير من الأحيان إلى أنه لا يوجد تأثير عام واضح على الصحة والجسم، وأن تأثير الصيام المتقطع يختلف من شخص لآخر.

ومن ناحية أخرى، أُجريت دراسة عام 2016 على 110 أشخاص، وجدت أن الصيام المُتقطع يمكن أن يُحسِّن السيطرة على مستويات السكر في الدم ويُقلِّل من مقاومة الأنسولين. وفي دراسة على الفئران عام 2018، وجد أن الصيام المتقطع يمكن أن يحسن الوظائف الدماغية ويزيد من قوة الجهاز المناعي. كما يُحسِّن صحة الجلد ويزيد من إنتاج الكولاجين. ووجدت دراسة أخرى عام 2019 أن الصيام المتقطع يمكن أن يُحسِّن الذاكرة والتعلم لدى البشر. بالإضافة لدراسة أخرى في نفس العام أُجريت على 58 شخصًا وجدت أن الصيام المتقطع يمكن أن يُحسِّن عوامل صحة القلب، مثل ضغط الدم والكوليسترول والسكري.

تجنب الشعور بالجوع والعطش خلال فترات الصيام

الشعور بالجوع والعطش من الأمور الطبيعية التي قد يشعر بها الإنسان أثناء الصيام المتقطع، ولكن يمكن التعامل مع هذا الشعور ببعض النصائح والإرشادات:

  • تناول وجبات صحية ومتوازنة خلال فترات الأكل المخصصة، ويُفضِّل تناول الأطعمة الغنية بالبروتين والألياف، مثل الخضروات والفواكه واللحوم البيضاء والأسماك والمكسرات.
  • تجنب الأطعمة الثقيلة والمقلية، حيث إن هذه الأطعمة تزيد من الشعور بالجوع وتزيد من التعب والإرهاق.
  • شرب السوائل بكميات كافية خلال فترات الأكل وخلال فترات الصيام، حيث إن السوائل تساعد على ترطيب الجسم والحفاظ على الصحة العامة.
  • تجنب التمر والحلويات الغنية بالسكر، حيث إنها تزيد من نسبة السكر في الجسم وتزيد من الشعور بالجوع.
  • ممارسة الرياضة بانتظام لأنها تساعد على تحسين الصحة العامة وتقوية الجسم وتحسن المزاج.

الخلاصة

يمكن القول إن الصيام المتقطع يعد أسلوب حياة صحيًّا وليس مجرد نظام غذائي مؤقت، ويمكن دمجه في الروتين اليومي للحفاظ على صحة الجسم والعقل، مع الحرص على تناول الوجبات الصحية والمتوازنة خلال فترات الأكل المسموح بها، ومراعاة عدم الإفراط والحرص على تناول وجبة الإفطار بشكل جيد لتعويض فترة الصيام ولتزويد الجسم بالطاقة اللازمة لبدء اليوم.

كما يُنصَح بتناول الوجبات الرئيسية خلال فترة الأكل المسموح بها بدلًا من تناول وجبات صغيرة على مدى اليوم، لضمان الحصول على العناصر الغذائية اللازمة والشعور بالشبع لفترة أطول.

ويجب العلم أن الصيام المتقطع لا يناسب الجميع، وقد تكون له بعض الآثار الجانبية للأشخاص الذين يعانون من بعض الحالات الصحية، مثل الحمل، وأمراض القلب، والسكري، وأمراض الكلى. لذا، من المهم الحصول على مشورة طبية قبل البدء في الصيام المتقطع.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.