لو سألتني لم قد تحب مواجهة مايوذر، أعني ما أقوله تمامًا، من لا يحب أن يرقص حول الحلبة مقابل 180 مليون دولار؟

في يوم 15 من شهر يوليو لعام 2015، قال الأيرلندي كونور ماكجريجور للمذيع الأمريكي الشهير، كونان أوبراين، إنه يرغب في الدخول في نزال ضد الملاكم الأمريكي الشهير وبطل العالم الذي لم يهزم في مسيرته الاحترافية قط، فلويد مايوذر. من هّنا بدأت الحكاية وبعد سنتين تقريبًا، تحقق للأيرلندي ما تمنى وبأسوأ سيناريو قد يخطر في باله.

في هذا اليوم سأله المذيع الأمريكي بمنتهى الدهاء عما إذا كان يرغب في تغيير رياضته المفضلة وهي اليو إف سي UFC وحينها قال: «بكل تأكيد أرغب في ذلك، سوف أقوم بهذا إذا سمحت لي الفرصة». قالها مبتسمًا. هل كانت الابتسامة الأخيرة؟


ماكجريجور لم يخسر في كامل النزال

تلك المعركة القتالية المحتدمة لم تنطلق فقط في ساحة T-Mobile بولاية لاس فيجاس، لكنها انطلقت من اللحظة التي طلب فيها ماكجريجور القتال ضد الأمريكي المخضرم من الأساس. منذ تلك اللحظة وكلا الطرفين دخلا في تراشق كلمات على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يهدأ قط ولكنه وصل أقصاه في مايو 2016.

حينذاك نشرت صحيفة ذا صن واسعة الانتشار، تقريرًا توضح فيه أن كلا المقاتلين على وشك الموافقة على النزال بعد خبر من مصدر مقرب من الملاكم الأمريكي – رفض ذكر اسمه – لكنه أكد أن فلويد يرغب بشدة في أن يجعل كونور يأكل كلماته المغرورة تلك – في تعبير شديد عن الغضب.

ماكجريجور كان الراغب الأكبر في دخول نزال كهذا، شيء ما سيعلي من قيمته التسويقية جدًا في حال فوزه به، وبالتالي إعلان الموافقة شبه المبدئية عند الملاكم الأمريكي تعني انتصارا ولو مؤقتا لصالح الأيرلندي، ومن حينها اشتعلت كل المنابر لتعلن عن اقتراب النزال مما جعل رئيس إتحاد UFC يشعر أن عليه محاولة إصلاح الأمر بعض الشيء مؤكدًا أن ماكجريجور يملك عقدًا مع الإتحاد بالتالي سيكون خرقًا للعقد إذا كان يحاول أن ينظم معركة لنفسه غير مجدية داخل إطار لعبة UFC، في إشارة لضعف المنافس.

هذه التعليقات من رئيس الاتحاد أشعلت فتيل الحماس عند المقاتل الأمريكي، وأخبر الصحفيين وقتها أنه رجل متقاعد عليه العودة للعمل قبل أن يفكر في مواجهة كونور، ثم زاد الأمر حرارة فيما بعد حين عرض مايوذر على المقاتل الأيرلندي مبلغ 50 مليون دولار إذا وافق الأخير على مقاتلة مايوذر، ولكن داخل لعبته المفضلة وهي الملاكمة، فيما عرف بعد ذلك بنزال المليار دولار.

وهنا كان الانتصار الأول لماكجريجور وفريقه على مايوذر، المتقاعد الأمريكي انفعل لدرجة جعلته يوافق على الدخول في قتال ضد الصغير في السن وغير المتقاعد بعد، وهي الصفات التي قالها ماكجريجور بنفسه عن نفسه وعن خصمه في أحد اللقاءات التليفزيونية، لكن على ما يبدو أنه قد أغفل جزءًا كبيرًا من العرض وهو أن النزال سيدور داخل لعبة الأمريكي المفضلة وليس العكس.


الغرور دائمًا أعمى، الحلبة تؤكد ذلك

مرت الأيام تباعًا واتخذ المقاتل الأيرلندي الخطوات نحو الموافقة على عرض الملاكم الأمريكي، وتحرك لأخذ الرخصة التي تسمح له باللعب كملاكم، وبالفعل حصل عليها من مؤسسة نيفادا وبعد ذلك تحرك بشكلٍ أقوى وأعلن أنه وقع على العقود من جانبه والتي تعني أنه وافق على العرض وقرر مقاتلة مايوذر في لعبته المفضلة.

في حين قام مايوذر بإلغاء رحلته المحتملة إلى أفريقيا ليدخل في معسكرٍ مغلق للتدرب ومحاولة العودة مرة أخرى لحالة بدنية تسمح له بمواجهة ذلك المتعجرف الصغير في السن. ثم أعلن بعد ذلك أن كل شيءٍ تم وأنه وقع على العقود هو الآخر وأنه تم تحديد موعد النزال في يوم 26 من شهر أغسطس لهذا العام.

ماكجريجور حافظ على شخصيته المغرورة إلى أقصى درجة حتى وطئت قدماه حلبة الملاكمة، ظل يحاول استفزاز الملاكم الأمريكي بشتى الطرق، آخرها حين حاول أن يجره للقتال مبكرًا في صالة الوزن أمام أعين الكافة، لكن كالعادة حافظ فلويد على هدوئه الشديد، والمستفز في بعض الأحيان، ولم ينجرف حول محاولات الأيرلندي.

لكن فوق حلبة الملاكمة، تلك العصبية والتعجرف والسرعة المبالغ فيها لم تجد نفعًا مع هدوء مايوذر المعتاد.

النمط في القتال عند مايوذر دفاعي، معلومة معروفة لكل متابعي الملاكم الأمريكي، لكنها يبدو كانت غائبة عن الملاكم الأيرلندي حديث الانضمام، ولم يختلف نمط القتال عند مايوذر في دليل واضح على أنه انجرف فعلًا للنزال ووافق، لكنه كان يعرف ماذا يفعل جيدًا، وأوضح أن فوزه في 49 لقاء متتاليا خلال مسيرة احترافية خالية من أي هزيمة، لم يكن بالأمر الهين قط.

الجولات الأربعة الأولى يمكن وصفها بفارق الخبرات، الشاب صغير السن يحاول أن يضرب بكل ما أوتي من قوى، في حين أن الخبير المخضرم يأخذ الدفاع وسيلة لينهك قوى خصمه حتى يصلا معًا إلى ذات الدرجة من اللياقة البدنية، بعدها تصبح الأمور أسهل. وقد كان.

من الجولة الخامسة انتفض مايوذر وبدأ في تعليم ماكجريجور درسًا متقنًا في فنون القتال، أو درسًا مهمًا في الحياة أيضًا وهو أن الغرور الأعمى لن يصل بك إلى أي شيء. ربما يمكن الاكتفاء بالقاضية والتي أنهت الأمور بعد 10 جولات فقط من 40 جولة مقدرة للقاء، لكي يتعلم ماكجريجور الدرس المراد.


الحقيقة حول المليار دولار

عرفت هذه المعركة إعلاميًا وبين أوساط الجماهير بعنوان «نزال المليار دولار»، وهو ما رسخ في ذهن أغلبية المطلعين نسبيًا على الحدث أن المليار دولار هي قيمة الجائزة للفائز، والحقيقة أن الأمر بعيد تمامًا عن ذلك.

الحقيقة أن كلا المقاتلين قد تحولت الأموال لحسابهما قبل حتى ارتداء قفازات القتال، وهي مكافآت مدفوعة نظير موافقة كل منهما على عقد القتال، وكانت هذه المكافآت مقدرة بقيمة 230 مليون دولار للملاكم الأمريكي، و70 مليون دولار للمقاتل الأيرلندي، لكن الفائز سوف يحصل في النهاية على حزام الـ Money belt أو حزام المال، وهو ما يحتوي على 1.5 كيلوجرام من الذهب الخالص، و600 حبة من الياقوت و300 من الزمرد بالإضافة إلى3360 ماسة. لكن للأسف لا طائل من تحويل قيمة تلك الأشياء إلى قيمة نقدية، هو بحد ذاته قيمة لا يمكن تحويلها.

إذًا ما الداعي من تسمية هذا النزال بالمليار دولار؟

هذا ما يشار إلى قيمة العوائد والأرباح التي قد تعود من نزال كهذا يجلب المشاهدين في كل العالم بجانب الأرباح من بيع التذاكر والمراهنات وخلافه. لكن بعدما تمت المعركة تشير التقارير من كافة الصحف وعلى رأسهم صحيفة تيليجراف، إلى أن هذه القيمة يمكن أن تكون أكبر من ذلك، خاصة أنه لم يعلن بعد عن القيمة الحقيقية التي وصلت لها تذكرة السماح بالدخول لمعركة كهذه، وكذلك لاستمرار المفاوضات بعد بين كل من التليفزيون ووسائل البث والإذاعة.