محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2019/1/19
الكاتب
مارك إيلسون

تأتي هذه المقالة ضمن سلسلة «أطفال فضوليون»، وهي سلسلة مترجمة نُشرت لأول مرة باللغة الإنجليزية على موقع «The Conversation»، وتهدف هذه السلسلة لتقديم أجوبة مُبسّطة وواضحة للأسئلة التي دائمًا ما يطرحها الأطفال.

كيف بدأت اللغة التي نتحدث بها؟

إنه حقًا سؤال عظيم بالنسبة لطفل، لكن أيضًا سؤال صعب لدرجة أن الجمعية اللغوية في باريس عام 1866 سئمت ممن يكتبون عنه دون أي شيءٍ غير التخمينات، وقامت بحظر كتابة المقالات حول هذا الموضوع.

لحسن الحظ، غيّر التقدم العلمي خلال الـ 150 عاماً الماضية هذا الوضع بأكمله. صحيح ليس لدينا كل الإجابات، ولكنه يمكننا أن نكوّن فرضيات ونظريات أفضل من تلك التخمينات بكثير.

في البداية

أول شيء يجب أن نفكر به هو أنه في وقت ما من الماضي، لم تكن هناك لغة يتحدث بها البشر مع بعضهم البعض. وتمامًا كما نحن الآن على ثقة من وجود اللغة فيما بيننا، نحن نعلم أيضًا أنها لم تكن موجودة قبل حوالي 6 ملايين عام، فليست ثمة دليل واحد على وجودها قبل ذلك.

وأفضل افتراض توصلنا إليه حتى الآن، هو أننا كانت لدينا لغة منذ 500 ألف عام على الأقل؛ لأنه يظهر لنا أن أسلافنا البشر البدائيون قد يكون لديهم لغة مثل لغتنا، وأول سلف لنا من البشر ظهر منذ نصف مليون عام من اليوم.

إذن: ما الذي حدث بين عدم اللغة واللغة؟

لأن التغيير بشكل عام، دائمًا ما يكون تدريجيًا -نظرية يطلق عليها العلماء «مبدأ الوتيرة الواحدة»- يعتقد الكثير من العلماء ممن يدرسون أصول اللغة أن هناك مرحلة وسيطة، تسمى «اللغة البدائية».

في الواقع، من الصعب معرفة ما حدث في اللغة منذ وقت طويل، لأن مثل هذه الكلمات لا تحتوي على عظام، وبالتالي لا تترك خلفها أي حفريات، يمكن تحليلها ومعرفة طبيعة وبداية نشأتها.

ولكن، إحدى الطرق التي نتعرف بها على ما قد تكون عليه اللغة البدائية، هي النظر في اللغات التي تطورت في الآونة الأخيرة من لا شيء. وواحدة من أفضل الأمثلة على ذلك، هي لغة الإشارة في نيكاراجوا، أو ما يُطلق عليها «لغة الإشارة النيكاراجوية» (LSN).

كيف ابتكر أطفال نيكاراغوا لغتهم الخاصة؟

قبل عام 1977، كان الأطفال الصم في نيكاراغوا يعيشون مع أسرهم وكانوا في كثير من الأحيان معزولين للغاية، حيث لم تكن هناك مدارس خاصة لهم. في البداية وبشكل عام، ابتكروا إيماءاتهم الخاصة للتواصل مع عائلاتهم.

ولكن بحلول عام 1983، كان أكثر من 400 طفل منهم يذهبون إلى مدرسة في العاصمة. لذا، أراد الطلاب حقًا التحدث إلى بعضهم البعض، لكن لم يكن لديهم لغة مشتركة. ومن هنا بدؤوا في إنشاء طريقة للتواصل مع بعضهم البعض.

حوّل هؤلاء الأطفال أنظمة توقيع المنازل المنفصلة الخاصة بهم إلى بدايات للغة جديدة. وأصبح الأطفال الأصغر سنًا يتعلمون من الأطفال الأكبر سنًا، كما أنهم غيّروا أيضًا إيماءات اليد لجعلها أكثر طلاقة.

لذا قبل أن تبدأ اللغة التي نتحدث بها الآن، كان الوضع تمامًا كما كان الحال قبل بدء لغة الإشارة في نيكاراجوا LSN، ربما اتصلنا بلغة بدائية من خلال مجموعة صغيرة من الأصوات والإشارات المحلية الموجودة في مجتمعاتنا حينذاك.

تتغير اللغة باستمرار

ما نستنتجه حقًا من تلك التجارب، أن الناس دائمًا ما يميلون إلى التكيف مع الطرق الجديدة للتعبير عن الأشياء، خاصةً إذا بدت أفضل وأكثر كفاءة. على مدى آلاف السنين، كانت هناك الكثير من الفرص لإنشاء طرق جديدة للتحدث بين البشر، وتجربتها، والتكيّف معها، بل والحفاظ عليها وتطويرها.

من خلال التفاعل المتكرر داخل الأفراد في مجتمعاتنا الصغيرة وبين تلك المجموعات على مدى آلاف السنين، نشأت طرق أفضل للتواصل مع الصوت، إمّا عن طريق الصدفة أو عن طريق الإبداع لدى الأشخاص.

لذا، كما رأينا في غضون بضع سنواتٍ قصيرة، كيف ابتكر أطفال المدارس الصماء في نيكاراجوا لغتهم الخاصة. على نفس هذه الوتيرة، وعلى مدى مئات الآلاف من السنين، خلقت نفس العملية الآلاف من اللغات المنطوقة الموجودة في عالمنا اليوم.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.