في يوم وداعي للعبة أود أن أشكر الجيمع، ممتن لكل من ساعدني للوصول لما أنا عليه اليوم، وأخص بالشكر دكتور توماس سينفالد. وداعًا.
الجناح الهولندي المخضرم «آريين روبن» في احتفالية اعتزاله كرة القدم.

يقف «آريين روبن» في خطاب وداعه ملاعب كرة القدم قائلاً الكلمات أعلاه فقط. يشكر الجميع، ويخص بالشكر دكتور «توماس سينفالد». ويرحل.

لعلك الآن تتساءل: متى كانت هذه الاحتفالية، ومن هو سينافلد الذي خصه روبن بالشكر دونًا عن أسماء رنانة قابلها طيلة مسيرته الكروية الكبيرة؟

لن نتركك في حيرتك أكثر من ذلك. سنجيبك عن السؤالين في التو. الاحتفالية الماضية لم تحدث في الأساس، والكلمات المذكورة على لسان روبن هي من وحي خيال الكاتب.

أما عن توماس سينافلد، لا ليس من وحي خيالنا، فهو طبيب الأسنان بفريق بايرن ميونخ الألماني، وقبل أن تلعب الخيالات برأسك، دعنا نخبرك أننا نعتقد أنه لو كان على روبن شكر شخص واحد في نهاية مسيرته، فلا بد أن يكون طبيب الأسنان توماس سينافلد. نحن هنا لنخبرك القصة الحقيقية كاملة، فهيا بنا.

ابتسامة هوليوود

منذ أمدٍ بعيد، أضحى لاعبو كرة القدم نجومًا تحاوطهم نور الكاميرات في كل حدبٍ وصوب؛ لذا باتت مظاهر الترف كالملابس الفاخرة، والسيارات الفارهة، ضرورة قصوى لهؤلاء النجوم، وكذلك الابتسامة التي يواجه بها هؤلاء النجوم نور كاميرات الصحافة والإعلام.

بدأ اللاعبون في إدراك أهمية شكل ابتسامتهم مؤخرًا. نرى ذلك في تكالب نجوم المنتخب الإنجليزي على التعاقد مع دكتور«روبي هيوز» -طبيب أسنان إنجليزي شاب- لإصلاح شكل أسنانهم قبل يورو 2020.

اكتسب هيوز هذه السمعة في الأساس، وهو الرجل الذي يشجع فريق ليفربول؛ نتيجة إصلاحه أسنان مدرب فريق ليفربول يورجن كلوب، ومن قبله العمل مع عدة لاعبين في فريق مانشستر يونايتد وغيره.

يقول«هيوز» لصحيفة «ديلي ميل» الإنجليزية، إن طب الأسنان التجميلي أصبح إجراءً شائعًا في الأوساط الرياضية، ويعتقد أن شكل الابتسامة من شأنها التحكم في تحسين صورة هؤلاء اللاعبين أمام الجماهير.

يطرأ على ذهنك الآن سؤال منطقي: إن كان دور طب الأسنان في الرياضة لا يتخطى كونه أداة للتجميل، فلمَ كل هذه الجلبة التي تحدثت بها في البداية عن روبن وطب الأسنان؟

أسنان أسوأ من أسنانك

يعاني معظمنا في مرحلةٍ ما من حياته من مشاكل الأسنان، حتى تصبح زيارة طبيب الأسنان لبعضنا بمثابة روتين أسبوعي لا غنى عنه.

بالنسبة للرياضيين، فبالرغم من امتلاكهم أجسادًا ذات لياقة عالية، ونظمًا غذائية يشرف عليها أكبر المختصين، ولديهم كذلك أفضل رعاية طبية في العالم، ومع ذلك فإن حالة أسنان لاعبي كرة القدم بالتحديد -في المتوسط- في حالة أسوأ من أسنانك.

كجزء من دراسة نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي، فحص أطباء الأسنان جميع اللاعبين الكبار تقريبًا في فرق مثل هال سيتي ومانشستر يونايتد ووست هام يونايتد وبرايتون وغيرها، بإجمالي 187 لاعبًا.

خلصت الدراسة إلى أن 37% من اللاعبين لديهم تسوس أسنان نشط. 77% كان لديهم حشوة واحدة على الأقل. 53% أظهروا أعراض تآكل الأسنان. 77% لديهم التهاب في اللثة يغطي نصف أفواههم على الأقل، و 45% كانوا منزعجين من آلام في الفم.

قال خُمس اللاعبين، إن المشاكل قللت من جودة حياتهم بشكل عام، وقال 7% إنها أثرت على تدريبهم أو أدائهم. وخلص التقرير إلى أن صحة الفم لدى لاعبي كرة القدم المحترفين ضعيفة.

إذا كان هناك لغز هنا، فهو لا يقتصر على لاعبي كرة القدم. نظر مؤلف الدراسة، البروفيسور إيان نيدلمان، أيضًا إلى الرياضيين المتنافسين في أولمبياد 2012 ووجد أن أفواههم كانت أسوأ من ذلك. كانت جميع المشكلات نفسها موجودة على مستويات مماثلة أو أعلى، وقال 18% من المشاركين، إن صحة أسنانهم أثرت على أدائهم.

مشروبات الطاقة والحمية الغذائية

في دراسة نُشرت عام 2021 على موقع«npr»، يعتقد الباحثون أن السبب وراء مشاكل الأسنان بالنسبة للرياضيين، قد يكون سوء نظافة الأسنان، مدفوعًا بالاستهلاك المفرط لمشروبات الطاقة السكرية.

طبقًا للدراسة فإن نسبة السكر العالية في عديد من مشروبات الطاقة ضارة بحد ذاتها، لكن هذه المشروبات تحتوي أيضًا على حامض الستريك، الذي يستخدم لتعزيز النكهة وزيادة العمر الافتراضي للمنتج. يتآكل هذا الحمض في مينا الأسنان، مما يجعلها أكثر عرضة للتسوس.

وأشار الباحثون إلى أن المراهقين على وجه الخصوص معرضون للخطر، لأنهم من كبار المستهلكين لهذه المشروبات. يمكن أن يكون الوضع أسوأ بالنسبة للاعبي كرة القدم ، الذين يلجأون إلى مشروبات الطاقة لمنحهم الطاقة في الملعب.

يفترض الباحثون أن سوء التغذية يمكن أن يكون سببًا آخر. في الأساس، اعتاد لاعبو كرة القدم على التدريب ويحرقون ما يصل إلى 300 سعرة حرارية لكل نصف ساعة من اللعب، ومع مستويات لياقتهم العالية، يشعرون أحيانًا أنه يمكنهم الابتعاد عن الوجبات الخفيفة الغنية بالكربوهيدرات، واللجوء للوجبات السريعة دون أن يدركوا الآثار التي يمكن أن تحدثها هذه الأطعمة على صحة الفم.

والسؤال الآن كيف تؤثر مشاكل الأسنان على صحة الرياضيين؟

اسأل الطبيب أولاً

على عكس المثل الشهير، اسأل مجربًا ولا تسأل الطبيب، دعنا نسأل الأطباء أولاً؛ لأن العلم مُقدم على كل شيء كما تعرف.

يخبرنا الأطباء أن هناك أعراضًا قد تظهر على اللاعبين،  ليس لها علاقة بالأسنان بشكلٍ مباشر، لكنها تحتاج إلى ضرورة نظر اللاعبين لصحة أسنانهم، التي ربما هي السبب في هذه المشاكل. إليك أربعة منها:

  1. الجفاف المستمر

يميل الرياضيون إلى التعرق أكثر من المعدلات الطبيعية للبشر العاديين، وهو ما يتطلب شربهم كميات كبيرة من الماء والسوائل، التي يؤدي قلة الحصول عليها لتعرض هؤلاء اللاعبين للجفاف.

لكن الأطباء يخبروننا أن الجفاف المستمر قد تسببه مشاكل الفم والأسنان أيضًا؛ لذا على اللاعبين ضرورة زيارة طبيب الأسنان حال التعرض لذلك.

2. تكرار الإصابات العضلية

يتعرض اللاعبون لمشاكل الإصابات العضلية بسبب الخشونة الزائدة في المباريات، لكن الأطباء يعتقدون أن تكرار الإصابات العضلية قد يكون سببه عدم صحة الأسنان، التي قد تعيق وصول الدم إلى هذه العضلات بالشكل الكافي؛ لذا يجب وضع صحة الأسنان في الاعتبار حال تكرار هذه الإصابات.

3. بيكتيريا بسبب واقيات الفم

في الرياضات القتالية يجب على الرياضيين دائمًا استخدام واقيات الفم؛ لضمان صحة أسنانهم، لكنه وفقًا للأطباء قد تسبب هذه الواقيات بمرور الوقت بيكتيريا لا توثر فقط على الفم، وإنما على بقية أعضاء الجسم؛ لذا ينصح الأطباء الرياضيين بضرورة استخدام فرشاة الأسنان بشكلٍ دوري.

4. الضغط المستمر على الأسنان

غالبًا ما يضغط الرياضيون على أسنانهم أثناء اللعب. وعادةً ما يتم ذلك كطريقة لاستخراج كل الطاقة. تخيل لاعب كمال أجسام يرفع ثقلًا ثقيلًا، وما إلى ذلك من سيناريوهات في رياضات مختلفة.

يعتقد الأطباء أنه، في حين أن هذا أمر رائع لزيادة إنتاجك من الطاقة كرياضي، إلا أنه لا يبشر بالخير لأسنانك. فإذا قمت بذلك مرات كافية، فسوف تبدأ في تقطيع طبقة المينا، التي من شأنها أن تضر صحة أسنانك، وكذا صحة باقي جسدك.

وبعد أن قمنا بسؤال الطبيب، هي نعود لنسأل الشخص الذي جرب، كتأكيد لصحة ما قاله الطبيب.

الرجل الزجاجي يكشف الحقيقة

بالعودة إلى الجناح الهولندي الذي بدأنا به موضوعنا. حان الوقت لنخبرك لما اعتقدنا أن يجب عليه توجيه الشكر بشكلٍ خاص لطبيب الأسنان، وبشكلٍ عام لطب الأسنان.

على الرغم من مسيرة روبن الكبيرة، رفقة أندية عريقة كريال مدريد، وتشيلسي، ومحطته الأهم في بايرن ميونخ، فإن روبن كان بإمكانه أن يقدم أضعاف ما قدمه لولا الإصابات. الإصابات التي جعلت ريال مدريد يتخلى عنه، وجعلته يغيب لشهور عن بايرن ميونخ، وجعلت الجمهور يطلق عليه لقب، الرجل الزجاجي.

إصابة تلو الأخرى، تلك كانت قصة مسيرة آرين روبن إلى أن نصحه توماس سينافلد طبيب الأسنان في بايرن ميونخ بضرورة معالجة سنتيه المتسوستين، التي أعتقد أنهما السبب في مشكلة إصاباته العضلية المتكررة، والتي انتهت بحل مشكلة أسنانه.