في محاولات سابقة لم ندرك إلى الآن مدى نجاحها، حاول العديد من المحللين إزالة ذلك التعجب المعتاد حول تقاضي الرياضيين أجور أعلى من المهندسين والأطباء. ورغم إيضاح مفهوم العرض والطلب الذي يجعلنا نعيش في عالم غير عادل، لم يتمكن أي توضيح من منع تحول ذلك التعجب إلى غضب، تكتمه بداخلك كلما سمعت أو قرأت أرقام تلك الرواتب.

لكن هذه المرة تختلف عن سابقيها، لأن الراتب الضخم يعود لأفضل لاعب في تاريخ كرة القدم -في نظر الكثيرين- «ليونيل ميسي». وعليه، لم يأخذ نقاش الاستحقاق نفس الحيز المعتاد، فقررنا تجاوز تلك الزاوية والنظر عبر أخرى، زاوية الفضول؛ الفضول الذي قد يجعلك راغبًا في معرفة الرقم الحقيقي؟ ومن سربه للصحافة؟ وفيمَ تم إنفاقه؟

تسريب مفاجئ

بنهاية عام 2020، نشرت مجلة «GQ» تقريرًا عن أضخم العقود في تاريخ الرياضة، ولم يكن للاعبي كرة القدم أي تواجد فيها، 12 عقدًا موزعين بين كرة القدم الأمريكية، والبيسبول، والـ «NBA»، مع ظهور وحيد للعبة الملاكمة.

كان المركز الأول من نصيب لاعب كرة القدم الأمريكية «باتريك ماهومز» (503 ملايين دولار على 10 سنوات)، ثم الملاكم «كانيلو ألفاريز» (365 مليون دولار على 5 سنوات)، ثم هيمنة للاعبي البيسبول، وأخيرًا ثنائي الـ «NBA»، «يانيس أنتيتيكومبو» لاعب ميلواكي باكس، و«جيمس هاردن» (228 مليون دولار على 6 سنوات) المنتقل حديثًا لبروكلين نيتس.

تقرير آخر لجريدة «The Sun» البريطانية أقحم «نيمار» وسط هذه القائمة كلاعب كرة القدم الوحيد، إلى أن فجرت صحيفة «إل موندو» المدريدية (ليست صحيفة موندو ديبورتيفو الكتالونية) قنبلة بتسريب عقد «ميسي» الذي وقعه مع برشلونة في عام 2017، ويمتد لأربع سنوات.

ليصعد «ليو» فجأة إلى أعلى القائمة ويصبح صاحب العقد الأضخم في تاريخ الرياضة، حيث يصل إجمالي قيمة العقد إلى 555 مليون و237 ألفًا و619 يورو (674 مليون دولار)، براتب سنوي يصل إلى 138 مليون يورو، بالإضافة إلى متغيرات وحوافز.

مزيد من التفاصيل الغريبة

بعد أن تتجاوز لحظة الاندهاش من ضخامة الرقم، يجب عليك أن تعلم أن ما يدخل جيب «ميسي» هو نصف المبلغ فقط، بسبب قانون الضرائب في إسبانيا، وبالتالي يمكن أن نسمي الـ 555 مليون يورو بالتكلفة التي يتحملها برشلونة للإبقاء على «ليو».

وكما ذكرنا سلفًا، لأنه أفضل لاعب بالعالم، لم يتحدث الكثيرون عن استحقاقه للمبلغ، لكن ما أثار تعجب الجماهير هي البنود الأخرى. يكفي أن تعلم أن اللاعب الأرجنتيني حصل على 92% من مستحقاته المالية رغم ظروف كورونا والأزمة الاقتصادية الحالية.

كما سيحصل على 115 مليون يورو بمجرد موافقته على التجديد، بالإضافة إلى ما يسمى ببند الولاء، الذي يتقاضى بموجبه 65-75 مليون يورو إن استمر مع الفريق بعد يوم 1 فبراير 2021، وإن قرر الرحيل بنهاية عقده، فسيحصل على المبلغ كاملاً!

أضف إلى ذلك بعض القيود التي فرضها النادي على اللاعب، بعدم ركوب «Jet Ski»، أو المشاركة في المراهنات، والدفاع عن مدرب الفريق أمام الصحافة، إلى جانب تعلم اللغة الكتالونية وحضور بعض المناسبات المرتبطة بالإقليم.

هل تسبب الراتب بأزمة؟

بسبب هذا العقد المعقد، ذهب البعض بخيالهم بعيدًا لمحاولة وضع بدائل لإنفاق الـ 555 مليون يورو على مواهب أخرى، بدلاً من إنفاقها على لاعب واحد، لكن ذلك التخيل، ينسف الواقع الذي عاشه ويعيشه برشلونة في وجود البرغوث.

بعيدًا عن الهيمنة المحلية غير المسبوقة على أرض الملعب، أكد تقرير «ديليوت» المالي (ترتيب لأندية كرة القدم من حيث الإيرادات الناتجة من الأنشطة التابعة للعبة باستثناء انتقالات اللاعبين) أن دخل برشلونة شهد نموًا بنسبة 272% من 2009 (بداية لمعان ميسي) حتى 2020. وهو الرقم الذي لم يقترب منه أي نادٍ آخر، حتى ريال مدريد مع فلورنتينو بيريز وكريستيانو رونالدو (نمو بقيمة 207%).

في نفس الصدد، أكد «مارك مينشن» الخبير بالشأن المالي لكرة القدم لموقع جول العالمي أن عقد ميسي الضخم بريء من مشكلة برشلونة الاقتصادية، بل إنه يدر عليهم أرباحًا أكثر مما يتقاضى.

من المستحيل أن يصل برشلونة لهذا الدخل إن لم يكن ميسي يرتدي قميص النادي، بداية من مباريات الجولة الصيفية وصولاً لارتباطه بنسبة 50% من إجمالي مسببات الدخل في السنوات الأربعة الماضية.
«مارك مينشن» الخبير بالشأن المالي لكرة القدم

فيمَ أنفق كل هذا؟

الآن وبعد تبرئة «ميسي» من أزمة ناديه الاقتصادية، حان الوقت لإشباع فضولنا ومعرفة بعض من مظاهر ثراء الأسطورة صاحب العقد المسرب، لكن أولاً سنضيف للراتب 30 مليون يورو سنوية، عائدات عقود الرعاية الضخمة مع شركات: بيبسي، جيليت، أديداس، الخطوط الجوية التركية.

سنبدأ من موقف طريف، كشف «إيفان راكيتيتش» عن تفاصيله لصحيفة «Novi List»، عندما اشتكى «ليو» من جيرانه المزعجين في منطقة «كاستيلديفيلس» بكتالونيا، فقرر التخلص منها بشراء منزلهم! وأغلب الظن أنه كان منزلاً فخمًا لأنه ملاصق لمنزل أسطورة برشلونة.

وفقًا لتقرير بموقع «SportsKeeda»، يملك «ميسي» منزلاً فخمًا آخر في برشلونة يسمى “One-Zero Eco House”. تم بناؤه وتصميمه من قبل المهندس المعماري الإسباني الشهير «لويس جاريدو». المنزل على شكل كرة قدم داخل ملعب، ويطل على جبال كتالونيا، يُعتقد أن تكلفته تصل إلى سبعة ملايين يورو.

استمر التقرير بسرد ممتلكات ميسي، وكانت هذه قائمة بالسيارات التي يمتلكها وسنكتفي بتركها أمامك بالإنجليزية لأنني مثلك لا أعرف ما هذه الماركات: 335 S Spider Scaglietti، Maserati GranTurismo MC ، Maserati GranTurismo S ، Audi R8 V10 ، Audi R8 Spyder ، Dodge Charger SRT8 ، Audi Q7، Ferrari F430 Spider ، Lexus RX ، Cadillac Escalade ، Mini Cooper، Range Rover Vogue، Toyota Prius.

بجانب عدد من المنازل في إسبانيا والأرجنتين، لم يظهر اسم ليو كثيرًا في صناعة بيزنس خاص أو خط إنتاج ملابس باسمه، لكنه وفقًا لموقع جول قرر الاستثمار في العقارات حول مسقط رأسه في روزاريو في الأرجنتين، في مشروع أزاهارس ديل بارانا (مجموعة من المجتمعات المغلقة خارج المدينة) بالإضافة إلى مبنى سكني في وسط المدينة.

بالتأكيد يملك صاحب الرقم 10 أكثر مما سبق، لكن هذه هي معظم المعلومات المتاحة حاليًّا، ولا تنسَ أننا نتحدث عن لاعب لم يعلم أحد قيمة عقده الموقع منذ 2017 إلا في مطلع 2021.

اقرأ أيضًا: طبيب ولاعب كرة قدم: هل حان وقت ترتيب الأولويات؟