استطاعت كتابات عالم النفس الشهير «كارل يونج» أن تكشف لنا على نحو غير مسبوق طريقة عمل الظاهرة الدينية داخل أعماقنا النفسية. فقد حرّر يونج المقدس من «الحقيقة الفيزيائية» التي يثبتها المؤمن لاهوتيًا وينكرها الملحد ماديًا، وأكسبه «حقيقة نفسية» راسخة، صار ممكنًا معها الخروج من هذا الاستقطاب الأيديولوجي الفارغ. وبدلًا من أن نسأل: «هل الإيمان حقيقة أم خرافة؟» فإن الأَوْلى بنا أن نسأل: «كيف يعمل الإيمان؟ ولماذا يؤمن البشر؟». وسنناقش في هذا المقال ثلاث نقاط أساسية سنحاول أن نوضح من خلالها الجذور النفسية للتعالي الديني عند الإنسان انطلاقًا من إسهامات يونج.

المقاربة النفسية لمفهوم الإله عند كارل يونج

لا يشير يونج مطلقًا إلى المقدس بوصفه «حقيقة خارجية» تستمد وجودها من موضوعيتها الفيزيائية واستقلالها الشخصي عنَّا كأفراد، فإرجاع المقدس إلى صورته الموضوعية يُسطِّحُ معناه ويحوِّل وجوده إلى مجرد معجزة قابلة للدَّحض والتشكيك العقليين ما دامت لا تحظى في نهاية المطاف بإجماع كافة البشر.

ولكن يرى يونج المقدس باعتباره «حقيقة داخلية» تكتسب معناها الحقيقي من تأصُّلها الرَّمزي بأعماقنا النفسية، فالمعنى الأشد رسوخًا للمقدس هو المعنى الذاتي الذي يختبرهُ المؤمن بأعماقه ويُوقن وجدانيًا بحضوره ويجعل منه جزءاً لا يتجزأ من دراما حياته، فإله يونج يقبع داخل النفس البشرية، وهو أقرب ما يكون إلى إله المتصوفة، لكنه إله بنكهة علمانية. [1]

من هذا المنطلق لا يمكن لنا أن نعثر على مقدس كهذا في مستوى «الوعي» حيث يتشظَّى نشاطنا الإدراكي في زحام معطيات العالم الخارجي (الموضوعي) وينصرف إلى التعامل المباشر مع المثيرات المؤقتة والظروف العابرة. فالوعي وإن كان ذو طبيعة «موقفية» تجلب ذلك الجانب العملي من أنفسنا للتعامل مع الواقع الخارجي، فإنه في الوقت نفسه ذو طبيعة «بسيطة واختزالية» تستبعد كل ما لا تربطه صلة مباشرة بهذا الواقع الخارجي وهو القسط الباطني الأعظم منا. فليس «الوعي» بهذا المعنى إلا سطح جبل الجليد المرئي الذي تقبع أسفله صورتنا الكلية وأعماقنا النفسية، حيث يستولي «اللاوعي» على معظم جهازنا النفسي.

من هنا تظلُّ «الصورة الكلية» لأنفسنا متوارية ومتعالية على كل حدث خارجي وفي منأى نسبي عن تغيراته وتبدلاته السريعة. ولكي تَتَحقَّق صفة «الكلية» نفسها التي تتسم بها أعماقنا فهي بحاجة إلى تَحقُقِ صفة أخرى، وهي صفة «التناقض الذاتي» أو اجتماع الأضداد؛ إذ لا يكتمل الموجب إلا بالسالب ولا الذكر إلا بالأنثى ولا الخير إلا بالشر ولا النور إلا بالظلام. لذلك ففي الأعماق لا تنطبع فقط «صورتنا الكلية» ولكن تجتمع كذلك «تناقضاتنا الذاتية».

وهذه الطبيعة الكلية والمتناقضة لأعماقنا هي ما يجعل «صورة المقدس» نفسها ممكنة بداخلنا. فالمقدس يسكن أعماقنا، يماثلها من حيث هو «كليٌ» و«متناقض»، أو بالأحرى «كلي لأنه متناقض»؛ فهو كل شيء وليس كمثله شيء، وهو الآب والابن (بلغة المسيحية)، والأول والآخر والظاهر والباطن (بلغة الإسلام)، والين واليانج (بلغة الطاوية)، والبراهمان والأتمان (بلغة الهندوسية). هكذا تتعاكس أعماقنا مع المقدس على سطح مرآة واحدة، وهو تعاكس عبر كيركجارد بقوله: «مثلما يُعاكس البحر في أعماقه الخالصة علوَّ السَّماءِ، فعسى للقلب متى يكون مطمئنًّا ووضَّاحًا أنْ يُعاكس في قرارهِ المكين السموَّ الإلهي للخير»، وهو حدث نفسي يصفه يونج بالطريقة ذاتها حين يقول: «إنْ سيطرت علينا فكرةٌ ما من الخارج، علينا أن نفهم أنها سيطرت علينا فقط لأنَّ شيئًا ما بداخلنا استجاب لها وخرج لمقابلتها… إن المسيح لم يصل إلى القديس بولس من يسوع التاريخي، بل من أعماق ذاته». [2]

إذا كان اللاوعي يمثل «المرآة» التي تنعكس عليها صورة المقدس، فإن الأحلام والأساطير عند يونج هي ما يمثل «الضوء» الذي يجعل رؤيتنا لهذه الصور في المرآة ممكنة. فالأحلام والأساطير هي ذلك الوميض المتقطع الذي يضرب سطح المرآة والذي يسمح للمقدس بالصعود من عتمة اللاوعي وظُلُماته الحالكة إلى نور الوعي.

وإذا كان فرويد قد رأى في الأحلام حزمة الضوء التي يمكن تسليطها للكشف عن اللاوعي الفردي، فإن يونج قد رأى في الأساطير تلك الحزمة الأوسع من ذلك الضوء الذي يمكن تسليطه على ما سماه «اللاوعي الجمعي». فالأسطورة ليست إلا حلمًا جماعيًا.

هكذا يُوسِّع يونج من مفهوم اللاوعي ودوره في التجربة الدينية؛ فينتقل به من المستوى البيولوجي الفردي (الفرويدي) إلى المستوى السيكولوجي الجمعي الذي يمكن النظر فيه إلى الأساطير باعتبارها لغة رمزية شاملة يمكن تفسير الحياة الدينية من خلالها.

إن أعماقنا غريبة عنّا غرابة المقدس وهي تتحدث إلينا من الأرضية ذاتها التي يُحدثنا منها المقدس؛ فأعماقنا هي ذلك الجانب منا الذي لا نتصل به إلا بوصفه «آخر» يقع دومًا خارج حدود سيادتنا الشخصية. لذلك لا يقتصر تفاعلنا النفسي مع أصواتنا الداخلية على الإنصات إليها، وإنما يمتد إلى الرغبة في نسبتها إلى «آخر» ما، نعجز أو نخجل أن نكونه، لكننا في الأحوال كلها لا نستغني عن الالتقاء به في الاستعارة. هذا الآخر تتراوح منزلته بين «القداسة المطلقة» و«الدنس أو الحمق المطلق»؛ فالأعماق تتحدث إلينا باسم «الله» أو باسم «الشيطان» أو باسم «الجنون».

وقد رسّخت «الأساطير» القديمة لهذا الانقسام النفسي بوصفه «انقسامًا فيزيائيًّا» داخل النفس البشرية؛ حيث تحل أرواح كائنات غير إنسانية (كالحيوانات والكائنات الخرافية من الجن والعفاريت وغيرها) بنفس الإنسان. فثمة «نفس بَريَّة» يمكن أن تستحوذ على الفرد وتقوده من حيث لا يدري إلى أن يكون مجنونًا أو بطلًا أو نبيًا (في التَّقاليد اليهودية) أو شاعرًا (كما هو الأمر عند عرب الجاهلية). [3]

هكذا؛ عبَّر القدماء عن هيمنة ذلك الجانب المتواري المجهول خلف الوعي عمَّا صرنا نسميه بعدُ بلغة علم النَّفس الحديث «اللاوعي». ورغم أننا نميل في المجتمعات الحديثة إلى النَّظر إلى أنفسنا كوحدة متجانسة غير منقسمة، فإننا ندرك جيدًا أن تعزيز شعورنا بالاستقلال والنضوج والتماسك الشخصي مشروط بقبولنا المسبق بالانفتاح على «الآخر»؛ أي استعدادنا النفسي للانقسام، ولضيافة ما هو غريب عنَّا باستمرار، واستيعابه بقدرة خلاقةً تعمل على دمجه ضمن مسار تجربتنا الذاتية بطرق إبداعية. فـ «الآخر» في نهاية المطاف هو جزء من حقيقتنا النَّفسية قديمًا وحديثًا.

النماذج البدئية كخاصية نفسية أصيلة عند يونج

ينتج اللاوعي الجمعي ما يسميه يونج بـ «النماذج البدئيَّة» (بالإنجليزية: Archetypes) وهي بنيات نفسية مُسبقة؛ تُنمذِج أو تُقولِب الطَّاقات الانفعالية للاوعي بداخلنا، لتخرجها من حال العماء والفوضى، وتهيئ لها مسارات تجعل من تطورنا النفسي الداخلي أمرًا ممكنًا وقابلًا للتَّشكُّل. وتمثِّل هذه النماذج البدئية قاعدة أساسية لأشد أفكارنا قوة في التاريخ. إن النماذج البدئيَّة هي خاصية نفسية مجردة وعامة تتعدى ما هو ديني، تُهيئ الطريق لأعماقنا اللاواعية من أجل أن تكشف عن نفسها، وتحول طاقاتنا الانفعالية من حدث داخلي منعزل ومُبهم داخل أجسادنا إلى تجربة اتصالية وجدانية مرتبطة بالوجود والكون، وهي تفعل ذلك من خلال الأساطير كمنتج تاريخي وثقافي. فالنماذج البدئيَّة هي مركز الجاذبية النفسي غير الصلب الذي تدور في فلكه تلك الكوكبة اللامتناهية من الأساطير في مختلف الأديان.

إن النَّشاط النفسي للاوعي يُستمَدُّ (في معظمه) من مصدر «جَمعي» مُتعالٍ وسابق على وجودنا كأفراد في العالم، وبالتالي يستحيل على الإنسان الاتصال بلا وعيه «مباشرةً». فاللاوعي الجمعي؛ هو تلك الخبرة النفسية الذي شكَّلتها تجارب بشرية سحيقة القدم تضرب بجذورها في أعماق تاريخنا إلى درجة لم يعد معها وعينا قادرًا على تعقب أول ظهور تاريخي لها، فقد صرنا نعرِّف هذ الخبرة بوصفها «ميولًا فطرية». يقول يونج: «يحتوي اللاوعي الجمعي الإرث الروحي الكامل لتطور البشرية، المولود من جديد في البنية الدماغية العائدة لكل فرد». [4]

ثمَّة أمثلة عديدة على النماذج البدئية منها مثلًا ما يُدعى بـ«نموذج الوالدين» (الأب/ الأم) وهو ذلك النموذج الذي يدفعنا إلى أن نُضفي على تلك العلاقة البيولوجية دون غيرها من العلاقات طبيعة إنسانية فائقة تمنحها استثنائية رمزية تتعدى حدودها الطبيعية المباشرة بحيث يمكن تمثُّلها على نحو استثنائي في تجاربنا الوجودية وأنظمتنا السردية.

فعلى سبيل المثال تشتمل «قصص الخلق الأسطورية» على ثنائيات رمزية تجسد نموذج الوالدين (مثل: «الإله/ الطبيعة» و«آدم/ حواء»، و«الين/ اليانج»، وغيرها). ثمة مثال آخر على النماذج البدئية وهو ما يسمى بـ«نموذج البطل» الذي أفرد له جوزيف كامبل كتابًا كاملًا بعنوان «البطل بألف وجه» (بالإنجليزية: The Hero with a Thousand Faces)، وهو نموذج لا تخلو منه ثقافة بشرية أيًا كانت، وتتطابق فيه دورة حياة البطل ومراحلها باختلاف الثقافات والأزمنة، منذ الشخصيات الدينية القديمة (موسى، بوذا، يسوع، محمد) وحتى أبطال هوليوود الخارقين (بالإنجليزية: Superheroes).

ففي هذا النموذج يعيش البطل حياةً عادية كمن حوله في بداية الأمر، وفجأة يأتيه ما يسميه كامبل بـ «نداء المغامرة» (بالإنجليزية: The Call of Adventure)، فيصيبه التردد، ويطلب النَّصيحة، وفي النهاية يقرر مغادرة عالمه والانفصال عنه والعبور نحو المجهول (بطن الحوت)، ومن ثم مواجهة المصاعب والعقبات وحده أو بصحبة آخرين، إلى أن يصل إلى العقبة الكبرى والأخيرة التي يتمكن، أخيرًا ،من تجاوزها والتَّغلب عليها، بعدها يصيب شخصية البطل التغير الأكبر إذ تصقل حكمته وتشدد روحه، ليعود بعد ذلك إلى عالمه الأول مسلحًا بخبرة الرحلة متحررًا من كل مخاوفه وأشباحه. [5]

إحداثيات قراءة النص الديني عند يونج

في إطار الخارطة النفسية التي رسمها يونج لموقع المقدس في البنية النفسية للإنسان وتجليه في الأساطير كانعكاس ثقافي للخاصية النفسية المسماة بالنماذج البدئية، نستطيع من الآن أن نشرع في تحديد عبقرية إحداثيات قراءة النصوص الدينية عند يونج، فالموقع الذي نقرأ منه الأساطير بعدسة يونج يجنبنا تمزيق أنفسنا إلى قطبين متصارعين، وبالتالي يجعلنا قادرين على تحقيق التكامل النفسي بين الوعي واللاوعي، إذ «تقول القاعدة النفسية إنه عندما لا يكون الوضع الداخلي واعيًا، يتجسد في الخارج على شكل أحداث نطلق عليها اسم قدر أو مصير. بمعنى أنه عندما يظل الفرد غير منقسم ولا يدرك نقيضه الداخلي، يجب على العالم أن يَفرُضَ عليه صراعاً يمزقه إلى نصفين متعارضين». تسقط القراءات اللاهوتية في هذا الفخ، وتقع فيه كذلك القراءات الفلسفية، وهو الأمر الذي تتجاوزه القراءة السيكولوجية التي يقترحها يونج.

فمن ناحية يتماهى «اللاهوتيون» مع السرد؛ فيتبع الحَرْفِيُّونَ منهم التفسير الظاهري للنصوص الدينية، فيعاملون القصص الديني معاملة جريدة الصباح، فأحداث كل قصة هي أحداث واقعية تاريخيَّة، ومقصود النَّص لا يشير إلى أبعد من صريح قولهِ، في حين يتبع ذوو الميول الباطنية التَّصوفية منهم التَّأويل الرمزي التعددي للنصوص الدينية، فيعاملون النص الديني معاملة النص الأدبي. وسواء كان اللاهوتي حرفيًا؛ مقصده الواقعة التاريخية، أو باطنيًا؛ مقصده المعنى الرمزي، فإنه في التحليل الأخير يظل متماهيًا مع «السرد» النابع من «السارد» بوصفه آخر يقطن السماء البعيدة، ويمثل محور عملية التَّفسير وبؤرتها المركزية.

ومن ناحية أخرى يميل «الفلاسفة» إلى التماهي مع المتلقي من خلال خلق مرجعية «ذاتية» مستقلة خارجة عن النص، تكون هي مدار النَّص، هذه المرجعية يمكن أن تؤسَّس؛ إما على «مبدأ معرفي» كمبدأ وحدة الحقيقة عند ابن رشد، والمتمثل في استحالة التعارض بين الإلهي والعقلي، ولو كان ثمة تعارض فهو ظاهري يستوجب تأويل الإلهي في صالح العقلي، أو على «مبدأ وجودي» مُعاش كفكرة «الذات» عند كيركجارد التي يجعل منها محورًا دراميًا في تناوله للشخصيات الدينية، فكيركجارد لا يؤول خروج النبي إبراهيم المبكر في الصباح لذبح ابنه باعتباره رغبة من إبراهيم في سرعة تلبية أمر الرب كما يفعل اللاهوتيون، بل يُؤول الواقعة بوصفها أرقًا أصاب إبراهيم نابع من قسوة أمر الرب وصعوبة تحمله، وبالتالي كان خروجه المبكر في الصباح تعبيرًا عن رغبة إنسانية في التخلص من ألم لا يطاق في أسرع وقت ممكن، وليست مجرد استجابة نُسُكيَّة باردة لأمر الرَّب.

بهذا المعنى تُرسخ كل من القراءتين الفلسفية واللاهوتية للانقسام النفسي؛ ففيما تفترض الثانية علو المكانة الوجودية للمتلقي (الإنسان) على السرد (النص). تفترض الأولى علو المكانة الوجودية للسارد (الإله) على المتلقي (الإنسان). وتنبع أهمية قراءة يونج من عبقرية موقعها الإحداثي في هذه العملية برمتها؛ فالمفهوم السيكولوجي للإله عند يونج (كما بينَّا أعلاه) يذيب السرد (النص) والسارد (الإله) معًا داخل الوحدة النفسية للمتلقي (الإنسان)؛ فالإله يتحدث من أعماقنا، وبالتالي لن يمثل النص عاملًا مستقلًا على اللاهوتي أن يتماهى معه، أو كيانًا خارجيًا على الفيلسوف أن يُهيأهُ ليتصالح مع مرجعيته الذاتية وعالمه الخاص، لكن صار النَّص عينه مرآة صادقة لأعماقنا البشرية، وتجلٍّ لبواطن أنفسنا الخفيَّة.

فليس ثمة «فصام نفسي» بين المتلقي (الإنسان) والسارد (الإله) بالمعنى الديني، بل ثمة «تكامل نفسي» يتبدَّى من ورائه مظاهر انقسام بين «الوعي» و«اللاوعي». وبالتالي فإن كل تعارض بين ما يقوله اللاهوتي وما يقوله الفيلسوف لا معنى له عند يونج، إذ تُشكِّل القراءة عنده نقطة التقاء إحداثية لتحاور الوعي مع اللاوعي داخل الذات أو النفس البشرية بكليتها. وقد كشفت الدراسات الدينية المعاصرة (المتأثرة بسيكولوجيا يونج) التي قدمها أناس من أمثال «مرسيا إلياد» و«بول تيليش» و«جوزيف كامبل» عن الأثر العميق لهذه القراءة وعن إمكاناتها اللامتناهية، من حيث كونها قراءة لا تنفي فكرة تعالي المقدس وغيريته، لكنها في الوقت نفسه تحدد نطاق كل من هذا التعالي وهذه الغيرية بحدود نفسية.

المراجع
  1. كارل يونغ، بين يهوه وأيوب، ترجمة إيناس نبيل سليمان، اللاذقية، دار الحوار للنشر والتوزيع، ط2، 2018، ص14-15.
  2. كارل جوستاف يونغ، النماذج البدئية واللاوعي الجمعي، ترجمة: منيع الضايع، اللاذقية: دار الحوار للنشر والتوزيع، 2016، ص150.
  3. حرَّكت التقاليد اليهودية مركز التواصل مع المقدس من «الطبيعة» إلى «الإنسان»؛ فبعد أن كانت عبادة النجوم وغيرها من مظاهر الطبيعة هي وسيلة الإنسان ووساطته في الاتصال بالمقدس، وهو ما يعرف بـ «المذهب الإحيائي» Animism الذي تبنته كثير من الأديان القديمة، أصبحت الوساطة الإنسانية هي الوسيلة، وذلك من خلال ما يُعرف «تقليد النبوة» الذي جعل الإنسان يحظى بهذه المكانة التي تكشف له الأسرار الإلهية من خلال فكرة «الوحي»، فهنا تعتلي شخصية الإنسان الطبيعية حالة فوق طبيعية تهيمن عليه وتفرض سيادتها. الأمر نفسه يتكرر مع ظاهرة الشِّعر عند عرب الجاهلية، فالشعراء يتلبَّسهم نوعان من الجِنِّ؛ أحدهما يدعى «الهَوْبَر»، فإذا حَضُر يسهل نظم الشعر وتسيل القوافي ويتدفق المعنى، والثاني يُدعى «الهَوْجَل»، وإذا حَضُر تجف ينابيع الشعر وتنضب القريحة ويعضل النظم.
  4. يولاند جاكوبي، ترجمة: ندره اليازجي، علم النفس اليونغي، دمشق: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1993، ص49.
  5. انظر: جوزيف كامبل، البطل بألف وجه: البطل في الأساطير والأديان والحكايات الشعبية والتحليل النفسي والأدب، ترجمة: حسن صقر، دمشق: دار الكلمة للنشر والتوزيع، 2003.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.