كم مرة شعرتِ بإحراج شديد أثناء التسوق من نوبات غضب طفلكِ لأنك رفضتِ تلبية طلبه؛ فبدأ بالصراخ والصياح ورمى نفسه أرضًا وبدأ يركل بقدميه ويديه؟ ماذا فعلتِ وكيف كان ردّ فعلكِ حينها؟ هل أسرعتِ بتلبية طلبه حتى تتجنبي نظرات الناس لك من حولك؟ بالتأكيد عاصرتِ تلك التجربة مع طفلك خاصة الطفل الأول، ولكن هذا التصرف بهذا الشكل غير صحيح؛ فالناس انتبهوا لصوت طفلك العالي وللموقف وركزوا معكِ دقيقة أو أكثر، ولكن هذا الأسلوب سيستمر معكِ إن لم تتعاملي معه بشكل جيد، وسيستخدم طفلك هذا الأسلوب كسلاح لإجبارك على تلبية طلباته خارج المنزل. لذا في هذا المقال سنوضح لكِ: كيف يفكر طفلك في هذه اللحظة؟ وما الأسباب التي تدفعه لهذا السلوك؟ وكيف يُفضّل أن تتصرفي معه في هذا الموقف؟ و كيف يمكنكِ معالجة سلوكه؟


في أي سن تحدث نوبات الغضب؟

كل الأطفال غالبًا ما بين السنة والثلاث سنوات معرضون لأن تنتابهم نوبات الغضب والعصبية من حين لآخر، فقد تكون تلك النوبات عند بعض الأطفال جزءًا من حياتهم اليومية، وقد تكون نادرة الحدوث عند الآخرين. فتختلف نسبة حدوثها وفقًا لشخصية طفلك، فهي تظهر أكثر عند الطفل العصبي، ودور الآباء هو السيطرة عليها، ومحاولة منع حدوثها مرة أخرى، وهذا لن يحدث بالعنف والصراخ.


6 أسباب وراء نوبات غضب طفلك

لماذا يغضب طفلكِ؟ وما الذي يدفعه لهذا السلوك؟ دعينا نوضح أن الغضب أمر طبيعي وشيء سوي عند الطفل، وهو رد فعل غريزي للإحباط الذي يتعرض له من وجهة نظره، فالطفل لا يستطيع التعبير اللفظي والجيد عن ما يدور بداخله من إحباط وحزن؛ لذا يلجأ إلى نوبات الغضب ليعبر عن إحباطه. لكن ما هي الأسباب التى تدفع طفلاً في هذا السن إلى الإحباط والغضب؟ تتعدد الدوافع وراء هذا السلوك لطفلك، فقد يكون أحد الأسباب التالية:

1. عندما يتعرض الطفل لموقف يتجاوز قدراته.

من كتاب د. سبوك

2. قد تنشأ تلك النوبات عن الإرهاق أو الجوع أو الرغبة في النوم.

فقد يلجأ الطفل إلى البكاء والصياح والغضب لأنه جائع أو مرهق وأنتِ تريدين التسوق على سبيل المثال.

3. إصدار أوامر للطفل يجد صعوبة في القيام بها.

4. عند تعرض الطفل لموقف مثير جدًا أو نتيجة لخوفه وحساسيته ضد الضوضاء.

فقد تجدين طفلك تصيبه نوبة غضب أثناء زيارة عيادة الطبيب، أو عند الذهاب إلى التسوق والأماكن المزدحمة. وهناك أسباب أكثر خفاءً ودقة، فلا تبدو لنا واضحة تمامًا في كل موقف. على سبيل المثال أحيانًا تجدين طفلك يلعب في سلام ويشعر بالحماس و الاندماج، فتطلبين أنتِ منه أن يترك ألعابه جانبًا ويذهب لفعل شيء آخر عكس رغباته في الحال، فيشعر بالإحباط لأنه لا يستطيع التعبير عما يدور بداخله ويبدأ في الصراخ.

5. قد يحبط الطفل في بعض الأحيان بدون سبب.

بعض الأطفال يلجأون إلى نوبات الغضب المدروسة لإجبار الأهل على تلبية مطالبهم؛ فيدرك الطفل أن نوبات الغضب هي أفضل السبل للحصول على ما يريد.

6. أيضًا من الأسباب الشائعة لنوبات الغضب هو تأخر مهارة اللغة والتخاطب.

فيشعر الطفل بالإحباط نتيجة عدم القدرة على التواصل مع من حوله، وهو شعور محبط ويائس مما يدفعهم لنوبات الغضب عندما يعجزون عن التعبير عن إحباطهم بالكلمات.


كيف نتحكم في نوبات غضب طفلك؟

تلبية رغبة الطفل عند الصراخ و إعطائه ما يريد لإسكاته هي السبب الرئيسي لجعل هذا التصرف يستمر فيما بعد، وتصبح عادة سيئة عند الطفل، ويتعلم أن هذا هو الأسلوب المتبع لإجبارك على تنفيذ طلباته خاصة خارج المنزل.


كيف نعالج هذا السلوك في 9 خطوات؟

1. القدوة: في البداية دعنا نتفق أن أول خطوة في علاج أي سلوك سيئ هو القدوة، فالأطفال يقلدون أسلوب الأهل في التعامل مع الإحباط والغضب والصراخ. فلا تصرخي في وجه طفلك حتى لا يفعل هو هذا فيما بعد.

2. فهم نفسية الطفل: علينا فهم نفسية الطفل وتحديد الأسباب والحاجات الفسيولوجية التي دفعته لذلك كالجوع والإرهاق. لذا قبل الخروج مع طفلك تأكدي من أنه حصل على كمية كافية من النوم والراحة والطعام.

3. لا تطلبي منه طلبات تعجيزية: لا تطلبي من طفلك طلبات تعجيزية وغير قادر على فعلها في الوقت الحالي، فلا تطلبي منه أن يهدأ وهو جائع أو يريد النوم وهكذا.

4. لا تفرضي عليه القيود: لا تفرضي على طفلك عددًا كبيرًا من القيود والممنوعات طوال اليوم، فاتركي مجالًا لطفلك ليتصرف بحرية طالما لن يؤذي نفسه، وتحت إشرافك أيضًا.

5. توجيه سلوك الطفل وتعديله: عندما يبدو طفلك متجهًا نحو نوبة الغضب حاولي تهدئته وقولي له يبدو أن شيئًا يزعجك، أخبرني كيف أستطيع مساعدتك. فعلى سبيل المثال إذا بدأ طفلك في نوبة غضب في السوبر ماركت فركزي على السبب الذي دفعه لذلك، فإذا حدث هذا فما على الوالدين إلا أن يتجاوزا السبب الظاهري، ويتعاملا مع المشكلة الأساسية: لا بد أنك قد تعبت وجُعْت أليس كذلك؟ فهيا نعود إلى المنزل؛ لنتناول الطعام ثم تخلد إلى الفراش، وعندئذ ستشعر بتحسن كبير.

6. لا تجعلي طفلك يشعر بالملل خارج المنزل: فمن الطبيعي أنك تعلمين مواعيد نوم طفلك، وإذا كان طفلك قد حظي بقسط وفير من الراحة والنوم قبل الخروج أم لا. فلا تطلبي منه أن لا يشعر بالغضب وهو مرهق ويرغب في النوم.

7. لا تردي على صراخ طفلك بصراخ: حاولي أن لا يكون رد فعلك على صراخ طفلك وعصبيته بصراخ، حاولي ألا تتصرفي مثله وأن تتعاملي بهدوء.

8. لا تستجيبي لطلبات طفلك أثناء بكائه: استجابتك لطلبات طفلك أثناء بكائه هي علامة استسلامك وانتصار لأسلوب طفلك، وسيعلم أن صراخه وبكاءه هو أسلوب فعال للضغط عليكِ ولإحراجك أمام الجميع وتلبية طلباته.

9. حاولي تشتيت انتباهه لشيء آخر: حاولي أن تشتتي انتباه طفلك وتلفتي نظره لشيء آخر حتى يتوقف عن البكاء. على سبيل المثال أشيري بإصبعك إلى القطة أو اللمبة أو أي شيء حولك.


كيفية التعامل أثناء نوبة غضب طفلك

فإذا غلى الدم في عروقهم يفكرون في أنه لا شيء أفضل من تفريغ غضبهم على أنفسهم أو على الأرض؛ فتراهم يتقلبون على الأرض ويصرخون ويضربون بأيديهم وبأرجلهم بل ربما برؤوسهم.
1. التزمي الهدوء حتى تمر تلك النوبة بسلام.

2. احرصي على سلامة طفلك وألا يؤذي نفسه أو غيره أثناء نوبة الغضب.

3. لا تحاولي السيطرة الجسدية عليه في هذا الوقت بأن تحمليه رغمًا عنه، اجعليه يهدأ تمامًا.

4. طفلك مشاعره تسيطر عليه في هذا الوقت ولا يسمعك أثناء نوبة غضبه فلا تجادليه ولا تناقشيه.

5. لا تعاقبي طفلك على نوبة الغضب ولا تكافئيه.

6. الثبات على الموقف قبل وبعد النوبة شيء مهم جدًا في تلك المواقف.

وفي النهاية يقدم د. سبوك نصيحة لكل أم للتعامل مع نوبات غضب طفلها:

عندما تهب العاصفة حاول أن تتعامل معها ببساطة، وعليك السعي إلى وضع نهاية لها. وعليك ألا تستسلم وتجعل الطفل ينفذ ما يراه وأنت طائع له، وإلا صار يثير هذه النوبات عمدًا طوال الوقت. ولا تجادله كثيرًا؛ لأنه في حالة لا تسمح له برؤية ما وقع فيه من أخطاء.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.