الاستفتاء الدستوري يجعل موريتانيا في نفقٍ مظلم
الرئيس الموريتاني «محمد ولد عبدالعزيز»
كن للإله ناصرا .. وأنكر المناكرا وكن مع الحق الذي .. يرضاه منك دائرا ولا تعد نافعا .. سواءه أو ضائرا واسلك سبيل المصطفى .. ومت عليه سائرا فما كفى أولنا .. أليس يكفي الآخرا
بلاد المور وأرض الصحراء، موطن العرب والزنج الذين لم تفلح مئات السنين في صهرهم معًا في مكون وطني واحد، موريتانيا البلد الذي لا نعرف عنه سوى القليل أتت في المرتبة الأولى عالميًّا في مؤشر العبودية بمعدل 150 ألف شخص مهددين بالاستعباد من أصل 3.8 مليون هم إجمالي السكان، و يعيش حوالي 71.3% من سكانها على حافة دخل لا يتعدى دولارين في اليوم.
موريتانيا التي ينساها العرب ويذكرها الفرنسيون، تمر الآن بمنعطف سياسي حاد، وتشهد حراكًا شعبيًا متزايدًا ضد نظام حكم الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، وها نحن على بعد ساعات من استفتاء يكرّس كل السلطات في يد الرئيس الذي من المفترض أن تنتهي ولايته عام 2019، فما أبعاد هذا الاستفتاء ونتائجه وعلاقته بالتاريخ الموريتاني الحديث؟
تاريخ من العسكرة
الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه
منذ استقلالها في 28 من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1960، لم تعرف موريتانيا واقعًا سياسيًا مستقرًا، حيث توالى عليها حكم العساكر تارة وانقلاباتهم تارة أخرى، كان أول الانقلابات العسكرية عام 1978، حيث أطاح انقلاب عسكري أبيض بالرئيس المختار ولد داداه في يوليو/تموز، وتولى العقيد المصطفى بن محمد السالك الرئاسة ومن حينها دخلت البلاد في دوامة من الفوضى والفساد، فما إن يصل رئيس مدني إلى السلطة حتى يتحرك الجيش مرة أخرى لإزاحته ولربما انقلب الجيش على نفسه فأطاح عسكري بآخر.في عام 1984 وصل العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع إلى السلطة عبر انقلاب أبيض هو الآخر واستهل حكمه بتسوية الخلافات مع دول الجوار (المغرب – الجزائر- السنغال)، وحاول فرض نفسه على الساحة الإقليمية والدولية فبدأت لقاءات بين بعض المسؤولين الموريتانيين ومسؤولين من الجانب الإسرائيلي انتهت بفتح مكتبي ارتباط في كل من تل أبيب ونواكشوط، أعقبها تبادل زيارات وانتهى الأمر باعتراف موريتانيا بـ «إسرائيل». ومع ذلك لم تخرج موريتانيا من ضائقتها، فتعرض النظام لنقد أحزاب المعارضة سواء أكانت قومية أم أصولية، واشتدت الملاحقات في صفوف المعارضين، رافقتها أحيانًا حالات من العصيان المدني، استغلها بعض كبار ضباط الجيش الموريتاني في أثناء غياب رئيس الدولة معاوية ولد الطايع لحضور أحد المؤتمرات الدولية، وقاموا بخلعه في 3 آب/أغسطس 2005، وتسلم دفة الحكم في موريتانيا المجلس العسكري من أجل العدالة والديمقراطية. ومنذ الأيام الأولى من الانقلاب وعد قائد الانقلابيين العقيد ولد محمد فال بإعادة السلطة إلى المدنيين بعد فترة انتقالية تنتهي في شهر آذار/مارس 2007.وفي الحادي عشر من مارس/آذار عام 2007 أجريت أول انتخابات رئاسية حقيقية في البلاد ليفوز بها سيدي ولد الشيخ عبدالله، وكما تنتهى دائمًا تجاربنا الديمقراطية، انتهت تجربة موريتانيا الوليدة وبسرعة شديدة، ففي أغسطس/آب من عام 2008 انقلب الجنرال محمد ولد عبدالله رئيس كتيبة الحرس الرئاسي على الحكم الديمقراطي في موريتانيا واستولى على السلطة.لما وجد الجنرال الجديد أن عمليته الانقلابية غير مرحب بها من قبل الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الدولية، نظم انتخابات وفقا لاتفاق «داكار» عام 2009 لاحتواء الأزمة السياسية الموريتانية، انتهت بفوزه بنسبة 52.58% من الأصوات، الشيء الذي رفضته المعارضة، واعتبرت العملية الانتخابية التفافًا على الشرعية المدنية.ومنذ أغسطس/آب 2009 وإلى يومنا هذا ما يزال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز ممسكًا بزمام السلطة، وما زالت موريتانيا منذ تلك الفترة تعيش أزمة سياسية وسط وضع اقتصادي متردٍّ للغاية، حيث لم تنجح كل المبادرات حتى الآن في نزع فتيل الأزمة بين الرئيس الحالي والأحزاب المعارضة لحكمه والمتمثلة في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة.موريتانيا في المواجهة من جديد
