في الخامس من إبريل/نيسان من العام الحالي كان أرسنال على موعد مع مواجهة نظيره سيسكا موسكو بمنافسات الدوري الأوروبي.في الدقيقة 28 من عمر المباراة كان النادي اللندني متفوقًا بنتيجة 2-1، لكن المدفعجية كانوا على وشك تسجيل واحد من أجمل أهداف الموسم. بدأ الهدف من عرضية رائعة من «مسعود أوزيل»، عرضية وجدت في طريقها لمسة سحرية بكعب قدم «أرون رامسي» قبل أن تسكن شباك الفريق الروسي في مشهد أكروباتي نادر.

انفجر معلب الإمارات، وبينما كان الاحتفال يسيطر على مدرجات الجانرز، تنبه أحد الحضور لأمر معين ثم نطق: «الآن سيموت أحد ما». لم يمر سوى دقيقة و30 ثانية، وكان خبر وفاة لاعب السهام الإنجليزي الشهير «إيريك بريستو» قد انتشر سريعًا.

بضع دقائق أخرى، وكان موقع تويتر يعج بعشرات التغريدات التي تتهم أرون رامسي بالتسبب في وفاة بريستو. ولكن كيف؟ ألم يكن رامسي موجودًا في ملعب الإمارات، وليس هناك في ليفربول حيث مات بريستو؟


أبراكادابرا

إذا كنت تعتقد أن شعوب العالم الثالث وحدها فقط من تؤمن باللعنات والقوى الظلامية، فدعني أفاجئك وأخبرك بأن كرة القدم الأوروبية وحدها كفيلة بنسف هذا الاعتقاد.

فهناك في البرتغال، يعاني نادي بنفيكا من لعنة المدرب «بيلا غوتمان» المستمرة منذ عام 1962. أما في ألمانيا، فقد تحوّل «مايكل بالاك» ليكون رمزًا للنحس بعد خسارته لعدد مهول من النهائيات. وبالطبع لا يمكن نسيان اللعنة التي تصيب المنتخب الفائز بكأس العالم الذي يتعرض غالبًا للإقصاء من دور مجموعات النسخة التالية من المونديال.

وأخيرًا هناك عدد من القصص المشوقة في إنجلترا عن اللعنات التي تصيب الفرق واللاعبين، كان آخرها وأكثرها إثارة هو ما يعرف بلعنة أرون رامسي. ولعنة رامسي مختلفة كثيرًا عن تلك اللعنات الأخرى، فهي لا تؤدي فقط إلى خسارة نهائيات أو توديع البطولات مبكرًا، ولكنها قد تؤدي أحيانًا إلى الموت!

بدأ الأمر عندما تحرت مجموعة من الصحفيين الرابط الذي قد يجمع بعض حوادث موت الشخصيات العامة، ليكتشفوا أن الرابط الوحيد الذي قد يجمع انتحار ممثل كوميدي، وغرق مغنية بوب، وموت عالم فيزياء، ورحيل سيناتور بالكونجرس الأمريكي، هو الأهداف التي يسجلها أرون رامسي بقميص نادي الأرسنال.

في مسيرة اللاعب الويلزي مع الجانرز قرابة الـ 60 هدفًا، منها 16 هدفًا يربطه هؤلاء الصحفيون بوفاة 16 شخصية عامة. لذلك، فإن هذا المشجع الذي انتفض من مقعده بعد هدف رامسي بمباراة سيسكا لم يكن مُنجمًا أو ساحرًا، بل هو فقط اطلع على تلك القائمة الطويلة من الوفيات، وانتابه شعور من التشاؤم بمجرد أن تنبه إلى أن ذلك الهدف الجميل من توقيع أرون قد يعني احتمالية كبيرة لضم ضحية جديدة لقائمة الضحايا.


ضحية مع أول هدف

كان رامسي ناشئًا مميزًا في صفوف كارديف سيتي حين لفت انتباه عدد من مدربي البريمرليج، في مقدمة هؤلاء كان «أرسين فينجر». وقد نجح المدرب الفرنسي في الحصول على خدمات اللاعب الشاب صيف عام 2008، حيث لم يكن أرون قد بلغ عامه الـ 18 بعد.

ظهر الويلزي بقميص الجانرز أكثر من مرة بموسمه الأول، لكنه لم يسجل هدفه الأول إلا مطلع الموسم التالي، وتحديدًا في 22 أغسطس/آب عام 2009 خلال مواجهة أرسنال مع نادي بورتسموث، حيث سجل أرون أحد أهداف أرسنال الأربعة في شباك الحارس «ديفيد جيمس» الذي كان حينها حارس المنتخب الإنجليزي الأول.

في تلك الأثناء، وبينما كان رامسي يفتتح سجله التهديفي مع المدفعجية، كان السيناتور «تيد كينيدي» يخسر معركته تدريجيًا مع السرطان، حتى أُعلِن صباح الـ 25 من أغسطس/آب وفاته.

بالتأكيد لم يكن أحد ليلحظ هذا الربط بين وفاته وبين هدف أرون، لكن لاحقًا ومع تكرار نفس النسق مع شخصيات أخرى بدا من السهل ملاحظته.


بين ستيف جوبز ومعمر القذافي

من الصعب جدًا أن تجد أي رابط قد يجمع «ستيف جوبز» بـ «معمر القذافي» سوى أنهما قد رحلا عن هذه الدنيا في الشهر نفسه من العام نفسه. لكن ببعض التدقيق، نجح الصحفيون المتابعون لأرسنال في إيجاد رابط آخر، وهو أن كليهما أعضاء في قائمة أرون رامسي.

ففي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول عام 2011، كان رامسي يشارك رفقة فريقه بأحد ديربيات لندن أمام العدو اللدود توتنهام. لكنها لم تكن ذكرى سعيدة لجمهور الجانرز، حيث خسر الفريق بنتيجة 1-2، سوى أن أرون نجح في أن يترك بصمته وسجل هدف الأرسنال الوحيد.

لكن بقدر ما كانت تلك المباراة ذكرى غير سعيدة لجمهور أرسنال، فإنها لا تقارن بالفجيعة التي عاشها موظفو شركة آبل بعد ثلاثة أيام فقط، حين أعلنت شركة التقنية ذائعة الصيت بشكل رسمي وفاة المؤسس: ستيف جوبز.

بعد أسبوعين فقط كان أرسنال يصالح جماهيره بفوز في اللحظات الأخيرة على مارسيليا، حيث سجل أرون هدف المباراة الوحيد في اللحظات الأخيرة، وانتزع من ملعب فيلودروم بالجنوب الفرنسي فوزًا ثمينًا قفز بهم إلى قمة المجموعة السادسة بدوري أبطال أوروبا.

في صباح اليوم التالي كانت جميع وكالات الأخبار حول العالم تتناقل خبر مقتل معمر القذافي في ليبيا.

بشكل عام، لم تكن أعوام 2011 و2012 أكثر الأعوام التي شهدت رحيل شخصيات شهيرة بعد تسجيل رامسي أهدافًا، لكنها كانت الأعوام التي بدأ عندها الصحفيون والمتابعون ملاحظة الربط بين الأمرين، خصوصًا بعد وفاة مغنية البوب «ويتني هاوس» في فبراير/شباط 2012 بعد سويعات فقط من هدف أرون في شباك ساندرلاند.


روبن ويليامز وإعصار 2016

لم يكن سهلًا على أحد من جمهور «روبن ويليامز» تصديق أن الممثل الكوميدي الكبير، الذي تمكن من رسم الضحكة على وجوه مشاهديه عبر مسيرته الحافلة قد توفي مُنتحرًا.

فمنذ انتشر خبر وفاته في الحادي عشر من أغسطس/آب 2014، وشرع المتابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في السعي خلف الأسباب التي قد تكون دفعته لذلك القرار المفجع. فرجح البعض إصابته بالاكتئاب، وأرجع آخرون السبب للأعراض الجانبية للأدوية التي كان يتناولها، وظن غيرهم أنه ربما كان يمر بأزمة مالية، إلا أن أغرب الأسباب التي تم تداولها هو أن ويليامز قد أصابته لعنة رامسي.

كان أصحاب تلك النظرية قد تابعوا الفوز العريض الذي حققه الجانرز في اليوم السابق على مانشستر سيتي بنتيجة 3-0، وهو الفوز الذي شهد بالفعل على تسجيل أرون لأحد أهداف المباراة، لهذا ظنوا أن اللعنة عادت من جديد.

أما أكثر الأعوام التي شهدت ضم أسماء لقائمة لعنة أرون رامسي فكان عاما 2016 و2017، حيث لحق بروبن أحد أبطال سلسلة هاري بوتر «ألان ريكمان»، بالإضافة لمغني الروك «ديفيد بوي»، وتنضم لهما «نانسي ريجان» زوجة الرئيس السابق للولايات المتحدة رونالد ريغان، وأخيرًا الفيزيائي الفذ «ستيفن هوكينج» الذي قدم فيلم Theory of everything سيرته الذاتية. كل هؤلاء ماتوا بعد ساعات من تسجيل رامسي لأحد أهدافه. أمر غريب فعلًا، أليس كذلك؟


العلم والإيمان

يومًا ما سُئل رامسي عن اللعنة التي تلتصق بأهدافه،فأجاب بأن الأمر برمته سخيف، بل هو أسخف شيء سمعه في حياته، فهو يحب أن يسجل أهدافًا، ولا يحب بطبيعة الحال أن يموت أحد.

هذا الرد لأرون هو رد متوقع للغاية. بالتأكيد لا يحب أحد منا أن يصير مصدرًا للتشاؤم، خصوصًا عندما يكون في أكثر حالاته تألقًا.

والحقيقة أن الأمر كله لا ينبغي أن يخرج عن إطار الفانتازي، حتى بعد أن نال اهتمامًا جماهيريًا وإعلاميًا كبيرًا، وقد خرج بعض الكُتّاب لتأكيد البديهيات المعلومة بالضرورة كنفي أن يكون للاعب الويلزي يد في موت أحد، بل هي مجرد صدفة تتكرر أحيانًا، وتغيب في أحيان أخرى.

الأغرب من ذلك هو أن لعنة رامسي استفزت أقلام بعض الباحثين العلميين. ففي 2015 نشر الباحث بجامعة جون مورس ليفربول «روب جاندي»مقالًا على موقع الجامعة يناقش فرضية أن تسجيل أرون لهدف قد يتسبب في وفاة شخص ما. وقد استخلص جاندي في نهاية المقال أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد فزورة يعرف الجميع حلها، لكنهم يتظاهرون بأنهم لا يعرفون فقط لتبقى فزورة.