جاء إعلان الرئيس «عبد الفتاح السيسي»، الخميس 12 أكتوبر/تشرين الثاني، عن تطبيق حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر على أن تجدَّد لمرة واحدة، بحسب النص الدستوري، ليفتح باب ثغرة دستورية جديدة، حيث يشترط الدستور في الوقت ذاته موافقة البرلمان على إقرارها خلال 7 أيام من إعلانها، وبدوره يفتح الباب للتعديلات الدستورية مجددًا.

وتنص المادة 154 من الدستور على أن رئيس الجمهورية يعلن حالة الطوارئ بعد أخذ رأي مجلس الوزراء على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه. وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه. وفى جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمدّ إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس. واذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ.

إعلان حالة الطوارئ المفاجئ، يستدعي ضرورة عقد جلسة عاجلة لمجلس النواب لإقرارها، حيث إن البرلمان أعلن في جلسته الأخيرة، الثلاثاء الماضي، عن انعقاد أولى جلساته يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لسفر الدكتور «علي عبد العال»، رئيس البرلمان خارج البلاد، وهو ما يعني انتهاء المدة الدستورية التي يجب خلالها أن يقر البرلمان إعلان الرئيس للطوارئ، وهو ما يشير لعدم التنسيق بين المؤسسات طبقًا للدستور المنظم لعملهم.

في هذا الصدد، عقّب النائب «بهاء أبو شقة»، رئيس اللجنة التشريعية، قائلا: «إذا اقتضت الضرورة للانعقاد فلا مانع، على أن يرأس الجلسة أحد الوكلاء».

وبشأن آليات عرض القرار على البرلمان، قال أبو شقة: «سيتم عرضه على المجلس وفق النصوص الدستورية، وذلك خلال 7 أيام من اتخاذ القرار، على أن تتم الموافقة عليه من البرلمان بأغلبية الأعضاء»، مشيرًا إلى أن الأوضاع ما زالت تتطلب الطوارئ والنواب يؤيد فرضها لمساعدة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة فى القيام بعملها.


مقترحات لتعديل الدستور

من جانبه قال اللواء «يحيي الكدواني»، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي، لـ «إضاءات» تعقيبًا على إعلان حالة الطوارئ اليوم لمدة ثلاثة أشهر، أنه تم في سياق الدستور وتم ترك مدة زمنية غير محددة، والتي بلغت يومين، وتم الإعلان ثم تجدد، موضحًا أنه لا بد من تعديل الدستور من أجل أن تكون مدة حالة الطوارئ بعد الإعلان عنها عامًا كاملا.

الكدواني أكّد أنه عكف طيلة فترة الإجازة البرلمانية على وضع النصوص الدستورية التي لا بد من تعديلها، وعلى رأسها المادة 154 من الدستور، لتنص بعد التعديل على أن يكون إقرار الطوارئ لمدة عام، يجدد بمدد أخرى غير مرتبط بمدة واحدة. وشدد على أن مدة الأشهر الثلاثة لا تكفي لمواجهة للإرهاب، مشيرًا إلى أن صلاحيات الأمن تحت مظلة الطوارئ لا يتم استخدامها ضد المواطنين بشكل عشوائي، بل تستهدف العناصر الإرهابية وحسب.

وأوضح أنه يسعى جاهدًا إلى أن يقدم التعديلات بدور الانعقاد الجاري، والتي ستتضمن – بحسب المذكرة التي يعكف على إعدادها – توسيع المحاكمات العسكرية لكل المعتدين على المقارّ العسكرية التي لم ينص عليها الدستور بعد في هذا الباب، ولاسيما ما يخص الشرطة المصرية التي تضررت كثيرًا في الآونة الأخيرة. كذلك سيتضمن تعديل المادة اعتبار أقسام الشرطة ومحيطها والسيارات التي تستخدمها مقرات عسكرية، ينطبق عليها ما ينطبق على الأماكن المحددة سلفًا التابعة للجيش.


تكتل 25-30 مغردًا وحده بالرفض

من جانبه رفض نواب «تكتل 25-30»، التكتل الوحيد المعارض تحت القبة، أية دعوات لتعديل الدستور. وقال النائب «هيثم الحريري»، عضو «تكتل 25-30»، في تصريحات خاصة لـ «إضاءات» إن التكتل بكافة أعضائه ضد أي محاولات لتعديل الدستور. الحريري يرى أن التعديل يهدف للمضي قدمًا في زيادة عدد سنوات الرئاسة ومدد الترشح الخاصة بالرئيس وحسب، وليس تعديل أي مواد أخرى. ووصف فتح باب التعديل برمته بأنه سيفتح باب جهنم على مصر.

كما عقّب الحريري على حالة الطوارئ ومخالفتها للدستور حال إقرارها دون انعقاد طارئ للبرلمان خلال 7 أيام، وقال: «نحن متحفّظون منذ البداية ولم نجد مبررًا لا لإقرارها ولا لتجديدها»، واصفًا إعلان الطوارئ مجددًا بعد فاصل زمني 48 ساعة بأنه التفاف على الدستور وأنه أمر معتاد. وتابع: «سننتظر فور انعقاد أولى جلسات المجلس في 22 أكتوبر/تشرين الأول لتعرض عليه»، متابعًا: «7 أيام دستورية مش قرآنية، بالتالي ممكن تبقى 17 يوم .. ده العادي».

الحريري أوضح أن هذا التمديد يمكن تكراره 30 عامًا أخرى أسوة بعهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مضيفا: «في ظني، لم يكن المشرع الدستوري هدفه الالتفاف على الدستور بهذا الشكل». وأشار إلى أن ائتلاف دعم مصر، وهو الذي يمثل الأغلبية النيابية، سيوافق.


ثغرة دستورية تفتح باب الطعن

ما حدث في إعلان الطوارئ بعد مرور 24 ساعة يعد نوعًا من التحايل على الدستور.

هكذا علّق أستاذ القانون الدستوري «عصام الإسلامبولي» على طريقة إعلان الطوارئ في غيبة انعقاد مجلس النواب، مشيرًا إلى أن الدستور يقتضي أن يتم الإعلان عن الطوارئ بأسباب بعينها تناقش تحت القبة.

الإسلامبولي قال في تصريحات خاصة لـ «إضاءات» إنه ما لم يناقش البرلمان الأسباب الداعية لإقرارها، «وحتى لو وافق دون مناقشة الأسباب الداعية لإقرارها ستكون مخالفة دستورية تستدعي الطعن عليه». وبسؤاله عن إمكانية أن يتخذ هذه الخطوة، أجاب: «ولمَ لا؟».

الأمر لم يقتصر فقط على النواب وحسب، بل بلغ حد تأييد أحد أعضاء لجنة العشرة من الفقهاء الدستوريين لدباجة الدستور، حيث أعلن «صلاح فوزي»، أستاذ القانون الدستوري، وعضو لجنة العشرة لدباجة مواد الدستور، أنه مؤيد لتعديل الدستور، وعلى رأس المواد المطلوب تعديلها المادة 154 من الدستور بما يتناسب مع احتياجات الحالة الأمنية، داعيًا لأن يكون تجديدها تلقائيًا دون الحاجة لقرار جديد.