عرف العالم الحديث الدساتير المكتوبة منذ عام 1787، حينما قام الآباء المؤسسون فى الولايات المتحدة بوضع أول دستور مكتوب بالمعنى المعروف حاليًا، وحددوا فيه سلطات الدولة: سلطة تنفيذية تحت قيادة رئيس الجمهورية، وسلطة تشريعية يتولاها الكونجرس بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، وأخيرًا سلطة قضائية ينتخب قضاتها داخل كل ولاية.

في هذا الشكل الأمريكي، دُمج فيه تقسيم السلطات المأخوذ من التقاليد الإنجليزية وإضافة فكرة الكتابة التي لم تعرفها بريطانيا العظمي حينها؛ نظرًا لأن بريطانيا تأخذ فى تحديد سلطات الدولة بما يعرف بالأعراف الدستورية، فلا يوجد فيها أي دستور مكتوب، ولكنها الأعراف التي درج عليها المجتمع الإنجليزي نحو خمسة قرون إلى الآن.

أما فى مصر، فقد بدأت معركة الدستور عام 1866، حيث اضطر الخديو إسماعيل، بسبب رغبته في أن يجعل مصر قطعة من أوروبا ولو نظريًا، إلى أن ينشئ مجلسًا شبه نيابي، سمي «مجلس شورى النواب». كان عدد أعضاء هذا المجلس 75 عضوًا فقط منتخبين من كل مديريات مصر. ولكن ذلك المجلس لم يكن سوى مجلس استشاري فقط، فلم يكن لأعضائه أى صفة حقيقية، فالخديو وحده من له حق دعوة المجلس وفضه وتأجيله.

ظل ذلك الوضع قائمًا إلى قيام لجنة التحقيق المختصة بفحص الحالة المالية وفقًا لنظام المراقبة الثنائية. نتج عن ذلك ما يعرف بصندوق الدين، واضطر إسماعيل إلى تعيين أول حكومة مصرية مسئولة فى عام 1878 للأخذ بنظام ال مما أدى إلى تقييد سلطانه المطلق على الدولة وقد أعاد بناء على ذلك تنظيم مجلس شورى النواب على أساس من الديموقراطية في نفس العام. ورغم اختصاصته الضعيفة، فقد تبرّم المراقبان الأجنبيان من المجلس مما حدا بالخديو إلى حل المجلس عام 1879.

رفض النواب ذلك عندما ذهب إليهم رياض باشا وزير الداخلية لينهي دور الانعقاد؛ وطالب النواب بتعديل نظام المجلس. وقد وافق الخديو على طلب التعديل رغبة منه فى التخلص من النفوذ الأجنبي. وقد كلف شريف باشا، زعيم الحركة الدستورية المصرية، بتشكيل الوزارة. بعدها قامت الوزارة بدعوة مجلس النواب للانعقاد فى 17 مايو 1879، وعرض شريف باشا على المجلس اللائحة الأساسية وكذلك مشروع قانون الانتخاب. وقد أوضحت اللائحة أن النظام البرلماني قائم على التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

فى غضون ذلك، تدخلت فرنسا وإنجلترا لخلع الخديو إسماعيل، وتعيين نجله توفيق الذي أسند الوزارة أيضًا إلى شريف باشا. طلب الأخير بدوره من الخديو إصدار الدستور فى سنة 1879، ولكن الخديو رفض ذلك، فقدم شريف باشا استقالته احتجاجًا على رفض الخديو. قام توفيق بتكليف رياض باشا بالوزارة، وأعاد نظام المراقبة الثنائية مرة أخرى مما أدى بعد فترة وجيزة إلى قيام الثورة العرابية التي كان من نتائجها أن عاد شريف باشا إلى تولي الوزارة في عام 1881، والإعداد لمشروع دستور 1882.

دعا شريف باشا إلى انتخابات عامة، وتم انتخاب وتشكيل مجلس شورى النواب وفقًا للائحة القديمة المقدمة إلى الخديو إسماعيل. وتقدمت الحكومة بمشروع دستور جديد، وبدأ مجلس النواب مناقشته حتى تقدمت إنجلترا وفرنسا بطلب بمنع مجلس النواب من حق مناقشة الميزانية. وقد رأى شريف باشا أن يرجئ المجلس مناقشة تلك الميزانية؛ ولكن المجلس رفض فقام شريف باشا بتقديم استقالته وخلفه محمود سامي البارودي، وفي عهده صدر أول دستور مصري في 7 فبراير 1882.

لم يصمد ذلك الدستور طويلًا حيث لجأت إنجلترا إلى احتلال مصر بعد سبعة أشهر من إقرار الدستور، وذلك في 14 سبتمبر 1882. وقد ظلت مصر تحت الاحتلال حتى تصريح 28 فبراير 1922 الذي أقرت فيه بريطانيا رفع الحماية عن مصر بعد ثورة 1919.

كانت معركة دستور 1923 لا تقل ضراوة عن مثيلتها، حيث بدأت المعركة بسيطة حينما أصدر الملك الفؤاد دستورًا يعد من دساتير المنحة. ولكن لم يتحمل الملك التقيدات الدستورية على سلطاته، فقد شب خلاف بينه وبين السلطات الدستورية على خلفية رغبة الملك فى توسيع اختصاصاته بغير ما هو منصوص عليه دستوريًا لحل مجلس النواب العديد من المرات وكذلك حل مجلس الشيوخ على خلاف نصوص الدستور.

وقد ظل الوضع كذلك إلى أن قام الملك بإلغاء دستور 1923 وإحلال دستور 1930. قابل الشعب ذلك بالرفض، وفشلت الحكومات المتعاقبة في القضاء على الرفض الشعبي، مما حدا بالملك إلى إلغاء دستور 1930 وإعادة دستور 1923 في نوفمبر 1934.

ظل ذلك الدستور يحكم مصر إلى أن قام بعض ضباط الجيش بانقلابهم العسكري في 1952، وإعلان إلغاء دستور 1923 واستبدالة بإعلان دستوري صدر فى 1954. وقد ظلت البلاد بلا دستور حقيقي إلى عام 1971 عندما وُضع الدستور الدائم. سقط هذا الدستور فى مارس 2011 حين أصدر المجلس العسكري إعلانًا دستوريًا بعد الاستفتاء على تعديل بعض مواد دستور 1971، ثم تلى ذلك دستور 2012 الذي استُفتي الشعب عليه لكن عُدل لاحقًا في دستور 2014 الذي سمّي «الدستور الجديد» في حين أنه مجرد تعديل على الدستور المستفتى عليه في 2012.[1]

يظل هنا السؤال كيف تقوم الدولة بوضع تلك الأسس الدستورية التي تقيم عليها بناءها الداخلي؟ أو بصيغة أخرى: ما القانون الدستوري؟

يعرّف القانون الدستوري بأنه «مجموعة القواعد القانونية التي تقوم بتحديد شكل سُلطات الدولة من الناحية السياسية (الحكومة) والتشريعية (البرلمان) والقضائية (القضاء) وتنظم العلاقة بين تلك السُلطات باعتبارها الشكل النهائي لمبدأ السيادة العامة». ويجد القانون الدستوري مصادر قواعده فى الوثيقة الدستورية أي الدستور المكتوب وكذلك القوانين الأساسية العرف الدستوري.

مصادر القاعدة الدستورية

1. الوثيقة الدستورية

الدستور المكتوب الذي يصدر من هيئة خاصة غير البرلمان، وتسمى تلك الهيئة «الجمعية التأسيسية»، هو أول مصادر القواعد الدستورية.

الجمعية التاسيسة قد تكون منتخبة من الشعب مباشرة، وقد تكون مختارة من نواب الشعب فى البرلمان. وتقوم الجمعية بكتابة الدستور بعيدًا عن الهيئة التي قامت باختيارها ثم تقوم بتقديم الوثيقة الدستورية للشعب كي يتم الاستفتاء عليها مباشرة، فإذا قبله الشعب صار الدستور هو الوثيقة الأم لكل القواعد القانونية المطبقة في الدولة ولا يجوز مخالفته. أما إذا رفضة الشعب، فيجب على الجمعية التأسيسية أن تعيد صياغته مره أخرى.

مثلًا، قام الشعب الفرنسي برفض مشروع الدستور المقدم من الجمعية التأسيسية فى مايو 1946، وعاد المشروع مرة أخرى إلى الجمعية، ثم وافق الشعب عليه في استفتاء أكتوبر 1946.

2. القوانين الأساسية

وهي مجموعة القوانين التي تصدر من البرلمان وتحدد شكل سلطات الدولة وطريقة العمل داخلها، وسميت بالأساسية أو بالمكملة للدستور لأنها تكمل إحكام الدستور فيما يخص تنظيم سلطات الدولة، ومثال ذلك ما ورد بالمادة 120 من دستور 2012 المعدل في 2014، حينما حددت الفقرة الأولى عدد أعضاء مجلس النواب بما لا يقل عن 450 عضوًا، وحددت في الفقرة الثانية أن يكونوا مصرين من أبوين مصريين ويحوزوا شهادة التعليم الاساسي على الأقل، ولا يقل السن 25 عامًا في أول يوم ترشيح. وفي الفقرة الثالثة تركت للقانون تحديد باقي شروط الترشح ووضع نظام للانتخاب وكذلك تقسيم الدوائر.

فعلى الرغم من وجود شروط في الدستور للتحديد الترشح والانتخاب، فإنها شروط عامة لا تكفي وحدها لضبط الترشح والانتخاب لأهم سلطة فى الدولة، فيأتي القانون ليكمل تلك القواعد. وعلى الرغم من أن القوانين الأساسية تعتبر مكملة للدستور لكن يمكن الطعن عليها بعدم الدستورية، وبالتالي فهي ليست محصنة ضد الطعن مثل الدستور ذاته الذي لا يجوز الطعن عليه بأي شكل من أشكال الطعون القضائية.

3. الأعراف الدستورية

تنشأ الأعراف الدستورية في الدولة نتيجة تكرار هيئة من هيئاتها لعادة ما دون معارضة من غيرها من الهيئات، مما يؤدي إلى استقرار العادة في الوعي الجمعي واكتسابها صفة الإلزام. وقد يكون العرف هو المصدر الرئيس للقواعد الدستورية.

هنا، يجب التفرقة بين الدستور العرفي والعرف الدستوري. فالدستور العرفي يكون في الدول التي ليس بها دستور مكتوب، وتكون الأعراف واجبة التطبيق ولا تلغى ولا تعدل إلا بأعراف مماثلة. وتعتبر المملكة المتحدة هي الدولة الأشهر عالميًا في هذا النموذج.

وفي منطقة الشرق الاوسط، تعتبر إسرائيل وكذلك المملكة العربية السعودية دولًا عرفية ليس بها دستور. وتُحكم الدولتان عن طريق الأعراف الدستورية وبعض القوانين الأساسية التي لا تغطي كافة مناحي سلطات الدولة.

أما العرف الدستوري، فينشأ بجوار الوثيقة الدستورية والقوانين الأساسية التي تفسر ما بها من غموض. ومثال العرف الدستوري في مجلس النواب أن يكون رئيس المجلس ذا خلفيه قانونية، وقد تم الخروج على ذلك العرف خمس مرات طول تاريخ مصر النيابي الممتد لقرنين من الزمان. كذلك من الأعراف ما يتبعه مجلس الدولة المصري من عدم تعيين الإناث فى منصب القضاء داخله رغم عدم وجود نص دستوري أو نص في قانون مجلس الدولة يمنع ذلك؛ وأيضًا العرف الذي يتبعه المجلس الأعلى للقضاء المصري بعدم اختيار المحامين في دفعات تعيين القضاة على الرغم من وجود نص صريح فى المادة رقم 39، 41،43 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 يسمح بتعيين المحامين في منصب القضاء.[2]

تعديل القاعدة الدستورية

نص الدستور المصري في المادة 226 على أن لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر فى الطلب المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل. وفي جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كلياً، أو جزئياً بأغلبية أعضائه. وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالى.

وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذاً من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء. وفى جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أوبمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات.

ويفهم من نص المادة السابقة أنه يلزم لتعديل الدستور وجود[3]:

1. طلب تعديل

ويصدر طلب التعديل من رئيس الجمهورية أو من خمسة أعضاء من النواب، وهم فقط من لهم تقديم ذلك، ويجب أن يحتوي طلب التعديل على المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل. فإذا تخلف شرط من تلك الشروط لا يجوز لمجلس النواب مناقشة ذلك التعديل.

2. هيئة تقوم بالتعديل

يعتبر البرلمان هو المنوط به تعديل الدستور، وقد حدد الدستور أغلبية الأعضاء، أي الأغلبية البسيطة، وهي أغلبية نصف عدد الأعضاء زائد عضو واحد (50%+1) أو ما يعرف بالأغلبية العادية، وذلك للموافقة المبدئية على تعديل الدستور على أن يناقش التعديل داخل المجلس بعد مرور 60 يومًا؛ على أنه يلزم موافقة ثلثي النواب لكي يطرح التعديل للاستفتاء الشعبي.

ويلاحظ أن الدستور قد حظر تعديل مدة حكم رئيس الجمهورية الواردة في الدستور، أي أنه لا يجوز جعل الرئيس يتولى الرئاسة لأكثر من فترتين كل منهما أربع سنوات، وكذلك لا يجوز تعديل المواد الخاصة بحريات الأفراد والمساواة المفترضة بين جميع أفراد المجتمع إلا إذا كان التعديل يتضمن مزيدًا من الحريات والمساواة بين الأفراد؛ إلا أن ذلك لم يمنع تدخل البرلمان لتعديل بعض تلك المواد ما يمثل معضلة دستورية في حد ذاته.

وتختلف الدول في قواعد تعديل الدساتير، فمثلًا مصر كما سبق الإشارة تجعل تعديل الدستور في يد الهيئة التشريعيه ذاتها، وهي بذلك تختلف عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تجعل تعديل الدستور في يد جمعية تأسيسية وهي طريقة منتشره لتعديل دساتير الولايات، وأيضًا هي طريقة من طرق تعديل الدستور الاتحادي.

سيادة الدولة

الدولة هي شخص معنوي له السيطرة التامة على مجريات الأمور في إقليمه. ويعتبر مبدأ السيادة من المبادئ التي يقوم على أساسها وضع الدساتير أو الأعراف الدستورية. فالسيادة هي أن تكون السلطات لها اليد العليا داخل إقليم الدولة، ولا يعارضها سيادة أخرى، ولها حق فرض قوانينها وقراراتها وأحكامها استنادًا لسيطرتها على الإقليم.

تقوم أجهزة الدولة جميعها على ذلك المبدأ. فتسجيل المواليد وتسجيل حالات الزواج والطلاق، وكذلك العقوبات التى توقعها المحاكم على المجرمين، كلها تستند إلى مبدأ السيادة. وقد اتفق الفقهاء الدستوريون على أن السيادة هي لسكان الإقليم الذي تقوم عليه الدولة، ولكن اختلفوا في تحديد من هم السكان؟ أي اختلفوا في تحديد هل مصدر السيادة هو الأمة أم الشعب؟

من هنا نشأت نظريتا سيادة الأمة وسيادة الشعب. تعتبر الأولى، أي نظرية سيادة الأمة، أن السيادة تكون لكل الأفراد الموجودين على الإقليم بمن فيهم الآباء والأجداد السابقون والأناس الحاليون والأبناء والأحفاد المستقبلون. يؤدي ذلك إلى أن هيئة الناخبين لا تستطيع فرض أي رأي أو رغبة على نوابها في البرلمان، حيث إنهم ليسوا ممثلين لمنتخبيهم فقط ولكنهم ممثلون لكل الأمة.

في المقابل، تعتبر الثانية أن السيادة هي لمجموع الأفراد الحاليين ولهم حق التصويت والانتخاب، أي المكوّنين للهيئة الانتخابية في الدولة. وبالتالي، يكون للأفراد المنتخِبين توجيه النواب وفرض رغبتهم عليهم نظرًا لأنهم نوابهم فقط.

وقد جري العمل في دساتير دول العالم على الدمج بين النظريتين، فنادرًا ما نجد دولة تأخذ بنظرية منهما دون الأخرى.

وتنقسم الدول من حيث السيادة إلى[4]:

1. الدولة الموحدة أو البسيطة

وهي الدولة التي لها إقليم واحد وشعب واحد ودستور واحد وتخضع لنظام إداري وقضائي واحد غير مختلف بين أجزاء الدولة كما هو الحال فى مصر.

2. الدولة المركبة أو الاتحادية

وهي التي تتكون من عدة دول فى اتحاد واحد. وقد يكون الاتحاد شخصيًا، أي نتيجة وجود شخص الملك أو الإمبراطور، وذلك دون إلغاء شخصية الدول الداخلية أو الخارجية؛ ومثال ذلك الاتحاد الذي وقع بين إنجلترا وهانوفر من سنة 1714 إلى سنة 1837 وانتهى عند تولي الملكة فيكتوريا عرش إنجلترا.

وقد يكون الاتحاد تعاهديًا أو «كونفدراليًا». وهو اتحاد تقوم فيه الدول بعقد اتفاقية دولية لتحديد كيان ما ينسق بين الدول المتعاهدة، ويحدد السياسة المتبعة للدول، وذلك دون أن تفقد أي من الدول شخصيتها الدولية؛ ومثال ذلك الاتحاد بين مصر وسوريا الذي حدث من سنة 1958 إلى سنة 1961. وهناك جانب من فقه القانون الدولي يرى أن المنظمات الدولية هي الشكل الأحدث من الاتحادات الكونفدرالية.

وأخيرًا، يأتي «الاتحاد الفيدرالي»، وهو الاتحاد الذي تذوب فيه شخصية الدول على المجال الدولي مقابل قيام دولة واحدة لها السيادة الخارجية في المجتمع الدولي. لكن من الناحية الداخلية، تظل لكل دولة حق إنشاء دستورها وقوانينها وسلطاتها الداخلية باستثناء القوات المسلحة. وذلك كله في إطار الدستور الاتحادي. وتعتبر الولايات المتحده الأمريكية هي الشكل الأشهر لذلك الاتحاد.

أنظمة الحكم

تختلف دساتير العالم فى وضع أنظمة الحكم، فهناك دساتير تجعل نظام الحكم جمهورية وأخرى تجعله ملكيًا وهما النظامان الأشهر فى العالم.

تختلف أيضًا الدساتير في طريقة الانتخاب وتكوين الحكومة. فقد تأخذ الدولة بالنظام البرلمانى في تكوين الحكومة، وهو نظام يجعل منصب الرئيس أو الملك منصبًا شرفيًا وليس له دخل بإدارة الدولة، ويكون المتحكم الفعلي فيه هو رئيس الحكومة الذي يكون عضوًا في البرلمان، وكذلك الوزراء، على أن يشكل الحزب الفائر بأغلبية المقاعد الحكومة. مثال ذلك في الدول الجمهورية إسرائيل وتركيا، وفي الدول الملكية إنجلترا.

أما النظام الرئاسي، فهو يكون للدول الجمهورية فقط، ويكون رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية المباشر، وتكون له انتخابات خاصة به تختلف عن انتخابات البرلمان، وله حق اختيار الوزراء الذين يعملون معه.

وقد يكون هناك منصب لرئيس الوزراء فى الدول ذات النظام الرئاسي، وقد لا يكون هناك ذلك المنصب. مثال تلك الدول التي فيها رئيس وزراء فرنسا، ومثال الدول الرئاسية الخالصة الولايات المتحدة الأمريكية. وفي مصر، نص الدستور في المادة 139 على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، لكن بقي هناك منصب لرئيس الوزراء.

المراجع
  1. ربيع أنور فتح الباب: النظم السياسية. منشورات الحلبي القانونية، 2012.
  2. عمر حلمي فهمي: القانون الدستوري المقارن. دون ناشر، 2007.
  3. جابر جاد نصار: الوسيط في القانون الدستوري. دار النهضة العربية، 1998.
  4. رمزي طه الشاعر: الوجيز في القانون الدستوري. جامعة عين شمس، 1983.