يريد الناس بشدة أن يفقدوا الوزن الزائد إلى درجة استعدادهم للقيام بأشياء غير مثبتة علميًا وربما خطرة، ويمكن أن تأتي بنتائج عكسية وتسبب مشكلات صحية خطيرة.

ميشيل مايو، أستاذ وطبيب يعلم «الأكل العقلاني – mindful eating».

كانت حمية معجزة تلك التي وضعها روبرت لين، طبيب تقويم العظام، وأعلنهافي كتابه «حمية الفرصة الأخيرة – The Last Chance Diet»، وسار على خطاها مشاهير عصرهم في سبعينات القرن الماضي، فاتبعها ملايين الناس وحققت تلك الحمية المعجزات.

كنا نتمنى أن تنتهي القصة إلى هنا، لكن الحقيقة أن مثلما يقول المثل الإنجليزي: إذا كان الأمر أفضل من أن يبدو حقيقة فربما هو كذلك بالفعل، فقد توالت أخبار الوفيات المفاجئة.

وبعد تحقيقات إدارة الأغذية والأدوية في الولايات المتحدة انكشف أن حمية لين هي المتهم الأساسي، فهي تعتمد على المشروبات الغنية بالبروتين، ولا يستهلك الفرد في هذه الحمية أكثر من 300 إلى 400 سعر حراري يوميًا. وبعد الفحص، وجد المحققون أن الوفيات حدثت جراء عدم انتظام في ضربات القلب بسبب تأثير سوء التغذية الناتج من خلل في البروتينات والسعرات الحرارية، ما أدى إلى ضمور عضلة القلب.

تشير إميلي بنفيت في كتابها «طعام حقيقي لحياة حقيقية – Real Food for Real Life» أن المهووسين بالحميات يدخلون في حلقات مفرغة، تبدأ بمشكلات في رؤيتهم الذاتية عن جسدهم، ومن ثم وضع قيود على تناولهم للغذاء. إلا أن شعور الكبح يؤدي لزيادة اشتهاء الطعام ما يقود إلى فقدانهم السيطرة، والشعور بالخجل والفشل والذنب، يليه الإفراط في الأكل، ما يعني زيادة الوزن، ثم تزداد مشكلات رؤيتهم الذاتية عن جسدهم ويرتبط الطعام بصورة سلبية وهكذا.


ذوي الحميات النباتية الأقل صحة

أيهما أكثر صحة، من يستهلك الخضروات والحبوب الكاملة أم اللحوم؟

حسنًا، جرت العادة على التحذير من استهلاك اللحوم والإكثار من الخضروات والحبوب الكاملة. إلا أنه وفقًا لدراسة أجرتها جامعة جراتس الطبية بالنمسا، كشفت أن ذوي الحمية النباتية معرضون لمخاطر صحية جسيمة بالمقارنة بنظرائهم من مستهلكي اللحوم.

أوضحت الدراسة التي أجريت على نحو 1320 مشاركًا فحص خلالها الباحثون العادات الغذائية، والاختلافات في نمط الحياة بين المشاركين، أنه على الرغم من أن ذوي الحمية النباتية يستهلكون كثيرًا من الخضروات والحبوب الكاملة ويقللون من الكحول ويتمتعون بجسم أنحف، إلا أنهم معرضون لخطر الإصابة بأمراض السرطان والحساسية بجانب أمراض الصحة العقلية ويحتاجون لرعاية طبية على نحو أكبر. لم تفسر الدراسة سبب النتائج إلا أنها أكدت ضرورة الحاجة لمزيد من الدراسات لكشف العلاقة بين نوعية الغذاء وأثره في الصحة.


فقدان الوزن أم للصحة؟

تغذية, نظام غذائي, دايت, حمية غذائية, ميزان, صحة
تغذية, نظام غذائي, دايت, حمية غذائية, ميزان, صحة

يمكن للحميات التي تعتمد على الخفض الشديد للسعرات الحرارية أن تسبب فقدان الوزن، مثل Crash Diet وHCG Diet، والتي تعتمد على الحقن بهرمون «gonadotropin» وهو هرمون تنتجه المرأة خلال الحمل، ثم تقليل السعرات الحرارية لـ800 سعر يوميًا، وتجنب ممارسة الرياضة، لكنه يعني كذلك فقدان العضلات.

لكن، لهذه الحميات أضرارها كذلك، فيمكن أن يعاني الفرد في هذه الحميات من نقص في عناصر مهمة، مثل المغنسيوم والبوتاسيوم والنحاس والصوديوم، وقد تسبب عدم انتظام ضربات القلب. كذلك تؤدي الحمية لانخفاض الضغط وبطء عمليات الأيض ما يقلل من مستويات الطاقة، فيشعر الشخص بالتعب والإرهاق والعصبية. مثلما تتأثر وظائف المخ ويصبح الجسم في حالة مجاعة، فهو يعاني للحصول على المواد الغذائية اللازمة للقيام بنشاطاته، فيقوم باختزان الدهون ومن ثم يضطرب الأيض.

علاوة على أن تخفيض السعرات الحرارية لمعدل أقل كثيرًا من احتياج الجسم يرفع من معدلات هرمون الكورتيزول، هرمون التوتر، الذي يمكن أن يؤدي إلى عدد من المشكلات الصحية الجسيمة، أبرزها السكري وأمراض القلب والسرطان. مثلما أن تكرار مثل هذه الحميات يضعف المناعة، ويزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية، كذلك يمكن لتقليل السعرات الحرارية على المدى الطويل أن يتسبب في فقدان عضلة القلب.

بجانب أن الفقدان السريع للوزن يحدث من فقدان الجسم للماء، ويزيد من احتمالات اكتساب الوزن مرة أخرى، لكن بنسبة أقل من العضلات وأكبر من الدهون، وتزداد هذه الخطورة مع الكبر في السن، وهذا ليس كل شيء.


ملينات في صورة مشروبات

قد انتشر مؤخرًا استخدام مشروبات ومكملات التطهير وهي مكونات يستخدمها الطب البديل، وتشمل الخضروات والفاكهة والبقول والبذور والجذور والأعشاب بهدف مساعدة الجسم في تطهيره من السموم، لكن لم يتم إثبات فاعلية ذلك. ففي الحقيقة، لا تخضع المكملات لذات المعايير التي تخضع لها الأدوية لإثبات أمانها وفعاليتها،فلا تنخدع حتى لو ذكرت تلك المواد أنها مكونة من مواد طبيعية وآمنة.

فضلاً عن أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لا تعترف بسلامة مثل هذه المكملات وفاعليتها، كذلك سعراتها الحرارية أكبر مما تظن، لذا لا تعبث بنظام الجسم فهو قادر على التخلص من السموم.

فيمكن أن تسبب مشروبات التطهير و«الديتوكس» مثل شاي الأعشاب المخصص لأصحاب الحميات مضاعفات خطيرة، وهي تؤدي إلى فقدان الوزن بالفعل لكنه في الحقيقة عبارة عن مياه ووزن البراز، فما هي إلا ملينات في شكل مشروب. لكنها بجانب ذلك تفقد الجسم كثيرًا من السوائل والمعادن المهمة، خاصة إذا كان الأمر غير خاضع للإشراف الطبي، وتزداد خطورته كذلك إذا اقترن بالصيام.


مخدرات وسجائر لفقدان الوزن!

قد يستخدم البعض أدوية أخرى غير مخصصة لتخفيض الوزن، مثل تلك التي توصف لأمراض اضطرابات الغدد ونقص الانتباه وبعض المخدرات كذلك، إلا أنها يمكن أن تؤدي لمشكلات جسيمة، تشمل القلق والإدمان ومشكلات في العلاقات، بجانب السكتات الدماغية ومشكلات في القلب والرئة والكلى.

بينما يلجأ بعضهم لوسائل متطرفة بغرض فقدان الوزن، منها التدخين على سبيل المثال بغرض كبح الشهية، إلا أن مضار التدخين تفوق أي منافع محتملة لذلك، فقد ثبت علميًا أنه يتسبب في الإصابة بسرطان الرئة وأمراض القلب والأوعية، فضلاً عن أنه يؤدي إلى زيادة الوزن عندما يحاول المدخنون الإقلاع عن التدخين.

اقرأ أيضًا: التدخين والصحة: لا داعي للمبالغة


هوس الحميات يهدد بالاكتئاب واضطرابات الأكل

قد تتسبب الحميات الغذائية المتطرفة مثل تلك التي تنصح بتناول عدد محدود فقط من الأغذية، مثل حمية «HCG» والحمية الكيتونية -التي تعتمد على استهلاك الدهون وتقليص حصة الكربوهيدرات والبروتين لنسبة تصل إلى 10% فقط- إلى الإصابة باضطرابات في الشهية، سواء فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي. أما في أستراليا لوحظ ارتفاع عدد الذين يعانون من السمنة واضطرابات الأكل معًا، ويعتقد أن ذلك يعزى إلى انتشار رسائل تحذيرية من مخاطر السمنة؛ ما يؤدي بهؤلاء الأشخاص إلى اتباع حميات غذائية غير صحية أو فعالة.

ووفقًا للدراسات تزداد احتمالات إصابة النساء اللواتي يتبعن حميات قاسية باستمرار باضطرابات التغذية بنحو 18 مرة، فيما تقل هذه النسبة لنحو خمس مرات للنسوة اللواتي يتبعن حميات قاسية لكن على وتيرة أكثر اعتدالًا، فضلًا عن أن الذين يتبعون أنظمة غذائية أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

كذلك يمكن أن تتحول الحميات الغذائية إلى هوس حول الغذاء وفقدان الوزن بين الأشخاص، ويعد المثال الأبرز برنامج «الرابح الأكبر» أو «The Biggest Loser» الذي يعزز مفهوم التنافسية بين الأفراد لفقدان الوزن الأكبر في أقل مدة ممكنة.

قد تؤدي الحميات الغذائية المتطرفة كذلك إلى حرمان الجسم من عدد كبير من العناصر الغذائية، ما يسبب انخفاض ضغط الدم والخمول ويفقد الجسم الأنسجة المفيدة وكتلة العضلات. وقد يعاني أصحاب هذه الحميات من صعوبة في الاحتفاظ بحرارة الجسم الذي يقلل بدوره من معدلات استهلاكه للطاقة. وتزداد الخطورة بالإصابة بأمراض القلب مع فقدان الوزن الكبير، بجانب خطر الإصابة بحصوات المرارة.

تؤكد ليندا بيكون مؤلفة كتاب «Health at Every Size» ما سبق فترى أن اتباع حمية غذائية يؤدي إلى خفض معدل حرق السعرات الحرارية وسرعة الشعور بالجوع وزيادة الشهية واشتهاء الأطعمة الغنية بالدهون، كذلك يزيد من إفراز الإنزيمات التي تخزن الدهون، ويقلل من إفراز تلك التي تهضم الدهون، مثلما يؤدي إلى الخلط بين الشعور بالجوع والامتلاء، أو الجوع والاحتياجات العاطفية.


الخلاصة

نظام غذائي, دايت, حمية غذائية, أدوية تخسيس, صحة, تغذية
نظام غذائي, دايت, حمية غذائية, أدوية تخسيس, صحة, تغذية
نظام غذائي, دايت, حمية غذائية, تغذية, تخسيس, صحة, طعام
نظام غذائي, دايت, حمية غذائية, تغذية, تخسيس, صحة, طعام

1. الفقدان البطيء والمستقر للوزن هو أفضل السبل، لذا لا يجب أن تخسر أكثر من نصف كيلو جرام إلى كيلو جرام في الأسبوع، مع الممارسة المنتظمة للرياضة، فالحمية وحدها لا تكفي.

2. أصغِ إلى جسدك، فالحميات الغذائية تحول بين الأشخاص واستجاباتهم الطبيعية للجسم؛ نظرًا للقيود التي يضعونها، فقد يغفلون الشعور بالجوع ويهملون احتياجات الجسم ومتطلباته.

3. اختر نظامًا غذائيًا يناسبك على المدى الطويل ويتوافق مع نمط حياتك، وابحث عن نظام غذائي يقلل من الدهون المشبعة والسكريات، ويركز على الفاكهة والخضروات والأسماك والحبوب الكاملة واللحوم الخالية من الدهون. لا ينصح بتخفيض السعرات الحرارية لأقل من 1200 سعر حراري، إلا بموافقة الطبيب.

4. استشر طبيبك أو اختصاصي التغذية أولاً قبل أن تقرر تناول أي من المكملات وأقراص فقد الوزن أو اتباع حمية غذائية.

5. ابتعد عن الأنظمة الغذائية التي تؤدي إلى استخدام الحمام بشكل مفرط.

6. لا نشجعك إذا كنت تعاني من زيادة في الوزن ألا تتبع حمية غذائية، لكن عليك أن تتبع الحمية الآمنة المناسبة لذلك.

7. إذا كنت تعاني من مضاعفات لإحدى الحميات الغذائية السيئة، خاصة تلك التي تقوم بالتخفيض الشديد للسعرات الحرارية؛ فينصح بالاهتمام باستهلاك مزيد من البروتين وممارسة تمارين القوة البدنية؛ لإعادة عمليات الأيض لمعدلها الطبيعي، وتناول الأطعمة التي تعزز من قوة الكبد فهو عامل حاسم في حرق الدهون، مثل الكركم والخرشوف.