يعد كتاب «نقد الذات: آية الله حسين علي منتظري في حوار نقد ومكاشفة للتجربة الإيرانية» من كتب المراجعات المهمة؛ لأنه يخص الرجل الثاني في الجمهورية الإيرانية في عهد المرشد المؤسس روح الله الخميني، وكان أيضًا خليفته المنتظر وأحد أهم قادة البلاد المؤثرين لسنوات، وشارك في أحداث مفصلية غيَّرت وجه إيران والمنطقة بكاملها.

وظل منتظري ثاني أرفع مسئول في الجمهورية الإيرانية لسنوات طويلة، لكن قبل وفاة الخميني بثلاثة أشهر فقط، تمت الإطاحة به فجأة بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من تولى الإمامة العظمى بعد رحيل المرشد الأول، وهو منصب يفوق رئاسة الجمهورية بمراحل طبقًا للنظام الديني في إيران.

والكتاب من إصدار المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، بترجمة الدكتورة فاطمة الصمادي، وهو عبارة عن إجابات حسين منتظري على أسئلة طرحها عليه ابنه سعيد، ونُشرت في عام 2012، أي بعد وفاة الشیخ حسين منتظري، بعنوان «نقد الذات: العبرة والوصية، حوار مكاشفة مع الوالد الأستاذ والمرجع العالي القدر، حضرة آية الله العظمى منتظري رضوان الله تعالى عليه».

ويحمل منتظري لقب «آية الله العظمى»، وهذه أرفع مرتبة دينية لدى علماء الشيعة الإمامية الاثني عشرية، ويحمل نجله سعيد لقب «حجة الإسلام» فقط، وقد اعتُقل سعيد عام 2000 بعد حصوله على أدلة تثبت تورط الاستخبارات الإيرانية في حملة اغتيالات ضد مثقفين معارضين للنظام، قبل أن يُفرج عنه لاحقًا، لكن ذلك لم يردعه عن مواصلة نشاطه المعارض وجمع تراث والده.

وعُرف عن منتظري حين كان في السلطة تسامحه نسبيًّا مع المعارضين مقارنة بصقور المتشددين، ورفضه لعمليات الإعدام الجماعية بحق المعتقلين السياسيين، مما كان له أثر في الإطاحة به من السلطة واضطهاده.

النضال مع الخميني

وُلد حسين منتظري في مدينة نجف آباد غرب أصفهان، ودرس العلوم الدينية على يد أئمة المذهب الشيعي الاثني عشري، ورافق الخميني في حركته ضد نظام الشاه منذ البداية، وتحمَّل في هذا المسير السجن والإبعاد والتعذيب.

وكان مؤثرًا في تثبيت مرجعية الإمام الخميني وسط الحوزة الدينية بعد رحيل المرجع الأعلى حسين بروجردي في عام 1961، حيث نشط منتظري مع صديقه الشیخ مرتضی مطهري في تأكيد زعامة الخميني وأعلميته، على الرغم من مخاطر ذلك أمنيًّا ومعارضة عدد من رجال الدين للخميني وتوجُّهاته السياسية.

وفي حزيران/يونيو 1963، وبعد انتفاضة خرداد 15، اعتقل السافاك آية الله الخميني، وكانت السلطات تتجه إلى محاكمته وإعدامه، فنظَّم منتظري فعاليات مؤيدة للخميني، من بينها اعتصام لرجال الدين مدة أسبوع، وتوجَّه عدد كبير منهم إلى طهران، وجمع توقيعات من رجال دين، ما أجهض مخطط نظام الشاه الذي اعتقل منتظري على خلفية هذا التحرك.

مسيرة منتظري

بعد نجاح الثورة الإيرانية عام 1979 حكم رجال الدين بقيادة الخميني، وفاز بالأغلبية كرئيس لمجلس خبراء الدستور وقاد عملية صياغة دستور ولاية الفقيه، وفي عام 1985 عينه مجلس الخبراء خليفة للمرشد الأعلى روح الله الخميني.

لكن في السادس والعشرين من آذار/مارس 1989، خاطب روح الله الخميني تلميذه ونائبه آية الله حسین منتظري الذي كان يصفه بأنه ثمرة حياته، برسالة هاجمه فيها واعتبر أنه لا يصلح لأن يكون خليفةً ونائبًا له، وافتتح الرسالة بقوله: «أخاطبك بفؤاد دامٍ وقلب مُحطَّم»، وقال له: «اتضح تمامًا أنكم ستُسلِّمون من بعدي، البلاد والثورة الإسلامية العزيزة والشعب الإيراني، إلى أيدي الليبراليين، وعن طريقهم إلى المنافقين (إشارة إلى منظمة «مجاهدي خلق»)، لذا فقدتم أهلية قيادة النظام في المستقبل ومشروعيتها».

وأجاب منتظري برسالة في اليوم التالي يقول فيها إنه يوكَل أمر انتخاب القائد المقبل إلى مجلس الخبراء، فصدر أمر عزله في 28 آذار/مارس 1989، وهو العزل الذي وصفته وسائل الإعلام حينذاك بالاستقالة.

وشكك البعض في صحة أن يكون الخميني كتب تلك الرسالة، وعملت مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني على الدفاع عن نسبتها له.

وبسبب موقف منتظري الرافض لمرجعية المرشد الحالي، علي خامنئي، وموقفه السلبي من نظرية ولاية الفقيه بصلاحياتها المطلقة، تم اضطهاده وحُذفت الفقرات التي تتحدث عن دوره من الكتب المدرسية وأُزيلت صوره من المكاتب الحكومية والأماكن العامة، وأُعيدت تسمية الشوارع والأماكن العامة. وحاولت وسائل الإعلام اغتيال سمعته مما أغضب ابنه سعيد منتظري، فوجَّه ابنه رسالة مفتوحة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، استنكر فيها السكوت على مثل هذه الإهانات، وقال فيها إن «أحدهم يتَّهم الشیخ منتظري بأنه فاسد وكذلك تلامذته، علمًا أن جنابكم كنتم من تلامذته».

والمفارقة أن مؤلفات كثيرة صدرت للرد على هذه المذكرات الممنوع طباعتها أصلًا داخل إيران.

السؤال الأول

في السؤال الأول في الكتاب يتعرض منتظري لقضايا دينية أثارها معارضوه للحط من تأثيره الشعبي وتشويه صورته وسط الجماهير الشيعية في إيران، كالقول إنه ينكر حصول الإمام الحسين على علم الغيب، مما يخالف عقيدة التشيع، والقول إنه ينكر حق الأئمة الاثني عشر في الحكم، وهذا يناقض أصول المذهب أيضًا، لذا ينفي إنكاره لهذه الأمور.

 السؤال الثاني

وفي السؤال الثاني يرد على اتهام البعض له بأنه كان يدافع عن ولاية الفقيه المُطلقة، ويرفض وضع حدود لصلاحياته حين كان في السلطة، وغير رأيه بعد خروجه من السلطة.

وأجاب بأنه حين كان نائبًا وخليفة للخميني لم يدافع عن ولاية الفقيه بشكلها الحالي، بل دافع عن حرية التعبير وحرية الأحزاب، وانتقد نظرية ولاية الفقيه المطلقة في دروسه الرسمية التي كانت تُطبع وتُنشر حينذاك، ونص على أن ولاية الفقيه معلقة على انتخاب الناس وبيعتهم، لكن ما جرى في تعديل الدستور عام 1989 هو إضافة كلمة «المطلقة» إلى صلاحيات المرشد الأعلى بدلًا من إصلاح الأمر.

ويبين أنه كانت مصرًّا على إدراج مادة ولاية الفقيه في نص الدستور، إذ كانت تحتل مكانًا من تفكيره قبل الثورة، وإلى أن درَّسها في حوزة قُم عام 1985، ولكن ما إن بدأ بتدريسها في درس الفقه المسمَّى درس الخارج، وكان حينذاك في منصب نائب المرشد الأعلى، حتى انتقد نظرية التعيين واختار نظرية الانتخاب، ودعا لتحديد شكل الحكومة وصلاحيات الحاكم ومدة تولِّيه زمام الأمر استنادًا إلى الميثاق الذي عقده الشعب مع الحاكم؛ وللناس حرية تضييق صلاحياته أو توسيعها، طبقًا لظروف المجتمع ومصالحه، كما يمكنهم أن يُقيِّدوا صلاحياته ومسئولياته، أو يفصلوا في ما بينها.

السؤال الثالث

وكان السؤال الثالث الذي وجهه نجله له عن معارضته لصفقة شراء الأسلحة من الولايات المتحدة، وموقفه من الزيارة السرية لرئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي، روبرت ماكفارلين، إلى طهران بهذا الصدد خلال حرب إيران مع العراق.

حيث أكد منتظري أن ما أزعجه هو حدوث تلك المباحثات مع واشنطن بشكل سري بعيدًا عن المؤسسات الرسمية ونواب الشعب، وكذلك شراء الأسلحة من الولايات المتحدة وإسرائيل، وأنه طلب من الخميني وقف الحرب بعد استعادة الأراضي الإيرانية عقب معركة خرمشهر لكنه رفض، ولم يُرد منتظري أن يعارضه علنًا في وقت الحرب.

ويستدل على صحة موقفه بتصريح الرئيس الأمريكي حينها، رونالد ريجان، الذي قال إن الأسلحة التي أُعطيت لإيران لا تساعدها على الانتصار، بل على استمرار الحرب فقط لأنها أسلحة دفاعية، أي إن الهدف كان إطالة الحرب وإضعاف الدولتين، لأن واشنطن خشيت أن تقبل إيران وقف إطلاق النار نظرًا إلى عدم توافر الأسلحة وتفوق العراق عليها تسليحيًّا.

ويشير إلى أن الصفقة المخالفة للسياسات الرسمية للنظام وخطاباته التي تتحدث عن مقارعة أمريكا وإسرائيل والاستكبار العالمي تم إخفاء أمرها عن المسئولين الكبار المنوط بهم هذه الأمور كوزارة الخارجية والدفاع الإيرانيتين، ويقول مستنكرًا «يلتفُّون على التفاوض الرسمي المعلن والمنطقي مع أمريكا ويصفونه بالخيانة وغياب الحمية، لكنهم يمارسونه سرًّا ومن خلف الستار حيث لا شيء واضح».

ويكذب منتظري ما قيل من ادعاءات حول موافقته ضمنًا على صفقة السلاح بعد أن اكتشفها من خلال أحد المسئولين، ويتهم الخميني بمحاولة التعتيم على الفضيحة وتوبيخ النواب الذين استفسروا عن الموضوع وهاجمهم في خطبة له بعنوان «أين تذهبون».

ويشكو منتظري من أن مسئولين كانوا يطلبون وده ويتحرون رضاه فصاروا يفترون عليه أقاويل وقصصًا لم تحدث لأغراض سياسية بعد أن عُزل وتبدَّلت الأحوال وأصبحت السلطة بأيديهم، مثل وزير الاستخبارات محمد ري شهري الذي يوصف بأنه مهندس مؤامرة عزل منتظري.

 السؤال الرابع

وجاء السؤال الرابع عن موقفه من اضطهاد كبار المراجع الدينية الحائزين على لقب آية الله مثل شريعتمداري وقمي وصادق روحاني، وذلك حينما كان في السلطة.

فقال: «اخترت السكوت، والسكوت في تلك الفترة هو عين المعارضة لما قاموا به ضد المراجع الدينية»، ويشير إلى أنه عبَّر عن معارضة ذلك صراحة في الجلسات المغلقة ولم يتبن إثارة هذه القضية تفاديًا للصدام مع الخميني، ويعتبر أنه دفع ثمن هذه المعارضة التي أقلقت منه الخميني وبعض الثوريين، وأن خصومه زعموا وقوفه وراء قرارات فرض الإقامة الجبرية على المراجع الثلاثة ليضربوا عصفورين بحجر واحد، فيقيدوا حركة المراجع الثلاثة وينسبوا الأمر لمنتظري لتشويهه.

السؤال الخامس

وجاء السؤال الخامس عن موقفه من شقيق زوج ابنته، مهدي هاشمي، الذي كان صديق نجله محمد أيضًا وشارك في تأسيس قوات الحرس الثوري، وأنشأ «وحدة حركات التحرر» بالحرس، لكنه سُجن وأُعدم بعد اتهامه بكشف فضيحة شراء السلاح من إسرائيل والولايات المتحدة، وتسريب معلومات الصفقة السرية إلى مجلة الشراع اللبنانية.

فأشار منتظري إلى أن سبب اعتراضه على محاكمة مهدي هاشمي على يد المخابرات هو تسييس القضية وعدم مرورها بإجراءات تقاضٍ عادية، بل تم تعذيب المتهمين بقتل رجل دين في العهد الملكي وإذاعة اعترافاتهم القسرية على التلفاز دون السماح لهم بالمثول أمام القضاء ولا إحضار محامين، ويلفت إلى أن مثل تلك الاعترافات ليست معتبرة شرعًا، بل هي إعادة لأساليب السافاك (مخابرات نظام الشاه المخلوع) التي كان الخميني نفسه يقول إنها لفقت الاتهامات لهؤلاء المتهمين في تلك القضية تحديدًا.

واستشهد منتظري أيضًا بقضية تعذيب المتهمين باغتيال عدد من المثقفين المعارضين عام 1998 فيما يُعرف بقضية «القتل المتسلسل»، حيث أصدرت وزارة الاستخبارات الإيرانية بيانًا أعلنت فيه أن مجموعة من عناصرها تورطوا في قتل المعارضين، وعذبت المتهمين بوحشية، وفجأة تم الإعلان عن انتحار نائب وزير الاستخبارات، سعيد أمامي، وأحد المتهمين الرئيسين في القضية بشكل غامض، وظلت عوائل القتلى تشير بالاتهام إلى مسئولين كبار في الدولة لم تنلهم المحاسبة.

ويشير منتظري إلى أن محاكمة مهدي هاشمي كانت تبدو كذريعة لقضية أكثر أهمية، وأنها قرار بعملية تصفية سياسية واسعة، فقد تم اعتقال المئات على خلفية هذه القضية، ويربط بين هذه الحملة وبين المفاوضات مع الأمريكيين، مبينًا أنه بلغه أن النظام تعهد سرًّا لواشنطن بوقف دعم الإرهاب، وتحدث الأمريكيون عن اعتقال النظام الإيراني لأفراد فاعلين في أنشطة تصدير الثورة، في إشارة لمهدي هاشمي، مسئول وحدة حركات التحرر بالحرس الثوري.

السؤال السادس

وجاء السؤال السادس عن اعتراض منتظري على أداء بعض مسئولي القضاء مثل أسد الله لاجوردي تحديدًا وتركيز انتقاداته عليه، فأجاب بأن سبب ذلك أنه في الفترة التي كان لاجوردي مدَّعيًا عامًّا، تحوَّل سجن إيفين إلى قطاع مستقل عن السلطة القضائية؛ وكان لاجوردي مرتبطًا بتيار من جناح اليمين، وغالبًا، ما كان يتلقَّى أوامره من بيت الخميني مباشرةً ولم يُبدِ اهتمامًا برئيس القضاء الأعلى ولا مسئولي القضاء.

 وكان مسئولو المجلس العالي للقضاء يشتكون في لقاءاتهم مع منتظري بشكل متكرر، من لاجوردي وعدم امتثاله لقراراتهم؛ حتى إنه كان يُقال إنه رفض طلبًا بالسماح لبعض أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بالتفتيش في سجن إيفين، وشكل فريقًا مسلحًا يأتمر بأمره، وكان يستطيع اعتقال أي شخص من أي محافظة ووضعه في سجن إيفين دون تنسيق مع السلطة القضائية أو مسئولي القضاء المحليين.

ويكشف منتظري أن لاجوردي كان يأتمر بأمر أهل بيت المرشد، وخاصة نجله أحمد الخميني الذي كان يتحكم في هذه الأمور باسم والده ونيابة عنه، ولم يكن لشخصية والده دور مؤثر! حتى إنه أراد أن يفصل لاجوردي من عمله، لكن ابنه أحمد ضغط عليه وخوفه من خسارة هذا الرجل حتى تراجع عن قراره.

ويحكي منتظري أنه بعد توالي الإعدامات وتكرار مصادرة أموال الناس بغير حق وشيوع الانتهاكات بحق السجناء، شكل لجانًا للتفتيش على السجون وتشكيل لجنة للعفو العام أنقذت أرواح آلاف من المحكوم عليهم بالإعدام في عهد الخميني.

السؤال السابع

وجاء السؤال السابع عن أخطائه هو وأعوانه التي ارتكبت حين كان في السلطة، فقال إن فريق مكتبه حين كان نائب المرشد الأعلى كان يجب أن يكون أكثر قوةً وانسجامًا ومؤسسيةً لكنه لم يكن كذلك، إذ يعتبر أن أداء مكتبه كان سيئًا في بعض الجوانب ولم ينجز عمله بجدية.

ويبدي أسفه على عدم إقامة تواصل وثيق مع الخميني، مما ترك المجال للدسائس والوشايات، ويعتبر أن أخطاءه ومساعديه ساهمت في إنجاح المؤامرة عليه، لكنها لم تكن المسببة لها.

السؤال الثامن

وجاء السؤال الثامن عن تناقض دعواته إلى إنهاء الحرب العراقية-الإيرانية مع تقديم الدعم إلى الجبهات، فيبرر ذلك بأنه لم يكن لموقفه دور مؤثر في استمرار الحرب، وكان دفاعه عن الجبهات طاعةً لرأي الإمام واحترامًا له، وكان يقدم دعمًا للمقاتلين لأن الأخبار اليومية من الجبهة كانت صادمة، فكان يشرف على تقديم الدعم المالي والتموين للجبهة.

ويقول إنه لم يكن عليه رفع راية المعارضة لأن رأيه لم يقبل، ويضيف: «يقول العقل السليم بالعمل برأي الجمع، حتى إن كان يتعارض مع الرأي الشخصي، ولهذا السبب وفي مواقفي الرسمية والعلنية لم أكن أعارض الموقف الرسمي وموقف الإمام».

ويبرر مشاركة أفراد أسرته في القتال بأنه «لم يكن من اللائق أن يجري حض أبناء الناس على المشاركة في الجبهة، فيما أقرباء من يحضون على ذلك واقفون خلف الجبهة، أو يعيشون في الخارج».

 ويلفت إلى أن قرار استمرار الحرب كان صادرًا من الخميني؛ حتى إن مسئولي النظام البارزين في الجلسات التي تعقد في بيت منتظري كانوا يقولون صراحة إنهم غير موافقين على استمرار الحرب، لكنه (أي الخميني) يصر على أن الحرب يجب أن تستمر حتى إسقاط نظام صدام حسين.

السؤال التاسع

وجاء السؤال التاسع عن رأيه في الخميني، وسبب معارضته لخليفته خامنئي، رغم أنه هو من رشحه لمناصب عدة قبل ذلك.

فيحكي أولًا عن علاقته بالخميني منذ أيام الدراسة في حوزة قم العلمية، ويصفه بأنه حكيم عارف زاهد فقيه سياسي صاحب تقوى والتزام، لا يريد أذى أي إنسان، لكنه وقع تحت تأثير تقارير مغلوطة واتخذ قرارات خاطئة أدت إلى خسائر، وقاد الحركة والثورة الإسلامية بشكل جيد، لكن كان يُنتظر منه أداء أفضل في الحكم بعد الثورة.

أما بالنسبة للمرشد الحالي علي خامنئي فقد تتلمذ على يد منتظري، ورشحه الأخير لإمامة جمعة طهران والعضوية في مجلس الثورة، وقال إنه كان كفؤًا لكلا المنصبين، لكنه ليس أهلًا لتولي الإمامة العظمى لقصور مرتبته الدينية؛ لأنه لم يحصل على مرتبة الاجتهاد المطلق في الفقه ولا مرتبة الأعلمية الفقهية في مسائل الحاكمية.

كما أن الدستور اشترط في المرشد أن يكون مرجعًا دينيًّا، وهو ما لم يتوفر لخامنئي، فعدل الدستور ليناسب وضعه الشخصي، ومع ذلك لم تنطبق عليه الشروط بعد التعديل الدستوري؛ لأن المادة 109 تنص على وجوب صلاحية المرشد للإفتاء في مختلف أبواب الفقه، وهو ما لا ينطبق على علي خامنئي، مبينًا أنه استغل سلطته لاحقًا ليحصل على إفادة من الفقهاء بأنه حاصل على هذه المرتبة.

ويتهم منتظري خامنئي بالتدخُّل أيضًا بصورة مكشوفة في أمور الحوزة الدينية، والقضاء على استقلالها وجعلها مرتبطة بحكومته، وهو ما لم يحدث طوال تاريخ الشيعة.

كما ينتقد قرار المرشد الأعلى علي خامنئي عام 1990 بمنح حق تقرير صلاحية أعضاء مجلس الخبراء إلى مجلس آخر يُعين المرشد أعضاءه، مما يجعل تعيين المرشد الأعلى وبقاءه في المنصب بيد من يعينهم بنفسه! مما يخدش مشروعية استمراره في منصبه؛ لأن مجلس الخبراء بذلك فقد دوره الرقابي على المرشد، وأصبح هو تحت رقابته.

ويشكو من حرمان طلابه من أخذ شهاداتهم العلمية على الرغم من صلاحيتهم العلمية، وحرمان البعض من الدراسة أصلًا في حوزة قم الدينية بسبب كون آبائهم من أتباع منتظري، فضلًا عن الهجمات المباشرة على بيته ومكتبه وضرب طلابه واعتقال بعضهم وتمزيق المصاحف والكتب الدينية، ومنعه من تلقي العلاج في المستشفى من مرض القلب، وفرض الإقامة الجبرية عليه لأكثر من خمس سنوات بسبب معارضته لخامنئي.

السؤال العاشر

وجاء السؤال العاشر عن سبب معارضته للرئيس محمد خاتمي (1997 : 2005) رغم كونه من زعماء التيار الإصلاحي، فأجاب بأن خاتمي لم يتجاوز الخطوط الحمر التي رسمها المرشد الأعلى وزمرته، بل تحرك داخل إطار حدَّدوه له، فالتزم به ولم يتجاوزه، بل ساير المرشد وشارك الإصلاحيون داخل النظام في الهجوم على منتظري إرضاءً للمرشد، لذلك يتهم خاتمي بتضييع الفرصة وإصابة الناس باليأس.

السؤال الحادي عشر

وجاء السؤال الحادي عشر عن سبب تشديده في شأن عدم صلاحية المرشد الأعلى علي خامنئي لهذا المنصب، بينما اتخذ من قبله الخميني مرشدًا رغم وجود من هو أعلم منه من الفقهاء الشيعة آنذاك.

وأجاب بأن المرشد الأول، الخميني، تمتع بمكانة علمية تؤهله ليصبح مرجعًا، كما أن خصائصه السياسية أتمت الحجة لتعريفه مرجعًا، بينما علي خامنئي استعان بوزارة الاستخبارات لانتزاع المرجعية الدينية قسرًا بعد تهديد الأمن لكبار المراجع وتجاوز تقاليد ولوائح الحوزة العلمية في قُم.

 ففي عام 1994 انتشرت جماعة حزب الله المقربة من علي خامنئي والقوات الأمنية في المدينة، ومارسوا ضغوطًا شديدة على المراجع الدينية حتى حصلوا على بيان منهم لتأييد إسناد المرجعية الدينية للمرشد الثاني، علي خامنئي، الذي ظهر في خطاب له وأنكر معرفته بهذا البيان، وادعى أنه حاول التخلص من هذه المسئولية، لكنه عجز بسبب ضغط علماء الحوزة، وأعلن قبوله بهذه المكانة العلمية، لكن بالنسبة للشيعة خارج إيران وليس داخلها.

وهنا يوجه منتظري انتقادًا آخر، وهو أنه أتى ببدعة تقسيم المرجعية إلى اثنتين: واحدة داخل إيران وأخرى خارجها؛ في حين أن المرجعية الدينية لا يؤثر فيها أن يكون المقلدون والمراجع إيرانيين أو غير إيرانيين، كما يتهمه بأنه أفقد الحوزة الدينية استقلالها وسيَّسها عبر إيكال السيطرة عليها إلى المخابرات وفرض أجواء أمنية مشددة.

السؤال الثاني عشر

وجاء السؤال الثاني عشر عن سبب تلطفه في مذكراته في انتقاد المقربين منه، واعتماده في بعض الأحيان على روايات شفهية قد تكون بمثابة شائعات لا أساس لها من الصحة.

فكان رده أن المذكرات غير مكتملة بسبب مصادرة الأمن لجزء منها؛ لذا سماها «جزء من المذكرات» ليكون معلومًا للقراء أن هناك أيضًا ما لم يُقل بعد، إذ كان يجب أن تشمل نقدًا ذاتيًّا لم يستطع إدراجه بسبب المداهمات الأمنية، فعجل بنشر المجلدين اللذين كانا جاهزين في تلك الفترة.

وبالنسبة لاعتماده على نقل روايات شفهية غير موثقة فقال إن أرشيف مكتبه كان يحوي موضوعات وقضايا ضرورية لإكمال المذكرات وتوثيقها، لكنها إما تمت مصادرتها أو أُتلفت، وأعلن عناصر النظام أنهم أخذوا وثائق بمقدار حمولة خمس شاحنات من بيته.

كما أن الأخبار الشفوية التي وصلته ليست من قبيل الشائعات، بل كان في موقع هو مقصد مراجعة المسئولين وموظفي النظام، أكثر من أي مسئول آخر – حتى أكثر من الخميني نفسه – وما نقله يستند إلى أقوال هؤلاء المسئولين.

السؤال الثالث عشر

وكان السؤال الثالث عشر عن اتهامه بتجاهل مشورة المقربين حين كان في منصب نائب المرشد الأعلى، فقال إنه لا يتفق مع الرأي القائل بوجوب العمل بنتيجة المشاورة حتى إن خالفت يقين نفسه، بل كان يتجاهل الآراء التي تخالف ما يعتقده صوابًا.

السؤال الرابع عشر والأخير

ويعد السؤال الأخير أهم هذه الأسئلة، وينقسم إلى شقين: الأول عن أخطائه البارزة عندما كان في السلطة، والثاني عما كان سيفعله لو تولى خلافة الخميني في منصب المرشد الأعلى بدلًا من علي خامنئي.

فقال إن أحد أهم أخطائه عدم الاعتناء بحقوق الإنسان و«بما هو إنسان» في البحوث الفقهية، فاقتفى سُنَّة أسلافه، واعتبر بعض الأبحاث بشأن الكرامة والحقوق الفردية للبشر كأنها أفكار صنيعة غربية، بينما الكثير من هذه المسائل مأخوذة من الشرع.

ويضيف أن من الأخطاء الكبرى عدم تحليل الدين من وجهة نظر مدرسة لديها حكومة وسياسة، والاكتفاء بالاقتداء بالسلف ممن كانوا ينظرون إلى الإسلام مجردًا من الحكم والسياسة، على عكس الحال لدى علماء أهل السنة والجماعة الذين اشتبكوا عمليًّا بمسائل الحكم والسياسة، و«اختبروا في الفقه الكثير من الأبواب التي نحن غافلون عنها».

ويقول:

إنني ألتمس العذر للسلف الصالح؛ لأنهم وبعد بدء فترة الغيبة الكبرى (بعد غياب آخر الأئمة الاثني عشر للشيعة في العهد العباسي) وضغط السلاطين والحكام الفاسدين على العلماء ومصلحي الشيعة، حالت روح اليأس دون تحقق حكومة شرعية مطابقة لموازين الفقه الشيعي، وفشلت حركة بعضهم وانتفاضته ولم تصل إلى النصر؛ ولذلك لم يهتم علماء الشيعة بأمور الحكم الإسلامي والفكر السياسي، ولم يضعوه من زوايا كثيرة موضع البحث والتقويم الاجتهادي.

ويشير إلى أنه في فترة ما قبل انتصار الثورة، أكثر ما كان في متناول يد الطبقة المثقفة والمستنيرين الدينيين في إيران في المسائل السياسية والاجتماعية هي «ترجمات من كتب أهل السُّنَّة، وعلى وجه الخصوص المفكرون المصريون واللبنانيون؛ وكان يندر أن تجد كتابًا لمفكر شيعي في هذا الخصوص، ليُعرَض على المجتمع الثقافي، وهذا معناه أن أهل السُّنّة كانوا أسبق في هذا المجال، وسبق مفكرو أهل السُّنة، بأعوام، في التصدي لتبيين الحكومة الإسلامية وتعريفها وزواياها المختلفة».

ويؤكد أن المناضلين ضد الشاه كانوا مسكونين بمسألة إسقاط الشاه دون أن يفكروا بصورة جدِّية بمسائل ومعضلات ما بعد ذلك، ومن دون اطلاع على تجارب مختلف الدول التي أسقطت الثورةُ فيها النظام الفاسدَ وأحلت مكانه نظامًا مقبولًا، ويقول إنه سأل الخميني عن ذلك قبل الثورة، فرد عليه مازحًا مبينًا أن أي حال أفضل مما هم فيه في عهد الشاه.

ويتحسر على عدم بناء كوادر صالحة لحمل مسئولية الدولة وإدارة مختلف شئون الحكم في المستقبل، فوجدوا أنهم عند الانتصار بحاجة إلى ألف قاضٍ على الأقل بشكل مفاجئ، لكن في الواقع لم يجدوا عشرة قضاة أكْفاء! ويضيف: «من جانبي، أُقرُّ بهذا الإشكال وأعترف بالتقصير، وبأننا أغفلنا هذا الجانب المهم، ربما يكون عذر الجميع أنه لم يكن لديهم أمل بالنصر وسقوط الشاه والوصول إلى تأسيس حكومة إسلامية».

ويعترف بخطأ عدم سن مادة في الدستور تُفصِّل طريقة تعديله، حين كان رئيسًا لمجلس خبراء الدستور، ويعترف أيضًا بخطأ التعجيل في تدوين الدستور والمصادقة عليه بعد انتصار الثورة قبل اكتساب التجربة في مواجهة مشكلات الحكم.

ويردف أن الحكومة الموقتة آنذاك والخميني رأيا الإسراع قدر الإمكان بإعطاء البلد والثورة شكلًا قانونيًّا والمصادقة على الدستور؛ في حين أنهم، لا هم ولا خبراء الدستور، كان لديهم تجربة في إدارة الدولة والحكم، بينما كان الأفضل إدارة البلد مدة أطول بوساطة المجلس الثوري، مع توسيعه كميًّا وكيفيًّا وإدخال أفراد أقوياء وصالحين إليه، وهو ما كان سيسهل اختبار الخيارات التي لم تكن متوقعة بصورة عملية، وكان ذلك سيمنح بصيرة أكبر في مجال تدوين الدستور، ويمنع وقوع نواقص به كما حدث، وكانت في ما بعد ذريعةً لتعديل الدستور وإدراج ولاية الفقيه المطلقة عام 1980.

كما يعترف بالتقصير وتحمل المسئولية عن إسناد معظم الصلاحيات إلى المرشد الأعلى، وجعل السلطة متمركزة في يده تقريبًا، دون إيجاد طريقة جدِّية لمساءلته والرقابة الفعلية والشعبية على أدائه، مبينًا أن إرجاع المسائل الاجتماعية والسياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والعلاقات الدولية المعقدة إلى شخص متخصص في الفقه وحسب تسبب في بروز مشكلات من دون وجه شرعي وعقلي.

ويبدي ندمه على عدم القبول بمسئولية تعديل الدستور في عام 1989، ويعتبر أنه لو قبل تلك المسئولية لما خرج الدستور بالوضع الذي خرج به، ولما أُدرجت فيه ولاية الفقيه المطلقة، ولما تراجعت فيه المواد المتعلقة بالشعب، ولما اتخذ البلد المسار الحالي.

كما يبدي أسفه على عدم ترسيخ حرية التعبير في الصحافة، واكتفائه ببعض المبادرات، لأنه رأى بعد ذلك أن المسألة كانت تستحق ضغطًا أكبر ومعالجة معارضة مراكز السلطة ومتابعتها بتدبر كي لا يصبح الصوت الواحد في الحكم سُنَّة جارية.

وحدث الخطأ نفسه فيما يتعلق بتعدد الأحزاب الرسمية المستقلة والقوية، فلم يولِ منتظري أهمية لعواقب تلك المشكلة مع أنه في خطاباته العامة الخاصة، أكد مرارًا أهمية تعدُّد الأحزاب وحريتها، لكن لو جرى قوننة تعدد الأحزاب والخميني لا يزال حيًّا، لما وقعت البلاد بعد ذلك تحت حكم تيار يحتكر السلطة.

كما يعترف بخطأ تأييده لاقتحام السفارة الأمريكية؛ لأنه لم يفد إيران بل جلب لها مشاكل كثيرة، وكان من أسباب الحرب العراقية-الإيرانية وفقًا لاعتقاده، كما كان الأفضل قبول وساطة الزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، لتحرير الرهائن الأمريكيين، ويعتبر منتظري أن ذلك كان فرصة ضائعة.

ويعترف بأن الأجواء المشتعلة والملتهبة في بداية الثورة كانت سببًا ليُنفِّذ المتشددون تصرفات غير مدروسة وغير ناضجة بمُسمَّيات ثورية، وجرت على ألسنة الناس أقاويل متطرفة، يعترف منتظري بوقوعه تحت تأثيرها، ويعترف بخطأ إقامة مؤسسات وأجهزة موازية، جاء بعضها خالفًا للقانون.

وإذا كان يرى وجود بعض هذه الأجهزة غير الرسمية – مثل المجلس الأعلى للثورة الثقافية – مبررًا بسبب الظروف الخاصة في بداية الثورة، فإن استمرار نشاطها لاحقًا لم يكن صحيحًا، وأدى إلى ازدواجية في الإدارة.

ويقول: «كنتُ في بداية انتصار الثورة تحت تأثير هذه الظروف الخاصة، وكنتُ من المجموعة التي تدافع عن هذه المؤسسة وعن قراراتها؛ وهذا الدفاع، وهذا الموقف، من الأمور القابلة للنقد على صعيد المواقف اليوم … ومن الطريف أنه قبل فترة قصيرة عرض أحد المقربين مني جملة كنت قد قلتها وسُجِّلت قبل أعوام في جلسة خاصة دفاعًا عن قرارات المجلس الأعلى للثورة الثقافية، وقدَّمها إليَّ من دون ذكر قائلها، وعندما قرأت الجملة ظننت أنه هو قائلها، فقلت منزعجًا: ما هذا الكلام الذي كتبته؟! وأجاب من دون تردد: هي أحاديثكم التي قلتموها قبل أعوام!».

ويتحدث أيضًا عن وقوعه في شَرَك سوء الظن ببعض المتخصصين الغيورين والملتزمين، الذين كانت لهم سوابق مضيئة في الثورة، وكانوا أيضًا، مقارنة برجال الدين، أكثر اطلاعًا في المسائل السياسية، لكن تم إقصاؤهم في ظل النظام الديني والنظر إليهم بتوجس دون وجه حق لأنهم يختلفون معهم فقط.

وينتقد تعامل النظام مع أزمة انشقاق جماعة مجاهدي خلق وتبنيه خطابًا غير مقنع ساهم في تعميق الأزمة، ويعترف بوقوعه في تلك الأخطاء، ويقول: لأن هؤلاء معارضون لنا، لا يجوز لنا أن نُطلق عليهم صفة منافقين، وفي الأساس، عندما يحمل فريق ما السلاح ويقاتل، فإنه لا يعود منافقًا بوجهين، بل يصبح محاربًا، ووصفه بالنفاق لا معنى له (في إشارة لمنظمة مجاهدي خلق التي يطلق عليها النظام رسميًّا وصف «المنافقين»).

وأخيرًا يشير إلى ضرورة توازن السلطات مع المسئوليات؛ ففي نظام الحكومة الدينية يجب ألا يكون هناك منصب حتى منصب المرشد الأعلى بعيدًا عن المحاسبة.

ويكشف أنه في أواخر حياة الخميني، حيث صار مرضه معروفًا، أثارت انتقادات منتظري حساسيته، فتلقى نصائح تقول: تراجع واصبر إلى أن تصير السلطة بيدك، وعندئذٍ يمكنك بسرعة وبشكل قاطع أن تجعل أهدافك عملية؛ لكنه يقول إنه أدى ما عليه أمام الله من قول الحق في وقته وعدم السكوت على الظلم.

وختامًا فإن مذكرات منتظري تظل وثيقة مهمة تؤرخ لحقبة مؤثرة في التاريخ الإيراني ما زالت تلقي بظلالها على المنطقة حتى اليوم، وتعد كذلك خلاصة مسيرة ملهمة بصفة عامة، حيث يعد النقد الذاتي الذي مارسه منتظري بمثابة تقديم عصارة تجربته للاستفادة منها كدروس للتاريخ، مع ما حملته من رؤى خلافية وآراء مثيرة للجدل، لكنها تبقى ثرية بالعبر والفوائد.

فلم يكن منتظري فقط نائبًا للخميني بل كان تلميذًا له، إضافة إلى دوره المؤثر في تدوين الدستور وبناء المؤسسات في العقد الأول من عمر الجمهورية، وفوق هذا كله فهو فقيه كبير له أطروحات سياسية وفكرية، وله عشرات المؤلفات.

 وبقي حتى وفاته عام 2009 ناقدًا طريقة إدارة الدولة وما آلت إليه مسيرة الثورة، وأيد انتفاضة الحركة الخضراء المُعارضة التي انطلقت في أواخر عمره، وكانت جنازته الكبيرة بمثابة مظاهرة ضد النظام وحدثًا مهمًّا استغله قادة الحركة الخضراء لحشد الجماهير ضد المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية المقرب منه حينها، أحمدي نجاد.

وفي عام 2016 تعرض نجله رجل الدين أحمد منتظري للسجن بعد تسريبه تسجيلات سرية لوالده يندد فيها بإعدام الآلاف من جماعة مجاهدي خلق عام 1988 يُقدر عددهم بخمسة آلاف، في حين تؤكد الجماعة أن العدد الحقيقي يبلغ 30 ألف قتيل.