مصر تفوز على تونس وتتأهل لكأس العالم لكرة السلة
خبر تصدر الصحف والمواقع الرياضية

كان ذلك العنوان الرئيسي لقسم الألعاب الأخرى في مختلف الصحف والمواقع الرياضية على مدار الساعات القليلة الماضية، وذلك بعدما نجح الفراعنة في التأهل لكأس العالم لكرة السلة 2023، والمقامة في أندونيسيا، والفلبين، واليابان.

خبر قد يمر بشكل طبيعي للغاية، أو تتفاعل معه الجماهير من منطلق الفرحة باللقطة الأخيرة، إلا أن هناك بعض المعطيات التي تزيد من أهميته، حيث جاء التأهل بعد غياب قرابة الـ 10 سنوات عن آخر مشاركة لمصر في كأس العالم 2014 بإسبانيا.

إضافة إلى أن آخر وجود للفراعنة على منصات التتويج الأفريقية كان في 2013، حين أحرزوا الميدالية الفضية في بطولة «الأفرو باسكت»، بينما كان التتويج الأخير بها في عام 1983.

إذن، نحن أمام إنجاز فريد في الرياضة المصرية، لا سيما وأن المنتخب يبتعد عن المنافسة الأفريقية منذ عدة سنوات، فكيف تحقق ذلك، وما الدليل الذي اتبعه اتحاد اللعبة من أجل الوصول للمونديال؟

محاولات من التطوير

شهدت لعبة كرة السلة في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، عدة محاولات من التطوير، إلا أنها كانت تتوقف دائمًا عند الفريق الأول، الذي عادة ما كانت إدارته الفنية تُسند إلى مدرب مصري مثل المخضرم أحمد مرعي ومن قبله عصام عبد الحميد.

في المقابل، ظهرت مؤشرات تلك المحاولات على باقي منتخبات المراحل السنية، التي انتهت بتتويج منتخب الشباب ببطولة أفريقيا عام 2022، وتتويج منتخب الناشئين بنفس البطولة في عام 2021.

صعود منتخب مصر لكأس العالم، ليس بمثابة الطفرة ولكنه نتاج عدة محاولات من التطوير على مدار السنوات القليلة الماضية، التي نتج عنها سيطرة شبه كاملة على كل منافسات المراحل السنية باستثناء المنتخب الأول.
محمد مندور، صحفي متخصص في كرة السلة في حوار لـ«إضاءات».

بوادر التطوير لحقت أيضًا بمنتخبات السيدات، حيث استطاع منتخب الناشئات تحت 18 عامًا حجز بطاقة التأهل لبطولة كأس العالم، بعد التأهل لنهائي بطولة أفريقيا العام الماضي، وذلك رغم الخسارة أمام المنتخب المالي في النهائي.

ولم يتوقف الأمر عند حد لعبة كرة السلة المعتادة، بل انتقل أيضًا إلى منافسات لعبة 3×3 الذي حرص الاتحاد على تنظيم مسابقات على الصعيد المحلي، ومن ثم تكوين المنتخبات والمشاركة قاريًا وعالميًا، حيث حصدت مصر لقبي الرجال والسيدات في أولى مشاركاتها ببطولة أفريقيا عام 2019.

على طريقة «NBA»

من جانبه، قال الصحفي المتخصص في كرة السلة، محمد مندور، في حواره مع «إضاءات»، إن الاتحاد المصري لعب دورًا كبيرًا في إعادة هيكلة بطولة دوري السوبر بنظام «البلاي أوف»، المتبع في الـ«NBA» وأوروبا.

وينص نظام دوري السوبر على مشاركة 16 فريقًا في المرحلة الأولى، ثم تُخرج القرعة 8 مواجهات، يتأهل في كل مواجهة الفائز في مباراتين (بحد أقصى 3 مباريات)، إلى المرحلة الثانية والمكونة من مجموعة واحدة يلاقي فيه كل فريق الـ7 الآخرين بنظام الذهاب والإياب.

وتنطلق المرحلة الثالثة بنظام خروج المغلوب حيث يلتقي أول المجموعة مع الثامن والثاني مع السابع وهكذا، بنظام الفوز في مباراتين أيضًا، ثم الدور ربع النهائي بنفس النظام والعدد من المباريات.

أما الدور نصف النهائي والنهائي، فيُلعب بنظام الـ5 مباريات حيث يتأهل من يفوز في 3 مباريات، كما هو الحال أيضًا من أجل حصد اللقب بين طرفي النهائي. 

وتزامنًا مع ذلك النظام، يرى مندور أن الاتحاد نجح بشكل بارز في الحصول على عقد رعاية كبير نسبيًا خلال المواسم الماضية، إلى جانب بث مباريات البطولات المحلية بشكل منتظم، مما انعكس على الإنفاق على المنتخبات وتطوير اللعبة بشكل عام.

المنافسة العادلة

ولم يكن رافد الرعاية هو الوحيد في ملف التطوير، إذا قرر الاتحاد اعتماد لائحة جديدة لانتقالات اللاعبين في يوليو/تموز 2021، التي من شأنها خلق منافسة محلية عادلة عن طريق تقنين الصرف في سوق الانتقالات.

ونصت اللائحة على تحديد عدد الصفقات المسموح بالتعاقد معها، بحسب ترتيب كل فريق في الموسم السابق، بحيث تتعاقد الأندية أصحاب المراكز الثمانية الأولى مع 5 لاعبين فقط بحد أقصى، وأصحاب المراكز من 9 إلى 16 مع 6 لاعبين كحد أقصى.

ووفقًا للائحة، يُسمح لصاحب المركز الأول مثلًا بالتعاقد مع لاعب واحد فقط من دون رسوم التجاوز من بين الـ5 لاعبين المتاحين، وفي حال أراد ضم لاعب آخر عليه دفع 4 ملايين جنيه، واللاعب الثالث مقابل دفع 5 ملايين جنيه، والرابع مقابل 6 ملايين جنيه، والخامس مقابل 7 ملايين جنيه.

أما صاحب المركز الثاني، فيُسمح له بالتعاقد مع لاعبين فقط دون رسوم تجاوز، أما الثالث والرابع، فيُسمح لهم بـ3 لاعبين فقط دون رسوم تجاوز، ثم الدفع في حالة الزيادة وفقًا للأرقام المعلنة في حالة صاحب المركز الأول.

وأوضح الاتحاد أن عوائد رسوم التجاوز في التعاقد مع الصفقات، ستذهب 75% منها لصالح باقي الأندية الموجودة بدوري السوبر، إلى جانب 10% منها إلى المناطق، و5% إلى لجنة الحكام، في حين يحصل الاتحاد على نسبة 10% فقط.

الجزئية الأهم في ملف التطوير الذي يطبقه الاتحاد الحالي للعبة، هو محاولة تقليل الفجوة المالية بين الأندية عن طريق اعتماد لائحة انتقالات جديدة للأندية.
محمد مندور، صحفي متخصص في كرة السلة.

الخبرات الأجنبية

لم يجد الاتحاد المصري بدًا من الاستعانة بمدرب أجنبي من أجل خوض التصفيات المؤهلة لكأس العالم، حيث قرر تعيين الكندي روي رانا، الذي تولى مهمة المدرب المساعد في عدد من أندية الدوري الأمريكي للمحترفين مثل: يوتا جاز وسان أنطونيو سبيرز وأتلانتا هوكس.

كما يحمل رانا لقبًا مميزًا، وهو بطولة كأس العالم تحت 19 عامًا في القاهرة، حين فاجأ منتخب بلاده على نظيره الأمريكي (صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولة) في نصف النهائي بـ99- 87، قبل التغلب على إيطاليا في نهائي تاريخي لكندا.

ولم يكتف الاتحاد بالمدرب الكندي فقط، بل أقدم على خطوة أخرى، وهي الاستعانة بكندي آخر، «بريان شو»، أحد مؤسسي علم النفس الرياضي، وذلك عبر تقنية الفيديو في المرحلة الثانية من التصفيات، قبل أن ينضم للجهاز الفني داخل الملعب خلال المرحلة الثالثة والأخيرة.

على جانب آخر، يقول محمد مندور إن «روي رانا» و«بريان شو»، لم يكونا الخبرة الأجنبية الوحيدة التي استعان بها الاتحاد، إذا قام بتعيين خبير أجنبي آخر، للإشراف على كل فرق المراحل السنية.

وأوضح أن مهمة ذلك الخبير امتدت لتنظيم الدورات التدريبية للمدربين، التي عادة ما يحاضر فيها محاضرون مصريون وأجانب أيضًا، علاوة على المحاضرات العلنية المستمرة للتحكيم، التي تهدف لتعريف الجميع بتطورات اللعبة وقوانينها.

ختامًا، نحن أمام خطوات علمية مدروسة وتجربة أخرى بعد كرة اليد، تُثبت أن الإمكانيات المادية لم تكن أبدًا عائقًا أمام النجاح، طالما هناك من يستطع إدارة الأمر بشكل خططي، بعيدًا عن مفهوم «الفهلوة»، الذي ما زال يصر المسئولون على انتهاجه في إدارة كرة القدم على سبيل المثال.

اقرأ أيضًا: لهذه الأسباب تتفوق كرة اليد على الألعاب الجماعية في مصر