انتصار جديد لمانشستر سيتي في بطولة الدوري، وهذه المرة على حساب جاره وخصمه في المدينة مانشستر يونايتد، ليوسع السيتي الفارق عن ملاحقه ويبتعد كثيرًا في جدول الترتيب، حتى قبل انتصاف القسم الأول من الدوري

. أما اليونايتد فشل مرة أخرى في إثبات أحقيته بالانتصار خلال مواجهته للأندية الكبرى ليتلقى خسارته الثانية أمام أندية القمة بعد خسارة أمام تشلسي، لكن هذه المرة على أرضه وهي المرة الأولى منذ فترة طويلة.

على الرغم من الصيت الذائع للفريقين وقوتهما، وامتلاكهما لمجموعة مميزة من العناصر، إلا أن الأهداف التي سجلت جعلت من المباراة أضحوكة وأشبه بفيلم كوميدي بسبب الأخطاء الساذجة والمتكررة في اعتراض الكرة وتشتيتها. كانت المباراة أشبه بالحرب قبل بدايتها، وفي انطلاقتها، وخلال الصراعات الثنائية، لكن عند مشاهدة الأهداف تظن أن يونايتد والسيتي أعدوا العدة لبعضهما بتجنيد كل من

«توم وجيري» و«مستر بين» بسبب الحماقات والهفوات التي ارتكبت قبل تسجيل الأهداف.

جوارديولا هادئ، ومورينيو نحو مزيد من التصعيد

كعادته بدأ مورينيو مؤتمره الصحفي بسيمفونيته المعتادة على الفريق الخصم، فعلى عكس فكره الدفاعي في المباريات، يكون مورينيو هجوميًا ومستفزًا في غرفة المؤتمرات الصحفية،

فانتقد بسخرية واِضحة لاعبي السيتي في المؤتمر الصحفي قبل المباراة.

مجرد ريح خفيفة كفيلة بإفقادهم لتوازنهم بشكل لا يصدق خلال المباراة.

مورينيو، في إشارة منه إلى ادعاءات لاعبي السيتي المتكررة بالتمثيل.

لم يكتفِ مورينيو بذلك؛ بل و قام بمهاجمة جوارديولا ضمنيًا بعد انتقاده للاتحاد الأوروبي بسبب عدم معاقبة جوارديولا بعد وضعه إشارة صفراء على صدره كنوع من الدعم السياسي لمقا

طعة كتالونيا.

أما جوارديولا وكعادته أيضًا، يحافظ على هدوئه في المؤتمرات الصحفية، فقلما ينتقد أو يهزأ من أحد، بل على العكس يمتدح فريق الخصم ومدربه، ويؤكد دائمًا على رغبته في الفوز في أي مواجهة كانت، فعند سؤاله عن المقارنة بينه وبين مورينيو من ناحية الشغف كانت إجابته دبلوماسية إلى حد كبير.

مورينيو بمثابه شقيقي التوأم. هذا بسبب الرغبة الكبيرة لكل منا في الفوز والانتصارات.

بيب جوارديولا.

وأنهى بيب مؤتمره الصحفي بالإشادة بزملائه من المدربين، مؤكدًا أن كل مدرب له طريقة عمله الخاصة وفكر مختلف في إدارة فريقه.


حماقات مستفزة

تشكيل الفريقين، مانشستر سيتي (يمين) ومانشستر يونايتد (يسار)، (مصدر الصورة: www.whoscored.com)
تشكيل الفريقين، مانشستر سيتي (يمين) ومانشستر يونايتد (يسار)، (مصدر الصورة: www.whoscored.com)
بدأ الفريقان المباراة بالخطة والتشكيلة المتوقعة، باستثناء مفاجأة وحيدة من قِبَل جوارديولا الذي قرر عدم الاعتماد على مهاجمه الأرجنتيني أجويرو منذ البداية، وفضل الاعتماد على الثلاثي السريع المهاري «خيسوس-سانيه-ستيرلينج». مورينيو أيضًا بدأ بتشكيلة تناسب طريقة تفكيره وفلسفته، فقرر الاعتماد على عناصر سريعة وتمتلك قوة بدنية من أجل كسب الصراعات الثنائية ومن أجل استغلال المساحات الفارغة التي يتركها عناصر السيتي خلفهم في الحالة الهجومية.منذ البداية كانت فلسفة مورينيو ومقاربته للمباراة واضحة، فهو يعلم علم اليقين بأنه لا يمكن لفريقه استلام زمام المباراة عند مواجهته لجوارديولا، مورينيو حاول تكديس أكبر قدر ممكن من العناصر أمام مرماه من أجل جر السيتي بشكل أكبر إلى مناطقه، الجميع في الخلف ولوكاكو وحيدًا في المقدمة من أجل كسب الكرات الهوائية والتحضر لزملائه المنطلقين من الخلف. في الشوط الأول فشل يونايتد في تهديد مرمى السيتي بسبب عدم قدرة لاعبيه على السيطرة على الكرة وخلق الزيادة العددية في منتصف ملعب السيتي.بالمقابل، فريق جوارديولا يعرف ما يجب عليه القيام به، الهجوم منذ البداية والبحث عن الهدف الأول بهدف الفوز. سيطر السيتي على الكرة بنسبة كبيرة كما هو متوقع لكن فشل في التسجيل في عدة مناسبات رغم المحاولات المتتالية، تارة بسبب تسرع لاعبيه، وتارة بسبب تألق دي خيا، وتارة أخرى بسبب التنظيم الدفاعي لليونايتد الذي كان يدافع ب9 لاعبين.
الخريطة الحرارية لمهاجمي الفريقين خلال الشوط الأول، (مصدر الصورة: www.whoscored.com)
الخريطة الحرارية لمهاجمي الفريقين خلال الشوط الأول، (مصدر الصورة: www.whoscored.com)
عندما قارب الشوط الأول على الانتهاء، افتتح الإسباني دافيد سيلفا التسجيل لفريقه بعد خطأ دفاعي من لوكاكو كلف فريقه الهدف الأول بعدما كان الشوط الأول في طريقه للانتهاء سلبيًا، رغم كل الصراع المحتدم والقتال على الكرة، لم يكن أحد يتوقع أن يأتي الهدف بهذه الصورة الساذجة، فأنت في عهدة بيب وجوزيه، وفي عهدة الديربي، وفي عهدة ثلة من أبرز نجوم اللعبة وأكثرهم تميزًا.لم يكد ينقضي الشوط الأول إلا وحمل معه بشرى سعيدة لجوزيه لم يظهر فيها سعادته بشكل مبالغ كما مساعديه، وكأنه رسم هذا السيناريو في مخيلته أو شاهده في إحدى أحلامه السعيدة القليلة. ديلف على خطا لوكاكو فشل في اعتراض كرة سهلة وجدت راشفورد بعد سعيه إليها لتتهادى في المرمى بعد خروج الحارس إيديرسون الذي لم يتمكن من الوصول إلى الكرة. لينتهي الشوط الأول كما بدأ، النتيجة متعادلة ورحلة البحث عن التفوق ستبدأ من جديد.

حماقات متكررة

نتيجة الشوط الأول على ما يبدو كانت مرضية لمورينيو الذي لم يسع لاستغلال العامل النفسي رغم ادعائه الخبرة والحنكة في هذا المجال، على عكس ذلك يبدو أن جوارديولا لم يعجبه ماحصل بشكل كامل في الأول، لا الأهداف السخيفة ولا الإخفاق المتكرر في التسجيل، لذلك قرر بيب سحب مدافعه البلجيكي كومباني والزج بالألماني جوندوجان. للوهلة الأولى يبدو القرار عاديًا لأن جوارديولا كما يؤكد دومًا أن سعيه مستمر نحو الفوز ولا شيء سواه. جوارديولا أراد الهجوم والتسجيل، لكنه لم يدرك بأن سحبه لمدافع صلب قوي البنية كالبلجيكي سيؤثر على دفاعاته، وخصوصًا بأن فيرناندينيو هو من أوكلت له مهام التغطية الدفاعية. البرازيلي لم يستطع مقارعة القوة البدنية للوكاكو، وفشل في احتواء الخطوة التي شكلها العناصر الهجومية لليونايتد.استمرارًا للأخطاء التي بدأت مع نهاية الشوط الأول، أبى لوكاكو إلا أن يكرر الحماقة التي ارتكبها في الشوط الأول بعد رعونته في تشتيت الكرة، هفوة جديدة وهدف جديد حمل توقيع الأرجنتيني أوتاميندي. على الفور سارع جوارديولا لاستدراك الأمر وأعاد الوضع إلى نصابه، مانجالا بديلًا للبرازيلي خيسوس، وهنا ظهر شكل آخر لفريق جوارديولا، فقد اعتدنا هذا النهج في بعض المواجهات الكبرى خلال عامه الأخير مع بايرن، وكررها في بعض المناسبات في الموسم الماضي أمام أرسنال، فجوارديولا أصبح أكثر حرصًا على النتيجة ولم يعد يكترث بزيادة الغلة التهديفية.
غياب التواجد الهجومي للاعبي اليونايتد على مرمى السيتي، (مصدر الصورة: www.whoscored.com)
غياب التواجد الهجومي للاعبي اليونايتد على مرمى السيتي، (مصدر الصورة: www.whoscored.com)

جوارديولا لم يجازف بالضغط العالي وجعل خط مقدمته يبدأ الضغط من منتصف الملعب وليس في مناطق اليونايتد. على الجهة المقابلة استمر يونايتد بنفس الفكر ولم يحاول مورينيو أن يقحم ماتا بعد تلقي فريقه الهدف الثاني. مورينيو أقحم إبراهيموفيتش إلى جانب لوكاكو واستمر بنفس النهج من خلال الكرات الطويلة. واستمرارًا لنفس السذاجة التي بدأت في الشوط الأول، كرر ديلف هفوته مرة أخرى وكادت أن تؤدي لهدف مشابه لولا تفطن إيديرسون. لتنتهي المباراة بانتصار جديد للسيتي، حمل معه رقمًا قياسيًا جديدًا بانتصار السيتزنز للمباراة الرابعة عشر على التوالي وهو إنجاز لم يسبقه إليه نادٍ آخر خلال الموسم ذاته.


حي على العمل

أن تستمر على المنوال ذاته وتكرر نفسك دون تقديم الجديد والمفيد، فهذا يدل على أنك فاقد للحيلة والحلول، أو أنك غير مدرك للوضع الذي تمر فيه، وهذا هو جوزيه مورينيو. البرتغالي ما زال مصرًا على أنه يمتلك أسرار اللعبة بين يديه، ويظن بأن بإمكانه تعويض التأخر حينما يريد. لكن مورينيو لم يتعلم بأنه لكي تأخذ يجب أن تعطي، ولكي تكافأ يجب أن تعمل، مورينيو يحب أن يحصد ما يريد دون أن يبذل أي جهد، وهذا لن ينفع بكل تأكيد خلال مواجهة من يحب العمل والتعلم المستمر.رغم أن المباراة كانت متوسطة وغير ممتعة في بعض الأحيان، إلا أن جوارديولا أخذ منها مايريد، حاول في البداية، وحاول مرارًا وتكرارًا بحثًا عن الانتصار وكان له ذلك، فالعمل الدؤوب لابد أن تكافأ عليه سواء كان ذلك محصلة لجهدك، أو كان عن طريق الحظ كما حصل ليلة البارحة. انتصار هام جدًا و يبدو أن السيتي حسم اللقب رغم تأكيد بيب بأن الوقت مبكر للاعتراف بذلك.